Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان (إبريل) 2009

أكثر الآيات ذيوعاً وشهرة القول المقدس: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).
وهذه الآية مخيفة للواعظ لأنها مشهورة... وشهرتها تجعل من العسير على الواعظ أن يقدِّم عنها شيئاً جديداً. ولكن من قال أننا بحاجة إلى جديد؟ نحتاج أن نستفيد من القديم الذي سمعناه مراراً لكي نعيش بموجبه.


ثم هي آية عظيمة، وهذا يخيف أيضاً، لأنك لا تستطيع أن تقول عنها ما يمكن أن يكون جديراً بها.
ثم هي آية شاملة، وهذا يخيف أيضاً، لأنك لا تستطيع أن تقول عنها ما يمكن أن يكون كاملاً.
لنتأمل في هذه الآية بالرغم شهرتها، لكي نسمع مرة أخرى ما يكلّمنا به الروح القدس من خلالها.
قال مودي أنه دعا مرة واعظاً ليعظ مكانه في شيكاغو. وفي أول ليلة، اختار الواعظ هذه الآية أساساً لعظته. ثم طُلب منه أن يعظ ليلة تالية، فإذا به يختار ذات الآية، وفي ليلة ثالثة اختار نفس النصّ، وهكذا ظل يعظ لمدة أسبوعين كاملين حول هذا النص وحده. لم يكرر المواعظ التي قالها، إذ كان يقدّم في كل ليلة عظة جديدة.
لا يمكن أن نُعطي هذه الآية حقّها في عظة واحدة. ولو أننا راجعنا كل العظات التي استمعنا إليها، لاكتشفنا هذه الحقيقة، وهي أن كل العظات تدور حول هذه الآية، حتى ولو اخترنا لعظاتنا آيات أخر، تبقى هذه الآية محور كل عظة، لأنها هي الإنجيل المسيحي.
1- علاقة الآب بالابن
في هذه الآية، نرى بوضوح علاقة الآب بالابن. يقول: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ".
الله الآب بذل الابن!
لو لم يكن المسيح على هذه العلاقة الفريدة مع الآب لما استطعنا أن نقول إن موت المسيح دليل على محبة الله للعالم.
لو لم يكن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد لما كان موته علامة على محبة الله لنا. ولكن، لأن المسيح هو الابن الوحيد – هو الله الذي ظهر في الجسد – فموته دليل على محبة الآب.
في مكان آخر نقرأ ما قاله بولس الرسول: "وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".
كيف يبيّن الله محبته لنا؟
بأن يموت المسيح لأجلنا. إن لم يكن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد، فما علاقة موت المسيح لأجلنا بمحبة الله لنا؟ "إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ".
وموت المسيح ليس دليلاً على محبة الله الابن فقط، لكنه دليل على محبة الله الآب والله الروح القدس. وفي خطاب بولس الرسول لكنيسة أفسس - وهو يستودع هذه الكنيسة بين يدَي الله ويحذّر من ذئاب خاطفة قد تدخل فيها - يتحدّث عن الكنيسة فيقول: "كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ". لا يقول هنا: كنيسة الله التي اقتناها بدم المسيح، لكنه يقول: التي اقتناها الله بدمه - أي إن دم المسيح هو دم الله - أي أن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد. إن هذه الآية ترينا العلاقة الوطيدة بين الآب والابن، ولولا هذه العلاقة لما كان موت المسيح دليلاً على محبة الله لنا.
2- قداسة الله
وهذه الآية ترينا قداسة الله الذي لا يستطيع أن يرى الخطية، والذي لا بد أن يطالبنا بأجرة الخطية، وهي الموت. وهي ترينا شر الخطية وشر الإنسان الخاطئ. الخطية خاطئة جداً، فهي التي صلبت رب المجد.
3- محبة الله
وهي ترينا قيمة الإنسان في نظر الله الذي بذل ابنه الوحيد لأجل الإنسان الخاطئ، لأنها ترينا قبل كل شيء محبة الله. وسنتأمل معاً حول هذه المحبة من خلال هذه الآية.
في هذه الآية نرى دليل هذه المحبة: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ". وما الدليل على ذلك؟ إنه بذل ابنه الوحيد. الدليل على أن الله أحبّني وأحبّ العالم كله أنه بذل ابنه الوحيد.
إن وُجدت المحبة فلا بدّ أنها تبذل. قد يوجد عطاء بغير محبة، ولكن لا توجد محبة بغير عطاء. قد نجد إنساناً يعطي لينال المدح، أو لكي يفتخر، لكنك لا تجد إنساناً يحبّ ولا يعطي. لا يمكن أن الله يحب ولا يعطي. لا يمكن أن الله لا يحب، ويبذل!!! "هكَذَا أَحَبَّ... حَتَّى بَذَلَ"، فالدليل لمحبة الله لنا أنه بذل ابنه الوحيد.
في هذه الحياة، نتعرّض لعلوم كثيرة ومعلومات شتى في مختلف المواضيع. فالعلماء يبحثون في الذرّة ومحتوياتها ومكوّناتها، لكن أهم علم ينبغي أن يعرفه الإنسان ليس عن الأجرام والذرّة – فبغير هذه العلوم يمكن أن يحيا الإنسان سعيداً – لكن العلم الحقيقي الذي يحتاج إليه الإنسان هو أن يعرف الله، وطبيعته، وموقفه من الإنسان. وهذه لا نعرفها إلا في صليب المسيح – لأن الله محبة – هذه المحبة التي لا نستطيع أن نجد لها دليلاً واضحاً إلا في صليب المسيح. لأننا لو رجعنا  إلى الطبيعة – الطبيعة الجامدة من حولنا.. إلى البحار.. إلى الجبال.. سنرى في الطبيعة أشياء قد لا ترينا محبة الله. نرى فيضانات تُغرق، وزلازل تدمّر، ونرى أشياء كثيرة في الطبيعة لا يمكن أن تتحدّث بوضوح عن محبة الله. ولو راجعنا تاريخ البشرية، لا نجد دليلاً واضحاً على محبة الله. فالحروب والانقسامات والخصومات.. هذا التاريخ الملوّث للإنسان لا يمكن أن يحدّثنا عن محبة الله! "لكن الله بيّن محبّته لنا" – وبرهن على محبّته لنا – إذ "وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".
"هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ".
بذل من؟ بذل ابنه الوحيد!
نعم، نحن نتحدّث عن أننا أبناء الله، وهذا حق. لكن بنوّتنا لله هي بالتبنّي، أعطانا إياها في المسيح، لكن بنوّة المسيح لله بالطبيعة، هو في حضن الآب من قبل أن يوجد في العالم، بذله الله لأجلنا أجمعين.
أبعاد المحبة
ثم نتأمل في أبعاد هذه المحبة. يقول: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ". العالم كله... كان اليهود يعتقدون أن الله أحبّهم هم وحدهم، اختارهم من بين جميع الأجناس كجنس مختار لم يحب الله سواه. لكن هذه الكلمات المقدسة من فم المسيح ترينا أن الله أحب العالم كله، أحبّ الذين عرفوه والذين لم يعرفوه... أحب الذين آمنوا به والذين عادوه... أحب الذين يخدمونه ويعبدونه، وهو يحب الذين لم يعرفوه بعد ولا يزالون يتحدونه ويعارضونه – أحب العالم كله – كل الأجناس، وكل الأسباط، وكل إنسان مهما كانت خطيته. قال أحدهم وهو ريتشارد باكستر: لو أن هذه الآية قالت: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ ريتشارد باكستر حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ" لقلت في نفسي: إن هناك إنساناً آخر يحمل هذا الاسم غيري، لأني وصلت إلى أعماق الشر والإثم، ولا يمكن أن يكون الله قد أحبني أنا. أما وأن يقول الله: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ" كله فأنا من ضمن هذا العالم. ثم عاد فقال: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ"، وهذا يشمل كل إنسان في كل مكان.. مهما كانت آثامه وخطاياه، فالله قد أحبه وهو لا يريد له أن يهلك، ويمكن أن يعطيه الحياة.
"هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمََ" كله، ويمكنك أن تضع اسمك بثقة في هذه الآية بدل كلمة العالم.
لماذا أحب؟
ثم لنتأمل في هذه المحبة وأهدافها.
لماذا أحب الله العالم؟
نحن لا يمكننا أن نعرف لماذا أحبنا؟
"هكذا"... أحبنا بغير سبب..
لكن ما هو الهدف الذي من أجله أحبنا؟
ماذا تفعل فينا هذه المحبة؟
يقول: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".
هنا نرى هدف المحبة في جانب سلبي "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ"، وفي جانب إيجابي "بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". الخلاص يشمل جانبين: جانباً سلبياً وجانباً إيجابياً. الجانب السلبي هو أننا بالمسيح وبالإيمان به نخلص من أجرة الخطية، من موت الخطية... تُرفع عنا الدينونة، "لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". يعطينا – بعد أن كنا أمواتاً في الخطية – أن لا نهلك... ألا نموت، أن نصبح أحياء، فلا تقع علينا دينونة الخطية لأنها وقعت على المسيح. "وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ". أمانته وعدله لا يمكن أن تجعلا الله يوقع دينونته على خطيتي مرة أخرى بعد أن أوقعها على المسيح. هذا هو الجانب السلبي في الخلاص، وكثيراً ما نبقى في هذا الجانب السلبي ولا نتأمل في غيره. نعم، جميل أن نعرف أن خلاص المسيح ينجينا من الموت والدينونة والعقاب.
لكن هناك ما هو أعظم: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".
وهذا هو الجانب الإيجابي، أنه ليس فقط يمنع عنا الهلاك، لكنه يعطينا أن ندخل في العائلة الإلهية، وأن نصبح أعضاء في جسد المسيح. هذا هو الخلاص من جانبه الإيجابي. نحن الآن أولاد الله، لكننا سنكون مثله لأننا سنراه كما هو. ليس فقط يرفع عنا الموت الأبدي، لكنه يعطينا حياة الله، الحياة الأبدية.
لكن، لا يمكننا أن ننتفع بهذه المحبة إلا إذا آمنا بالمسيح. يقول: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ". وسيلتنا لأن نتمتع بهذه المحبة هي أن نؤمن بالمسيح الذي جاء لكي يشترينا بدمه. لقد بذل الله ابنه. إنه لم يرسل ابنه – فكلمة "يرسل" تعني أنه يمكن أن يستردّ من أرسله - لكنه بذل ابنه، وبذله إلى النهاية حتى الموت. فإذا نحن آمنا أن هذا الذي بُذل على الصليب هو الله الذي ظهر في الجسد، الذي أخذ عاري وعارك، وخطيتي وخطيتك، وأعطانا بره، فإننا لا نهلك، بل تكون لنا الحياة الأبدية.

