كتب روحية

 مقدمة
إنَّ قَصْدَ الله الأساسي من الزواج هو أن يكون تصويرًا منظورًا للحقائق الإلهية غير المنظورة، فقد قال الله في سفر التكوين: “نَعْمَلُ الْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا.” (تكوين 26:1) وعندما كانت الخليقة بكرًا مثل ندى الصبح، ربط الله الرَّجل الأول والمرأة الأولى بعلاقة متميزة سُميت فيما بعد بالزواج. “لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.” (تكوين 24:2)
هناك الكثير من الأدلَّة الكتابية التي تثبت أنَّ الزواج قُصِدَ به منذ البدء أن يكون تصويرًا جميلًا للأمور الإلهية التي لا تُرى، ويكون رمزًا لتلك الحقائق الروحية المتعلقة بطبيعة الله، والمرتبطة بعلاقة الله بالشعب القديم (الأمة اليهودية)، وتلك الحقائق المرتبطة بعلاقة المسيح بالكنيسة.
ففي الزواج يمكن أن تنعكس الوحدة والحميمية التي تربط بين أقانيم الثالوث الأقدس، فعندما يرتبط زوجان معًا وينتميان بعضًا لبعض في وحدة منتجة للحب، فهما بذلك يعكسان بشكل تام تلك المحبة والوحدة الكائنتين بين الآب والابن والروح القدس. وحينما ينجب الزوجان أطفالًا فإنَّهما بذلك يعكسان طبيعة الله الخالق المبدع.
والزواج أيضًا بوصفه علاقة عهد بين الزوجين فهو صورة جميلة لعلاقة العهد التي تربط الرَّب بشعبه المحبوب.
وقد تمتَّع الشعب الإسرائيلي بهذا العهد في القديم ،وقد شبَّه الرَّب مرارًا كثيرة علاقته بشعبه في العهد القديم بعلاقة الزواج، ولقد شبَّهت كتب العهد القديم الرَّب بالزوج الأمين، وكم كانت رغبته صادقة في أن يرى في الشعب الإسرائيلي صورة العروس المخلصة، ولكن للأسف كانت العروس غير أمينة على الإطلاق، فقد كسرت العهد مرات كثيرة، وكانت الخيانة هي السِمة الغالبة على سلوكها، ومرة بعد أخرى كان الرَّب يتعامل مع العروس بالغفران والنعمة، ولكن إصرارها الدائم على الزيغان وكسر العهد تسبَّب في انفصال عن الرَّب امتدَّ لأكثر من ألفي عام ،ولكن برغم فترة الانفصال الطويلة فإن مواعيد الرَّب تؤكد أنَّ الْيَوْمَ الذي يسترد فيه شعبه ويستعيد علاقته الحلوة معه هو يوم آتٍ لا محالة.
ويجب أن يعكس زواج المؤمنين في العهد الجديد ملامح العلاقة بين المسيح والكنيسة. فالعهد الجديد يوفِّر إمكانيات جديدة تمامًا تساعد على رسم الحقائق الإلهية. إنَّ الذين يضعون إيمانهم في الرَّب يسوع المسيح لا يحصلون فقط على غفران أبدي؛ ولكنهم أيضًا يتمتعون بطبيعة جديدة تَنتُج عن سكنى الروح القدس في أعماقهم، إنَّ المؤمنين الذين يتجاوبون مع سكنى الروح القدس في داخلهم بإمكانهم أن يروا المحبة الإلهية معبِّرة عن نفسها في زواجهم. وبناءً على هذه الإمكانية فإن الأزواج والزوجات في العهد الجديد مدعوون من قـِبَلِ الله أن يجعلوا من حياتهم لوحة ترتسم عليها علاقة المسيح بعروسه المحبوبة (الكنيسة).
ولنا أن نتخيل لوحة ذات وجهين، على الوجه الأول نرى الزوج في محبته لزوجته يرسم صورة المسيح في محبته الأبدية والعميقة لكنيسته، وعلى الوجه الآخر نرى الزوجة وهي ترسم من خلال محبتها لزوجها وخضوعها له صورة الكنيسة في محبتها للمسيح وخضوعها له. وحينما نضع الوجهين معًا فإن كل من ينظر سيرى صورة بديعة للعلاقة الجميلة والأبدية التي تربط المسيح بالكنيسة. إن الهدف من هذا الكتاب هو إعادة بريق المجد الإلهي ولَمَعَانه إلى زيجات المؤمنين.
لا يوجد زواج كامل، ولكن بإمكان كل زواج أن يسعى وأن يتقدم في طريق الوصول إلى النموذج الإلهي، بإمكان كل مؤمن أن يكون في ذاته شهادة قوية ومنظورة عن طبيعة الله، وكل زوجين يعيشان معًا منقادين بالروح القدس يستطيعان أن يكونا شهادة قوية للعالم عن الحقائق الإلهية، وعن طبيعة الله الذي خلقنا لنحيا في علاقة أبدية معه. قد يقول أحدهم: [كنت أظن أنَّ الزواج قد صُمِّم لأجل سعادة الجنس البشري.] نعم، ولكننا نؤمن أن السعادة هي أمر ثانوي في الحياة التقوية، وتأتي السعادة دائمًا عن طريق الخضوع للتصميم الإلهي. يقول رجل الله سبيرجن: “صلّ لأجل القداسة وسوف ترى نفسك تسبِّح من أجل السعادة”.
ليس من باب المصادفة أبدًا أن يبدأ الكتاب المقدَّس بزواج آدم وحواء في جنة عدن؛ ثم يختم بحفل زفاف الكنيسة إلى عريسها المبارك (المسيح) في السماء.
إنَّ أقوى شهادة يمكن أن تقدَّم للعالم في هذه الأيام تأتي من خلال زوجين مؤمنين يحبان الرَّب ويحبان بعضهما بعضًا بشكل يجذب النفوس البعيدة إلى المسيح.
صلاتنا أن يستخدم الرَّب هذا الكتاب بطريقة مجيدة في تجديد وترميم الزيجات القائمة، وفي وضع أساس كتابي سليم للزيجات التي على وشك الإتمام.

دنيس وچـيل اينجنبورج


(إننا نقوم منذ عام 1967 برسم اللوحة في زواجنا)


الزواج بوصفه تصويرًا لعلاقة المسيح بعروسه/الكنيسة

1- كما يختار أبو العريس لابنه العروس، كذلك يقول الوحي في رسالة أفسس عن الكنيسة العروس أنَّ الله اختارنا فيه (أفسس 4:1).
2- كما يتحدث أصدقاء العريس عنه، كذلك تكلَّم يوحنا المعمدان صديق المسيح العريس عنه. (يوحنا 29:3).
3- يتم دفع مهر للعروس، كذلك يقول الوحي في كورنثوس الأولى 20:6 “قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ.”
4- فترة الخطبة قد بدأت، يقول في يوحنا 3:14 “أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا.”
5- العريس يظهر كي يلتقي بالعروس، يقول يسوع في يوحنا 3:14 “آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ.”
6- ترتدي العروس ملابس بيضاء، كذلك الوحي يقول في سفر الرؤيا 5:3 [مَنْ يَغْلِبُ فَذلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا.”
7- يلتقي العريس والعروس في حضور جمع من الأصدقاء وفِي وجود فريق من العازفين والمغنين، كذلك “الرَّبّ نََفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلَائِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ.” (1تسالونيكي 16:4)
8- يحتفل العريس والعروس بإقامة وليمة يحضرها الأهل والأصدقاء، كذلك يقول الوحي: [طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفِ!” (رؤيا 9:19)
9- يتم تبادل الهدايا في حفل الزفاف، كذلك يقول الوحي في كورنثوس الأولى 14:3 “إِنْ بَقِيَ عَمَلُ أَحَدٍ قَدْ بَنَاهُ عَلَيْهِ فَسَيَأْخُذُ أُجْرَةً.”
10- الزواج مكتمل، [هَلُمَّ فَأُرِيَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَرُوفِ.” (رؤيا 9:21)
11- العروس تأخذ اسم العريس، يقول في رؤيا 12:3 [وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلهِي.”
12- الموت وحده يفصل بين الزوجين، يقول في رؤيا 5:22 [وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الْآبِدِينَ.”

المحتويات

إنَّ الغرض من هذا الكتاب هو اكتشاف القواعد الكتابية للزواج المسيحي والوصول إلى وسائل تساعدنا على تطبيق هذه القواعد، وسنعمل في هذه الدراسة على إيجاد أجوبة للأسئلة الآتية:
1- ما هي خطة الله للزواج؟
2- ما هي أكثر المشكلات شيوعًا في الزواج؟
3- ما هو قصد الله من الزواج؟
4- ما هي قوة الله للزواج؟
5- ما هو النموذج الإلهي للزواج ؟
6- ما هو النموذج الإلهي للزوج؟
7- ما هو النموذج الإلهي للزوجة؟
8- ما هو الرسم الإلهي للوحة الزواج؟
9- ما هي قواعد الله للزواج؟
10- ما هي القواعد الإلهية للتواصل؟
11- ما هي القواعد الإلهية للعلاقة الجنسية؟
12- ما هي القواعد الإلهية لحل الخلافات؟
13- ما هي القواعد الإلهية لزواج ممتلئ بالنعمة؟

إن الفكرة الأساسية لكتاب [قلب الزواج] هي: “إنَّ الزواج مشروع تم تصميمه من قـِـبَل الله ذاته، لذلك فبإمكان الزوج والزوجة معًا أن يرسما بريشة المحبة التي تربط بين قلبيهما من خلال زواجهما لوحةً تكشف جمال علاقة المسيح بالكنيسة.”

آية مفتاحية

“وَالنِّهَايَةُ، كُونُوا جَمِيعًا مُتَّحِدِي الرَّأْيِ بِحِسٍّ وَاحِدٍ، ذَوِي مَحَبَّةٍ أَخَوِيَّةٍ، مُشْفِقِينَ، لُطَفَاءَ، غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرّ بِشَرّ أَوْ عَنْ شَتِيمَةٍ بِشَتِيمَةٍ، بَلْ بِالْعَكْسِ مُبَارِكِينَ، عَالِمِينَ أَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ لِكَيْ تَرِثُوا بَرَكَةً.” (1بطرس 8:3-9)


فصل للمراجعة

ما هي خطَّة الله للزواج؟
خطة الله للزواج تتضمن ثلاثة أوجه متميزة.
ابحث عن أجوبة للأسئلة التالية:
١- كيف تجاوب آدم مع حواء حينما التقاها للمرة الأولى؟
٢- بأيَّة طريقة كان على حواء مساعدة آدم؟
٣- بأية طريقة على الرجل أن يترك أباه وأمه؟
٤- ماذا يقول الكتاب عن المدة الزمنية للالتصاق؟
٥- ما هي القواعد المنظمة لجانب وحدة الجسد في الزواج؟


الفصل الأول
ما هي خطة الله للزواج؟

مقدمة
خطة الله للزواج معروضة في تكوين 18:2-25
وَقَالَ الرَّبُّ الْإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ». وَجَبَلَ الرَّبُّ الْإِلهُ مِنَ الْأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا. فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ. فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الْإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْمًا.]
وَبَنَى الرَّبُّ الْإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. فَقَالَ آدَمُ: «هذِهِ الْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لِأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ». لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. وَكَانَا كِلَاهُمَا عُرْيَانَيْنِ، آدَمُ وَامْرَأَتُهُ، وَهُمَا لَا يَخْجَلَانِ.

