حرب الخليج الأولى، والتي تسمّى أيضًا: الحرب العراقية الإيرانية، كانت حربًا بين دولتي العراق وإيران.

واستمرّت من سبتمبر 1980 إلى أغسطس 1988. واعتُبرت هذه الحرب من أطول الحروب التقليدية في القرن العشرين، وأدَّت إلى مقتل زهاء مليون شخص من الضحايا، وخسائر مالية تقدر بحوالي 1.19 تريليون دولار أمريكي! حكى لنا أخ عراقي مسيحي، كان أحد الذين حضروا هذه الحرب ما حدث معه أثناء أحداثها فقال:
أُسِرت مجموعة من الجنود العراقيين، واقتيدوا لمنطقة خاصة، لكي يقوم الجنود الإيرانيين بإعدامهم جماعيًّا رميًا بالرصاص، وكنت واحدًا منهم. وعندما وصلنا المكان، عصبوا عيوننا، لكن لم يوثقوا أيدينا، إذ كانوا يريدون أن يقتلونا على عجل. وضعونا في صفٍّ واحد، جنبًا إلى جنب. كانت نبضات قلبي تتسارع، وقلت لنفسي هذه هي النهاية، لا رجاء ولا نجاة بعد. وعندما بدأ الرمي، وبدأ أصدقائي يتساقطون قتلى واحدًا تلو الآخر، أُصبت بصدمة وسقطت على الأرض مغشيًّا عليَّ. وبعد فترة أفقتُ من صدمتي، وفككت عصابة عينيّ، ورأيت نفسي ملطَّخًا بالدم. حسبت أني مصاب بعيارٍ ناريّ، فلمّا فحصت نفسي تأكّدت أني سليم، لكن هذا الدمّ الذي غطّاني، كان دم صديقي الذي رُشَّ عليَّ عندما اخترقته الرصاصات. ويبدو أن الإيرانيين عندما جالوا ليتأكّدوا من موت جميعنا، عبروا عنّي لأنهم رأوني ملطّخًا بالدمّ. تشدّدتُ وهربت إلى جهة جيشنا. لقد كُتِب لي عمر جديد، حياة جديدة بفضل دم صديقي العزيز الذي غطّاني.
صديقي القارئ العزيز... صديقتي القارئة العزيزة... لقد نجا صديقنا لأنّه تغطّى بدم زميله! ألا ترى في هذه القصة، ولو بصورة باهتة، نجاتنا التي تأسَّست على عمل المسيح وموته الفدائي عنّا، ودمائه الثمينة التي سالت لأجلنا بغزارة من كل جسمه لفدائنا؟ كان دم حملٍ مذبوحٍ ينجّي في القديم «وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ؛ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ.» (خروج 13:12) ومكتوب: «وَأَمَّا الْمَسِيحُ... لَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا... وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!» (عبرانيين 11:9 و22)
وهذ بعض بركات دم الربّ يسوع المسيح:
1- الكفّارة: «الذي قدّمه الله كفارةً بالإيمان بدمه لإظهار برّه...» (رومية 25:3) ومن معاني الكفارة، الغطاء والاختفاء تحت الدم.
2- التـبرير: «فبالأولى كثيرًا ونحن متبرِّرون الآن بدمه نَخْلُص به من الغضب.» (رومية 9:5) والتبرير معناه أن يراني الله بارًّا في المسيح، وكأني لم أعمل خطية من قبل أبدًا (فيلبي 9:3).
3- غـفران الخـطايا: «الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا.» (أفسس 7:1)
4- القـرب: «الآن في المسيح يسوع، أنتم الذين كنتم قبلًا بعيدين، صرتم قريبين بدم المسيح.» (أفسس 13:2) كأمم، لم يكن لنا اقتراب حتى للدار الخارجية حتى الجيل العاشر (تثنية 3:23).
5- الصّـلح: «وأن يُصالح به الكلّ لنفسه، عاملًا الصُّلح بدم صليبه... وأنتم الذين كنتم قبلًا أجنبيّين وأعداء في الفكر، في الأعمال الشريرة، قد صالحكم الآن.» (كولوسي 20:1-21؛ اقرأ أيضًا أيوب 33:9؛ رومية 10:5-11؛ 2كورنثوس 18:5-20)
6- تطهير الضمير: «فكم بالحريّ يكون دم المسيح، الذي بروحٍ أزليّ قدّم نفسه لله بلا عيب، يطهِّر ضمائركم من أعمال ميّتة لتخدموا الله الحيّ!» (عبرانيين 14:9) فبدون تطهير الضمير لن نستطيع أن نعبد الرب أو نخدمه.
7- الدخول إلى الأقداس: «فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى "الأقداس" بدم يسوع.» (عبرانيين 19:10) لاحظ... الأقداس! فقد انشقّ الحجاب (متى 51:27).
8- التقديس: «لذلك يسوع أيضًا، لكي يقدِّس الشعب بدم نفسه، تألَّمَ خارجَ الباب.» (عبرانيين 12:13)
9- الفداء: «عالمين أنّكم افتُديتُم لا بأشياءَ تفنى، بفضةٍ أو ذهب... بل بدمٍ كريمٍ، كما من حملٍ بلا عيب ولا دنس (دم المسيح).» (1بطرس 18:1)
10- التطهير: «ودم يسوع المسيح ابنه يطهِّرنا من كلِّ خطيّة.» (1يوحنا 7:1) فالخطية كوباء أو نجاسة تحتاج للدم للتطهير.
11- التغسيل: «الذي أحبنا، وقد غسّلنا من خطايانا بدمه.» (رؤيا 5:1) وهنا تُرى الخطيّة كقذارة تحتاج إلى تغسيل «طهّرني بالزوفا فأطهر. اغسلني فأبيَضّ أكثر من الثلج.» (مزمور 7:51)
12 - الشراء: «لأنّك ذُبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمَّة.» 13- تبييض الثياب: «وقد غسلوا ثيابهم وبيّضوا ثيابهم في دم الخروف.» (رؤيا 14:7) وتبييض الثياب معناه تغيير الحياة والسلوك (أفسس 22:4، 24).
14- الغلبة على الشيطان: «وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبّوا حياتهم حتى الموت.» (رؤيا 11:12) فلا يستطيع إبليس أن يحرمني من أيّ بركة من البركات، لأنّ الدم هو وسيلة النصرة على الشيطان.
فهـل تمتّعت بهذه البركات في المسيح؟! وهل تصلّي معي؟

يا رب، يا من سفكت كلَّ دماك لأجلي، إني بعين إيماني أراك، فارحمني ومتّعني بِفداك لأحيا معك هنا وفي الأبدية... آمين.

المجموعة: شباط (فبراير) 2024