 

أكثر الآيات ذيوعاً وشهرة القول المقدس: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).

وهذه الآية مخيفة للواعظ لأنها مشهورة... وشهرتها تجعل من العسير على الواعظ أن يقدِّم عنها شيئاً جديداً. ولكن من قال أننا بحاجة إلى جديد؟ نحتاج أن نستفيد من القديم الذي سمعناه مراراً لكي نعيش بموجبه.

ثم هي آية عظيمة، وهذا يخيف أيضاً، لأنك لا تستطيع أن تقول عنها ما يمكن أن يكون جديراً بها.

ثم هي آية شاملة، وهذا يخيف أيضاً، لأنك لا تستطيع أن تقول عنها ما يمكن أن يكون كاملاً.

لنتأمل في هذه الآية بالرغم شهرتها، لكي نسمع مرة أخرى ما يكلّمنا به الروح القدس من خلالها.

قال مودي أنه دعا مرة واعظاً ليعظ مكانه في شيكاغو. وفي أول ليلة، اختار الواعظ هذه الآية أساساً لعظته. ثم طُلب منه أن يعظ ليلة تالية، فإذا به يختار ذات الآية، وفي ليلة ثالثة اختار نفس النصّ، وهكذا ظل يعظ لمدة أسبوعين كاملين حول هذا النص وحده. لم يكرر المواعظ التي قالها، إذ كان يقدّم في كل ليلة عظة جديدة.

لا يمكن أن نُعطي هذه الآية حقّها في عظة واحدة. ولو أننا راجعنا كل العظات التي استمعنا إليها، لاكتشفنا هذه الحقيقة، وهي أن كل العظات تدور حول هذه الآية، حتى ولو اخترنا لعظاتنا آيات أخر، تبقى هذه الآية محور كل عظة، لأنها هي الإنجيل المسيحي.

1- علاقة الآب بالابن

في هذه الآية، نرى بوضوح علاقة الآب بالابن. يقول: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ".

الله الآب بذل الابن!

لو لم يكن المسيح على هذه العلاقة الفريدة مع الآب لما استطعنا أن نقول إن موت المسيح دليل على محبة الله للعالم.