ملاحظات:
1- إنَّ قول الله: [ليس جيدًا أن يكون آدم وحده] لا يتضمن حكمًا أخلاقيًّا، فحيث إنَّ الإنسان قد خُلِق على صورة الله وشبهه فهو كائنٌ علاقاتي. وفي هذه النقطة لم يجد آدم لنفسه شبيهًا.
2- لقد أظهر الله لآدم احتياجه للمعين عن طريق تسمية الحيوانات
إنَّه لمن المنطقي أن نفترض أنّ الحيوانات قد خُلقت قبل آدم، وأنَّها من البدء زوجان ذكرًا وأنثى، ولكل مخلوق مُعين وشبيه من لحمه ومن عظامه، ولكن آدم لم يرَ لنفسه شبيهًا، وعندما تسلَّل إليه الشعور بالفقد والوحدة ألقى الرَّب عليه نومًا.
3- لقد خلق الله المرأة من أحد أضلاع آدم
عندما يقول الوحي إن الله بنى الضلع الذي أخذه من آدم امرأة فإن التعبير هنا يعني أنَّ التصميم قد تمَّ بدقة متناهية. فالله صمم حواء لكي تزيل من آدم كل شعور بالوحدة سواء كان ذلك الشعور على المستوى الجسدي، أو الروحي، أو العاطفي، لقد خُلقت حواء لكي تكمِّل زوجها لا لتنافسه.
4- لقد استقبل آدم امرأته بفرح
بعد أن خلق الله حواء أحضرها إلى آدم، فاستقبلها بحماس على أنَّها هِبة من الله وقال: “هذه الآن”، والتعبير يعني: أخيرًا وجدت من يشبهني ودعاها “امرأة” أو “إيشة” بالعبرية والكلمة ببساطة هي تأنيث لكلمة لكلمة “إيش” أي “امرء”. فقد رأى فيها آدم لحمه وعظامه، وفِي نفس الوقت رأى فيها الفروق التي تميِّزها كأنثى خُلقت لكي تكمِّله.
5- دُعيت حواء معينة مناسبة لآدم
بحكم التصميم فإن حواء قد خُلِقت معينًا مناسبًا لآدم (تكوين 20:2)، وكلمة “معين” يُنظر إليها أحيانًا على أنَّها تحمل في طياتها شيئًا من الدونية، ولكن في واقع الأمر إن هذه الكلمة “معين” هي في العبرية “إيزير” وهي تطلق على الله نفسه، فهو “العون في وقت الاحتياج].والمقصود هو أنَّ حواء كانت المعين الذي سيساعد آدم على طاعة الله. فقد كان عليها أن تكون شريكة في العبادة، وفِي الأبوّة، وأن تكون شريكة في العمل تحت سلطان الله. وعند هذه النقطة نرى كاتب سفر التكوين يضيف بالروح القدس تعبيرًا في غاية الأهمية عندما يقول: [لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا” ( تكوين 24:2).
فالله الذي خلق الإنسان ذكرًا وأنثى لغرض بعينه، هو الذي حدَّد شكل العلاقة التي تربطهما معًا والتي ندعوها “الزواج”.
إن خطة الله للزواج تتضمن ثلاثة أوجه متمايزة:
لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. وَكَانَا كِلَاهُمَا عُرْيَانَيْنِ، آدَمُ وَامْرَأَتُهُ، وَهُمَا لَا يَخْجَلَانِ. ( تكوين 24:2-25)

أولًا، على الرَّجل أن يؤسِّس كيانًا مستقلًا عن أبيه وأمه
يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ. (تكوين 24:2)
أ) والتَرك لا يعني ألّا يكرم الإنسان أباه وأمه
إنَّ الكتاب المقدَّس واضح جدًا وحاسم جدًا فيما يخص إكرام الأب والأم، حتى لو كان لدى أحد الأبوين من السلوكيات الشاذة ما يجعل من إكرامه أمرًا صعبًا، ولكننا لا نكرم التصرفات وإنما نكرم المكانة التي أعطاهما الله في حياتنا. وفِي بطرس الأولى 9:3 يعلِّمنا الوحي أن لا نرد على الإهانة والشتيمة بمثلها وإنما على العكس دائمًا نبارك. فإن كان ذلك مع عامة الناس فكم وكم يكون حتميًّا مع من كانوا سببًا مباشرًا لقدومنا إلى هذا العالم.
الخلاصة إنَّ إكرام الأبوين وصية إلهية لا مجال للالتفاف عليها أو المساومة بشأن طاعتها. [أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ”، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ، [لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ، وَتَكُونُوا طِوَالَ الْأَعْمَارِ عَلَى الْأَرْضِ.” (أفسس 2:6-3)
ب) الترك أيضًا لا يعني إهمال الوالدين
عندما كنّا صِغَارًا كان آباؤنا يتعبون لكي يوفِّروا لنا ما نحتاج إليه من مأكل ومشرب، ومن شعور بالحماية والأمان، لذا علينا أن نكون دائمًا جاهزين ومستعدين لأن نوفر لهم كل ما يحتاجون إليه عندما يكبرون وتتقدَّم بهم الأيام.
إنَّ الرسول بولس في سياق حديثه عن ضرورة اهتمام الكنيسة بالأرامل ومساعدتهن على العيش في كبرهن أعلن بشكل واضح أنَّ المسئولية الأولى تقع على عاتق عائلة الأرملة:
وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلَا سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الْإِيمَانَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ.” (1تيموثاوس 8:5)

(ج) الترك يعني تأسيس كيان مستقل عن الوالدين
الزواج هو تأسيس كيان عائلي متحد، مستقل عن الوالدين ماليًا وتنظيميًا. وهناك ثلاثة أوجه للاستقلالية يجب التأكد من توافرها قبل الشروع في تأسيس الكيان الجديد.
1- لا بد للشريكين من أن يكونا مستقلين ماليًا عن عائلتيهما.
2- لا بد لهما من أن يكونا مستقلين عاطفيًا عن عائلتيهما.
3- لا بد من أن يؤسّسا كيانًا مستقلًا من حيث التنظيم والإدارة عن عائلتيهما.

نقطة للتأمل:
1- هل أنت متَّفق مع أوجه الاستقلال الثلاثة المذكورة أعلاه؟
2- كيف يُشرَح المفهوم الكتابي الخاص ب “الترك” في ثقافتك؟
3- هل قمت “بترك” أباك وأمك حسب مفهوم الكتاب المقدَّس أم لازلت في حاجة إلى ذلك؟

حينما يفشل الزوجان في إنشاء نوع من الاستقلال الصحي عن عائلتيهما فإنَّ الكثير من الآثار السلبية تصيب زواجهما، وأبرز تلك الآثار هو تقويض دور الزوج في الأسرة بوصفه القائد، كما يجعل ولاء المرأة ممزَّقًا بين زوجها وعائلتها، بما يتسبب في انقسام الكيان الجديد على نفسه بالشكل الذي يجعل من انهياره أمرًا حتميًا لا يحتاج إلَّا إلى قليل من الوقت لكي يصير واقعًا ملموسًا ومكشوفًا أمام الجميع.
إذا كنت عزيزي القارئ لم تنجح حتى الآن في خلق حالة من الانفصال الصحي عن عائلتك فإن بإمكانك أن تقوم بذلك الآن في روح الإكرام والمحبة لهما.

اقتراحات لعملية الانفصال:
1- بإمكانك أن تقدِّم بركة لوالديك عن طريق تحية مكتوبة أو منطوقة.
كابن ناضجٍ فإن بإمكانك أن تدوّن كل الأشياء التي تقدِّرها في والديك. كما أن باستطاعتك أن تستعين بمشاركات إيجابية من باقي أفراد الأسرة. وفِي مكان ووقت مناسبين يمكن تقديم هذه التحية بطريقة شفهية أو بنَصٍّ مكتوب. وبالتأكيد ستكون تلك التحية بمثابة كنز يحتفظ به والداك، كما سيكون تعبيرًا قويًا عن محبتك وتقديرك.
2- اجعلها استراحة حلوة
بعد وقت من تقديم التحية (عدة أيام أو أسبوع) ربما تكون في حاجة إلى التحدث إلى والديك عن القواعد الكتابية للترك، اشرح لهما أنك لست بصدد التخلي عنهما أو إهمالها وإنَّما أنت مُقدِم على خلْق نوع من الاستقلال الصحي عنهما، وأخبرهما أنَّه أصبح عليك تحمل مسئولية أساسية تجاه شريك حياتك.
تذكّر: الالتصاق الصحيح لابد من أن يسبقه ترك صحيح.

ثانيًا، على الرجل أن يدخل مع زوجته في ارتباط يدوم مدى الحياة
“يلتصق بامرأته.” (تكوين 24:2)
إنَّ الفعل “يلتصق” يرد في الكتاب المقدَّس في مواضع أخرى ليصف عملية الربط المُحكم، فهو على سبيل المثال يأتي لوصف ربط المـنطقة بإحكام حول الحقوين. ولكن تكمن أهمية تلك الكلمة في تعزيز الرَّب يسوع لها عندما استشهد بها في معرض إجابته على سؤال يتعلَّق بالطلاق تم طرحه عليه من قِبَل اليهود، فقد اقتبس الرَّب ما ورد في سفر التكوين عندما قال: «وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الْاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لَا يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ.» ( متى 5:19-6) وقد أضاف تعليق الرَّب يسوع على الكلمة مزيدًا من العمق ومزيدًا من الأهمية.
أ- “الالتصاق” يصف ما جمعه الله
إنَّ الكلمة لا تعني فقط وجود عنصر الالتزام البشري، ولكنها أيضًا تعني وجود ختم إلهي على أن الزوج والزوجة أصبحا في حالة من الاتحاد التام.
وفِي سفر ملاخي يصف الوحي الزواج بأنه علاقة “عهد”، والفرق بين أي اتفاقية إنسانية عادية وبين العهد هو أن العهد اتفاق يشهد عليه ويختم عليه الرَّبُّ. والزواج هو عهد اتفاق من ذلك النوع، وكسره هو بمثابة تعدٍّ على شريك الحياة وعلى الرَّب نفسه. في ملاخي نرى الخطية تجاه “امرأة العهد” تستجلب العقاب الإلهي على مرتكبيها. وحسب تعبير الوحي الإلهي في السفر فإن الرَّب نزع بركته عن الجيل الذي قسّى قلبه.
“وَقَدْ فَعَلْتُمْ هذَا ثَانِيَةً مُغَطِّينَ مَذْبَحَ الرَّبِّ بِالدُّمُوعِ، بِالْبُكَاءِ وَالصُّرَاخِ، فَلَا تُرَاعَى التَّقْدِمَةُ بَعْدُ، وَلَا يُقْبَلُ الْمُرْضِي مِنْ يَدِكُمْ. فَقُلْتُمْ: «لِمَاذَا؟» مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الشَّاهِدُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَةِ شَبَابِكَ الَّتِي أَنْتَ غَدَرْتَ بِهَا، وَهِيَ قَرِينَتُكَ وَامْرَأَةُ عَهْدِكَ. أَفَلَمْ يَفْعَلْ وَاحِدٌ وَلَهُ بَقِيَّةُ الرُّوحِ؟ وَلِمَاذَا الْوَاحِدُ؟ طَالِبًا زَرْعَ اللهِ. فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلَا يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ. «لِأَنَّهُ يَكْرَهُ الطَّلَاقَ، قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، وَأَنْ يُغَطِّيَ أَحَدٌ الظُّلْمَ بِثَوْبِهِ، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ لِئَلاَّ تَغْدُرُوا.» (ملاخي 13:2-16)

