Voice of Preaching the Gospel

vopg

آب (أغسطس) 2005

لست أدري من أين أتيتُ ولا أعلمُ إلى أين أذهبُ. هذا هو لسان حالي حين وعيت على هذه الدنيا. فلقد ولدت في ملجأ للّقطاء يهتم بالفتيات الحوامل من دون زواج إلى أن يَلدْنَ. وبعد ذلك أُودِعْتُ في أحد الملاجئ المسيحية للأيتام في ضاحية من ضواحي مدينة دالاس بولاية تكساس الأمريكية. وهناك نشأت وترعرعت مع الكثير من الأولاد أمثالي. وفي كل يوم كنت أجلس بجانب النافذة وأسرح بخيالي وأحلم أن يكون لدي بيتٌ وعائلة تحتضنني وتهتم بي وتصبح لي الأم والأب اللذين لم أتعرَّف إليهما. لكنَّ هذا الفجرَ الجديد الذي طالما انتظرتُه في سني حياتي الأولى لم يبزغْ قط. ولم يتقدَّم أحد من الأهالي بطلب إلى إدارة الميتم لكي يتبنَّاني كباقي أترابي الذين تركوا الملجأ وأصبحوا أولاداً شرعيين لعائلاتٍ تبنَّتهم. فشعرتُ بأننَّي منبوذة ومكروهة ليس من قبل والديّ اللذين تخلَّيا عني ولم يعترفا بي فحسب، بل أيضا من قِبَلِ المجتمع من حولي. وفوق كل هذا، صرتُ أضحوكةً على فم الأولاد إذ كانوا يعيّرونني بمنظري لأنني كنت أعاني من زيادة في الوزن منذ حداثتي بسبب مشكلة في الغدة الدرقية لديَّ. وكانوا يرددون ويقولون:

 

Fatty fatty two by four

get through the kitchen doorcan’t

في هذا الجو البغيض والمقيت كَبُرْتُ، وشعرت بالوحدة بالرغم من وجودي مع أولاد كثيرين. وشعرت أيضاً بالاستياء والكراهية للجميع. وعلى الرغم أنني في كل يوم ومع كل وجبة طعام في الميتم سمعت رسالة الإنجيل وسمعت الكثير عن أن الله محبة وهو يحبُّني أنا شخصياً، إلا أنني لم أزددْ إلا اشمئزازاً من هذا الإله الذي سمح بحياتي أن تكون على هذه الشاكلة العويصة. ورحت أعلِّق وأقول في داخلي ساخرةً ومستهزئة: "هـيه .. طبعاً، إن الله محبة ويحبنُّي أنا بالذات حتى إنَّه تخلَّى عني ورماني هكذا." وازداد الحقدُ في داخلي على هذا الإله لأنه تركني أعيش هذه المعاناة منذُ نعومة أظفاري. غَدتْ مشاعري بعدها مجمّدة وروحي محطمة وقلبي مجروحاً إلا أنني لم أكن أبكي إلا نادراً. فلقد فارقتني المشاعرُ والأحاسيس من داخلي . وانخرطت وأنا بعدُ في المدرسة الثانوية العامة في استخدام المخدرات. ولمّا تخرجت من الثانوية، كنت عندها قد بلغت الثامنة عشرة من عمري، أُخرجْتُ أيضاً من عالمي الصغير في الميتم إلى عالمٍ كبير لا أعرف فيه أحداً، ولا أفقهُ فيه شيئاً. وصرتُ لقمة سائغة بين يدي إبليس. فعملتُ كلَّ ما حلا في عينيَّ.  وصار كل ممنوع مرغوباً لي. ولم أشعر يوماً قط بالخوف من أحد ولا من شيء لأنه لم يكن لديَّ شيء حتى أفقده. فانزلقت في عالم الخطية والإثم من مخدرات وجنس وانتماءات منحطَّة. ووقعتُ في يدي الشرطة مرتين وزجُّوني في السجن بسبب إدماني على كل أنواع المخدرات. وقيلَ لي آنذاك يجب أن نضعَكِ في مكان خفيٍ تحت السجن فأنتِ لا تستحقين ولا حتى الزنزانة، بل مكاناً أكثر ظلمة. نعم، حصل لي كلُّ هذا لكنَّني لم أكترثْ أبداً وبقيت مستهترة إلى آخر حدّ.

