Voice of Preaching the Gospel

vopg

آب (أغسطس) 2009

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

هناك خطران على طرفَي النقيض يمكن أن يقع فيهما المرء بالنسبة للاختبارات المسيحية. فمن جهة، هناك خطر التحدث عن اختبارات مسيحية، بغير أن يكون المتحدث قد اختبرها شخصياً، فيتحدث عن معلومات نظرية، وعن اختبارات روحية قرأها أو سمع عنها من غير أن يكون له اختبار حقيقي لها... هذا خطر شديد.


وعلى الطرف الآخر من هذا الخطر، هناك إنسان لا يستطيع أن يتحدث بما قد اختبر. لقد اختبر اختبارات مجيدة، لكنه لا يتحدث عنها. وإن كان هذا الوضع الثاني خطراً، إلا أنه حقيقية بالنسبة لجميع الاختبارات الروحية إلى حدّ ما، فما من اختبار روحي يمكن أن يجد الإنسان له تعبيرات تستطيع أن تحتويه، أو أن تصفه، أو تنقله إلى الآخرين نقلاً كاملاً. فكل الأمور الروحية الجليلة تعجز الكلمات البشرية عن أن تنطق بها أو تنقلها للآخرين.
من يستطيع أن يصف محبة الأم الأرضية أو الأب الأرضي؟! من يستطيع أن يجد ألفاظاً يصف بها اختبارات عميقة قد عرفها فوق جبل التجلي؟ إن بولس وبطرس كليهما لم يجدا ألفاظاً تكفي أن تصف ما عرفاه من اختبارات روحية.
يكتب بولس الرسول فيقول: "فَشُكْرًا ِللهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا" (2كورنثوس 15:9). كأن بولس يقول: أنا لا أجد ألفاظاً أستطيع بها أن أصف عطية الله.. ثم يصف بولس في ذات الرسالة اختباراً اجتازه هو، إذ نُقل إلى السماء الثالثة – الفردوس – ويقول أنه يعرف إنساناً "اخْتُطِفَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا" (2كورنثوس 4:12). ويقول الرسول بطرس: "الَّذِي وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ (والحديث عن المسيح). ذلِكَ وَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ لكِنْ تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ"
(1بطرس 8:1). لم يجد بطرس أيضاً في كل الكلمات البشرية التي يعرفها كلمات يستطيع أن يصف بها هذا الفرح الذي يختبره هو، ويختبره المؤمنون بالمسيح فقال: "تَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ".
1- عطية لا يُعبّر عنها
يقول بولس: "شُكْرًا ِللهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا". كان بولس يحثّ أهل كورنثوس أن يغدقوا في العطاء. وأعطاهم مثالاً من أهل كنائس مكدونية، كيف أنهم كانوا يعطون فوق الطاقة وبسخاء، وبغير أن يطلب منهم، وهم قد أعطوا أنفسهم أولاً للرب وللناس، وبعد ذلك أعطوا عطايا مادية.
قدّم بولس لأهل كنيسة كورنثوس مثالاً من كنائس مكدونية في العطاء، ليحثهم على العطاء.. وتذكر بولس في الحال المثل الأعلى في العطاء – ذاك الذي لم يبخل علينا بابنه – فقال: "شُكْرًا ِللهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا". هو مصدر العطاء الذي يعلمنا كيف نعطي. أعطانا بسخاء وأكثر مما نطلب أو نفتكر.. شكراً لله على عطية الحياة، وعلى حفظه لنا في هذه الحياة..
شكراً لأنه يحمينا من أخطار كثيرة وفي كل لحظة وفي كل مكان.
تقوم زلازل وبراكين في أماكن في العالم لا يدري أهلها بحدوثها. ينامون في راحة وهدوء، ولا يدور بخلدهم أن زلزالاً يمكن أن يحدث. وفي لحظة يموت ويتشرد الآلاف! هل نشكر الله لأن مثل هذه الكوارث لم تحدث لنا، أم أننا لا نشكر الله إلا بعد أن ندخل الكارثة والأزمة ونخرج منها؟
شكراً لله على عطية الغفران، لأنه في المسيح محا كل خطايانا، لأن دم المسيح يطهرنا من كل خطية – مهما تعددت وتلوّنت – لمن يعترف بالخطية ويثق بدم المسيح. هناك غفران كامل، فشكراً لله على عطية الغفران.
وشكراً لله على الحياة الأبدية – كلمة أبدية تعني حياة الله فينا – فهي حياة لا تنتهي. والأبدية صفة لله، فشكراً لله الذي أعطانا حياته، لنتمتع بطبيعته وصفاته بحياة أبدية لن تُنزع منا، لأننا في قبضة يد المسيح، وقد نقلنا من الموت إلى الحياة.
شكراً لله على عطية الرجاء. إننا ننتظر مجيئه ثانية، وإن كنا نراه اليوم بالإيمان، فإننا سنراه حين يأتي بالعيان، وسنكون مثله.
