كيف يصبح الإنسانُ مسيحيًّا، وماذا يحدث في حياته؟
تبدأ حياتك كإنسان يوم ولادتك الجسديّة. ولكن كمسيحيّ،

وبحسب تعاليم الكتاب المقدس الواضحة، تبدأ حياتك الروحية عندما تولد ولادة روحية جديدة، كما نقرأ في يوحنا 6:3 "اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ." فلا يصبح الإنسان مسيحيًّا بالولادة من أب وأم مسيحيّين، أو بواسطة التربية البيتيّة أو الأخلاقيّة العالية، أو انتمائه إلى طائفة أو جماعة دينيّة كبيرة أم صغيرة، بل يصبح مسيحيًّا بطريقة واحدة فقط، ألا وهي نتيجة الإيمان بيسوع المسيح كربّ ومخلِّص، وعندها يصبح ابنًا روحيًّا لله. فالذين ينقادون بروح الله هم أولاد الله (رومية 14:8). ونقرأ أيضًا في رسالة غلاطية 26:3 "لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ." (انظر يوحنا الأولى 1:3)
المسيحيّة هي اختيار نابع عن قناعةٍ وإيمانٍ حيّ، فهي ليست دينًا يُورَّث. وكذلك يستحيل فرض الإيمان المسيحيّ على أحد. فالتّعاليم المسيحيّة تؤكِّد على حرية الاختيار، ولا يصبح الإنسان مسيحيًّا بالولادة الجسديّة أو الانتـماء لأسرة أو عرق أو شعب... بل يصبح الإنسان مسيحيًّا بثلاث خطواتٍ مترابطة معًا:
1. الولادة من فوق: "فَقَالَ يَسُوعُ: اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ." (يوحنا 3:3)
2. الإيمان بالرب يسوع: "آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ." (أعمال الرسل 31:16)
3. الاعتراف بالفم: "لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ." (رومية 9:10)
نتائج أن يصبح الإنسان مسيحيًّا: يعبّر العهد الجديد بِصُورٍ مختلفة عمّا يحدث للإنسان عندما يصبح مسيحيًّا، فتغيير الاسم يشمل أيضًا تغيير الطبيعة. عندما تغيَّرَ اسم سمعان إلى بطرس، وأبرام إلى إبراهيم، ويعقوب إلى إسرائيل، شمل هذا التغيير الاتّجاه في الحياة، حيث دخل كلٌّ منهم عالمًا جديدًا وحقيقة ونوعيّة جديدة. إنه مثل الانتقال من الموت إلى الحياة (يوحنا 24:5). ومن هذه الأمور التي يتّصف بها الإنسان المسيحيّ، أو التي في طور الحدوث في حياته أذكر ما يلي:
1. ينتقل المسيحيّ إلى أسلوب جديد، ويصبح الروح القدس مرشدًا له في سلوكه. فتصبح الحياة المسيحية بقوة الروح القدس لا بحكمة بشريّة.
2. يدخل في علاقة نوعيّة جديدة مع الله والناس.
3. تتغيّر نظرته لكلِّ شيء في الوجود، ويفهم العالم بشكلٍ مختلف.
4. يصبح له مرجع وأساس للسلوك ألا وهو الكتاب المقدّس. فالمسيحيّ يعيش على أساس الحقّ المُعلَن في كلمة الله، وليس بناءً على تفاصيل متنوّعة وعديدة من الممارسات والواجبات.
5. يسلك المسيحيّ بشكل مختلف عن بقيّة النّاس وذلك لأنّه مختلف عنهم بعلاقته اليوميّة مع رئيس الحياة، الرّبّ يسوع المسيح.
6. يعطيه الله حساسيّة ورقّة شعور تجاه الحقّ الإلهي.
7. عندما يصبح الإنسان مسيحيًّا، يعطيه الله فهمًا مختلفًا لكلمته، أي الكتاب المقدس.
8. يمكن أن يتعرَّض الإنسان للاضطهاد فقط لكونه مسيحيًّا. فالعالم الشّرير رفض الرّبّ يسوع المسيح وصلبه، والعالم اليوم يرفضون الإنسان المسيحيّ. أي أن المسيحيّ مرفوضٌ من الخطاة كما كان الرّب يسوع المسيح، لا يزال مرفوضًا منهم.
العداء الذي يتعرَّض له المسيحيّ خارجيّ وماديّ، وكذلك داخلي وروحيّ. والعداء الخارجي والماديّ والمرئي يتمّ بشكل العداء الشخصي، والعداء الداخلي والروحي يتمّ بما يمرّ به المسيحيّ عند مواجهة مشاعر سلبية كالغيرة والحسد والحقد. وعادة يعمل الشيطان على دمار حياة المؤمن الروحية بهجومه الروحي الداخلي. فالمسيحيّ يعيش كالغريب في مجتمع بلا تقوى - في عالمٍ مليء بالشّرور - وأشكال كثيرة من الخطايا الفظيعة والبشعة الّتي تُرتكب في كل لحظة.
يتعرّض الإنسان المسيحيّ للرّفض والمقاومة والتّشهير بمجرّد أن يمارس مسيحيَّته بشكلٍ عمليّ، ولذلك عليه أن يتنبَّه لردِّ فعله، وأن يعمل بموجب كلمة الله القائلة:
"لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ. إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ. لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: [لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ.] لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ." (رومية 17:12-21) فالرّد على الخطأ لا يكون بارتكاب خطأ مماثل، بل في عمل الخير في وجه الشّرّ. فالمؤمن المسيحيّ الحقيقيّ يحوّل الهجوم عليه إلى أنشودة لتمجيد الله، كما تقول الكلمة المقدّسة:
"تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ. فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ. لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ." (2كورنثوس 9:12-10)
فالاضطهاد يجعل من الإنسان المسيحيّ مثالًا حيًّا في الغفران والصّبر والمحبّة والثّقة بوعود الله.

المجموعة: شباط (فبراير) 2024