وحدث في ذات يوم أنني وجدت نفسي حُبلى بسبب معاشراتي وعلاقاتي المتعددة. وأخبروني عندها بأنَّه يجب عليّ أن أتوقّف حالاً عن حَقن جسدي بالمخدرات لأنَّ في هذا ما يؤذي طفلي ويؤثر على حياته. إلا أننَّي لم أرعوِِ. وبقيت أدخِّن الماروانا ومارست الحَقن بالمخدِّر غيرَ آبهةٍ بما سيجلب هذا لطفلي من عطَبٍ وربما الموت. إلى أن أتى اليوم في الخامس عشر من شهر نوفمبر تشرين الثاني والعام 1972حين وضعتُ طفلاً جميلاً وزنه سبعة باوند وأربعة عشر أونساً. لكنني فوجئتُ بالطبيب يُبلغني أنَّ طفلي الجميل هذا لن يعيش طويلاً. عندها، فقدتُ صوابي ونظرتُ إلى العلاء، أجل، إلى الله الذي أدرتُ له القَفا طيلةَ سني حياتي البالغة أنذاك ستاً وعشرين سنة. وقلتُ له وكأنني أتكلم مع واحدة من صاحباتي وبلهجةٍ وقحة:

"تعال الآن نبرمُ عهداً بيني وبينَكَ. فإذا أنتَ أنقذت طفلي من الموت المحتَّم، فلسوف أتركُ المخدرات وكلَّ طرقي الردية وأصبح مستقيمة." وبقي طفلي في حال الخطر في المستشفى أسبوعين وبقيتُ أنا أنتظر ماذا سيحلُّ به. وفي إحدى الليالي الحالكة السواد، أقبل الربُ يسوع المسيح إلى طفلي ولمَسه لمسةَ الشفاء بيديه الحنونتين فصار ولدي طفلاً كاملاً. ولمَّا استفاق الأطباء في اليوم التالي وشاهدوا ما حصل له، تعجَّبوا للغاية ولم يجدوا جواباً علمياً لحالة الشفاء تلك. وما كان منهم إلاَّ أن كتبوا على إضبارته بالإنكليزية:  God Active (إلهٌ فعَّال).

ابني ديفيد الآن يبلغ من العمر تسعة وعشرين عاماً، وطوله ستة أقدام وثلاثة بوصات. وفوق كل هذا يحب الرب يسوع المسيح جداً ويقول لي: أنا أشكر الله لأنكِ أمي. ولديَّ ولد ثانٍ اسمه جوستين، هو الآخر جميل المنظر ويحب الرب وعمره ستة وعشرون عاما. لكنني لم أعطِ قلبي وأسلِّم حياتي للرب يسوع المسيح إلا بعد مرور ستة أشهر على حادث شفاء طفلي. وفورَ صلاتي وتسليم حياتي للمسيح أجرى الله فيَّ تغييراً عجيباً لا مثيلَ له. حقاً لقد خلقني وأصبحتُ خليقة جديدة، "الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديداً"... غيَّر أفكاري، ومواقفي، وعاداتي، وخلَّصني من إدماني على المخدرات في لحظةٍ واحدة. وجسدي لم يعدْ يطلب المخدر منذ ذلك الحين وحتى هذه الساعة. المجد لاسمه لقد عاد وصنعني وعاءً جديداً كما يحلو له. لقد لملمَ أشلائي المتناثرة، ورمَّم كبريائي المهدورة، وجعَلني إنسانةً جديدة تحيا بنعمته وتَنعمُ بمحبته ورعايته. لم يكن لديَّ قلب، أمَّا هو فقد منحني قلبه. لم يكن لدي عواطف وأحاسيس، أما هو فقد وهبني مشاعره وجعل فيَّ أحشاء ورأفات. وأضحى دم يسوع المسيح مخلصي هو شافيَّ من جروحي، هو سلامي واطمئناني، وهو فرحي وسعادتي. صار لي الراعي والصديق والأب والأم. صار لي كل شيء. وأدركت عندها أن الله المحبة لم يتخلَّ عني حين نُبذتُ من قبَِلِ أهلي لكنَّه بالفعل اختارني وجعلني بنتاً من بناته. ومن كثرة فرحي ذهبت إلى صديقتي الحميمة التي كانت تعمل بائعة للهوى، وكنت أشارك معها مشاكلي وآلامي، وقلت لها بأنَّ يسوع المسيح يستطيع أن يخلِّصها من حياة اللهو، والعَبَث والعار التي كانت تعيشها. لكنَّها رفضت وقالت : ليس الآن يا "لولو" ليس الآن. وبعد فترةٍ وجيزة سمعت من أحدهم بأنَّها قد ماتت قتلاً بسبب صفقة مخدرات مع أحد التجار. صُعِقتُ من الخبر المحزن هذا ورفعت صلاة حارة إلى الرب تمنيَّت فيها أن تكون قد قبلَتْ الرب يسوع مخلصاً لها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.

