الدافع الأعظم
"ليكن حلمكم معروفًا عند جميع الناس. الرب قريب." (فيلبي 5:4) ووردت في ترجمة أخرى بمعنى: دع الناس جميعًا يعرفون، ويلمسون، ويلاحظون عدم أنانيتك واهتمامك وروحك الصبورة. الرب قريب وسيأتي سريعًا.

والكلمة "حلمكم"، يمكن أن تعني "لائق، جميل، معقول، رقيق، معتدل، وصبور. وتحمل أيضًا فكرة "اتزان الروح."
بعد دراسة الكلمة بدقة، أستطيع أن أستخدم كلمة "اتزان" بدلاً من كلمة "حلم"، لأنه حسب تعريف قاموس وبستر، تعني الكلمة المذكورة في الآية اتزان "ثباتًا، سهولة، كرامة في التصرف."
ما هي أفضل طريقة تفضي بك إلى الاتزان؟ ما هي القوة الدافعة التي تقودك إليه؟ ما هو المحرّك القوي الذي يحركك نحو الهدف؟
هذه هي الطريقة باختصار ووضوح: "الرب قريب."
إن الشعور بقربه يعطينا هدوءًا عظيمًا وسط عواصف الحياة وضغوطها.
يمكن أن يكون الحظ قد ابتعد عنك، والزرع الذي زرعته بكل اجتهاد قد أصبح هشيمًا أبعدته الرياح عن مخازنك، والذين قالوا إنهم يحبونك قد خانوك. كل هذا قد يكون صحيحًا ولكن "الرب قريب." لا تلاعب في هذه الآية. إن هذه الكلمات القليلة تؤكد لنا وتحثنا أن نمارس الوصفة المذكورة في فيلبي 4:4-8.
هذه الحقيقة تعطي إلحاحًا ولمعانًا للنصيحة التي سجلها بولس في الرسالة إلى فيلبي الأصحاح 4. إن هذه الكلمات "الرب قريب" ممكن أن تشير إلى قرب المسيح منا الآن، أو إلى مجيئه الثاني.
إن الرب قريب منا الآن في المكان الذي نحن فيه، كما يرنم صاحب المزمور قائلاً: "قريب أنت يا رب." (مزمور 151:119) والرسول بولس يردد صدى هذه الترنيمة القديمة ويمجدها.
إن الرب قريب بمعنى أنه يسكن بالروح القدس في قلب كل فرد مسيحي بالحق الذي هو "المسيح فيكم." (كولوسي 27:1)
ثم إن الرب قريب من ناحية أننا نستطيع أن ندعوه فيأتي إلينا في الحال. يهتف صاحب المزمور قائلاً: "الرب قريب لكل الذين يدعونه." (مزمور 18:145) وهنا نجد أن العهد الجديد يردد أصداء العهد القديم. إننا كأولاد الله نستمتع بمعرفة أن أذنه تصغي لطلباتنا، لأنه قد أعطانا قلبه. إن الإله البعيد قد يخذلنا ويدفعنا لليأس. إن المخلص الذي لا نستطيع الوصول إليه لا يمكنه أن يساعدنا. شكرًا لله، لأن المسيح يمكن الوصول إليه.
"لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا، بل مجرّب في كل شيء مثلنا، بلا خطية. فلنتقدّم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونًا في حينه." (عبرانيين 15:4-16)
في ضروريات الحياة وتغيّراتها "الرب قريب." وصاحب المزمور يؤكد هذه الحقيقة ثانية فيرنم قائلاً: "قريب هو الرب من المنكسري القلوب." (مزمور 18:34)
من ذا الذي لم يعرف اليأس الغامض الذي يحسّ به القلب المنكسر؟!
"الله لنا ملجأ وقوة. عونًا في الضيقات وُجد شديدًا." (مزمور 1:46)
إن الشعور بأن المسيح قريب منا، ويأتي في الحال لمساعدتنا، يؤدّي إلى الاتزان.
ثم إن الرب قريب نبويًا. إنه سيأتي ثانية في سحب السماء بمجد عظيم. إنني أومن أن مجيئه أقرب ممن نظنّ. كان المجيء الثاني للمسيح عند المسيحيين الأولين حقيقة مؤكدة. لقد صرّح الرب بنفسه عن هذا المجيء بكلمات لا غموض فيها.
إن يسوع قد يأتي اليوم، في سكون وظلام الليل! إن بوقه قد يضرب ومجده العظيم قد يتألق حولنا في أية لحظة.
إن حبنا لظهوره هو أعظم دافع لطاعتنا لكلماته عن "الاتزان" في فيلبي 5:4.
وكل نصيحة مذكورة في هذه الرسالة، والرسالة ممتلئة بالنصائح، يمكننا أن نمارسها عمليًا إن كان دافعنا الإحساس المستمر بأنه من الممكن أن يأتي يسوع اليوم.
"كونوا أنتم مستعدين." (متى 44:24) إن عودة ربنا، إذا بدت أمامنا قريبة جدًا، لا بد أن تجعلنا أغنياء في الشخصية المسيحية. إن التأمل في هذه الحقيقة سيجعلنا مثل ذاك الذي هو مثالنا الأعظم.
اذكر العدد 5 "ليكن حلمكم معروفًا عند جميع الناس. الرب قريب." واذكر أن الدافع الأعظم للاتزان هو الإحساس بقرب الرب منك. هذا هو الدافع الأعظم للاتزان الذي يهزم القلق.
بينما تعيش بإحساس قرب الرب منك، ستجد القوة التي تمكنك من ممارسة الوصفة الكتابية للسلام. ستجد قوة وميلاً لممارسة الحمد والشكر والترنيم. ستجد أن العوامل المرتبطة بالاتزان سهلة التنفيذ، بينما تحيا بإحساس قرب فاديك. فمثلاً، إذا عشت ممتلئًا بالإحساس بقربه فستجد أن أفكارك هي الأفكار التي ترضيه، وعلى ذلك ستكون أفكارًا إيجابية تبعد القلق بعيدًا عنك.
إذا عشت ممتلئًا بالإحساس بقربه ستشعر بقوة ليست منك، تعطيك القدرة على ممارسة ضبط النفس الذي يقود للاتزان ويزيل القلق. ستكون لك النصرة في حالة الاسترخاء، إذا عشت في جوّ الشعور بقرب الرب.
وفي تنظيم وقتك وحياتك، ستجد أن الإحساس بقرب الرب نعمة عظمى! ستجد أنك وضعت نفسك قريبًا من مساعدته وستتأكد اختباريًا أنه "من قِبل الرب تتثبّت خطوات الإنسان وفي طريقه يسرّ." (مزمور 23:27)
إن الحياة في إحساس قرب الرب، تزيل غيوم التشاؤم، وتقودنا إلى نور الحماس، والتفاؤل.
في هاتين الكلمتين إذًا "الرب قريب"، تكمن قوة ديناميكية، هاتان الكلمتان هما القوة البخارية الدافعة للمواقف، والنشاطات التي تجعلنا نتمم المطاليب الإلهية.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2018