1. إن صعود الرّب يسوع إلى السّماء كان إتمامًا لوعده للتلاميذ بأنه سيصعد إليها حيًّا إلى السّماء، وسيعاينون صعوده كما قال له المجد في يوحنا 62:6 "فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلًا!"


2. يشكّل صعود الرّب يسوع إلى السّماء خاتمةً طبيعيّة وتتويجًا لتجسّد الرّب يسوع ونزوله إلى الأرض، فما ابتدأ بالنّزول يجب أن ينتهي بالصعود. من نزل من السّماء إلى الأرض، يجب أن يصعد من الأرض إلى السّماء، تمامًا كما نقرأ في يوحنا 13:3 "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السّماء إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السّماء، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السّماء."

3. إن صعود الرّب يسوع إلى السّماء، ورؤية الرّسل لهذا الحدث الجليل، يعتبر دليلًا قاطعًا على أن ربّنا يسوع المسيح حيّ، وأنه الآن في السّماء، وبأن ملكوته ملكوت سماوي. أي إنّ الصّعود هو برهانٌ على أنّ يسوع حي، وبأنّه باقٍ مع كنيسته بالروح، فهو بانيها ومخلصها وربها. لقد جاء أصلًا من السّماء، ثم عاد إلى هناك. عاد إلى مجده السابق كما صلّى في يوحنا 4:17-5 "أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ." لقد أكمل العمل الذي جاء من أجله، فهو كما نقرأ في فيلبي 6:2 "كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ"، ومع ذلك نقرأ في الآيات 7-8 "لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النّاس. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصّليب." ونتيجة لذلك "لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ." (الآية 9)

4. يمثّل صعود الرّب يسوع إلى السّماء البداية الفعليّة لتاريخ الكنيسة المسيحيّة. لذلك نجد أنّ سفر أعمال الرّسل، أي سفر تاريخ الكنيسة الأولى، يبتدئ بقصّة صعود الرّب يسوع، ولكن نهاية السفر لم تُكتب حتّى الآن، لأنّ تاريخ الكنيسة ما يزال مستمرًّا حتّى هذه اللحظة.

5. صعود الرّب يسوع إلى السّماء هو إعلان مجيد على أن رب المجد يسوع قد أتمّ الرسالة التي جاء لإنجازها وتأديتها في الأرض. لقد جال يصنع خيرًا، وعلّم مبادئ ملكوت السّماوات، وقطع عهدًا جديدًا مع العالم بدمه الّذي سفكه على الصّليب، ثم قام منتصرًا. وبأعماله هذه تمّم إرادة الآب وصعد حيًّا إلى السّماء. أي إن صعود الرّب يسوع يعتبر دليلًا قاطعًا على أنّ عمله وذبيحة نفسه مقبولة لدى الآب، وحقّقت مطالب عدالة السّماء.

6. كان يجب على الرّب يسوع أن يصعد إلى السّماء حتى يتمّم وعده لكنيسته بإرسال الرّوح القدس. نقرأ في يوحنا 7:16 "لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ"، وفعلًا حلّ الرّوح القدس على التّلاميذ بعد عشرة أيام فقط من صعود الرّب يسوع إلى السّماء. وحلول الروح القدس هو برهانٌ قاطعٌ على أنّ الرّب يسوع حاضرٌ في حياتنا بقوّةٍ من خلال الرّوح القدس السّاكن فينا.

7. صعود الرّب يسوع إلى السّماء بجسّده الممجّد، وجلوسه عن يمين الآب، أي في مركز القوّة والسّلطة والمجد، يعني أنّه الآن رئيس كهنة عظيم لنا في السّماء، ويشفع لكنيسته عند الآب. نقرأ في عبرانيين 24:9 أن الرّب يسوع المسيح دخل "إِلَى السّماء عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ الآنَ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ لأَجْلِنَا." فهو رئيس كهنتِنا العظيم، كما نقرأ في عبرانيين 14:4 "فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ." لذلك فإنه "مِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ." (عبرانيين 25:7) كذلك نقرأ عن شفاعة الرّب يسوع المسيح لنا في السّماء الآن في 1تيموثاوس 5:2 "لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنّاس: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ." نلاحظ في هذه القراءةِ أنّ الفعل "يوجد" هو فعل مضارعٌ مستمر. فالمسيح موجود الآن في السّماء بجسد ممجّد، مع أنّه الله في نفس الوقت، أي إنّه في السّماء بطبيعتِه النّاسوتية واللاهوتيّة يشفع لنا بناسوته عند الآب، ويقدر في نفس الوقت أن يسمعَ صلواتِنا ويرحمنا ويغفرَ لنا ويخلصَّنا ويهبنا الرّوح القدس والحياة الأبديّة لأنه الله.

8. صعود الرّب يسوع إلى السّماء جاء أيضًا ليحقق ما وعدنا به في يوحنا 2:14-3 "فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا." صعد الرّب يسوع إلى السّماء ليعدّ لنا مكانًا، وسيعود عن قريب ليأخذَنا إلى هذا المكان.

9. صعود الرّب يسوع إلى السّماء يعني أيضًا أنّه ملك الملوك الّذي يضبط الكلَّ ويحكم شؤون العالم من عرشه السّماوي. فالرّب يسوع المسيح هو نبع كلِّ بركات السّماء المعطاة لنا في هذه الحياة.

10. وأخيرًا فإنّ صعود الرّب يسوع إلى السّماء يمثّل باكورةً وبدايةً مجيدةً لوجود المؤمنين معه في السّماء. صعوده له المجد يعني أنّ السّماء الآن مفتوحةٌ لاستقبالنا نحن المؤمنين بشخص الرّب يسوع. فمن يؤمن بالرّب يسوع الحي، سيكون مع ربّه في السّماء إلى أبد الآبدين.
هل تتوقُ إلى قضاء أبديّتك في السّماء مع الربّ يسوع؟
هل تعيش ألمًا وحسرةً وضيقًا في هذا العالم؟
تُبْ عن خطاياك، واطلبْ من الله أنْ يطهّرَك بدم الرّب يسوع الذي سفك على الصّليب. وثقْ أنّك بالإيمان سترى الرّب يسوع المسيح بالعيان.

المجموعة: تموز (يوليو) 2021