بدأت جائحة الكورونا في أواخر عام 2019. في البداية كانت المعلومات محدودة وغير واضحة،

وفي ذلك الوقت كان لدى منظمة الصحة العالمية واختصاصيّو الأمراض المعدية آراءً مختلفة وأحيانًا متناقضة. كان البعض صارمًا جدًا في كيفية التعامل مع هذه المشكلة، بينما شعر البعض الآخر أن هذا المرض ليس أكثر من أنفلونزا عادية. والآن، بعد أكثر من عامين، مات أكثر من 6 ملايين شخص، منهم مليون شخص في الولايات المتحدة فقط. وبغض النظر عن مدى دقّة هذه الإحصائيات، نعلم أن المرض قد طرق باب كل أسرة تقريبًا في العالم.
ومع أن كثيرين من قادة الكنائس وجمهور المتعبّدين امتثلوا لتوجيهات قادة حكوماتهم، إلا أنني في هذا المقال أودّ أن ألقي الضوء على كيفية تعامل البعض الآخر مع هذا الوباء:

1- إنكار وجود المرض ككلّ: وأنا هنا لا أناقش منشأ المرض إذا كان طبيعيًا أم لا، لكنني ببساطة أتساءل ما إذا كان المرض حقيقيًا أم لا.

2- لن يسمح الله لهذا المرض بالتأثير على كنيستي وإذا أصاب أحدنا فالمسيح سيشفينا. بمعنى آخر، ليست هناك حاجة لاتخاذ أي احتياطات أو أدوية. لأن المرض لن يصيب المؤمنين. أنا أؤمن حقًا بالمعجزات ولكني أعلم أيضًا أن الله، في معظم الأوقات، لا يكسر القوانين الطبيعية للكون.

3- الطلب من المصلّين عدم إطاعة توصيات الدولة أو مسؤولي الصحة: قال أحد الوعاظ: "إذا لبستَ كمامةً، فأنا لا أريدك في كنيستي". وسمح آخرون لفِرَق الترنيم بالتدريبات والترنيم في اجتماعات الأحد عندما كانت معدلات الإصابة والوفاة تنذر بالخطر، بل وعصت بعض الكنائس الحكومات ورفضت أن تغلق كنائسها في بداية الوباء. ولهذا فلا عجب أن تكون معدلات الإصابة وربما الوفيات عالية في هذه الكنائس.

4- رفض بعض الناس التطعيم لأسباب مختلفة. وأنا لا أناقش هنا إذا كانت هذه اللقاحات مفيدة أم غير مفيدة، لا سيما أنها جديدة وتمّ السماح بها بموجب ترخيص الاستخدام الطارئ (EUA) بل وآثارها الجانبية، إلى حدٍّ ما، غير معروفة. ولكني أنظر إلى تصرّفات قادة الكنيسة الذين شجّعوا أتباعهم على رفض التلقيحات استنادًا على الفكر المسيحي أو التعاليم الكتابيّة. وكانت النتيجة الطبيعية لهذه الممارسات، وفقًا لملاحظاتي، ارتفاعًا في معدل الإصابة أو ازديادًا في الأعراض الخطيرة أو ربّما معدّلات عالية في الوفيات مقارنة بالمجتمعات الأخرى. طريقة التفكير هذه تلمس موضوعًا أوسع يتعلّق بكيفيّة تعامل بعض المسيحيّين مع المرض بشكلٍ عام. فعلى الرغم من أنني أؤمن، دون أدنى شك، أن الله يمكنه أن يشفينا على الفور وبشكلٍ كاملٍ من أي نوع من المرض، بسيطًا كان أو خطيرًا، إلا أنه في كثيرٍ من الأحيان لا يتدخّل بطريقة معجزية كل يوم. ومن خلال عملي كطبيب لاحظت أن الشخص المُصاب بارتفاع ضغط الدم يأخذ العلاج كل يوم ويحرص كذلك الشخص المصاب بالسكّري على تناول الأنسولين أو أي دواء آخر بانتظام للسيطرة على نسبة السكر في الدم، ومع ذلك، عندما يتعلّق الأمر بمرض خطير مثل السرطان، فهناك ميل إلى عدم تناول العلاج واستبداله بـ "الثقة" بالله. والشيء ذاته حدث مع فيروس كورونا، حيث رفض البعض اتّخاذ أي احتياطات لتجنّب الإصابة أو انتشار المرض وطالبوا الله بحفظهم من الوباء. هذا يذكّرني بما قاله الشيطان ليسوع: "[إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل، لأنه مكتوب: [أنّه يوصي ملائكته بك، فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك.] قال له يسوع: [مكتوب أيضًا: لا تجرّب الرب إلهك.]"

5- ذهب بعض قادة الكنيسة إلى أبعد من ذلك في عدم الانصياع لقرارات وتوصيات القادة السياسيين من خلال تشجيع أتباعهم على العصيان المدني ضدّ القيود التي وضعوها على المناسبات الاجتماعية، وآخرون طلبوا من الناس "تزوير" بطاقات اللقاحات مطبّقين المبدأ الذي طالما وعظوا ضدّه: "الغاية تبرّر الوسيلة"!
في هذه الأفكار القليلة، أودّ أن أشدّد على حقيقة أنّنا، كمسيحيّين، مطالَبون بإطاعة القوانين الوضعية، ما لم تكن تعارض تعاليم الكتاب المقدس. وفي نفس الوقت يجب علينا أن نسعى إلى سعادة الآخرين ونبذل قصارى جهدنا لتقليل معاناتهم.

المجموعة: أيار (مايو) 2022