ب- الالتصاق يُقدَّم على أنه رباط لا يمكن لإنسان أن يكسره
“لا يفرِّقه إنسان” تشير إلى أن الرَّب قصد للزواج أن يكون علاقة دائمة.
كثيرون في أيام الرَّب يسوع كانوا ينظرون للزواج على أنه علاقة مؤقتة يمكن التخلُّص منها في أي وقت، فإذا لم يُسر الزوج بزوجته لأي سبب فليس عليه إلَّا أن يقول لها: “أنت طالق”. أو “لقد طلقتك”. وبذلك تنتهي العلاقة. ولكن الرَّب يسوع وقف ضد تلك النظرة الخاطئة ووبخهم عليها بشدة. وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلَاق. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلَّا لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.” (متى 31:5-٣٢)
ج- الالتصاق مع الإهمال هو دليل على عدم الأمانة الروحية
قَالُوا لَهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلَاق فَتُطَلَّقُ؟» قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا. وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلَّا بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي». قَالَ لَهُ تَلَامِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلَا يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» (متى 7:19-10)
إن قُساة القلوب في زمن تجسُّد الرَّب يسوع قد استشهدوا على مشروعية الطلاق بوصية موسى، فلماذا أوصى أن “تُعطى كتاب طلاق”؟
1- كان موسى يتعامل مع أناس قُساة القلوب
فلم يكونوا روحيين، وكانوا مصابين بالأنانية التي تجعل الرجل يتخلَّص من زوجته بطريقة صعبة وقاسية لأتفهِ الأسباب، وقد كان الهدف من هذا الكتاب هو الإقلال من معدّل الطلاق، فقد كان حماية للزوجة من الشكوك التي قد تحوم حول عفَّتها، فقد كان هذا الكتاب دليل براءة من التُّهم الأخلاقية أمام عائلة الزوجة، وبرهانًا يطمئن أي رجل يحاول الارتباط بهذه المرأة في المستقبل، يجعله يثق أن طلاقها لم يكن لأسباب تتعلق بالعفَّة أو طهارة السلوك، وقد يكون في الوقت نفسه سببًا يحض الزوج على إعادة التفكير في أمر الانفصال عن زوجته، خصوصًا إذا كان السبب تافهًا غير قوي، ولا سيما أنَّه سيكون مضطرًا لتضمينه في الكتاب ليطلع عليه الآخرون.
لقد كان الغرض من هذا الكتاب هو إيقاف تيار الانتهاك لإنسانية الزوجة الإسرائيلية، وجعل قُساة القلوب من الرجال يشعرون بالخجل إزاء تطليق زوجاتهم لأسباب واهية.
2- لم يستطع موسى الوصول بالرجال إلى النموذج الأصلي الذي صمَّمه الله للزواج
لقد قام الرَّب يسوع بتذكير اليهود في أيامه بأن الكلمة الأخيرة في موضوع الزواج ليست لموسى، وإنما للرب الخالق حين قال: وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا.” (متى 8:19)

د- هذا الالتصاق يجب ألَّا ينكسر بطلاق غير عادل
1- الطلاق غير العادل هو الطلاق الذي يتم على أرضية غير كتابية.
نحن ندرك أنَّ هناك العديد من الآراء فيما يتعلق بالزواج والطلاق (مرفق بهذه الدراسة ملحق خاص يناقش هذا الموضوع بشكل أعمق) ولكن علينا الآن أن نتفق على أن هناك أدلَّة كتابية تشكِّل أرضية صحيحة للطلاق العادل، أكثر هذه الأدلة شهرة هو دخول أحد الطرفين في علاقة جنسية مع شخص غير شريك الحياة (الزنا)، وهناك إشارة أخرى كثيرًا ما تتردد وهي مفارقة الشريك غير المؤمن (1كورنثوس 15:7).
2- يفضي الطلاق إلى الزنا إذا تزوج أحد الطرفين أو كلاهما ثانية.
لقد أعلن الرَّب يسوع أنَّ الطلاق لغير علة الزنا يجعل المطلقة تزني إذا تزوجت برجل آخر، والرجل الذي يتزوج بامرأة طُلِّقت لغير علة الزنى يزني معها. لماذا؟ لأن الطلاق يفتقد إلى التصديق الإلهي، كما أن الزواج الأول لايزال قائمًا من وجهة النظر الإلهية.

هـ - إن استمرارية الالتصاق جعلت التلاميذ يعيدون التفكير في موضوع الزواج
قَالَ لَهُ تَلَامِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلَا يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!»
(متى 10:19)
كيف كانت استجابة التلاميذ لحالة الزواج في أيام يسوع؟

نقطة للتأمل
في كل المرّات التي ذكر فيها الرَّب موضوع الطلاق استخدم كلمة “إلَّا” مرتبطة بكلمة “الزنى”.
1- كيف تقرأ هذا الاستثناء؟
2- هل ترى أن فيه أمرًا بالطلاق؟ ولماذا؟
3- هل ترى يسمح بالطلاق؟ ولماذا؟
4- هل ترى أن تلك الخطية يمكن أن تغفر ويستمر الزواج؟ ولماذا؟
5- هل تعتقد أن هناك مواضع كتابية أخرى تقدم مبررًا للطلاق؟ وما هي؟

خلاصة: كلمة يلتصق تعني أن خطة الله للزواج هي: رجل واحد وامرأة واحدة يلتزمان بعهد يربطهما مدى الحياة.

ثالثًا، يكونان جسدًا واحدًا - الزوج والزوجة يختبران وحدانية الجسد من خلال العلاقة الحميمة
[لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. وَكَانَا كِلَاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ، آدَمُ وَامْرَأَتُهُ، وَهُمَا لَا يَخْجَلَانِ.] (تكوين 24:2 و25)

أ- وحدانية الجسد في العلاقة الزوجية تكون بين رجل واحد وامرأة واحدة
إنَّ تعريف الزواج لا يحدده إلَّا خالق الزواج وحده وليست الآراء البشرية. فالزواج ليس علاقة بين شخصين من نفس الجنس، ولا علاقة تجمع بين رجل واحد وعدد من الزوجات. لكن الزواج حسب المنظور الإلهي هو علاقة تربط بين رجل واحد وامرأة واحدة مدى الحياة.
ب- العلاقة لا بد أن تكون مقدسة في نظر الله
كان آدم وحواء قبل السقوط عريانين دون أي شعور بالخجل، ولكن بعد السقوط أصبح علينا أن نستر أنفسنا أمام الآخرين، ولكن أمام شريك الحياة يمكن أن نتعرَّى دون أن نشعر بالخجل. “لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ. وَأَمَّا الْعَاهِرُونَ وَالزُّنَاةُ فَسَيَدِينُهُمُ اللهُ.” (عبرانيين 4:13)

ج- «جسد واحد] تعني أن يتجاوب كل طرف مع احتياجات الطرف الآخر
“وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا: فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَمَسَّ امْرَأَةً. وَلكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا، لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ، وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا. لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ، وَكَذلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا الرَّجُلَ.” (1كورنثوس 1:7-3)
(تفاصيل أخرى متعلقة بالعلاقة الحميمة في الزواج سترد في الفصل التاسع ضمن بحث : [ماهي القواعد الإلهية للعلاقة الحميمة].

د- «جسد واحد» تعني أن العلاقة الزوجية محصَّنة تمامًا ضد الزنا المضجع غير نجس (عبرانيين 4:13).
وكلمة “زنا immorality تأتي في اليونانية “porneia” وهي تعني كل أشكال العلاقات الجنسية المحرَّمة.
-1 عملية إنجاب أطفال غير شرعيين (يوحنا 19:8، 41).
-2 العلاقة الجنسية مع شخص من نفس الجنس(رومية 26:1، 27).
-3 سفاح القربى أو زنى المحارم (1كورنثوس 1:5 لاويين 6:18-18).
-4 الزنا (تسالونيكي الأولى 3:4-8).
-5 التورّط في الممارسات الجنسية المحرَّمة المرتبطة بالعبادات الوثنية.
(رؤيا 20:2، 21)
-6 ممارسة الجنس مع الداعرات (كورنثوس الأولى 15:6-16).
٧- ممارسة الجنس مع الحيوانات(لاويين 23:18).
٨- لا تزن (تثنية 18:5، لاويين 10:20).
-9 لا تنظر إلى امرأة لتشتهيها (متى 27:5-28).

خلاصة: التصميم الإلهي للجسد الواحد هو أن تكون العلاقة الجنسية مقتصرة على رجل واحد وامرأة واحدة في إطار عهد الزواج فقط.

أسئلة للبحث:
-1 ما مدى أهمية التمسُّك بالطهارة الجنسية قبل الزواج؟ ولماذا؟
-2 ما هي الشواهد الكتابية التي تدعِّم رأيك؟
-3 ما مدى أهمية العفَّة في الزواج؟ ولماذا؟
-4 ما هي العواقب التي يمكن تفاديها عندما نلتزم بتلك الإرشادات؟
-5 ما هي البركات التي سنحصل عليها عندما نطيع وصايا الرَّب فيما يتعلق بحياتنا الجنسية؟
نظرة عامة
ما هي أكثر مشاكل الزواج شيوعًا؟
الفكرة الرئيسيّة: المشكلات الشائعة في الزواج يمكن حلّها عن طريق طاعة كلمة الرَّب.

-1 ما هي المشاكل المُحتملة التي يمكن تجنبها قبل الزواج؟
-2 ما هي المشاكل التي تنبع من قلوبنا؟
-3 ما هي المشاكل التي تنتج عن الظروف المحيطة؟
-4 كيف تساعدنا كلمة الرَّب على مواجهة مشاكلنا في الزواج؟


الفصل الثاني
ما هي أكثر مشاكل الزواج شيوعًا؟

مقدمة
في الفصل السابق “ما هي خطَّة الله للزواج” اكتشفنا ثلاثة جوانب أساسية هي: “يترك” و“يلتصق” و“جسدًا واحدًا”، وَالكتاب المقدَّس واضح في إعلانه عن إنَّنا في الزواج نختبر أكثر من مجرد الوحدة الجسدية، لقد صلَّى الرَّب يسوع من أجل تلاميذه ومن أجلنا:
“لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الْآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي.” (يوحنا 21:17) إنَّ الوحدة الروحية والعلاقاتية يجب أن تكون ظاهرة في الكنيسة وفِي الزواج. هدف العلاقة في الزواج هو الوحدة مع المسيح ومع شريك الحياة. كيف يبدو هذا في الزواج؟
إن الوحدة في الزواج تُعبّر عن نفسها من خلال علاقة عميقة مفعمة بالتناغم والعطاء المتبادل.
في الزواج يجب أن يحلّ التناغم محل التصارع، والعطاء المتبادل محل الأنانية. وفِي هذا الفصل سنكتشف لماذا يصعب الحفاظ على الوحدة في الزواج.
إذا قام أحدهم بقيادة سيارة في طريق خشن غير ممهد، فإن هذه السيارة تكون عُرضة للأعطال المتعلقة بزوايا الإطارات، بمعنى أنَّ إطاري المقدمة يمكن أن يتحركا بالتدريج كل منهما في اتجاه مضاد، وهذه الحالة تجعل أجزاء السيارة تعمل في عدم توافق؛ فكل إطار ينحرف في اتجاه مضاد للآخر، والقائد يحاول التحكم في السيارة مع مزيد من الاحتكاك بين الإطارات وأرضية الطريق غير الممهدة، كل هذا يجعل السيارة كأنَّها تنتفض، والقائد في حالة من الانزعاج وهو يحاول من خلال عجلة القيادة السيطرة على عملية انحراف الزوايا هذه.
واحدة من الوسائل التي يمكن من خلالها شرح العلاقة الزوجية هو أن نتخيَّل أنَّ العائلة عبارة عن سيارة، والزوج والزوجة هما إطاري المقدمة، فَلَو أنَّهما ليسا في حالة الانضباط والتناغم التام فهما بذلك يعرضان علاقتهما للتمزق والتهرؤ، ويتسببان في تحويل حياة أطفالهما إلى رحلة مضطربة ومزعجة.
من الشواهد الكتابية التي تركِّز على التناغم والانضباط هو (2كورنثوس الثانية 14:6) “لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين.” إن القصد الإلهي هو أن يتزوج الرجل المؤمن من امرأة مؤمنة وبالتالي يكون الطرفان على حالة دائمة من التوافق والاتساق.
ولكن علينا أن نقر أنَّ النموذج ليس هو الموجود دائمًا على أرض الواقع، فهناك الكثير من الأزواج تجدَّدوا وآمنوا بالرب بينما ظل شركاء حياتهم على عدم إيمانهم، وهناك من تزوجوا بسبب الضغوط الأسرية أو غيرها بأشخاص غير مؤمنين، وهذا الموقف يمكن وضعه تحت عنوان [متزوج ولكن أعزب روحيًّا]. ويمكن أيضًا لعدم التوافق أن يحدث كتجربة تأتي من العالم أو من الجسد أو من الشيطان.
وهذا الفصل سيكون معالجة للسؤال التالي: ما أكثر مشاكل الزواج شيوعًا؟ مشاكل الحياة التي تدفع بالزواج بعيدًا عن التناغم والاتساق.