لو لم يكن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد لما كان موته علامة على محبة الله لنا. ولكن، لأن المسيح هو الابن الوحيد – هو الله الذي ظهر في الجسد – فموته دليل على محبة الآب.

في مكان آخر نقرأ ما قاله بولس الرسول: "وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".

كيف يبيّن الله محبته لنا؟

بأن يموت المسيح لأجلنا. إن لم يكن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد، فما علاقة موت المسيح لأجلنا بمحبة الله لنا؟ "إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ".

وموت المسيح ليس دليلاً على محبة الله الابن فقط، لكنه دليل على محبة الله الآب والله الروح القدس. وفي خطاب بولس الرسول لكنيسة أفسس - وهو يستودع هذه الكنيسة بين يدَي الله ويحذّر من ذئاب خاطفة قد تدخل فيها - يتحدّث عن الكنيسة فيقول: "كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ". لا يقول هنا: كنيسة الله التي اقتناها بدم المسيح، لكنه يقول: التي اقتناها الله بدمه - أي إن دم المسيح هو دم الله - أي أن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد. إن هذه الآية ترينا العلاقة الوطيدة بين الآب والابن، ولولا هذه العلاقة لما كان موت المسيح دليلاً على محبة الله لنا.

2- قداسة الله

وهذه الآية ترينا قداسة الله الذي لا يستطيع أن يرى الخطية، والذي لا بد أن يطالبنا بأجرة الخطية، وهي الموت. وهي ترينا شر الخطية وشر الإنسان الخاطئ. الخطية خاطئة جداً، فهي التي صلبت رب المجد.

3- محبة الله

وهي ترينا قيمة الإنسان في نظر الله الذي بذل ابنه الوحيد لأجل الإنسان الخاطئ، لأنها ترينا قبل كل شيء محبة الله. وسنتأمل معاً حول هذه المحبة من خلال هذه الآية.

في هذه الآية نرى دليل هذه المحبة: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ". وما الدليل على ذلك؟ إنه بذل ابنه الوحيد. الدليل على أن الله أحبّني وأحبّ العالم كله أنه بذل ابنه الوحيد.

إن وُجدت المحبة فلا بدّ أنها تبذل. قد يوجد عطاء بغير محبة، ولكن لا توجد محبة بغير عطاء. قد نجد إنساناً يعطي لينال المدح، أو لكي يفتخر، لكنك لا تجد إنساناً يحبّ ولا يعطي. لا يمكن أن الله يحب ولا يعطي. لا يمكن أن الله لا يحب، ويبذل!!! "هكَذَا أَحَبَّ... حَتَّى بَذَلَ فالدليل لمحبة الله لنا أنه بذل ابنه الوحيد.

في هذه الحياة، نتعرّض لعلوم كثيرة ومعلومات شتى في مختلف المواضيع. فالعلماء يبحثون في الذرّة ومحتوياتها ومكوّناتها، لكن أهم علم ينبغي أن يعرفه الإنسان ليس عن الأجرام والذرّة – فبغير هذه العلوم يمكن أن يحيا الإنسان سعيداً – لكن العلم الحقيقي الذي يحتاج إليه الإنسان هو أن يعرف الله، وطبيعته، وموقفه من الإنسان. وهذه لا نعرفها إلا في صليب المسيح – لأن الله محبة – هذه المحبة التي لا نستطيع أن نجد لها دليلاً واضحاً إلا في صليب المسيح. لأننا لو رجعنا  إلى الطبيعة – الطبيعة الجامدة من حولنا.. إلى البحار.. إلى الجبال.. سنرى في الطبيعة أشياء قد لا ترينا محبة الله. نرى فيضانات تُغرق، وزلازل تدمّر، ونرى أشياء كثيرة في الطبيعة لا يمكن أن تتحدّث بوضوح عن محبة الله. ولو راجعنا تاريخ البشرية، لا نجد دليلاً واضحاً على محبة الله. فالحروب والانقسامات والخصومات.. هذا التاريخ الملوّث للإنسان لا يمكن أن يحدّثنا عن محبة الله! "لكن الله بيّن محبّته لنا" – وبرهن على محبّته لنا – إذ "وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".

"هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ".

بذل من؟ بذل ابنه الوحيد!

نعم، نحن نتحدّث عن أننا أبناء الله، وهذا حق. لكن بنوّتنا لله هي بالتبنّي، أعطانا إياها في المسيح، لكن بنوّة المسيح لله بالطبيعة، هو في حضن الآب من قبل أن يوجد في العالم، بذله الله لأجلنا أجمعين.