ولكن العطية التي يتحدث عنها بولس ليست هي الغفران، أو الحياة الأبدية، أو الرجاء - إن عطية الله التي لا يُعبَّر عنها هي المسيح نفسه. شكراً لله أنه إذ أحبنا، بذل ابنه لأجلنا "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". صار واحداً منا، واقترب إلينا، فلم نعد بحاجة لأن نجاهد ونصارع لنصل إلى الله، بل جاءنا إنساناً باحثاً عنا، باذلاً نفسه لأجلنا، سافكاً دمه عنا.. شكراً لله على المسيح، على عطيته التي لا يُعبّر عنها.
2- اختبار لا يُعبّر عنه
تحدث الرسول بولس عن اختبار جاز فيه، وكأنه يتحدث عن إنسان آخر، فيقول: " أَعْرِفُ إِنْسَانًا فِي الْمَسِيحِ قَبْلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. أَفِي الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ، أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ... اخْتُطِفَ هذَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ... اخْتُطِفَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا" (2كورنثوس 2:12-4). لقد أُخذ في رؤيا، ورأى ما لا يُرى. أخذه الله للفردوس، فسمع هناك كلمات لا يُنطق بها... رأى بولس أمجاداً، رأى ما يعده المسيح لنا في بيت الآب. سمع ترنيمات القديسين والملائكة، وقال إنها كلمات لا يُنطق بها.
هل لنا أن نرى بعيون الإيمان ما رآه بولس بالعيان؟ أن نعرف أن المسيح قد قال: "أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا".
وهذه الكلمات التي سمعها بولس نستطيع أن نسمعها – ليس بالضرورة حين نُختطف إلى الفردوس – ولكن ونحن على هذه الأرض، نستطيع ونحن في عمق هذه الشركة مع الآب أن نرى ما لا يُرى، فنرى المدينة التي لها الأساسات، فنستهين بهذه المدن الأرضية التي هي إلى زوال، ونرى الأمجاد التي لنا في المسيح، فتصغر أمامنا كل أضواء هذا العالم وأمجاده الزائلة. دعونا ندخل في شركة مع الله فيُسمعنا كلمات لا يُنطق بها، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها.
3- فرح لا يُنطق به
يتحدث بطرس عن المسيح فيقول: "الَّذِي وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ. ذلِكَ وَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ لكِنْ تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ" (1بطرس 8:1). في تاريخ علاقة الإنسان بالمسيح، وُجد قوم – قبل المسيح – كانوا يتمنون أن يروا المسيح بالعيان.. فقال المسيح لتلاميذه: "طوبى للعيون التي ترى ما أنتم ترونه".
ثم جاءت مرحلة أولئك الذين عاصروا المسيح، ولمسوه، وشاهدوه، وعاشوا معه في الليل والنهار، واستمعوا لتعاليمه. ويقول بطرس لكرنيليوس: ونحن شهود بكل ما فعل". هذه مرحلة ثانية.
وجاءت مرحلة ثالثة: أولئك الذين يستطيعون أن يروا المسيح بالإيمان. ويتحدث بطرس للمعذبين المشتتين ويقول لهم عن المسيح: "وإن لم تروه تحبونه". نعم، إنكم لا تستطيعون أن تروه بعيونكم الجسدية، لكن بالإيمان تحبونه. وقال المسيح لتوما: "لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا" (يوحنا 29:20). ثم تأتي مرحلة بعد الآن، فيها نحن الذين نراه بالإيمان، وكل الذين سبقوا أن رأوه بالإيمان، سوف نراه جميعاً بالعيان وجهاً لوجه، ونصير مثله. عندها نختبر ما قاله بطرس: "تبتهجون بفرح لا يُنطق به ومجيد". الآن، وأنت تنظر إليه بالإيمان - وأنت تثق به – تجده معك مخلصاً لك، فادياً، ومعيناً، ومرشداً، وصديقاً لك، فتبتهج بفرح لا يُنطق به ومجيد.
لاحظوا أن بطرس لا يتحدث عن رجاء، لكنه يقرر حقيقة. إنه لا يطلب لهم أن يبتهجوا بفرح لا يُنطق به ومجيد، ولكن أن يبتهجوا فعلاً... نعم، نحن لا نفرح بما نملك، لكننا نفرح بمن نملك وبمن يمتلكنا. إن فرحنا لا يُستمد مما يحيط بنا، لكن ممن يعيش في داخلنا، ومن نعيش له.
دعونا نشكر الله على المسيح، على عطية الله التي لا يُعبّر عنها، وأن نستمع بالإيمان إلى ما يقوله لنا من كلمات لا يُنطق بها، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها، وأن نبتهج بالإيمان بفرح لا يُنطق به ومجيد.

المجموعة: 200908

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

203 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472667