معرفة اعرف حال غنمك واجعل قلبك إلى قطعانك

عنوان هذه الرسالة آية من سفر الأمثال 23:27، والكلمات تتحدث إلى كل خادم أمين للمسيح وتقول له أمرين:

أولاً: معرفة اعرف حال غنمك

بين غنمك المريض، والمجروح، والمكسور، والمطرود، والضال، مسئوليتك أن تعرف حال كل واحد وكل واحدة من الرعية التي أقامك الله على رعايتها (اقرأ حزقيال 4:34).

المريض يحتاج إلى تقوية: "قوّموا الأيادي المسترخية والركب المخلّعة" (عبرانيين 12:12).

والمجروح يحتاج إلى أن تُعصب جروحه. كم من أشخاص مجروحين في رعيتك يحتاجون أن تُعصب جروحهم بتوجيه نظرهم إلى الرب؟ فهو وحده الذي يشفي الجروح "لأنه هو يجرح ويعصب. يسحق ويداه تشفيان" (أيوب 18:5).

والمكسور يحتاج أن تُجبر كسر قلبه، وهو بحاجة أن يتأكد أن الرب "يشفي المنكسري القلوب ويجبر كسرهم" (مزمور 3:147).

والمطرود يجب أن تستردّه.

والضال يجب أن تطلبه كما علمنا الرب "أي إنسان منكم له مئة خروف، وأضاع واحداً منها، ألا يترك التسعة والتسعين في البرية، ويذهب لأجل الضال حتى يجده؟" (لوقا 4:15).

فيا خادم الرب "معرفة اعرف حال غنمك"، وخصوصاً في هذا الزمن الذي تتضارب فيه الآراء، وتشتدّ رياح الشر، وتزداد الغواية.

ولكي تعرف حال أفراد رعيتك.. اقترب منهم.. واستمع لشكواهم.. واحفظ أسرارهم، وأكرر هذه العبارة: "إحفظ أسرارهم" لتكون موضع ثقتهم.

ثانياً: اجعل قلبك إلى قطعانك

هذا هو الجزء الثاني من هذه الوصية الذهبية.. أن تجعل قلبك إلى قطعانك.. والمثال الأعظم لرعاية القطيع هو ربنا يسوع المسيح الذي قالت النبوّة عنه: "كراعٍ يرعى قطيعه. بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها، ويقود المرضعات" (إشعياء 11:40). في القطيع خراف قوية.. وحملان.. ومرضعات.. وكل جماعة تحتاج لرعاية خاصة.

البالغون يحتاجون إلى طعام قوي، إذ "بسبب التمرّن قد صارت لهم الحواس مدرّبة على التمييز بين الخير والشر" (عبرانيين 14:5).

والحملان في حاجة إلى الدفء والحنان، ولذا فالراعي يحملها في حضنه.

والمرضعات تحتاج إلى القيادة لتعرف الطريق المستقيم الخالي من الأخطار.

الرعاية يا خادم المسيح مسئولية خطيرة تحتاج إلى حكمة سماوية، وقد قال لنا يعقوب في رسالته: "وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيّر، فسيُعطى له" (يعقوب 5:1).

قال الرب يسوع لبطرس بعد أن أقامه من سقطته المشينة: "يا سمعان بن يونا، أتحبني أكثر من هؤلاء؟ قال له: نعم يا رب أنت تعلم أني أحبك. قال له: ارعَ خرافي. قال له أيضاً ثانية: يا سمعان بن يونا، أتحبني؟ قال له: نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبك. قال له: ارعَ غنمي. قال له ثالثة: يا سمعان بن يونا، أتحبني؟ فحزن بطرس لأنه قال له ثالثة: أتحبني. فقال له: يا رب أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف أني أحبك. قال له يسوع: ارعَ غنمي" (يوحنا 15:21-17).

عليك أن تذكر جيداً أن الخراف ليست خرافك، بل هي خراف المسيح، وأن الغنم ليست غنمك بل هي غنم المسيح.

أنت راعي لهذه الخراف وهذه الأغنام.. ومن هنا فإن مسئوليتك أن تبحث عن المراعي الخضر، وعن مياه الراحة، وهذا يتطلب أن تدرس الكتاب المقدس يومياً بروح الصلاة، وتردد قبل قراءتك صلاة كاتب المزمور: "اكشف عن عينيّ فأرى عجائب من شريعتك" (مزمور 18:119)، وتثق في وعد الرب القائل: "ادعني فأجيبك وأخبرك بعظائم وعوائص لم تعرفها" (إرميا 3:33).

تأمل في كلمات الكتاب المقدس، وفكّر بعمق في معانيها، وميّز بين اللغة الحرفية، واللغة المجازية في هذه الآيات، واذكر كلمات يسوع لتلاميذه: "من أجل ذلك كل كاتب متعلّم في ملكوت السموات يشبه رجلاً رب بيت يخرج من كنزه جدداً وعتقاء" (متى 52:13).

لقد قدم لنا الكتاب المقدس المثال الأعظم للراعي الصالح:

"الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء. في مراع خضر يربضني. إلى مياه الراحة يوردني. يرد نفسي. يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه. أيضاً إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرّاً، لأنك أنت معي. عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقيّ. مسحت بالدهن رأسي. كأسي ريّا. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي، وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام" (مزمور 23).

عليك أن تتبع مثال الرب الذي قدّمه هذا المزمور لتقدّم لرعيتك حاجتها من الطعام الذي يسندهم في رحلة البرية.. وتقود رعيتك إلى مراعي كلمة الله الخضر.. وإلى مياه الراحة التي تروي ظمأهم.. وأن تقدم لهم المواعيد التي تسندهم وقت سيرهم في وادي ظل الموت.. وأن تؤكد لرعيتك أن هناك ملائكة خير ورحمة تتبع كل واحد منها.. وأن تعطي رعيتك المواعيد التي تؤكد لهم مصيرهم الأبدي وهو سكناهم في بيت الرب إلى مدى الأيام.

أختم بنفس الآية الذهبية التي بدأت بها:

"معرفة اعرف حال غنمك واجعل قلبك إلى قطعانك" وليبارك الرب خدمتك ويثمرها.

زميلك في الخدمة المقدسة،

القس لبيب ميخائيل

المجموعة: 2007