في عالم انتشرت فيه البدع والهرطقات والفلسفات المضللة، عليك يا خادم الإنجيل أن تعرف جيداً تفاصيل رسالتك.

حين ظهرالرب يسوع من السماء لشاول الطرسوسي وهو في طريقه إلى دمشق، ظهر بنور أفضل من لمعان الشمس، وكلّم شاول باللغة العبرانية وأعلن له ذاته قائلاً: "أنا يسوع الذي أنت تضطهده".

كان شاول يضطهد الكنيسة بصورة بشعة، ولكن يسوع رأس الكنيسة شعر بآلامها وقال لشاول: "لماذا تضطهدني؟!" فمن يضطهد كنيسة المسيح.. يضطهد المسيح.

آمن شاول بالمسيح رباً وسيداً ورأساً للكنيسة.. وحينئذ قال له الرب يسوع: "قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِمًا وَشَاهِدًا بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ، مُنْقِذًا إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ، لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيبًا مَعَ الْمُقَدَّسِينَ" (أعمال 16:26-18).

في كلمات الرب يسوع المسيح لشاول الذي صار فيما بعد بولس الرسول، أعطى المسيح لبولس تفاصيل رسالته، وأعلن له أنه مرسل منه إلى الأمم.. فأنت يا خادم الإنجيل لست أجيراً عند الكنيسة التي ترعاها، تبقيك إن أرادت وتعزلك إن أرادت.. أنت مرسل من الرب يسوع المسيح إلى الناس الذين يرسلك إليهم برسالة محددة.

أولاً: لتفتح عيونهم

فعيون الخطاة مقفلة، والخاطي لا يعرف مدى خطورة حالته. ورسالتك أن تفتح عينيه ليعرف أنه خاطئ وهالك، يعيش تحت غضب الله، وسوف يدان في يوم الدينونة على خطاياه.

إن الخطاة مساكين، لأنهم أموات وهم يظنون أنهم أحياء.. وقد خاطب بولس المؤمنين في أفسس، مذكراً إياهم بحالتهم قبل إيمانهم بيسوع المسيح فقال لهم: "وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ (أي حسب أسلوب ونظام هذا العالم)، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ" (أفسس 1:2-2).

يا خادم المسيح، عليك أن تفتح عيون الخطاة ليعرفوا خطورة حالتهم.

ثانياً: كي يرجعوا من ظلمات إلى نور

الخطاة يعيشون في ظلمات.. ليست ظلمة واحدة بل ظلمات.. هم أنفسهم ظلمة كما قال بولس لأهل أفسس "لأنكم كنتم قبلاً ظلمة"
(أفسس 8:5)، وهم مظلمو الفكر (أفسس 18:4)، ويمارسون أعمال الظلمة (أفسس 11:5)، وهم غارقون في ظلمة بغضة الآخرين "مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي النُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى الآنَ فِي الظُّلْمَةِ... مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ" (1يوحنا 9:2 و11).

إن رسالتك يا خادم المسيح أن تعلن للناس نور المسيح الذي قال وهو الصادق الأمين: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يوحنا 12:8)، لتخرجهم من الظلمات التي يعيشون فيها إلى نور المسيح العجيب.

ثالثاً: كي يرجعوا من سلطان الشيطان إلى الله

سلطان الشيطان رهيب.. فحين يتسلّط الشيطان على إنسان، يجعل من ذلك الإنسان حيواناً متوحشاً بل أكثر وحشية من الحيوان. لما أحضر الأب ابنه الذي سكنه روح أخرس، وصف حالته بالكلمات: "وَحَيْثُمَا أَدْرَكَهُ يُمَزِّقْهُ... وَكَثِيرًا مَا أَلْقَاهُ فِي النَّارِ وَفِي الْمَاءِ لِيُهْلِكَهُ"
(راجع مرقس 17:12-22).

الإنسان العائش تحت سلطان الشيطان يصيبه الشيطان بالخرس، فلا يستطيع أن يقول كلاماً للبنيان، ويجعل يده يابسة فلا تمتدّ لمساعدة أحد (مرقس 1:3)، وينقله من الحياة مع الأحياء الذين عرفواالمسيح ليسكن القبور (مرقس1:5-9)، ويحني رأسه فيقضي عمره منحنياً ينظر إلى الأرض وما في الأرض، ولا يقدر أن ينتصب البتة (لوقا 10:13-11)، ويملأ حياة الإنسان الذي يتسلط عليه بالغش والخبث، والعداوة لكل بر (أعمال 10:13).

سلطان الشيطان على الإنسان قاده ويقوده لابتداع الديانات الضالة.. والقصص الخيالية الشريرة كقصة "دافنشي كود" الذي ادّعى أن قصته تمثل قصة حياة المسيح.

الشيطان هو مصدر كل ديانة أنكرت حقيقة صلب المسيح لفداء الإنسان.. هو مصدر الفلسفات التي تنكر وجود الله.. هو الذي جعل النور ظلاماً والظلام نوراً وأباح ونشر النجاسات بين سكان الأرض، ونشر الشذوذ الجنسي.. وعيشة الرجال والنساء معاً بغير رابطة الزواج العلني المقدس.

الشيطان هبط بالمرأة إلى مجرد لعبة للرجل، وهبط بالرجل فجعله يعيش مفكراً في الجنس بالليل والنهار..

والمعركة ضارية...

وعليك يا خادم المسيح أن تُرجع بقوة المسيح الذين يعيشون تحت سلطان الشيطان إلى الله.

وفي منطقة روحية حساسة كهذه المنطقة.. منطقة تحرير الناس من سلطان الشيطان إلى الله، أنت تحتاج إلى الملء بالروح القدس.. فبدون الملء بالروح القدس لن تستطيع أن تواجه الشيطان.. لأنه روح، والروح القدس وحده يقدر أن يحرر الإنسان من سلطانه.

رابعاً: كي ينالوا بالإيمان بيسوع المسيح الغفران والحياة الأبدية

كما قال الرب يسوع لبولس: "حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيبًا مَعَ الْمُقَدَّسِينَ"
(أعمال 18:26).

الإيمان بيسوع المسيح.. هو الطريق إلى النور.. وهو الطريق إلى الحرية من سلطان الشيطان.. وهو الطريق إلى الحياة الأبدية.

فهل عرفت تفاصيل رسالتك؟!!

ضع هذه التفاصيل نصب عينيك وأنت تعدّ رسائلك لأعضاء كنيستك والذين يسمعونك.

فرسالتك هي رسالة فتح عيون الخطاة ليعرفوا حالتهم.

وهي رسالة إخراج الناس من الظلمات إلى النور.

وهي رسالة تحرير الناس من سلطان الشيطان.

وهي رسالة قيادة الناس إلى الإيمان بيسوع المسيح ابن الله.. فهو وحده نبع الخلاص، والنور، والحرية، والحياة الأبدية.

زميلك في الخدمة المقدسة،

القس لبيب ميخائيل

 

المجموعة: 2009