أبعاد المحبة

ثم نتأمل في أبعاد هذه المحبة. يقول: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ". العالم كله... كان اليهود يعتقدون أن الله أحبّهم هم وحدهم، اختارهم من بين جميع الأجناس كجنس مختار لم يحب الله سواه. لكن هذه الكلمات المقدسة من فم المسيح ترينا أن الله أحب العالم كله، أحبّ الذين عرفوه والذين لم يعرفوه... أحب الذين آمنوا به والذين عادوه... أحب الذين يخدمونه ويعبدونه، وهو يحب الذين لم يعرفوه بعد ولا يزالون يتحدونه ويعارضونه – أحب العالم كله – كل الأجناس، وكل الأسباط، وكل إنسان مهما كانت خطيته. قال أحدهم وهو ريتشارد باكستر: لو أن هذه الآية قالت: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ ريتشارد باكستر حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ" لقلت في نفسي: إن هناك إنساناً آخر يحمل هذا الاسم غيري، لأني وصلت إلى أعماق الشر والإثم، ولا يمكن أن يكون الله قد أحبني أنا. أما وأن يقول الله: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ" كله فأنا من ضمن هذا العالم. ثم عاد فقال: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ"، وهذا يشمل كل إنسان في كل مكان.. مهما كانت آثامه وخطاياه، فالله قد أحبه وهو لا يريد له أن يهلك، ويمكن أن يعطيه الحياة.

"هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمََ" كله، ويمكنك أن تضع اسمك بثقة في هذه الآية بدل كلمة العالم.

لماذا أحب؟

ثم لنتأمل في هذه المحبة وأهدافها.

لماذا أحب الله العالم؟

نحن لا يمكننا أن نعرف لماذا أحبنا؟

"هكذا"... أحبنا بغير سبب..

لكن ما هو الهدف الذي من أجله أحبنا؟

ماذا تفعل فينا هذه المحبة؟

يقول: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".

هنا نرى هدف المحبة في جانب سلبي "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ"، وفي جانب إيجابي "بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". الخلاص يشمل جانبين: جانباً سلبياً وجانباً إيجابياً. الجانب السلبي هو أننا بالمسيح وبالإيمان به نخلص من أجرة الخطية، من موت الخطية... تُرفع عنا الدينونة، "لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". يعطينا – بعد أن كنا أمواتاً في الخطية – أن لا نهلك... ألا نموت، أن نصبح أحياء، فلا تقع علينا دينونة الخطية لأنها وقعت على المسيح. "وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ". أمانته وعدله لا يمكن أن تجعلا الله يوقع دينونته على خطيتي مرة أخرى بعد أن أوقعها على المسيح. هذا هو الجانب السلبي في الخلاص، وكثيراً ما نبقى في هذا الجانب السلبي ولا نتأمل في غيره. نعم، جميل أن نعرف أن خلاص المسيح ينجينا من الموت والدينونة والعقاب.

لكن هناك ما هو أعظم: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".

وهذا هو الجانب الإيجابي، أنه ليس فقط يمنع عنا الهلاك، لكنه يعطينا أن ندخل في العائلة الإلهية، وأن نصبح أعضاء في جسد المسيح. هذا هو الخلاص من جانبه الإيجابي. نحن الآن أولاد الله، لكننا سنكون مثله لأننا سنراه كما هو. ليس فقط يرفع عنا الموت الأبدي، لكنه يعطينا حياة الله، الحياة الأبدية.

لكن، لا يمكننا أن ننتفع بهذه المحبة إلا إذا آمنا بالمسيح. يقول: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ". وسيلتنا لأن نتمتع بهذه المحبة هي أن نؤمن بالمسيح الذي جاء لكي يشترينا بدمه. لقد بذل الله ابنه. إنه لم يرسل ابنه – فكلمة "يرسل" تعني أنه يمكن أن يستردّ من أرسله - لكنه بذل ابنه، وبذله إلى النهاية حتى الموت. فإذا نحن آمنا أن هذا الذي بُذل على الصليب هو الله الذي ظهر في الجسد، الذي أخذ عاري وعارك، وخطيتي وخطيتك، وأعطانا بره، فإننا لا نهلك، بل تكون لنا الحياة الأبدية.

المجموعة: 200904

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

89 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10555281