"وَجَاءَ أَيْضًا مَعَنَا مِنْ قَيْصَرِيَّةَ أُنَاسٌ مِنَ التَّلاَمِيذِ ذَاهِبِينَ بِنَا إِلَى مَنَاسُونَ، وَهُوَ رَجُلٌ قُبْرُسِيٌّ، تِلْمِيذٌ قَدِيمٌ، لِنَنْزِلَ عِنْدَهُ." (أعمال 16:21)

هذا التلميذ هو مناسون الذي لا نعرف عنه شيئًا سوى ما جاء في هذه الكلمات. "وهو رجل قبرسيّ يسكن في أورشليم واهتدى إلى الديانة المسيحية وصارت له مكانة مباركة فاستضاف بولس ورفاقه وأحسن ضيافتهم. ومن أروع ما قيل عنه أنه تلميذ قديم وهذه العبارة توحي عن أنه آمن بالرب يسوع وتتلمذ عند قدميه من وقت طويل... ما أجمل أن نكون تلاميذ للرب يسوع منذ شبابنا! يقول سليمان الحكيم "اذكر خالقك في أيام شبابك. "فلنسمعْ ختامَ الأمْرِ كلِّه: اتَّقِ الله واحفَظْ وصاياهُ، لأنّ هذا هو الإنسانُ كلُّهُ."
عبارة "مناسون... تلميذٌ قديم" توحي لنا بأربعة أمور: المعلّم، التلميذ، المنهاج، التطبيق.

أولاً: المعلّم العظيم
إنه أعظم من غمالائيل الذي تلقّى شاول الطرسوسي العلم الديني على يديه. وأعظم من نيقوديموس معلّم اليهود. إنه شخص الرب يسوع... قيل له: "أيها المعلّم الصالح." وقال الرب يسوع نفسه: "تعلّموا منّي لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم." قيل عنه في سفر أيوب: "من مثله معلّمًا؟" إنه صالح لأنه يعرف ماذا يقدّم من دروس، والأسلوب الذي يقدّمه به والميعاد الذي يقدّمه فيه – المعلّم الأرضي يعرف الكثير عن المادة التي يدرّسها ولكنه لا يعرف كل شيء عنها، لكن الرب يسوع يعرف كل شيء! إنه المعلّم الوديع والمتواضع القلب – الرب يسوع المعلّم العظيم لأنه لا يتعالى على التلاميذ ولا يتعامل معهم بجفاء. يقدّم تعاليمه بأسلوب رائع يفهمه الصغير والكبير – "أوضّح بعودٍ لغزي"... "سأفتح بأمثال فمي." قالت امرأة وهو يعلّم: "طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ..." تحدّث إليه كثيرون قائلين: "يا معلّم."

ثانيًا: القابلية للتعليم
أهم شرط في التلميذ أن يكون عنده قابلية للتعليم على الدوام ولا يقول لقد تعلّمت ما فيه الكفاية. "ثم أقبل إلى أفسس يهوديٌّ اسمه أبلّوس، إسكندريُّ الجنسِ، رجلٌ فصيحٌ مقتدرٌ في الكتب." كان يتقبّل التعليم من أكيلّا وبريسكلّا.

ثالثًا: المنهج القويم
هناك معلّم... وهناك تلميذ ومنهج تدريسيّ... ترى أيّ منهج يتعلّمه الإنسان في المدرسة؟ هناك مناهج كثيرة ولكن مصدرها الكتاب المقدس الذي أستطيع أن أقول عنه: "أشهى غذاء، وأنجع دواء، وفيه الشبع والارتواء." "وُجِدَ كلامك فأكلتُه، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي." "أرسل كلمته فشفاهم..." الكتاب المقدس هو الماء الذي يروينا والطعام الذي يشبعنا. إنه كامل الأوصاف، يزيل الجفاف، يعالج الانجراف – هو منهاج عظيم يحكّم الإنسان للخلاص. قال أحد القديسين: "يوجد أعظم رجاء لأعظم خاطئ يقرأ الكتاب المقدس، ويوجد أعظم خطر لأعظم قديس لا يقرأ الكتاب المقدس."

رابعًا: التطبيق الحكيم
عندما يقدّم الكتاب المقدس تعليمه ينبغي أن يسعى الجميع لتطبيق بنوده على حياتهم. فعندما أسعى للمحبة أسعى لأن أحبّ حتى الأعداء. "ولكن كونوا عاملين بالكلمة، لا سامعين فقط خادعين نفوسكم." "طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه."
طبّق الكلمة على حياتك حتى تتحوّل حياتك إلى إنجيل مصغّر. استخدم الكلمة عند التجارب والحروب والسقطات. استخدمها عندما يخطئون في حقّك...
قال الرب يسوع: "مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ." ليتنا نكون أولئك التلاميذ الذين يطبِّقون كلام المسيح على حياتهم. البعض يطبّقون جزءًا من الكتاب – الجزء الذي يعجبهم، لكن ما لا يعجبهم لا يطبّقونه على حياتهم. يقول سليمان الحكيم: "أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِنًا، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ الشَّرِّ."

المجموعة: شباط (فبراير) 2024