"ماذا صنعتُ بكَ حتى ضربتني الآن ثلاث دفعات؟" (عدد ٢٨:٢٢)
حدثَ في أيام ارتحال شعب الله في البريّة، أنّ بالاق ملك موآب، طلب من نبيٍّ عرّافٍ كذّابٍ أن يلعن شعب الرب مقابل أجرة!

ولأهمية الموضوع يخصِّص الوحي ثلاثة أصحاحات تقريبًا، وفي العهد الجديد يحذرنا الكتاب المقدس من سلوكيات بلعام وتعاليمه التي تتّصف بالنجاسة والطمع والشتائم.
هل أستطيع أن ألتمس منك عزيزي القارئ أن تقرأ بهدوء سفر العدد (الأصحاحات ٢٢ -٢٤)، وأيضًا رسالة بطرس الثانية الأصحاح 2 لكي تستخلص الدروس العمليّة من قصة احتجاج الأتان (أنثى الحمار)؟
فالله القادر على كل شيء، الذي يجعل الببغاء يقلّد صوت الإنسان - تبارك اسمه - جعل الأتان توبِّخ النبيّ الكذّاب بعد أن ضربها ثلاث دفعات!
الحمارة أي الأتان رأت ملاك الله، أما ذلك الطمّاع فكان المال قد أعمى عينيه فلم يرَ الملاك.
والأتان رأت الخطر فوقفت، أما الملتهم وهو معنى اسم بلعام فكان يريد أن يتقدّم بجهل نحو الموت!
والأتان احتجّت على عنف النبيّ الكذّاب، فإذا كان العنف غير مقبول ضدّ الحيوان الأليف، فكم بالحري العنف ضدّ الإنسان مخزٍ جدًا؟
شكرًا للرب الذي أزال العمى الروحي عن عينَيّ بلعام فأبصر ملاك الرب، وكان كلام الملاك لبلعام بما معناه إنّ الحمارة أحكمُ منك لأنها رأت ما في عالم الأرواح وكانت متعقلّة فوقفت، أما أنت فمتسرِّع ومتهوِّر وأحمق! ولكن، هل ينفع الكلام مع شخص قلبه متدرّبٌ على الطمع؟ وهل ينفع الكلام مع إنسان يظنّ أنه يستطيع أن يخدع الله؟ فكلّ ما يفكّر به هو كيف يملأ جيبَه بالمال حتى لو كان على الطريق علامة تحذيرية تقول النهاية النار الأبدية!
ويخبرنا الكتاب المقدس أنه بعد فشل بلعام في لعن شعب الرب، غيّر خطته الشيطانية وعلّم تعاليم نجسة ضدّ قداسة الله، وسقط الشعب في نجاسة وثنية (انظر إلى رؤيا يوحنا ١٤:٢ وقارن ذلك مع سفر العدد أصحاح ٢٥).
يا أخي المؤمن وأختي المؤمنة، لنحذر من المُعلمين الكذبة الذين حذّرنا منهم الرسول بطرس في رسالته الثانية الأصحاح الثاني ولا سيما أننا نحن في الأيام الأخيرة ومجيء الرب قريب جدًا... فالمعلّمون الكذبة يحوّلون نعمة إلهنا إلى الدعارة (يهوذا ٤) أما نحن فلنا وصيّة مقدّسة: "كونوا قدّيسين لأني أنا قدوس".
والآن أطلب الاعتذار من كلِّ مؤمنٍ تقيٍّ متزوّج ومن كلّ مؤمنةٍ تقيَّةٍ متزوّجةٍ، رسالتي لكم قد انتهت ولكن عندي رسالة خاصة جدًا لفئة من (الرجال)، رسالةٌ لرجال العنف، فإذا كان العنف ضدّ الحيوان محرٌّم وقبيح فكيف تمارسه على أقرب الناس إليك؟ رسالة الرب لكلِّ رجل عنف مسيحي متزوّج، ولا علاقة لي بأي رجل من ديانات أخرى، وسؤالي لك أيها الرجل: لماذا تمارس العنف ضدّ زوجتك؟ سواء بالكلام القاسي والشتائم أو بالضرب وبكل أنواع الإهانات؟ إن ثلث النساء في العالم يتعرّضن في حياتهنّ لهذا النوع من العنف، فأنا أخاطبك فربما تكون من ثلث الرجال الذين يفعلون ذلك.
وسؤالي الأول لك، ألم تتزوّج في الكنيسة وتعهّدت بأن تصون زوجتك وقد قُرِئت أمامك أصحاحات عديدة من الكتاب المقدس وخاصة (أفسس ٢٥:٥-٣٢) فأين ذهب تعهّدك؟
وسؤالي الثاني، ألا ترى نفسك أنك تحطّ من قدرك بأن تنزل إلى مستوى أقل جدًّا من النبي الكذّاب بلعام؟ بلعام القاسي الذي ضرب الحمارة ثلاث دفعات؟ ولكنها كانت حمارة شجاعة، فقد فتح الله فمها فاحتجت قائلة له: "لماذا ضربتني ثلاث دفعات؟" ألا تعلم أنّ الله يستخدم الطبيعة ومن ضمنها الحيوانات حتى يعلمنا الفطرة السليمة أو الحواس العامة؟
فإذا كان الحمار يُقبّل الحمارة في فصل التزاوج، فبماذا تحكم على نفسك عندما تضرب أو تمارس العنف بكل أشكاله على شريكة حياتك؟
أراك الآن تريد أن تقول لي أنك لا تعرف وتريد أن تبرر فعلك هذا، بأنّ زوجتك مهملة في واجبات المنزل، وإن كانت هذه العلة مبررًا لك على ما يبدو، ولكني دعني أخبرك كونك تقول إنك مسيحي وربما تعتز بطائفة معينة حتى النخاع، دعني أعدد لك عددًا من آيات الكتاب المقدس التي تقوم بمخالفتها:
يقول الكتاب المقدس: "أيها الرجال أحبوا نساءكم ولا تكونوا قساة عليهن." (كولوسي ١٩:٣) أي أنك في العنف ضدّ زوجتك تقف ضد الكتاب المقدس وبالتالي فإنّ من يقف ضد الكتاب المقدس هو في صفّ الشيطان وأنا لا أتمنى أن تستمرّ في هذه الخطيّة.
