”فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة“ (أفسس 15:5-16).
كلمة ”مفتدين الوقت“ معناها افتداء الوقت بشيء يعادله. ولأن الوقت هو الحياة، فلا بد أن نفتديه بأشياء تساوي الحياة. ”فأقول هذا أيها الإخوة: الوقت منذ الآن مقصّر“ (1كورنثوس 29:7).
الوقت مقصّر.. ولذا فكل دقيقة فيه يجب أن تُفتدى بعمل هام. ومن أسف أن كثيرين من خدام الإنجيل لا يفتدون وقتهم، فيضيع الوقت دون فائدة تُذكر... ويندمون في شيخوختهم.
قصدت في هذه الرسالة أن أقدّم لكل خادم من خدام الإنجيل نصائح تساعده على افتداء وقته:
1- افتدِ وقتك بتنظيم يومك
واليوم لن ينتظم إلا إذا بدأته بقراءة الكتاب المقدس والصلاة.. وأقصد بقراءة الكتاب المقدس... القراءة التعبديّة... قراءة لا لإعداد عظة صباح الأحد أو وسط الأسبوع.. وإنما لتأخذ غذاء لروحك، وتكتشف إرادة الله لحياتك. ”ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله“ (متى 4:4).
بعد تغذية روحك بالكلمة المقدسة عليك أن تقضي وقتاً في الصلاة كل صباح.
× صلِّ لأجل أولئك الذين طلبوا منك أن تذكرهم في صلاتك ووعدتهم أن تصلي من أجلهم.
× صلِّ لأجل العائلات التي اهتزّت أعمدتها ليستيقظ أفرادها وتعود إلى استقرارها.
× صلِّ لأجل زوجتك وأولادك، وكان لا بد أن أضعهم في رأس القائمة..
× في صلاتك اذكر: اذكر إحسانات الرب. ”باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته“ (مزمور 2:103).
× في صلاتك اشكر: بارك الرب على كل حسناته. ”اشكروا في كل شيء. لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم“
(1تسالونيكي 18:5).
خصص وقتاً لقراءة الكلمة والصلاة كل يوم.
خصص وقتاً لقراءة كتاب يرفع حياتك الروحية، ويساعدك على فهم أعمق للكلمة الإلهية. اقرأ كتاباً كل شهر على الأقل.
اختر كتبك بأسماء المؤلفين، فالمؤلف الدارس لموضوعه، يكتب دائماً شيئاً مفيداً. من المؤلفين سبرجون، وماير، وجوناثان إدوارد وغيرهم.. هذا في الإنجليزية.. في اللغة العربية، ابحث عن الكاتب الذي يغني حياتك بأفكاره.
2- افتدِ الوقت بتحقيق التوازن في حياتك
الإنسان مركّب من روح ونفس وجسد ”وإله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتُحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح“ (1تسالونيكي 23:5). لا بد أن توازن بين حاجات روحك... وحاجات نفسك... وحاجات جسدك.
× الروح تنتعش بالتعبّد للرب.. ”الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا“ (يوحنا 24:4).
× وقد ذكر بولس الرسول أنه يعبد الله بروحه، ”فإن الله الذي أعبده بروحي في إنجيل ابنه شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم“ رومية 9:1).
× النفس الشبعانة تنتعش بالأفكار البناءة والحب الطاهر. ”فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً“ (فيلبي 5:32).
× ”ولكن قبل كل شيء لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا“ (1بطرس 8:4).
× املأ عقلك بالأفكار المسرة والجليلة والعادلة. ”أخيراً أيها الإخوة كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مسر، كل ما صيته حسن - إن كانت فضيلة وإن كان مدح، ففي هذه افتكروا“ (فيلبي 8:4).
× واملأ قلبك بالحب الطاهر لإخوتك.. بهذا تبني نفسك.
× الجسد يُبنى بالرياضة الجسدية والراحة في الأماكن الخالية. ”لأن الرياضة الجسدية نافعة لقليل“ (1تيموثاوس 8:4). ”تعالوا أنتم منفردين إلى موضع خلاء واستريحوا قليلاً“ (مرقس 31:6).
لما كنت في شبابي الباكر كنت راعياً لكنيسة في مدينة ملوي بصعيد مصر.. وأعطاني الرب أصدقاء من الشبان أذكرهم بفرح.. كان منهم صديقاً اسمه ”ناثان“... وكان عمدة قرية قريبة من ملوي.. وضع الرب في قلبه أن يعتني بصحتي الجسدية.. فكان يدعوني إلى المزرعة التي يملكها.. وكان يملك عدداً من الخيول.. علّمني ”ناثان“ كيف أركب الخيل.. وكان يقول لي: أنت تقضي وقتاً طويلاً في درس الكتاب المقدس وإعداد مواعظك.. وهذا جيد جداً.. لكن من حين إلى آخر تحتاج أن تأتي إلى هنا في المزرعة وتسترخي بين الحقول.. وتركب الخيل.. وتعود لملوي نشيطاً لتستأنف خدمتك. كم أذكر ”ناثان“ بكل خير لاهتمامه بي. فقد علّمني الحياة المتوازنة.
3- افتدِ وقتك بنفوس تتعامل معها وتربحها لفاديك
كم أشكر الرب في شيخوختي إذ أعطاني الحكمة للعمل الفردي... معظم الذين انضموا لكنيستي جاءوا للرب عن طريق العمل الفردي. والعمل الفردي مع النفوس الغالية له مكافأة.. ليس في الأبدية فقط بل في الأرض أيضاً.. ففي اتصالك بالأفراد سيسألونك أسئلة هامة يجب أن تتعلم وتعرف الإجابة عليها ومع الزمن ستعرف إجابة الكثير من الأسئلة الصعبة. وفي العمل الفردي تقيم علاقة روحية بينك وبين الفرد الذي تربحه للمسيح.. تستمر مع الزمن.. وحتى اليوم فالشبان والشابات الذين أعطانيهم الرب بالعمل الفردي ما زالوا على صلة بي.. يكتبون لي من أستراليا، ومن كندا، ومن السويد، ومن مختلف البلاد التي هاجروا إليها.
يا خادم الإنجيل،
افتدِ وقتك بتنظيم يومك.
افتدِ وقتك بتحقيق التوازن في حياتك.
افتدِ وقتك بنفوس تربحها لفاديك.
وليبارك الرب خدمتك.
أخوكم في الخدمة المقدسة،
القس لبيب ميخائيل