فكرة رئيسية: المشاكل موجودة في كل زواج، ويجب أن تُحل من خلال طاعة كلمة الرب.
فيما يلي قائمة ببعض المشاكل التي تمثل حِفَرًا في طريق الحياة تعطل الوحدة بين الزوجين
أولًا، الأنانية تحطم الوحدة في الزواج
يصف الرسول يعقوب الأثر المدمِّر للأنانية على العلاقات فيقول:
“مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لِأَنَّكُمْ لَا تَطْلُبُونَ.” (يعقوب 1:4-2)
أتت إِلَيَّ ذات مرة سيدة تطلب مساعدة مالية كي تستطيع دفع إيجار بيتها، وكنت على عِلْمٍ بأن زوجها قد فقد وظيفته منذ فترة، وأنَّهما قد رُزقا بمولود جديد، سألتها عن أحوال زوجها فأخبرتني أن زوجها قد عثر على وظيفة جديدة وأنه يستطيع بمفرده الآن دفع مبلغ الإيجار بالكامل، ولكن المشكلة أنَّهما متفقان منذ أن تزوجا على أن يدفع كل منهما نصف تكاليف المعيشة، وبعد إنجابهما الطفل وعدها بأن يدفع هو الإيجار كاملًا لمدة شهرين، وهو ما حدث بالفعل، ولكن هذا هو الشهر الثالث وهي بين نارين؛ فهي تشعر أن رضيعها يزال بحاجة إليها وفِي نفس الوقت يرفض الزوج أن يدفع أكثر من نصف الإيجار!
هذا مثال صارخ لزوج أناني يقوم بتفضيل نفسه على زوجته وعلى طفله، وكانت النتيجة أن هذين الزوجين في خلال عام ونصف العام كانا قد انفصلا ثم انتهى زواجهما بالطلاق.
إنَّ الأنانية في الزواج تقتل الوحدة وتدمِّرها، لأن الأنانية تجعل الإنسان يركز على إسعاد نفسه دون التفات إلى مشيئة الله، أو الاهتمام بحق شريك الحياة في السعادة.
وأي زوجين يسعيان إلى الوحدة في الزواج عليهما أن يعترفا بإغراء تجربة الأنانية وجاذبيتها، ثم يصرَّا على التمسك بالعلاج الإلهي لتلك المشكلة.
تدعونا كلمة الله إلى التخلي عن الأنانية والتحلّي بنكران الذات.
“فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا، لَا شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. لَا تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِآخَرِينَ أَيْضًا.” (فيلبي 2:2-4)

ثانيًا، يمكن للمجتمع أن ينتج تأثيراته التي تدمّر وحدة علاقاتنا الزوجية
حينما كان الرَّب يسوع يصلِّي في البستان لأجل تلاميذه ولأجلنا قال:
“لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ. لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ.” ( يوحنا ١٥:١٧-١٧)
ويحذِّرنا الرسول يوحنا قائلًا:
“لَا تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الْآبِ. لِأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الْآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ.” (يوحنا الأولى ١٥:٢-١٧)
إن البيئة المحيطة بِنَا والتي نتعامل معها خارج البيت هي بيئة معادية بالأساس وليست صديقة أبدًا. إنَّ كلمة [العالم] في الكتاب المقدَّس تشير إلى الثقافة الأرضية الساقطة التي يمسك بزمامها الشيطان [رئيس سلطان الهواء] ويسودها الشر.إن لذَّة هذا العالم تمثل تجربة شديدة الصعوبة لوجداننا، وإذا استسلمنا بإرادتنا لهذه التجارب يمكن أن نسقط بسهولة في فخ السلوك غير المقدَّس، أو العادات، أو إدمان أمور تحوّل قلوبنا بعيدًا عن الرَّب وعن شريك الحياة.
ذات يوم أتت إِلَيَّ امرأة شابة وهي عضو جديد في كنيستي (إشارة إلى الكنيسة التي يرعاها الكاتب) وطلبت مني أن أساعدها في مواجهة ظرف صعب كانت تجتاز فيه، وكانت المشكلة للأسف أنَّ هذه الفتاة حبلت وأنجبت طفلًا من علاقة غير شرعية، مدّت الكنيسة لها يد المساعدة بتقديم بعض الملابس والأثاث، وبعد ذلك تقدمت بطلب إلى حكومة الولاية للحصول على دعم مادي حيث أنَّها ترعى طفلًا رضيعًا ولا تستطيع العمل، فطلبت منها الحكومة أن تفصح عن اسم والد الطفل، فرفضت بشدة. وعندما سألتها عن سبب رفضها أجابت بأنه رجل متزوج ولديه أطفال وهي لا ترغب في تدمير تلك الأسرة. فأجبتها بأن هذا توجه نبيل، ولكن الرجل ارتكب خطأً وخطيئة وعليه أن يتحمل مسئوليته كأب تجاه هذا الطفل، فكانت إجابتها أنَّ لديها سببًا آخر يمنعها من الإفصاح عن اسم والد الطفل، وهو أنه أحد أعضاء كنيستنا!
هذا الرجل للأسف الشديد يُدعى مسيحيًا، ولكنه استسلم لشهوة أرضية، وعليه الآن أن يواجه عواقب ما ارتكبه.
إن كلمة الله تدعونا للهروب من الشهوات الأرضية، وإلى التمسُّك بالقداسة.
يقول الرَّب يسوع: «لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلَازِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الْآخَرَ..” (متى ٢٤:٦)
أي زوجين يهدفان إلى الوحدة مع الله ومع بعضهما البعض عليهما أن يتمسكا بالوصية الواردة في كورنثوس الثانية 17:6
“لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلَا تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ.”

ثالثًا، قد يتسبب الألم في كسر الوحدة بين الزوجين
كشفت دراسة استقصائية في الولايات المتحدة الأمريكية عن الأُسر التي تُرزق بأطفال معاقين، أنَّه بعد خمس سنوات من إنجاب الطفل المُعاق فإن سبعين بالمائة من هذه الزيجات تنتهي بالطلاق.
عندما يطرق الألم باب أسرة ما، فإنَّه إمَّا أن يشدّهما قريبًا من بعضهما، أو يعمِّق الفجوة بينهما. والفارق ينبع من نظرة كل إنسان للألم، فهناك من ينظر إلى الألم من وجهة إيجابية وهناك من ينظر إليه من وجهة سلبية.
ردود فعل سلبية تجاه الألم:
التفكير بأنَّه تم الارتباط بالشخص الخطأ.
إلقاء اللوم على الطرف الآخر لأنَّه لا يستطيع تضميد جراحنا.
التذمُّر على الرَّب.
الانسحاب العاطفي بعيدًا عن الطرف الآخر.
اختيار الهروب وتحطيم الزواج.
ردود فعل إيجابية تجاه الألم:
قبول الألم على أنه جزء من عالم خاطئ واقع تحت اللعنة.
إدراك أنَّ نعمة الله كافية لتحملنا وسط الأوقات الصعبة.
نؤمن أنَّ الله لن يدعنا نُجرَّب فوق ما نحتمل.
إدراك أن وقت الألم هو فرصة لكي يقدِّم كل طرف للآخر شيئًا من التشجيع والتعزية.
نبتهج لأنَّنا ذات يوم سنتمتع بحياة سعيدة خالية من الألم مع الرَّب في السماء.
لقد تألَّم الرسول بولس بقوة لكونه خادمًا للمسيح. لقد تحطمت به السفينة ذات مرة، ومرات تعرَّض للضرب ومرات كثيرة سجن، ومرة رُجم حتى الموت، كما إنَّه عانى من شوكة في الجسد سمح بها الرَّب لكي يحفظه متواضعًا، وكان موقف بولس من آلامه متَّسِقًا تمامًا مع أقواله حينما كتب بالروح القدس:
“فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلَامَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لَا تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.” (رومية 18:8)
ويأتي الألم إلى حياتنا من ثلاثة مصادر: طبيعي، وفوق طبيعي، وإلهي.
-1 الألم الطبيعي يأتينا لأننا نعيش وسط خليقة واقعة تحت لعنة ناتجة عن الخطية، فنحن كغيرنا عُرضة للجراح، والمرض، والشيخوخة، وهذه كلها تحمل معها قدرًا من الألم والمعاناة.
-2 يأتينا الألم أيضًا من عالم الروح الشرير الذي يترأَّسه الشيطان.
فالرسول بولس يقول في أفسس 12:6 [فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلَاطِينِ، مَعَ وُلَاةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.”
-3 وأخيرًا فإن الألم قد يأتي إلى حياتنا من يد أبينا السماوي المحب الذي يرغب دائمًا في كمالنا، لذلك فهو يمد يده بالتأديب والتوجيه والتصحيح حتى نشترك في قداسته. إذًا فنحن أمام حقيقة مؤداها أنَّنا حتمًا سنتألم في هذه الحياة، وبالتالي عليك عزيزي القارئ أن تسأل نفسك: “هل ستسمح للألم في حياتك أو في حياة شريكك أن يقوي وحدتكما أم ستتركه يفصل بينكما؟” في أوقات كثيرة يتسبب الألم في تحطيم التوافق بين طرفي الزواج، فيظن كل منهما أنَّه ارتبط بالشخص الخطأ، أو يحاول كل طرف التنفيس عن غضبه في وجه الطرف الآخر وإلقاء اللوم عليه. فأي زوجين يريدان وحدة مع بعضهما البعض أو مع الرَّب لا بد لهما من التعامل مع الألم بطريقة كتابية وتحت قيادة الروح القدس.
تعلمنا كلمة الرَّب أن نتقبَّل التجارب بفرح لأن الله يستخدمها في بناء شخصياتنا والوصول بها إلى مستوى الكمال الذي يريده. فقد كتب الرسول يعقوب إلى المؤمنين قائلًا بالروح القدس: “احْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ.” ( يعقوب ٢:١-٤)

رابعًا، النجاح أيضًا بإمكانه تدمير الوحدة في الزواج!
ذات يوم ذهب شاب يهودي تقي إلى الرَّب يسوع ليفتخر ببرِّه الذاتي، نظر الرَّب يسوع إليه ورأى أنَّ في قلبه نوعًا من الوثنية، ويبدو من موقف الشاب أنَّه لم يكن مدركًا لإصابته بهذه العلَّة، لقد كانت ثروة هذا الشاب هي وثنه، وقد وضعه الرَّب يسوع أمام تحدٍّ بأن طلب منه أن يحرِّر ذاته من هذا الوثن فقال له:
يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي. (لوقا 22:18)
في أحيان كثيرة يكون الازدهار هو مصدر التهديد الأخطر للاستقامة الروحية وليس الفقر، فالازدهار الذي تعيشه الحضارة الغربية كاد أن يحوّل حياة كثير من المؤمنين إلى النموذج الأرضي الدنيوي. حيث إنَّه يترك انطباعًا عند ضعاف النفوس بأنَّهم لا يحتاجون الرَّب في هذه الحياة، إن حياة الازدهار الخارجة عن السيطرة يمكن أن تحطم الوحدة بين الزوجين نتيجة شعور كل منهما بالاستقلالية وعدم الاحتياج للآخر.
تدعونا كلمة الله لكي نقدِّر قيمة الكنز السماوي لا الكنوز الأرضية
يقول الرَّب يسوع: “لَا تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا عَلَى الْأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لَا يُفْسِدُ سُوسٌ وَلَا صَدَأٌ، وَحَيْثُ لَا يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلَا يسرقون لِأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا.] (متى ١٩:٦-٢١)

