القس إسبر عجاجسؤال يتردّد على شفاه بعض البشر بقولهم: نحن نؤمن بولادة المسيح العذراوية، وحياته القدسية، وأعماله المعجزية، وأنه كلمة الله

وروحٌ منه يعرفُ الغيبَ، ويخلق من الطين طيرًا وينفخ فيه فيطير. ونؤمن بأن المسيح سيأتي في آخر الزمان ليدين العالم. أما الشيء الوحيد الذي لا نؤمن به هو موت المسيح على الصليب، لأن الله دبّر شخصًا يشبه المسيح ليُصلب عليه بدل المسيح. فحاشا لله أن يرسل المسيح لكي يتألم ويموت! لماذا تؤمنون أيها المسيحيون بموت المسيح على الصليب؟
والجواب عن ذلك، هو أن موت المسيح على الصليب وقيامته من الأموات هما أساس الإيمان المسيحي. لهذا السبب وُلد المسيح من عذراء بلا خطية لكي يموت ويفدي الخطاة الذين يؤمنون به.
أليس هو الذي قال عن نفسه: "اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ." (يوحنا 27:12)
قال الرب يسوع لتلاميذه قبل أن يصلب: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ.» (متى 18:19-19)
وهذا ما قاله أيضًا بولس الرسول: "صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلّص الخطاة الذين أولهم أنا." (1تيموثاوس 15:1) ولوقا البشير يقول: "إن ابن الإنسان قد جاء إلى العالم لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك." (لوقا 10:19)
ثم يقول أيضًا: "حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح." (غلاطية 14:6)
"إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأمّا عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله... لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ، اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ. لأَنَّ الْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً، وَالْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً، وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ. لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!" (1كورنثوس 21:1-25)

أهمية الصليب في الإيمان المسيحي
عندما وضع الله آدم في الجنة أوصاه قائلًا: "من كل شجر الجنة تأكل أكلًا، أما من شجرة معرفة الخير والشر التي في وسط الجنة لا تأكل منها والا ستموت موتًا."
لقد كانت النتيجة بأن آدم عصي الله وكذّبه. فطرده الله من الجنّة.
الحمل لا يمكن أن يفدي الإنسان، لأن الفدية ينبغي أن تكون أعظم من المفتدي أو مساويةً له. لذلك "لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه" إلى العالم ليفتدي البشرية. لذلك وُلد المسيح من مريم العذراء بلا خطية، لأن الخاطئ لا يقدر أن يفدي إنسانًا خاطئًا مثله بل ينبغي أن يكون بلا خطية، كما قال الملاك لمريم العذراء عندما بشرها بأنه ستحبل وتلد ابنًا، فسألته: كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلًا. قال لها الملاك: "الروح القدس يحلّ عليك وقوة العلي تظلِّلكِ والقدوس المولود منك يُدعى ابن الله."
لكن الله المحب دبّر طريقةً لفداء آدم وذريته بأنه كما يقول الكتاب: "وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما."
إن موت المسيح على الصليب كان كفارة أو فداء عن خطية العالم لأن الله لا يمكنه أن يرحم ويغفر للناس خطاياهم وسقطاتهم إلا في الصليب. والسبب في ذلك هو: لأن الله الرحمن الرحيم، هو أيضًا الله العادل الديان. فالرحمة تطلب من الله أن يرحم عباده ويغفر خطاياهم، ولكن الله في نفس الوقت عادل وعدالته تتطلب منه أن يقتصّ من الخاطئ. فعلى الصليب التقت محبة الله مع عدله. فمحبته ظهرت جليًا بموته النيابي، وعدله بأنه دفع عقاب الخطية عن كل من يقبله فاديًا ومخلصًا وبديلًا عن الخطاة.
وعلى الصليب نرى محبة الله متجلية بموت المسيح الذي أحبنا حتى الموت موت الصليب، وأيضًا ظهرت عدالة الله بأن المسيح دفع عقاب الخطية الذي هو موت، لكي يعطي الحياة لكل من يؤمن به.
عندما خلق الله آدم قال له: "من كل شجر الجنة تأكل أكلًا أما شجرة الخير والشر التي في وسط الجنة فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت." إن الله القدّوس لا يمكن أن يرجع في كلمته التي لا بدّ أن ينفذها، والا سيكون إلهًا لا يستحق أن نؤمن بكلامه. لأنه من المستحيل أن نؤمن ونثق بإله يغيّر كلمته!
لا بد من ضحية أو فدية يفدي بها الله عباده وهو يسوع المسيح. ولماذا لا نقبل بأن الله أرسل يسوع المسيح لكي يضحّي بنفسه ويموت ويسفك دمه على الصليب من أجل خطايا البشرية؟ يسوع المسيح هو "الذبح العظيم". وبما أن العظمة لله وحده، فالذبح العظيم هو الذي قال عنه يوحنا المعمدان: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم." وهذا ما فعله الرب يسوع بموته وسفك دمه على الصليب ليفدي البشرية.
هذا هو سبب ولادة المسيح من العذراء مريم بلا خطية لكي يستطيع أن يدفع عقاب الخطية بموته النيابي لأن الذي لم يعرف خطية (المسيح) صار ذبيحة خطية لأجلنا لكي نتبرر أمام العدالة الإلهية.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2021