أيلول - تشرين الأول Sep - Oct 2012

الدكتور وجيد جرجسقرأت كتابًا صغيرًا بعنوان "حياة الله في الإنسان"، كتبه شاب صغير كان راعيًا ومدرسًا للاهوت في جامعة في اسكتلاندا اسمه Henry Scpugal الذي عاش ثمانية وعشرين عامًا (1650-1678). كتاب رائع عن عمل الروح القدس وحياة الله في الإنسان. كتب هذا الكتاب - وهو عبارة عن رسالة إلى صديق من أصدقائه - يشرح له فيه عن عمل الله في المؤمن عندما يسلم حياته للمسيح ويملأ الله قلبه. هذا ما عبر به المرنم في مزمور 3:33  "غنوا له أغنية جديدة". والمرنم في هذا المزمور ينادي جميع الذين اختبروا عمل الله في حياتهم ويقول لهم: "اهتفوا... احمدوا الرب... رنموا له... غنوا له أغنية جديدة".
إن الشخص الذي اختبر الرب في حياته تكون حياته كلها مليئة بالفرح، والهتاف، والتسبيح، والترنيم، والشكر للرب الذي خلصه وأعطاه حياة أبدية في ابنه! إنها حياة متجددة كل يوم. "إنه من إحسانات الرب أننا لم نفن. لأن مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح" (مراثي إرميا 22:3-23). ففي كل يوم له اختبار جديد مع الرب وشركة جديدة. إنها ليست حياة خاملة بل منطلقة بانطلاق الروح القدس الذي يقودها.
كانت رسالة الرب إلى ملاك كنيسة أفسس رسالة لوم على برودته الروحية وتركه محبته الأولى إذ قال: "ولكن عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى" (رؤيا 4:2). فحياة المؤمن متجددة كل يوم وكل صباح.
قال الرسول بولس:
"مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" (غلاطية 20:2).
فالديانة الحقيقية هي أن أدرك باستمرار مدى محبة الله لي. إنها محبة متجددة وعهد جديد كل صباح - غنوا له أغنية جديدة - وهي أيضًا معرفة حقيقية لنعمة الله ومحبته وأمانته التي تولّد الرجاء في نفس المؤمن.
إن عدم الإيمان أو ضعفه يجعلاننا ننظر إلى الله من خلال ظروفنا وآلامنا ونفقد الأمل. لكننا بالإيمان نرى ظروفنا من خلال حقيقة الله نفسه وهذا يعطينا الطمأنينة والرجاء. قال المرنم في مزمور 9:33 "لأنه قال فكان. هو أمر فصار". وفي مراثي إرميا 37:3 "من ذا الذي يقول فيكون والرب لم يأمر". فالمؤمن الحقيقي إذ يعلم أنه دائمًا في يد الله - وأنه ضمن إرادته بالرغم من الظروف التي تحيط به - يمتلئ قلبه بالطمأنينة.

أولاً: تذكر وعود الرب وإحساناته لك

تذكر إرميا النبي كيف تحوّل من مذلته بعيدًا عن الرب إلى مراحم الرب وإحساناته له حيث قال: "ذِكْرُ مَذَلَّتِي وَتَيَهَانِي أَفْسَنْتِينٌ وَعَلْقَمٌ. ذِكْرًا تَذْكُرُ نَفْسِي وَتَنْحَنِي فِيَّ"، ولذلك قال: "أُرَدِّدُ هذَا فِي قَلْبِي، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَرْجُو: إِنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ". أنه يردد ويتذكر أنه لولا إحسانات الرب عليه لفني.

ثانيا: اطلبه في كل وقت

أطلب الرب بكل قلبك وفي كل الأوقات، واجعل نفسك دائمًا في محضره. "طَيِّبٌ هُوَ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يَتَرَجَّوْنَهُ، لِلنَّفْسِ الَّتِي تَطْلُبُهُ. جَيِّدٌ أَنْ يَنْتَظِرَ الإِنْسَانُ وَيَتَوَقَّعَ بِسُكُوتٍ خَلاَصَ الرَّبِّ". ردد في قلبك دائمًا وقل: "نَصِيبِي هُوَ الرَّبُّ، قَالَتْ نَفْسِي". ترجى الرب في كل وقت.

ثالثا: إخضع للرب

اخضع للرب وافتح له المجال ليباركك. إنك لن تستطيع أن تراه وترى يده تعمل إلا إذا خضعت لإرادته خضوعًا كاملاً. قل له: إفعل ما يحسن فى عينيك (1صموئيل18:3). سلم له أمورك وسترى يده القوية تعمل في حياتك، وفي توقيته سيخرجك إلى الرحب.

رابعا: انتظر الرب وإحساناته

إن كنت تمر في أي ظروف صعبة - سمح لك الرب أن تمر بها - اتركها له! فقد تكون لكي تستفيق من سباتك الذي وقعت فيه. إرجع إلى محبتك الأولى! "لِنَفْحَصْ طُرُقَنَا وَنَمْتَحِنْهَا وَنَرْجعْ إِلَى الرَّبِّ". إن امتحان النفس الدائم في نور الروح القدس الذي فينا سيؤدي دائمًا إلى شفافية ونقاء أكثر وعلاقة أقوى بالرب.

ماذا نتعلم من النبى إرميا في هذا المقطع من مراثي 21:3-40؟
نتعلم أنه في وسط الآلام والاضطراب "السَّيِّدَ لاَ يَرْفُضُ إِلَى الأَبَدِ" (عدد 31)، ونعلم أنه يحبنا "فَإِنَّهُ وَلَوْ أَحْزَنَ يَرْحَمُ حَسَبَ كَثْرَةِ مَرَاحِمِهِ" (عدد 32). وأنه لا يفرح بآلامنا، لأنه يشعر بها "لأَنَّهُ لاَ يُذِلُّ مِنْ قَلْبِهِ، وَلاَ يُحْزِنُ بَنِي الإِنْسَانِ" (عدد 33). وهو متحكّم بكل الأمور "مَنْ ذَا الَّذِي يَقُولُ فَيَكُونَ وَالرَّبُّ لَمْ يَأْمُرْ؟" (عدد 37). إذًا "لِنَفْحَصْ طُرُقَنَا وَنَمْتَحِنْهَا وَنَرْجعْ إِلَى الرَّبِّ" (عدد 40).

المجموعة: أيلول-تشرين الأول Sep-Oct 2012