يهنّئ المسيحيون على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم بعضهم بعضًا في مناسبة عيد القيامة بالكلمات: "المسيح قام". ويرد السامع منهم قائلاً: "حقًا قام".
ويلفت نظر من يقرأ الأصحاح الأخير من البشائر الأربعة أن يرى بأن المسيح بعد أن قام من الأموات اهتم اهتمامًا كبيرًا بأن يؤكد لتلاميذه الذين ظهر لهم بعد قيامته، أنه هو نفسه الذي صُلب، ولم يأخذ مكانه شبيه على الصليب.

وتذكر البشائر أن شهود عيان حضروا مشهد الصلب، كما تذكر أن رسل المسيح تحققوا شخصيته بعد قيامته، وشهدوا بحقيقة قيامته وكثيرون منهم دفعوا حياتهم ثمنًا لشهادتهم.

أما شهود العيان الذين حضروا مشهد الصلب، فنقرأ عنهم: "وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية" (يوحنا 25:19).
مريم أم يسوع كانت بين النساء اللواتي شاهدن صلبه، فهل خُدعت في معرفة حقيقة ذاك الذي صُلب، وقلب الأم لا يمكن أن يُخدع في مشهد كهذا؟
يوحنا التلميذ الذي كان يسوع يحبه كان واقفًا عند الصليب، واستودعه المسيح وهو على الصليب العناية بأمه، لأن إخوته حتى ساعة الصلب لم يكونوا يؤمنون به (يوحنا 5:7).
وقد شهد يوحنا بأمانة لحقيقة صلب المسيح. وكتب قائلاً: "والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم" (يوحنا 35:19).
فإذا لم يكن المسيح هو المصلوب بل شبيهًا له، فأي علاقة تربطه بيوحنا حتى يطلب منه العناية بأمه؟!
مع كل هؤلاء الشهود الذين حضروا الصلب، يظهر رجل اسمه "يوسف"، كان مشيرًا ورجلاً صالحًا، نقرأ عنه: "ولما كان المساء جاء رجل غني من الرامة اسمه يوسف، كان هو أيضًا تلميذًا ليسوع. فهذا تقدم إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع. فأمر بيلاطس حينئذ أن يُعطى الجسد. فأخذ يوسف الجسد ولفّه بكتان نقي، ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة، ثم دحرج حجرًا كبيرًا على باب القبر ومضى" (متى 57:27-60).
فهل خُدع يوسف الرامي في معرفة حقيقة المصلوب الذي لفّ جسده بكتان نقي ودفنه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخر؟
نعود مكررين نقطة جديرة بالتفكير، وهي اهتمام يسوع بعد قيامته أن يؤكد لتلاميذه المرة بعد الأخرى أنه هو الذي صلب على الصليب وليس شخصًا آخر شبيهًا به.
ظهر يسوع لتلاميذه وهم في العلية التي أغلقوا أبوابها لسبب الخوف من اليهود "ووقف في الوسط وقال لهم: سلام لكم. ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه. ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب" (يوحنا 19:20-20). بعد هذا ظهر لتوما، لأن توما لم يكن مع التلاميذ حين ظهر يسوع لهم، فلما أخبره التلاميذ أنهم رأوا الرب، قال لهم: "إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أومن" (يوحنا 25:20).
وظهر يسوع لتوما وهو مع التلاميذ "ثم قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا. أجاب توما وقال له: ربي وإلهي. قال له يسوع: لأنك رأيتني يا توما آمنت. طوبى للذين آمنوا ولم يروا" (يوحنا 27:20-29).
وظهر المسيح لتلاميذه مرة أخرى، فبعد أن رجع التلميذان اللذان التقيا بالمسيح وهما في طريقهما إلى قرية عمواس إلى أورشليم، وتقابلا مع بقية التلاميذ وأخبراهم بما حدث في الطريق. "وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: سَلاَمٌ لَكُمْ! فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحًا. فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي. وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ" (لوقا 36:24-39).
فهل بعد هذه البراهين الدامغة يمكن لإنسان يستخدم عقله أن يؤمن بكلمات القرآن "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم"؟
الإله القدوس، حاشا له أن يقوم بخدعة تغيير وجه المصلوب ليظن الذين رأوه أنه المسيح، وهو شبيه بالمسيح، ويترك أجيالاً من الناس في أوربا والشرق الأوسط وأجزاء شاسعة من العالم يؤمنون أن الذي صُلب هو المسيح. حاشا للإله القدوس أن يفعل هذا!
إن المسيح الذي صُلب على الصليب قام بعد ثلاثة أيام وثلاث ليال كما قال "هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" (متى 40:12).
وعلى هذا يمكننا القول بيقين بعد مقارنة ما جاء في بشائر متى 62:27، ومرقس 42:15، ولوقا 56:23، ويوحنا 31:19 أن المسيح لم يُصلب يوم الجمعة، بل صُلب يوم الأربعاء وبهذا بقي في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال، وبعد ثلاثة أيام وثلاث ليال... قام!
ولما قال قوم من الذي عاشوا في أيام بولس الرسول أن ليس قيامة أموات، رد عليهم بولس بالكلمات:
"وَلكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ، فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذًا الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضًا هَلَكُوا! إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ". (1كورنثوس 12:15-22)
فليهنّئ المؤمنون بالمسيح بكل قلوبهم بعضهم بعضًا مرددين: المسيح قام، حقًا قام!
زميلكم في الخدمة المقدسة
القس لبيب ميخائيل

المجموعة: 2014