أيضًا يقول الكتاب: "من يحبّ امرأته يحبّ نفسه." (أفسس ٢٨:٥) فعندما تهدّد زوجتك أو تكرهها أو تحرمها وتظلمها فأنت تكره نفسك!
أيها الرجل، تمعّن في هذه الكلمات الذهبية "ويكون الاثنان جسدًا واحدًا. إذًا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد." (مرقس ٦:١٠-٨) فعندما تهين زوجتك فأنت تهين نفسك، وعندما تضرب زوجتك فأنت تضرب نفسك، وهذا ما يفعله الوثنيون في بعض الديانات (يضربون أنفسهم)! ربما تقول أنا لا أضرب زوجتي بل أحيانًا أشتمها هي وأهل بيتها، فأنت تتمثّل برجل العنف شاول بن قيس المعروف بفمه الشتّام (١صموئيل ٣٠:٢٠). ولكنك قد تسألني عن الأسباب التي تدفعك لفعل ذلك، وأنا أقول لك هذه هي الأسباب:
أولًا: عدم وجود خوف الله في قلبك
فعندما تتجاهل هذه الكلمات "أوَلا تخاف الله؟" إنّ هناك دينونة قادمة، أبدية وظلمة أبدية... فأنت تتمثّل بالعبد الرديء الذي يهتم في ثلاثة أمور فقط (يأكل ويشرب ويسكر) وحياته مملوءة بالعنف (لوقا ٤٥:١٢).
ثانيًا: عندما يصبح المال إلهًا لك يُسجد له ويُمجَّد، يصبح الإنسان بلا شفقة ولا رحمة مثل بلعام الذي ضرب الأتان ثلاث دفعات.
ثالثًا: عندما تجعل الخمور أو المخدرات مصدر سعادتك الوحيد، فبعد زوال تأثيرها تتحوّل إلى كتلة من البارود فينفجر فمك بكل كلام رديء ضدّ زوجتك.
رابعًا: عندما تتجاهل أنّ الله له كاميرات خفيّة! أي إن عينيه في كل مكان تراقبانك وأنت في أماكن خفية تشاهد الصور أو الأفلام الإباحية فإن هذه الخطايا تجعلك كمن يمشي على الجمر وسمومٌ مثل سمِّ الأفاعي تتجمّع تحت لسانك.
عزيزي، ربما تقول لي أنا رجل عنف، هل تستطيع أن تساعدني؟ أقول لك: أنا أيضًا إنسان خاطئ مثلك ولكن يوجد الرب يسوع المسيح القادر على كل شيء الذي أحبك وحمل كل أنواع الخطايا في جسده القدوس على الصليب وسفك دمه المكتوب عنه: "ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطيّة". تعال إليه الآن تائبًّا مُعترفًا بخطاياك، فاتحًا باب قلبك له. إذا كنت تشعر بالاحتياج الى أن تتغير، فأدعوك أن تُصلي معي هذه الكلمات:
"يا رب أنا إنسانٌ قاسي، ورجل عنف، أشكرك لأنك أحببتني وبذلت نفسك على الصليب لأجلي، مُحتملًا كل أنواع العذاب والإهانات لأجلي أنا... وبتوبة صادقة وإيمان حقيقي أفتح باب قلبي وأقبلك ربًا ومُخلصًا وملكًا على حياتي... ساعدني حتى أتعلّم من كلمتك المقدسة أن أكون رجل سلام رجل وديع ومتواضع القلب، رجل أحب زوجتي، لأنك أنت أحببت الكنيسة وأسلمت نفسك لأجلها."
إذا صليت هذه الصلاة من كل قلبك فاعلم أن الرب يسوع يقول لك مغفورة لك خطاياك، والان اذهب بسلام، واذهب واعتذر من زوجتك وأخبرها عن أعظم خبر مفرح وأعظم قرار وهو قبولك للرب يسوع مخلص لحياتك. الآن تستطيع أن تحتفل كل يوم مع زوجتك بعيد المحبة لأن روح المحبة ساكن في قلبك.
أخيرًا أقول لك أختي الفاضلة التي تعاني من عنف زوجها لها، تمسكي بالرب يسوع وصلي باسمه لأجل خلاص زوجك، اتصلي بنا لكي نصلي معك ونقف معك في محنتك إلى أن يتدخل الرب ويجعل كل بيتك للمسيح يسوع، آمين.
ملاحظة هامة: كاتب المقالة لا يتوقع أي قارئ من صوت الكرازة أن يكون من رجال العنف لكن الرجاء أرسل هذه المقالة بالبريد أو بأي وسيلة تواصل إن كنت تعرف هذه النوعية من الرجال لأن كلمة الرب لا ترجع فارغة.

المجموعة: آب (أغسطس) 2023