لا تخلو حياة الكثيرين من الخطيّة، فالملايين من البشر يرتكبون الخطية بالقول

والفكر والفعل أمام الله وأمام الناس دون حياء. ففعل الخطيّة بالنسبة لهم قد أصبح شيئًا عاديًّا مألوفًا في تصرّفاتهم وأعمالهم اليوميّة. وقد يجد الكثيرون في فعل الخطية لذّة أو نفعًا مادّيًّا أو اجتماعيًّا، لأجل هذا قلّما يفكر الإنسان في الإقلاع عن الخطيّة، وخاصّة الخطيّة المحبوبة التي قد تدرّ نفعًا مادّيًّا محسوسًا يدفعه إلى التغاضي عن النتائج الرهيبة والويلات العديدة التي تسبّبها الخطيّة لكلِّ من يمارسها.
وفي الوقت نفسه يزخرف الشيطان الخطيّة، ويجمّلها للإنسان، ويضعها في صورة جذّابة برّاقة حسب ميل القلب وشهوة النفس. فالشيطان يعلم جيدًا كيف يقدّم لكلّ واحدٍ الخطيّة التي تجتذبه والطعم الذي يقتنصه. وبعد فترة وجيزة يجد الإنسان المسكين نفسه مقيَّدًا بقوّة الخطية وسطوة العادات الذميمة. ففي بادئ الأمر يمارس الخطيّة بإرادته، لكنّه الآن يجد نفسه مُجْبَرًا على عمل الخطيّة رغم أنه يشعر بالأضرار الجسيمة التي تصيبه بسببها، وكذلك العذابات المُرَّة التي يقاسيها. إن الخاطئ يحصد نتيجة خطاياه - هنا وهو على قيد الحياة - في نفسه ونسله، في روحه وجسده، في حاضره ومستقبله، بل في كلّ ما تمتدّ إليه يده. “فَإِنَّ الَّذِي يزرعه الإنسان إيّاه يحصد أيضًا”. كلّ خطيّة يرتكبها الإنسان سيعطي عنها حسابًا في يوم الدين، حين يدين الله سرائر الناس. يا له من يوم رهيب، بل يا له من قصاص مخيف، إنه الطرح في جهنَّم النار إلى أبد الآبدين، لأنه “وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة”. إن الدينونة تبدأ هنا جزئيًّا على هذه الأرض، فكلّ خاطئ يذوق كلّ يوم مرارة وعذاب الخطيّة، لكنّ الدينونة العظمى تحدث عندما يأتي الموت، وينقَضّ على الخاطئ، وينقله في لحظة إلى العذاب الأبدي.لكن شكرًا لله لأنه قد أحبّ جنسنا الساقط محبّة عجيبة، لدرجة أنه قدّم ابنه الحبيب نيابة وكفارة عنا على صليب العار، لكي يحمل قصاص خطايانا ويخلصنا من آثامنا. ففي دم المسيح يوجد تطهير للمجرمين، والنجسين، وللخطاة أجمعين. إنّما لا يتمتّع بهذا الخلاص العجيب إلّا من يؤمن بالصليب، ويتوب عن كلّ خطيّة بعزم القلب أمام الله، ويطلب من الله غفرانًا لخطاياه الماضية. “ودم يسوع المسيح ابنه يطهّرنا من كلّ خطية”.
عزيزي القارئ، الله يناديك الآن لتُقبِل إليه ليمنحك قلبًا جديدًا وطبيعة جديدة تكره الخطيّة وتحبّ القداسة والبرّ، وتصبح ابنًا لله - لك الحقّ في دخول السماء على حساب دم المسيح الذي منحك الحياة الأبدية مجانًا. “لأن أجرة الخطية هي موت، أما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا”. (رومية 23:6)

المجموعة: تموز (يوليو) 2025