خامسًا، الجنس يمكن أن يدمّر الوحدة في الزواج
يقدم العهد الجديد كنيسة كورنثوس على أنَّها كنيسة تواجه مشاكل عدة، وإحدى المشكلات التي كانت تعاني منها هذه الكنيسة هي مشكلة الزنا، وكمثال على ذلك كان هناك رجل تربطه علاقة جنسية مع زوجة أبيه (1كورنثوس ٥). وهذا يعني أن المؤمنين غير معفيّين من السقوط في التجارب الجنسية، وهذا ما دعا الرسول بالروح القدس أن يكتب مذكِّرًا ومشدِّدًا على أن خطية الزنا هي بمثابة جُرم كبير نحو الرَّب المخلِّص، ناهيك عن شريك الحياة.
“أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا! أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ؟ لِأَنَّهُ يَقُولُ: «يَكُونُ الْاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا». وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ.” (1كورنثوس ١٥:٦-١٧)

ذات يوم تلقيتُ اتصالًا هاتفيًّا من أحد أعضاء الكنيسة وكانت نبرات صوته تنم عن الغضب الشديد، وطلب مني الحضور فورًا إلى بيته لأنه وزوجته لديهما أمر هام يريدان مشاركتي به، في البداية ظننتُ أن أحدهما قد فقد أحد أبويه، ولكن عندما وصلت سمعت منهما قصة حزينة قوامها عدم الأمانة، فزوجة هذا الأخ كانت تضطر إلى السفر في رحلات عمل برفقة رئيسها المباشر، وحدث أكثر من مرة أثناء السفر أن سقطت مع مديرها هذا في خطية الزنا، بعدها شعرت بندم شديد وبتبكيت روح الرَّب، صلَّت إلى الرَّب وطلبت الغفران وقطعت علاقتها مع هذا الشخص بشكل تام، وبالطبع كتمت الأمر عن زوجها، وبعد مدة ذهبت لطبيبها الخاص لإجراء الفحوصات الروتينية التي تقوم كل عام، وفِي الْيَوْمَ السابق لاتصالهما بي تحدث إليها الطبيب وأكَّد لها أنَّها مصابة بأحد الأمراض المنقولة جنسيًّا.

عزيزي... قد يغفر لنا الرَّب خطيتنا، وقد يسامح شريك الحياة، ولكن العواقب المقيتة للخطيئة قد تدوم مدى الحياة، وقد تهدم لنا خطية الزنا في لحظة واحدة ما قد نحتاج لسنوات طوال حتى نعيد بناءه؛ وخصوصًا ما يتعلق بمسألة الثقة.

تدعونا كلمة الرَّب للخروج من دائرة النجاسة إلى الطهارة
إن أي زوجين يسعيان للوحدة مع بعضهما البعض والوحدة مع الله لا بد لهما من الامتناع عن كافة أشكال النجاسة.
[لِأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا.”
(1تسالونيكي 3:4)
سادسًا، الابتعاد قد يؤدي إلى تعطيل الوحدة
يشجع الرسول بولس المتزوجين على الحفاظ على علاقة جنسية دائمة بينهما، فهذا المتعة المتبادلة تقوِّي رابطة الحب بينهما وتقلل من احتمالات الاستسلام لإغراء تجربة الزنا التي قد تأتي نتيجة طول فترة الابتعاد.
“لَا يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الْآخَرَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لَا يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ.” (كورنثوس الأولى 5:7)
عندما ينفصل الزوجان جسديًّا لفترة طويلة فإن زواجهما يتعرَّض للضغط وانحراف المسار. التواصل والعشرة يتعطلان، والعلاقة الحميمة يصعب الحفاظ عليها. وعلى كل زوجين أن يصليا طلبًا للحكمة والنعمة من الرَّب حتى يستطيعا مواجهة أي تجربة يمكن أن تقع في وقت الابتعاد. أغلب الأزواج بالطبع يختبرون الابتعاد لفترات مؤقتة.
الابتعاد المؤقت: يضطر العديد من الأزواج إلى الابتعاد عن بعضهما البعض من 10-12 ساعة يوميًّا بحُكم ظروف العمل. في المناطق الزراعية تكون ظروف العمل مختلفة، حيث إن الزوج والزوجة يعملان معًا في حقلهما الذي غالبًا ما يكون قريبًا من محل إقامتهما. ولكن في البيئة الصناعية والبيئة التي يقوم اقتصادها على الصناعات التكنولو<ـية يضطر كل طرف إلى البقاء في مكان العمل من 8-10 ساعات في الْيَوْمَ بالإضافة إلى الوقت الذي يقضونه في الطريق ذهابًا وعودة. لدرجة أنَّه من الممكن أن يقضي الشخص وقتًا مع زميل العمل أكثر مما يقضي مع شريك الحياة، مما يفتح الباب واسعًا أمام التقارب والانجذاب التدريجي الذي قد يفضي في النهاية إلى كارثة. كما أن نسبة الخطر تزداد في الحالات التي يكون فيها سَفَر أحد الطرفين متكررًا وطويل الأمد، هذا يضاعف من احتمالات السقوط وبالتالي يستوجب انتباهًا خاصًا ومعونة من عند الرب.
الابتعاد طويل الأمد: هناك بعض الوظائف تفرض على الشخص السفر لفترات طويلة، ونفس الأمر مع الذين يؤدُّون الخدمة العسكرية، كما أن بعض البلاد الفقيرة يضطر العديد من سكانها إلى السفر إلى بلاد أخرى بحثًا عن دخل أفضل للأسرة. وهذا الوضع يستدعي من الطرفين وضع خطة للتواصل، كما يستدعي طلب نعمة خاصة من الرَّب حتى يستطيع الإنسان أن يسيِّر حياته بطريقة تمجِّد الرَّب وتحترم عهد الزواج. على كل زوجين يهدفان إلى الوحدة مع بعضهما البعض ومع الرَّب ألَّا يَدَعَا الابتعاد سواء كان قصير الأمد أو طويل الأمد أن يقودهما إلى عدم الأمانة أو إلى التخلي بعضهما عن بعض.
كان أوريا الْحِثِّي مثالًا رائعًا للزوج المخلص حتى في أوقات الابتعاد عن زوجته. كان أوريا جنديًّا في جيش الملك داود. وأثناء وجوده في جبهة القتال سقط دَاوُدَ في خطية الزنا مع زوجته بثشبع. وحينما اكتشف دَاوُدَ أنَّها قد حبلت أرسل إلى أوريا يستدعيه بحجة الاستفسار منه عن أحوال الجيش. ولكن في الحقيقة كان دَاوُدَ يخطط حتى يذهب أوريا لزيارة زوجته، وبالتالي يحدث بينهما لقاء جنسي تتم من خلاله تغطية خطية دَاوُدَ.ولكن أوريا كان رجلًا ذَا مبدأ، فقد رفض أن يذهب إلى بيته لكي يأكل ويشرب ويضاجع زوجته في الوقت الذي تحترق فيه أعصاب إخوته على جبهة القتال بصحبة تابوت الرَّب (راجع صموئيل الثاني 11:11).
إنَّنا كمؤمنين نُدعى عروس المسيح، وإيماننا به هو أساس الخطبة، ونحن الآن منفصلون عنه بالعيان، لأنه ذهب ليعدّ لنا مكانًا، ولكن في أثناء فترة الابتعاد هذه لا يكفّ عن الصلاة لأجلنا وعن إرسال كلمات الحب المشجِّعة إلينا من خلال المكتوب. إن توقعنا البهيج للاجتماع به ثانية وإيماننا بأن الاتحاد التام به والشركة الكاملة معه ستأتي قريبًا وتدوم إلى الأبد في بيت الآب، هو ما يعطينا القوة والقدرة على العيش بأمانة وطهارة إلى أن يعود.
تدعونا كلمة الرَّب لأن نكون أمناء في فترة الانفصال إكرامًا للعهد، وواجدين متعة في انتظار الاتحاد بالرب عن قريب.

سابعًا، أسلوب الإنفاق يمكن أن يؤدي إلى كسر الوحدة بين الزوجين
هناك مَثَل شهير يقول: [في الزواج تتجاذب المتناقضات”. بالنسبة للمال تكون المتناقضات هي: [شخص مبذِّر] و[شخص حريص]. تُوجد بعض الصعوبة في فهم موافقة بعض الأشخاص الحريصين ماليًّا على الارتباط بأشخاص مبذرين، ولكن يمكن تفهم موافقة المبذر على الارتباط بشخص حريص. إن الإدارة الحكيمة للأمور المالية هامة جدًا ليست فقط للفرد أو الأسرة ولكنها هامة أيضًا من حيث طاعة الرب. ففي واحد من أمثاله أعلن يسوع بشكل واضح أن كل ما نمتلكه يخصّه هو، ونحن لسنا في الحقيقة أكثر من وكلاء استأمنهم على إدارة هذه الممتلكات.
[وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالْأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.” (متى 19:25-21)
كمؤمنين علينا أن نكون أمناء فيما أقامنا الرب. وللحفاظ على الوحدة المالية يجب علينا أن نتبع القواعد الكتابية، فكل زوجين مطالبين بإدارة ما لديهما، بعض الأسر ستكون مسئولة عن إدارة خمسين ألفًا في السنة، وأخرى ستكون مسئولة إدارة خمسمائة ألف، بغضِّ النظر عن المبلغ فإن هناك ثلاثة أشياء رئيسية يمكننا القيام بها هي: الادِّخار، والإنفاق، والعطاء. الزوجان اللذان يريدان الارتقاء بوحدتهما مع الرَّب ومع بعضهما البعض عليها أن يطبِّقا المبادئ الكتابية على أسلوب تصرفهما في دخلهما، وعليهما أن يبحثا في كلمة الله؛ وفِي روح الصلاة يضعان ميزانية يديران بها أموالهما.
كلمة الله تعلِّمنا أنَّنا لا نستطيع أن نخدم الله والمال (متى 24:6)

ضعها في قلبك
ما هي العقبات الأخرى الموجودة في طريق الحياة والتي يمكن أن تؤثر سلبًا على الوحدة بين الزوجين؟
كيف تؤثر هذه العقبات سلبًا على زواجك؟
قيِّم درجة تأثير كل واحدة من هذه المؤثرات على حياتك. ضع رقم :
1) لا تأثير مطلقًا؛ 2) أحيانًا؛ 3) تؤثر بشكل متكرر؛ 4) تأثير بالغ. اقض وقتًا مع شريك حياتك في مناقشة تلك المشكلات والحلول المقترحة لها.
وحدّد التاريخ الآن ---------
الأنانية
المجتمع
الألم
النجاح
الجنس
الانفصال
الإنفاق

 


الفصل الثالث
ما هو قصد الله من الزواج؟

مقدمة
إنَّ تحقيق قصد الله من الزواج ينبغي أن يكون هو الهدف الأساسي لكل زوجين. إنَّ تبنِّي مقاصد الله يأتي على حياتنا بالكثير من الثمار المباركة زمنيًّا وأبديًّا، أولها: أنَّ الله نفسه الذي أعطانا الزواج كهبة يسعد بهذا الزواج. إنَّ الطاعة دائمًا تفضي إلى البركة في هذه الحياة، وإلى مكافآت من الرَّب في الحياة الآتية. حينما نكون في حالة من التناغم مع مقاصد الله لزواجنا نحصد فرحًا واكتمالًا لشخصياتنا، ثالثًا: يؤدي سعينا إلى تتميم مشيئة الله في زواجنا إلى توفير حياة كريمة ومشبعة لأطفالنا، وأخيرًا فإن زيجات المؤمنين الناجحة تُعد شهادة حية للعالم الضائع تثبت له وجود الله غير المنظور عندما نحقق محبته ومشيئته في حياتنا.

