القس رسمي إسحق"لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ."
بينما كنت أقرأ هذه الآية من سفر التكوين "وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرفّ على وجه المياه.

وقال الله: [ليكن نور]، فكان نور" وقارنت بين الظلام والنور؛ الأمر الذي أخذني إلى ما نطق به الوحي المقدس على فم الرسول بولس: "كنتم قبلاً ظلمة، وأما الآن فنور في الرب."
بدأت أحوّل المقارنة بين النور والظلمة إلى المقارنة بين ما كان عليه المؤمن قبل تجديده وما صار عليه بعد التجديد... كنتم قبلاً ظلمة... وأما الآن فنور. وخرجت بهذه المعلومة أن الله لا يُصلحُ ولكنه يغيّر ويبدّل ويخلق من جديد. "إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا." يغيّر إلى النقيض... "وأعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحًا جديدة في داخلكم، وأنزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحم." يا لعظمة إلهنا الذي يغيّر الشرير ويحوّله إلى قدّيس! ولي مع حضراتكم ثلاث كلمات:

أولاً: ظلمة شديدة
"كنتم ظلمة." أفكارنا مظلمة "إذ هم مظلمو الفكر، ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم."
نسلك في الظلام "الحكيم عيناه في رأسه، أما الجاهل فيسلك في الظلام." والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب." "وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة، وفي الظلمة يسلك، ولا يعلم أين يمضي، لأن الظلمة أعمت عينيه." وفي الظلمة كنا نجلس "الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا."
قلوبنا مظلمة "لأنهم لما عرفوا الله لم يمجّدوه أو يشكروه كإله، بل حمقوا في أفكارهم، وأظلم قلبهم الغبي." أجسادنا كانت مظلمة "إن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمًا."
كنا نتمرّد على النور "أولئك يكونون بين المتمرّدين على النور. لا يعرفون طرقه ولا يلبثون سبله."
وكنا نحب الظلمة "وأحبّ الناس الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة." كنا تحت سيادة وسلطان الظلمة، وليس هذا فحسب لكن كنا ظلمة، أي تجسيدًا للظلمة. والسؤال الذي يبرز أمامنا: ماذا فعل ويفعل الله مع هؤلاء الموصوفين بالظلمة؟ أرسل ويرسل أنبياءه ورسله محمّلين برسالة غاية في الأهمية "أنا الآن أرسلك إليهم، لتفتح عيونهم لكي يرجعوا من ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله." فيتحوّلون من كونهم ظلمة إلى نور في الرب.

ثانيًا: أنوار مجيدة
يقول إشعياء عبارة رائعة: "الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا." لا تتعجب عزيزي القارئ من هذا التحوّل العجيب... فقطعة الفحم السوداء تتحوّل إلى ماسة شفّافة لامعة بيضاء برّاقة... لقد غيّر الله طبيعتنا بعد أن كنا ظلمة. صرنا نورًا! وكم يدهشني هذا أن الله قال عن نفسه: "أنا هو نور العالم." وقال نفس الكلمات عنا: "أنتم نور العالم." لكن هناك فرق كبير جدًّا: الله نور ذاتي – أصل مطلق أما نحن فنور مُكتسَب... نور نسبي، وكما أن القمر كوكب مظلم لكنه يستمدّ نوره من الشمس.
الله لم يهذّب سلوكياتنا ولكنه غيّرها تمامًا تغييرًا جذريًّا وكلّيًّا... حوّل ظلمتنا إلى نور في الرب. نقلنا من الظلمة إلى النور في اللحظة التي قبلنا فيها الرب يسوع ربًّا وفاديًا ومخلصًا لحياتنا. تغيّرت حالتنا، وحياتنا، وطبيعتنا، وصرنا خليقة جديدة... أعطانا كيانًا جديدًا بالكامل. سكن الرب في قلوبنا فأصبحنا نتغنّى قائلين: طلع كوكب الصبح في قلوبنا! "لأن الله الذي قال: [أن يشرق نور من ظلمة]، هو الذي أشرق في قلوبنا، لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح."

ثالثًا: حياة جديدة
سلوكيات جديدة "إن سلكنا في النور كما هو في النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض، ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية." وإذ نسلك في النور نتورّع عن ذكر ماضينا المخجل... وأنا شخصيًّا أخجل من ذكر ماضيّ الأثيم، وكل الشكر للرب لأنه محا الماضي تمامًا. "أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي، وخطاياكم لا أعود أذكرها."
وعندما نسلك في النور سوف لا نكون نورًا تحت مكيال بل نورًا على منارة لنضيء للآخرين. "أنتم نور العالم. لا يمكن أن تُخفى مدينة موضوعة على جبل، ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات."
أختم رسالتي بهذه القصة الواقعية: تعيّن مدرّس مسيحي حقيقي في مدرسة وثنيّة وكان دائمًا يتحدّث إليهم عن المسيح، وكانت كلماته مؤثّرة لأنها تنطبق على حياته تمامًا. وفي آخر العام الدراسي أعلن عدد كبير من الوثنيين قبولهم للرب يسوع، فطُلب منه ألّا يتحدث عن مسيحه إطلاقًا ووعدهم بذلك. ولكن في نهاية العام الدراسي التالي أعلن 45 طالبًا قبولهم للمسيح – وجاءوا إلى المدرس المسيحي وقاله له: "ألم نطالبك بعدم التحدّث عن إلهك للطلبة؟" فقال لهم: "أنا كنت أمينًا في وعدي لكم، ولم أتكلّم عن المسيح إطلاقًا. اسألوا هؤلاء الطلبة." فسألوا الطلبة: "هل تكلم المدرس عن إلهه معكم؟" فقالوا: "أبدًا! لم يتحدّث إلينا. لكننا رأينا في حياته نورًا لم نره قبلاً. فسألنا بعض الذين يعرفونه. فقالوا: إنه مسيحي. لقد أظهر لنا في سماحته ومحبته وأمانته في العمل حقيقة المسيح. وبحثنا عن الكتاب الخاص بالمسيحية وقبلنا المسيح مخلصًا شخصيًّا لنا. رأينا نور المسيح على وجهه، ورأينا أعماله الحسنة فتأثرت به حياتنا وصرنا خليقة جديدة."

المجموعة: كانون الثاني (يناير) 2021