القس رسمي إسحاقالناطق بهذه الكلمات هو الملك داود، ومن عنوان هذا المزمور يمكننا أن نعرف الظروف التي تحدّث فيها بهذه الكلمات. كان داود في موقف لا يُحسد عليه. كان في "وعر حارث" حيث وصلته أخبار سيئة عن مهاجمة الفلسطينيين لـ "قعيلة" ونهبهم للبيادر. فاستشار الرب: هل يذهب لمحاربة الفلسطينيين؟

فقال له الرب أن يذهب وسيعطيه الرب انتصارًا عظيمًا.
بعد الانتصار قام وهرب إلى برية زيف ومع كل أسف خطط الزيفيون مع شاول ليسلّموا إليه داود! في وسط هذه المحنة ترنم داود بهذه الكلمات الرائعة: "لأنك كنت عونًا لي، وبظلّ جناحيك أبتهج." (مزمور 7:63) ولي معكم في هذه الآية ثلاث كلمات:

أولاً: معونة إلهية
"لأنك كنت عونًا لي."
ما أكثر المرات التي قدّم لنا الرب فيها معونة خلصتنا من ظروف شديدة الصعوبة! قدّم لنا معونة عندما خطط البشر لإهلاكنا، وهذا ما فعله مع مردخاي وشعب الرب عندما خطط هامان للقضاء عليهم، ولكن الرب أنقذ مردخاي وشعب الرب. أعاننا الرب في كل ظرف من الظروف التي واجهتنا، وهو يوفّر لنا معونة من كل ما يواجهنا. يمدّنا بالمعونة فينتشلنا من السقوط مثلما فعل مع بطرس عندما تعرّض للغرق، وفيما بعد عندما سقط فعلاً في خطية الكذب وإنكار معرفته بالرب يسوع.
عندما يواجهك أي ظرف صعب اصرخ إلى الرب قائلاً: "ارتضِ يا رب بأن تنجيني. يا رب، إلى معونتي أسرع." لأن معونتنا من عند الرب - وكل مؤمن يتيقن من هذا فيضم صوته مع كاتب المزمور قائلاً: "أرفع عينيّ إلى الجبال، من حيث يأتي عوني! معونتي من عند الرب، صانع السماوات والأرض. لا يدع رجلك تزلّ. لا ينعس حافظك. إنه لا ينعس ولا ينام."
نستطيع أن ننصب حجر المعونة قائلين: "إلى هنا أعاننا الرب." "الله لنا ملجأ وقوة. عونًا في الضيقات وُجد شديدًا. لذلك لا نخشى ولو تزحزحت الأرض، ولو انقلبت الجبال إلى قلب البحار."

ثانيًا: ظلال في البرية
"بظل جناحيك..."
كان داود في برية زيف، ومن المعروف أن شمس البرية محرقة ورمالها ساخنة يحتاج فيها إلى ظل ليحتمي من حرارة الشمس اللاهبة. "الرب هو ظل لنا." يقول كاتب المزمور، "الرب ظل لك عن يدك اليمنى." تعجبني كلمات إشعياء: "ويكون إنسان كمخبأ من الريح وستارة من السيل، كسواقي ماء من مكان يابس، كظل صخرة عظيمة في أرض معيية." قالت عروس النشيد: "تحت ظله اشتهيت أن أجلس، وثمرته حلوة لحلقي." إن ظلال الرب هي ظلال متسعة يمكن أن تظلّل كل البشر في كل ربوع العالم، وهناك بركة عظمى لكل من يستظل بالرب، وهي الأمان كما يظهر من قول الوحي:
"الساكن في ستر العلي، في ظل القدير يبيت."
"يخبئني في مظلته من يوم الشر. يسترني بستر خيمته."

ثالثًا: أفراح قلبية
"... أبتهج."
المؤمن يتمتع بحياة الفرح الدائم الذي يختلف كثيرًا عن أفراح الأشرار التي يقول عنها الكتاب: "فرح الفاجر إلى لحظة." أفراح المؤمن قوية لا تتأثر بأية ظروف. "فمع أنه لا يزهر التين، ولا يكون حمل في الكروم. يكذب عمل الزيتونة، والحقول لا تصنع طعامًا. ينقطع الغنم من الحظيرة، ولا بقر في المذاود، فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي." إذًا أفراح المؤمن هي أفراح من الرب وبالرب. "فرحًا أفرح بالرب. تبتهج نفسي بإلهي، لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص. كساني رداء البر." هي أفراح لا تُنزع "ولا ينزع أحد فرحكم منكم."
إن كان العالم يخذلنا وبنيرانه يريد أن يحرقنا ليجعل حياتنا كئيبة وحزينة، لكن شكرًا للرب الذي يقدم لنا يد المعونة وبجناحيه يظللنا ويملأ قلوبنا بالأفراح فنتغنّى قائلين: "جعلت سرورًا في قلبي أعظم من سرورهم."

المجموعة: حزيران (يونيو) 2018