الغرض الأول: على الزوج والزوجة أن يعكسا العلاقة التي تربط المسيح بالكنيسة

أ- على الزوج أن يرسم صورة لمحبة المسيح للكنيسة
“أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِهَا.” ( أفسس 25:5)
سيأتي عرض وافٍ لدور الرجل تحت عنوان [النموذج الإلهي للزواج]. علينا أن نلاحظ أن محبة الرجل لها مقياس سماوي. فالكتاب لم يقل: أحب زوجتك كم يحب جارك زوجته، ولَم يقل: تحب امرأتك كما كان أبوك يحب أمك. ولكنه يقول: تحب امرأتك كما أحب المسيح الكنيسة وقام بالتضحية من أجلها. بالطبع لا يمكن للأزواج أن يحبوا كما أحب المسيح إلَّا بمعونة إلهية. إنَّه حب سِمَته الأساسية هي “العطاء”، أو [البذل” وقد عرَّف أحدهم المحبة المسيحية لشريك الحياة فقال: “هو التزام تام بالسعي إلى تحقيق كل الخير الذي يريده الله للطرف الآخر على أكمل وجه]. وفِي الفصل القادم [قوَّة الله للزواج] سوف نكتشف المعونة الإلهية التي يحتاجها الزوج حتى يستطيع أن يحب بهذا الشكل.
ب- على الزوجة أن ترسم صورة الكنيسة في خضوعها للمسيح
“أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ.” (أفسس 22:5)
وسيكون هناك عرض تام لدور الزوجة في فصل [النموذج الإلهي للزواج] ولكن الآن علينا أن نلاحظ أن خضوع الزوجة له بُعدان: بُعد عملي وبُعْد روحي.أما البُعد العملي فهو يعلن عن حقيقة أن الزواج هو مؤسسة صغيرة لها قائد معيّن، والترتيب الإلهي هو أن يكون زمام القيادة في يد الزوج، فحينما تخضع الزوجة لزوجها فإنَّها بذلك تظهر احترامها للقائد الذي اختاره الله بأن تخضع بإرادتها للسلطة المخوَّلة له. أما البُعد الروحي فإن الزوجة بخضوعها للزوج فهي تعكس نموذج الخضوع الذي يفترض أن تظهره عروس المسيح (الكنيسة) للعريس. الخضوع من المرأة يعبِّر عن احترام السلطة المعطاة من الله للرجل، واحترام التصميم الإلهي للزواج. والخضوع حسب المفهوم الكتابي ليس استجابة من المرأة لضغط يمارسه الزوج عليها، ولكنه فعل إرادي تقوم به من منطلق الطاعة والخضوع للرب. وواضح أن الزوجات أيضًا في حاجة إلى معونة إلهية حتى يستطعن أن يكن خاضعات لأزواجهن.(كل هذا سوف نناقشه في الفصل المعنون: [قوة الله للزواج]).
الكلمة المفتاحية الأولى هي: انعكاس


الغرض الثاني: على الزوج والزوجة أن يتجاوبا مع احتياجات بعضهما البعض
“وَأَخَذَ الرَّبُّ الْإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. وَأَوْصَى الرَّبُّ الْإِلهُ آدَمَ قَائِلًا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا، لِأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ». وَقَالَ الرَّبُّ الْإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ.» (تكوين ١٥:٢-١٨)
أ- على الزوج والزوجة أن يتجاوبا مع احتياجات بعضهما لبعض في طريق خدمة الرب
يصف الوحي حواء بأنَّها معين لآدم، وهذا يطرح علينا سؤالًا: في أي دائرة كان آدم يحتاج إلى المساعدة؟ إنَّ القول بأنه كان في حاجة للمساعدة على طاعة الرَّب هو مثار جدل، ولكن واضح أنَّها كانت معينة لآدم في عمله، ففي هذا التوقيت كان آدم مسئولًا عن الاعتناء بجنة عدن وحفظها، وكان دور حواء أن تساعده هو في هذا العمل. وكانت بذلك معينة وشريكة في السلطان والنفوذ اللذين وهبهما الرَّب للإنسان حتى يسود كل الخليقة. لقد كان آدم وزوجته بمثابة ملك وملكة متوجين على خليقة الله. لقد كانا الممثلين له، المعيّنين من قِبَلِهِ، المخلوقين على شبهه وصورته ليكونا مسئولين عن إدارة الأرض. إن المساعدة على العمل في كرم الرَّب يجب أن تكون لها أولوية عظيمة في حياة كل زوجين.
«فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ.» (1كورنثوس 31:10)
وحواء أيضًا توصف بأنها كانت معينة لآدم على العبادة. فقد كان آدم وحواء متسلطين على الخليقة ولكنهما كانا أيضًا تحت سلطة الله. والعبادة هي أن ننسب إلى الرب المجد والكرامة اللذين يستحقهما. وقد كان آدم وحواء يخدمان الرَّب في الجنة بطاعة كلمته. ونلاحظ أن كل الوصايا التي أوصى بها الرَّب آدم وحوّاء كانت إيجابية، مثل التسلُّط على الخليقة، والإثمار، وغيرها. وكانت هناك وصية واحدة سلبية هي عدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشر. وكان آدم وحوّاء معًا يخدمان الرَّب بكونهما عاملين معًا، وعابدين معًا. وعلى كل زوج وزوجة أن يقدِّما محبتهما للرب على محبتهما بعضهما لبعض. وكلما عاشا حياة الخدمة المضحيّة للرب زاد ارتباطهما وزادت وحدتهما بعضهما مع بعض.
ب- على الزوج والزوجة أن يتجاوبا مع احتياجات بعضهما البعض للرفقة
لقد حكم الله ذاته بأن آدم لديه مشكلة، فقد كان وحيدًا، وكان كائنًا علاقاتيًّا لا يجد من يدخل معه في علاقة. وبعد تسمية الحيوانات لم يجد له شبيهًا يستطيع أن يصفه بأنه لحم من لحمه وعظم من عظامه. وكان الحل الإلهي أن ألقى الرَّب عليه سباتًا وأخذ واحدًا من أضلاعه وخلق له منها حواء. وعندما رأي آدم حواء هتف: هذِهِ الْآنَ (أخيرًا) عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لِأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ.” (تكوين 32:2)
وصف الوحي حواء في سفر التكوين بأنها [المعين النظير] لآدم. الشخص الذي ينسجم ويتوافق معه. لقد صمَّم الله حواء لتحل مشكلة [وحدة] آدم، وفِي المقابل كان آدم حلًا لمشكلة [الوحدة لدى حواء]. لقد صمَّم الله الرجل والمرأة ليكونا رفيقين، وهذه الرفقة تعبِّر عن نفسها باتحاد روحي، وعاطفي، وجسدي في رباط يطلق عليه “الزواج”.
في كتاب بعنوان [احتياجاته واحتياجاتها] لويلارد هارلي قام الكاتب بلقاء عدد من الأزواج في الولايات المتحدة، وطرح على كل من الزوج والزوجة السؤال الآتي: ما هي الاحتياجات التي يريد كل طرف من شريك حياته أن يلبِّيها؟ ثم قام الكاتب بسرد الاحتياجات الخمسة الرئيسيّة للنساء، والاحتياجات الخمسة الرئيسيّة للرجال. وكانت الاحتياجات الخمسة الرئيسيّة للنساء هي: العاطفة، الحوار، الزوج يكون مصدر ثقة، الاستقرار المالي، والمساعدة في تربية الأطفال. وكانت احتياجات الرجال هي: الاحترام، الإشباع الجنسي، شريكة حياة مَرِحَة، سيدة منزل منظمة، زوجة تحافظ دائمًا على جمالها ومظهرها.

وقفة
برأيك ما هي الاحتياجات الخمسة الرئيسيّة لشريك حياتك؟
1- --------
2- --------
3- --------
4- --------
5- --------
ما هي الاحتياجات الخمسة الرئيسيّة التي تسعى إليها في زواجك؟
1- --------
2- --------
3- --------
4- --------
5- --------

ناقش إجاباتك مع شريك حياتك. ما هي التغييرات التي تحتاجها لتكون طريقة تلبيتك لاحتياجات شريك حياة أكثر فاعلية؟
الكلمة المفتاحية هنا هي التجاوب.

الهدف الثالث: على الزوج والزوجة أن يعملا معًا على تنشئة جيل يعرف الرب
“بَلْ كُنَّا مُتَرَفِّقِينَ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا تُرَبِّي الْمُرْضِعَةُ أَوْلَادَهَا.”
(تسالونيكي الأولى ٧:٢)
“أَنْتُمْ شُهُودٌ، وَاللهُ، كَيْفَ بِطَهَارَةٍ وَبِبِرّ وَبِلَا لَوْمٍ كُنَّا بَيْنَكُمْ أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ. كَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ كُنَّا نَعِظُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ كَالْأَبِ لِأَوْلَادِهِ، وَنُشَجِّعُكُم.”
(تسالونيكي الأولى ١٠:٢-١١)
في هاتين الآيتين يتحدث الرسول بولس عن محبته إلى أهل تسالونيكي وكيف أنَّها محبة شديدة الشبه بمحبة الأبوين. في كلماته نجد تذكيرًا جميلًا بالتوجه الذي يفترض أن يكون عند الأبوين تجاه أبنائهما، نجد الحنان ونجد التوجيه والتعليم، نجد المحبة والدفء مقترنان بإيصال الحق. بكلمات أخرى، يحتاج الأولاد إلى علاقة مفعمة بالحب من الأبوين كأساس للاحترام والانفتاح على التوجيه. لقد خلق الله الرجل والمرأة ليشكّلا معًا بالأبوة والأمومة اكتمال الوالدية.
هناك ثلاثة مصطلحات تخص إنجاب الأطفال وتربيتهم هم: الاستقبال بشكر، التربية في الرب، الإطلاق للمستقبل.

المرحلة الأولى: الاستقبال
على كل زوجين أن يستقبلا ويرحبا بأطفالهما كهبة من الرَّب.
“هُوَذَا الْبَنُونَ مِيرَاثٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، ثَمَرَةُ الْبَطْنِ أُجْرَةٌ.” (مزمور 3:127)
الأطفال هبة من عند الرَّب حتى ولو كانوا في بعض الأحيان يمثلون عبئًا على الوالدين. فمن أي جهة هم بركة من الرب؟ من جهات كثيرة على كل حال، إنَّهم يعكسون شبهنا، وقد صمَّمهم الله حتى يستقبلوا محبتنا ويردّوا عليها بالمثل.

المرحلة الثانية: التربية للرب
الأب والأم مطالبان بتربية أولادهما حتى يعرفوا الرَّب ويحبوه.
وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ.
(أفسس 4:6)
المرحلة الثالثة: الإطلاق
“لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.”
(تكوين ٢٤:٢)
يجب على الوالدين إطلاق سراح أولادهم نحو البلوغ
إنَّ إطلاق الابن الناضج أمر مهم جدًّا لتطوره من جهة علاقتين مهمتين جدًّا في حياته؛ علاقته بالرب أولًا وعلاقته بشريك الحياة في المستقبل. فإطلاق الابن يعطي له الفرصة حتى يختبر الاتِّكال الصحي على الرَّب بنفسه، فالاستقلال سوف يدفعه لتعلم الإيمان والثقة في الرَّب ليسدد احتياجاته بدلًا من الأب والأم، كذلك يساعد الاستقلال الأولاد المتزوجين حديثًا على أن يكونا عونًا لبعضهما البعض بدلًا من أسرتيهما. إنَّ الأسرة التي تحاول أن تتمسك بِالابْن الناضج هي في الحقيقة تدفعه للابتعاد عنها.
عندما يتم إطلاق الأولاد ماليًّا، وعاطفيًّا، وروحيًّا ينتفي مبدأ الاعتمادية على الوالدين. ومن هذا المنطلق تنشأ عَلى المدى البعيد علاقة صحية تخلو من أي استياء يأتي من جهة الأبناء أو تدخُّل من الأباء في حياة الأبناء.

وقفة
ما هي مقاصد الله الثلاثة من الزواج؟
الكلمات المفتاحية:

ا- انعكاس
ب- تجاوب
ج- تربية

ما هي الكلمات المفتاحية التي تصف المساندة المتبادلة بين الزوج والزوجة؟

1- شريك في العمل
2- شريك في العبادة
3- مرافقة
4- والدية

 


الفصل الرابع
ما هي قوة الله للزواج؟

في ثقافات كثيرة أصبحت مؤسسة الزواج مهدَّدة بشكل كبير. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال خمسين بالمائة على الأقل من الزيجات التي تمت عام 2012 انتهت بالطلاق. كما أنَّ الأغلبية ممن هُم في سنِّ الزواج يفضّلون العلاقة غير الرسمية على علاقة الزواج. بالإضافة إلى أنَّ سبعين بالمائة من الأطفال يولدون الآن خارج إطار الزواج.
أما بالنسبة للمتزوجين فالكثير منهم يعترف أنَّه لا يشعر بالسعادة ولكنه مستمر في علاقة الزواج فقط لأسباب ثقافية، أو مالية، أو دينية.
فما الذي جعل الشيء الذي قصد الله أن يكون هبة حلوة منه يتحوَّل إلى عبء ثقيل يضجّ منه الناس؟ للإجابة على هذا السؤال يحتاج المرء إلى زيارة لجنة عدن، حيث المكان الذي تمت فيه أول زيجة في التاريخ.
“وَأَخَذَ الرَّبُّ الْإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ.” (تكوين ١٥:٢)
لقد بدأ الزواج في جنة عدن نموذجيًّا، ثم تحول إلى محنة تحتاج إلى ترتيب جديد

أولًا، في البداية بدأ الزواج نموذجيًّا
(بمعنى أنه كان كاملًا وممتازًا)
عَكَس آدم وحواء صورة للزواج تتميز بالكمال والمثالية
أ- في البدء عكس آدم وحواء صورة الله بشكل تام
“فَخَلَقَ اللهُ الْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.” (تكوين ٢٧:١)
كان زواج آدم وحواء كاملًا لأنهما كانا كاملين أدبيًّا وأخلاقيًّا، لقد كانت محبتهما لبعضهما ثابتة، وكانا يخدمان بعضهما بطريقة مضحّية. كانا يتحدثان دائمًا بكلمات طيبة ومشجعة، لقد اختبرا وحدة كاملة مع بعضهما البعض كما اختبرا شركة كاملة مع الله.
ب- في البدء أطاع آدم وحواء الرَّب بشكل كامل
“وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الْأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ.»” (تكوين ٢٨:١)
“وَأَخَذَ الرَّبُّ الْإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا.”
(تكوين ١٥:٢)
لقد وضع الله على عاتق آدم وحواء مسئولية تعظيم مواردهما وإمكانياتهما. كان عليهما أن يقوما بتنمية قدرتهما الإنجابية بملء الأرض من النسل. كان عليهما أن يديرا الموارد الطبيعية ويسودا على الخليقة الأرضية. وكان عليهما أن يُخضعا الحيوانات. ربما يشير إخضاع الحيوانات إلى ترويضها لأجل العمل، وهكذا نمُّو قدراتهما. فلاحة الجنة تشير إلى الجنة كانت في حاجة إلى الرعاية والاهتمام، وأنَّ بإمكان آدم وحواء أن ينمِّيا قدراتهما عن طريق العناية بالنباتات التي فيها.
“وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا.” (أي مثالي) (تكوين ٣١:١)
ج- في البدء استقبل آدم حواء بحماس
“وَبَنَى الرَّبُّ الْإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. فَقَالَ آدَمُ: «هذِهِ الْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لِأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ».” (تكوين ٢٢:٢-٢٣)
قبل أن يخلق الله حواء سمح أن يسمي آدم الحيوانات. بإمكاننا أن نفترض أنَّهم أتوا إلى آدم زوجين زوجين ذكرًا وأنثى. كل حيوان معه رفيقة الذي ينسجم معه من حيث الهيكل العظمي والنسيج اللحمي. ربما في أثناء مرورهم عليه بدأ ينمو بداخله الشعور بالوحدة. كان لكل واحد من هذه الكائنات أليف يشبهه، أما هو فلم يجد لنفسه شبيهًا. لنا أن نتخيل كم الفرح الذي شَعَرَ به آدم عندما رأى حواء. “فَقَالَ آدَمُ: «هذِهِ الْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لِأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ.»” (تكوين 23:2)
هذه هي الكلمات الأولى المسجلة للإنسان الأول آدم تعبِّر كلماته عن الإثارة، والحيوية، والرَّجاء. في الأصل العبري تأتي كلمة (هذه) ثلاث مرات: -1 (هذه الآن) -2 (هذه تُدعى) -3 (هذه من امرء). بكلمات أخرى: هذه هي التي كنت أتمنى أن أعثر عليها. وفِي العبرية يعني تعبير (هذه الآن) أنَّها أتت الآن بعد انتظار طويل. لا شك أنَّ آدم استقبل حواء بفيضان من الإثارة، وأنَّه رأى فيها الشريك الكامل له. في البدء كان الزواج الأول زواجًا (مثاليًّا).

ثانيًا، الزواج يتحوّل إلى محنة
خطية آدم وحواء شوَّهت لوحة الزواج الجميلة
أ- لقد أعدَّ الله اختبارًا ليمتحن به ولاء آدم وحواء وخضوعهما له
“وَأَخَذَ الرَّبُّ الْإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. وَأَوْصَى الرَّبُّ الْإِلهُ آدَمَ قَائِلًا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا، لِأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».”
(تكوين ١٥:٢-١٧)
كان الامتحان هو أمر بالامتناع عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر.
لم يكن هذا الامتحان يمنعهم عن الأكل من جميع شجر الجنة.
كان هذا الامتحان بمثابة التذكير لآدم وحواء بأنَّهما خاضعان لسلطة أعلى. هي سلطة خالقهما.
كان هذا الامتحان بمثابة التذكير لآدم وحواء بأن الله هو مصدر حياتهما، ومصدر كل البركات التي يتمتعان بها.
كان الموت هو النتيجة الحتمية للفشل في هذا الامتحان.
كان هذا الامتحان يتطلب إِيمَانًا مطيعًا يؤدي إلى الحياة الأبدية.
ب- رسب آدم وحواء في الامتحان الإلهي
“وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الْإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لَا تَأْكُلَا مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لَا تَأْكُلَا مِنْهُ وَلَا تَمَسَّاهُ لِئَلَّا تَمُوتَا». فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلَانِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلْأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ.” ( تكوين ١:٣-٦)
ج- تحذير الله من دخول الموت
الموت هو الانفصال عن حياة الله. بعد الأكل من الشجرة المحرَّمة دخل الموت. انفصل آدم وحواء على الفور عن الحياة التي وهبهما الله إيَّاها. انفصلا عن حياة القداسة الشخصية. انفصلا على الفور عن حياة الشركة الكاملة مع الله. وانفصلا على الفور عن حياة الزواج الكامل. انفصلا آدم وحواء على الفور عن حياة الوجود الأبدي على الأرض كنائبين عن الله للإشراف على الخليقة.
د- تسبب “الموت” الناتج عن العصيان في نتائج مدمرة
١- الخجل
بدأ آدم وحواء يشعران بالخجل مع بعضهما البعض، الأمرالذي لم يكن موجودًا من قبل.
“فانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لِأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ.” (تكوين ٧:٣)
بدأ آدم وحواء يشعران بالخجل تجاه خالقهما.
“وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الْإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الْإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. فَنَادَى الرَّبُّ الْإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لِأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لَا تَأْكُلَ مِنْهَا؟» (تكوين ٨:٣-١١)
٢- اللوم
بدأ آدم يلقي باللوم على امرأته التي أعطاه الله إياها.
“فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ.»
(تكوين ١٢:٣)
وراحت حواء تلقي باللوم بدورها على الحية التي خلقها الله.
“فَقَالَ الرَّبُّ الْإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ.» (تكوين ١٣:٣)
٣- الألم
أصبح على حواء أن تختبر الألم في الحمل والولادة
“وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلَادًا.”
(تكوين ١٦:٣)
وأصبح محتومًا أن يختبرا الألم في زواجهما
“وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ.” (تكوين ١٦:٣)
اختلف مفسرو الكتاب المقدَّس حول مغزى العقاب الذي يحتوي عليه هذا الجزء. ويرى كاتب هذه السطور أنَّ الآية تحتوي على عقاب مزدوج لحواء، الجزء الأول يخص عملية الإنجاب وما سوف يصاحبها من ألم ومعاناة، أما الجزء الثاني فيخص علاقتها بزوجها ومفتاح فهمه كلمة “اشتياق”، فحواء بعد السقوط ستكون لديها رغبة ملحة (اشتياق) لتسود على آدم، ولكن النتيجة لن تكون كذلك، فهو الذي سيسود عليها. بكلمات أخرى سيشهد الزواج صراعًا على السلطة بين الزوجين، ولكن السيادة ستكون بيد الرجل في الزواج.
جدير بالذكر هنا أن كثيرين من غير المؤمنين يسيئون استخدام تلك السلطة ويعاملون زوجاتهم بطريقة تخلو من المحبَّة، وتتميز بالعنف والقسوة، وهذا أمر مؤسف حقًّا.
وأصبح على آدم أن يختبر الألم في سبيل الحصول على الخبز.
“وَقَالَ لِآدَمَ: «لِأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لَا تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الْأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا.” (تكوين ١٧:٣-١٩)
لن تكون الأرض فيما بعد متعاونة مع الإنسان. بل أصبح عليه أن يتعب حتى يتغلَّب على الشوك والحسك اللذين سوف يزاحمان ما يزرعه. سيتطلب إحضار الخبز للمائدة من الآن عَرَقًا ودموعًا. لقد كانت عدن قبل السقوط تجود بأشهى الثمار مجانًا ودون حدود. ما كان عليه سوى تشذيب الشجر والتقاط الثمر. من الآن ستصبح الأرض شريكًا معاندًا للإنسان طوال حياته.
بدءًا من الآن سوف يختبر آدم وحواء الموت الجسدي.
“حَتَّى تَعُودَ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لِأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ.»
( تكوين ١٦:٣)
سوف يختبر آدم وحواء معاناة وألمًا أثناء ممارسة الوالدية
“وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَسَقَطَ وَجْهُهُ. فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟ إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلَا رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا». وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ.” (تكوين ٥:٤-٨)

الخلاصة: [أجرة الخطية هي موت.]

ثالثًا، من خلال الإيمان بالمسيح فقط يمكن استعادة ما ضيّعه السقوط، وترميم ما دمَّرته الخطية
يمكن للوحة الزواج الجميلة أن تستعيد تألقها من خلال الإيمان بيسوع المسيح وقوة الروح القدس
أ- أعلن الله مسبقًا عن الشخص الذي سيبطل اللعنة التي حلَّت على الجنس البشري بسبب الخطية
“فَقَالَ الرَّبُّ الْإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لِأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ».” (تكوين ١٤:٣-١٥)
أعلن العهد الجديد أن يسوع المسيح هو نسل المرأة الذي سيسحق رأس الحية ولعنتها.
«... أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ.» (1يوحنا 3:8)
يقول [زلذيتش] و[كيل] في تفسيرهما لسفر التكوين:
“إذا كان الوعد يكتمل في المسيح وحقيقة أن الانتصار على الحية سيأتي من خلال نسل المرأة لا الرجل، فإن ذلك يحمل دلالة عميقة جدًا، فكأن الترتيب الإلهي للخلاص هو أنه كما أتى السقوط في الخطية ثم الموت بعده من خلال المرأة بعدما خدعتها الحية، فإن الخلاص سيأتي من خلال المرأة أيضًا. فيأتي المخلِّص من امرأة عذراء دون أب بشري ليحمل الخطية عن الجنس البشري ويحقق الانتصار النهائي على الشيطان.”
ب- أعد الله الشخص الذي سيبطل لعنة الخطية
“وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الْأُمُورِ، إِذَا مَلَاكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لَا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لِأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ.» وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.]”
(متى ٢٠:١-٢٣)
“وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالْأَنْبِيَاءِ، بِرُّ اللهِ بِالْإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالْإِيمَانِ بِدَمِهِ، لِإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. لِإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ بِيَسُوعَ.” (رومية ٣:٢١-٢٦)
ج- وعد الله بإبطال اللعنة عن كل من يضع إيمانه في المسيح يسوع
“لِأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ.” (يوحنا ١٦:٣)
-1 من خلال يسوع المسيح يمكن لنا أن نتحرَّرمن عقوبة الخطية.
“إِذًا لَا شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الْآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. لِأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ.” (رومية ١:٨-٢)
-2 من خلال يسوع المسيح يمكن لنا أن نتحرَّر من قوة الخطية.
“إِذًا لَا تَمْلِكَنَّ الْخَطِيَّةُ فِي جَسَدِكُمُ الْمَائِتِ لِكَيْ تُطِيعُوهَا فِي شَهَوَاتِهِ، وَلَا تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلَاتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ للهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ الْأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلَاتِ بِرّ للهِ.” ( رومية ١٢:٦-١٣)
-3 من خلال يسوع المسيح يمكننا أن نتحرَّر من حضور الخطية.
تحدث الرَّب يسوع إلى تلاميذه وأعطاهم هذا الوعد:
“فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلَّا فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا.” (يوحنا ٢:١٤-٣)

رابعًا، من خلال يسوع المسيح أصبح بإمكاننا أن نحصل بالإيمان على احتياجنا الشخصي للغفران
أ- أن يضع الإنسان إيمانه في الرَّب يسوع المسيح؛ هذا قرار شخصي
“وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلَادَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلَا مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلَا مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ.” (يوحنا ١٢:١-١٣)
ب- أن تضع إيمانك في الرَّب يسوع المسيح يعني أنَّك تثق في عمله هو وليس عملك أنت
“لِأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِا\لْإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلَا يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.” (أفسس ٨:٢-٩)
ج- أن تضع تضع إيمانك بالرب يسوع المسيح يعني الإقرار بأنه هو الطريق للخلاص
“لِأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رومية 23:6)
“قَالَ لَهُ يَسُوعُ: [أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الْآبِ إِلَّا بِي.]” (يوحنا ٦:١٤)
أن تضع إيمانك في يسوع يعني أيضًا أن تقبل الإنجيل على أنَّه الحق.
“وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ بِالْإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، وَبِهِ أَيْضًا تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلَامٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلَّا إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثًا! فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الْأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ.” (كورنثوس الأولى ١:١٥-٤)

وقفة
إن لم تكن قد قبلت الرَّب يسوع مخلِّصًا شخصيًّا لحياتك وتريد الآن أن ترجع إليه وتطلب منه أن يهبك غفرانًا لخطاياك ويعطيك ضمان الحياة الجديدة، يمكنك أن تفعل ذلك الآن من خلال صلاة إيمان بسيطة.
[ربَّنا يسوع المسيح، أشكرك لأنك قد مُتَّ على الصليب بدلًا مني. أعترف يا رب بأنني خاطيء لا أستحق نعمتك. أثق يا رب أنَّك دفعت أجرة خطاياي بموتك. أثق أنَّك تستطيع أن تعطيني الغفران، والحياة الجديدة بقوة قيامتك. يا رب يسوع ارحمني أنا الخاطئ وسامحني على كل خطاياي التي اقترفتها ضدك. يا رب هبني حياة أبدية بواسطة سُكْنَى روحك في داخلي. أشكرك يا رب يسوع. آمين.]
كأبناء للرب نحن في حاجة إلى غذاء روحي وإلى التدريب حتى ننمو أصحَّاء. كلمة الرَّب هي غذاؤنا، وعمل الرَّب هو ساحة التدريب بالنسبة لنا. يقول الكتاب في رسالة يعقوب: “إيمان بدون أعمال ميّت. ” (يعقوب 26:2) لذلك نحن بحاجة إلى التغذي على كلمة الرَّب وطاعة وصاياه. وفِي أثناء السماع والطاعة نحن نتغيَّر بالتدريج لنكون أكثر شبهًا بالرب يسوع المسيح. وفي أثناء نمونا إلى شبه الرَّب يسوع المسيح سوف نرى نموًّا في وحدتنا الزوجية. إن محبة الله الطاهرة الموصوفة في الأصحاح 13 من رسالة كورنثوس الأولى أصبح في مقدورنا أن نحياها من خلال الامتلاء بالروح القدس. والمخطط التالي قد يساعدك على دراسة كلمة الرَّب بطريقة فعالة.

-1 صَلِّ دائمًا قبل أن تبدأ دراستك للكلمة ليعطيك الرَّب معونة ويعطيك بصيرة لتفهم كلمته.
-2 اقرأ أكثر من مقطع، واقرأ بترتيب. إذا كنت في بداية إيمانك يمكنك أن تبدأ بقراءة إنجيل يوحنا أو رسالة أفسس.
-3 يمكنك إعادة القراءة حتى تشعر أن هناك آية معينة يريدك الروح القدس أن تركز عليها حيث يريد الرَّب أن يكلمك من خلالها بخصوص احتياج معيّن، أو يريدك أن تتأمل الحق المعلن من خلالها.
-4 انسخ تلك الآية على ورقة مستقلة واقضِ وقتًا في تأملها، اكتبها بخط يدك أكثر من مرة، واكتب المعنى الذي تحمله الآية بكلماتك الخاصة.
-5 اكتب بخط يدك تطبيقًا للآية التي قضيت وقتًا في تأملها. قد يركز التطبيق الذي سوف تكتبه على جانب واحد أو جوانب مختلفة من كلمة الله. قد يركز على “وعد لتعلن إيمانك به” أو “وصية لتطيعها” أو “خطية لتعترف بها” أو “طبيعة في الرَّب تدعوك للتسبيح” أو “صلاة لتصليها”.
-6 اطلب من الرَّب أن يساعدك على أن تحيا ما قد تعلّمته من الكلمة.
-7 أخبِر شخصًا بما قد استفدته من الكلمة مشجعًا إياه بها.
لتكن كلمة الرَّب هي “الخبز اليومي” لروحك.

خامسًا، الروح القدس الساكن فينا هو الذي يمدنا بالقوة الكافية لنعيش الحياة الجديدة

أ- لأن الروح القدس هو أحد أقانيم اللاهوت الثلاثة
المساواة بين الأقانيم الثلاثة تظهر بوضوح عن طريق (الاسم) الذي يُعلن أثناء المعمودية.
“فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الْأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الْآب وَالْابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.”
(متى 19:28)
ب- الروح القدس مُرسل من السماء ليفعِّل فينا تلك الحياة الجديدة في المسيح
“وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الْآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الْأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ وَلَا يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لِأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ.” (يوحنا ١٦:١٤-١٧)
الروح القدس يعمل في المؤمنين على الأرض إلى اللحظة التي يجتمعون فيها مع الرَّب في السماء.
فهو يدعى “معينًا”.
ويدعى “روح الحق”.
وهو يبقى مع المؤمنين إلى الأبد.
وهو يسكن في كل مؤمن.
ج- الروح القدس هو المصدر الذي يمدّنا بالقوة اللازمة حتى نستطيع أن نحيا بالشكل الذي يرضي الرب
لقد وعد يسوع تلاميذه بأن يرسل لهم “الآخر” الذي سيمدهم بالقوة ليقوموا بالعمل الذي يريده منهم ويتمِّموا مشيئته على الأرض.
“... لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الْأَرْضِ.»
(أعمال الرسل ٨:١)
تأمل الفرق بين الدراجة الهوائية والدراجة النارية. الدراجة الهوائية لكي تسير تتطلب منا مجهودًا بدنيًّا على حسب قدرتنا. أما الدراجة النارية فتعتمد على قوة محرِّكها. كذلك الحياة بقوة الروح القدس تمكِّننا من تتميم مشيئة الله، والعيش لمجد الله في المسيح بشكل أكثر اكتمالًا من الاعتماد على قوتنا الذاتية.
د- عدم الطاعة يُعدُّ تجاهلًا لقوة الروح القدس
-1 الروح القدس يحزن بسبب عدم الطاعة.
“وَلَا تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ.”
(أفسس ٣٠:٤)
-2 الروح القدس ينطفئ بسبب عدم الطاعة.
“لَا تُطْفِئُوا ا\لرُّوحَ.] (تسالونيكي الأولى ١٩:٥)
ه - الروح القدس ينطلق في جو الخضوع الإرادي
“فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لَا كَجُهَلَاءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لِأَنَّ الْأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لَا تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ. وَلَا تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلَاعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ، مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ.] (أفسس ١٥:٥-١٩)
الامتلاء بالروح القدس يتناقض تمامًا مع السُّكر بالخمر. عندما يسكر شخص ما فهو في هذه الحالة واقع تحت تأثير المادة التي تناولها. يقدِّم العالم الكثير من المشروبات، والمخدرات، وأنواع من الإدمان يمكن أن نُجرَّب بالانجرار إليها بحثًا عن سعادة مؤقتة. ولكن في حقيقة الأمر كل هذه تدمِّر أجسادنا، وأخلاقنا، وعلاقاتنا. التأثير الوحيد الذي يمكن أن نثق في سيطرته علينا هو تأثير الروح القدس. فهو كامل، ولا يأتي إلَّا بالأمور الجيدة للذين يعلنون ثقتهم فيه من خلال قراراتهم وسلوكياتهم في حياتهم اليومية.
و- الروح القدس هو مصدر السلوكيات والتوجهات التي تظهر الشبه بالمسيح
“وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلَا تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ.” (غلاطية ١٦:٥)
“وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلَامٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلَاحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الْأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. لَا نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا.] (غلاطية ٢٢:٥-٢٦)

ملخص

من خلال الإيمان بربنا يسوع المسيح نستطيع أن نتمِّم غرض الله لزواجنا.
“إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الْأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” (كورنثوس الأولى ١٧:٥)

-1 قوة الروح القدس تعطينا القدرة على أن نعكس علاقة المسيح بكنيسته من خلال زواجنا. “كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلَادٍ أَحِبَّاءَ.” (أفسس ١:٥)
-2 قوة الروح القدس تمكِّننا من التجاوب مع احتياجات بَعضنا البعض.
“وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً.” (أفسس ٢:٥)
-3 قوة الروح القدس تمكننا من تربية جيل يمجِّد الرب.
“وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْآبَاءُ، لَا تُغِيظُوا أَوْلَادَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ.” (أفسس ٤:٦)

المجموعة: كتب روحية