ومن خلال سني حياتي مع الرب يسوع، أضرم فيَّ موهبة جديدة هي غير الموهبة التي كانت لدي من قبل Comedian Actress  وهي أن أصبح مرنمة. وبدأت أرنم في برنامجٍ تلفزيوني اسمهHEHA   الترانيم القديمة  مثل  Blessed Assurance, Amazing Grace, The Old Rugged Cross  وهكذا... فنالت هذه الترانيم استحسان الكثيرين وخاصة استحسان شخص يهودي كان مُخرجاً في التلفزيون.  ورحت أسجِّل ترانيم أخرى فيما بعد تحكي عن حياتي واختباري أنا شخصيا ورحلتي مع المسيح.

كان هذا كلُّه  في مرحلة حياتي الأولى بعد الإيمان، أما في المرحلة الثانية من حياتي ومنذُ عشر سنوات تقريباً، فلقد سادني شعور غريب.  شعرت أنَّ البيت الفخم الذي كنت أملكه في دالاس والحياة المرفَّهة التي كنت أعيشها، والبحبوحة التي أمَّنتها لولديَّ، هذه كلُّها لم تمنحني استقرارا داخلياً ولم تكن هي هدفي الدائم في الحياة.  فالأشياء التي يمتلكها الإنسان لا يمكن أن تهبَه الراحة الداخلية أو السعادة. فصلَّيت بحرقةِ قلب وأنا مستلقية على فراشي ذات ليلة وقلتُ يا رب أريد أن تعمل في حياتي وتجعلني أشبهُ ابنك يسوع. وبدأ الرب يعمل فيَّ. فبيَّن لي أن في داخلي قلباً هو قلب تلك الفتاة الصغيرة الممتلئ بالغضب والمرارة بسبب ما مرَّ علي في حياتي السابقة. فقررت أن أتخلى عن كل شيء أملكه،  وأخذت ولديَّ معي،   David & Justin   بعد أن خسرت زوجي،  واتجهت إلى حيث قادني الرب من دالاس تكساس إلى ناشفيل تينيسي. وهناك أرسل الله لي مرشدا مؤمناً استطاع أن يساعدني في الوصول إلى قلب المشكلة ألا وهي المرارة وعدم الغفران اللذين كنت أحملهما في صدري. وعندما أدركت سبب معاناتي طرحتُ كلَّ شيء عند قدمي مخلصي يسوع المسيح. وعندها فاض ينبوعُ الغفران على قلبي وغسل كلَّ مرارة، وغضب، وكراهية، وعَّلمني أن أغفر أولاً لوالديَّ اللَّذين تخلَّيا عني بادئ ذي بدء، وثانياً أن أغفر لله نفسه الذي سمح لي بكل ذلك، وثالثاً أن أغفر أنا لنفسي من أجل الاختيارات السيئة والقرارات العشوائية التي اتَّخذتها في حياتي قبل إيماني بالمسيح. كما تعلَّمت أن أصلي كما صلَّى الرب يسوع في بستان جثسيماني: لكن لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك في حياتي. والآن أنا أجوب المدن والولايات في سيارة متواضعة يغمرني فرح عامر لأخبر الناس بشهادتي هذه وعمَّا صنع بي الرب وكيف رحمني، مستخدمة بذلك الموهبة التي منحني إياها الرب في الترنيم، بعيداً عن عدسات الكاميرا في التلفزيون، وقلبي مفعم بالشكر والحمد لله الآب لأنه بالحق لم يتخلَّ عني كما اعتقدت سابقاً، لا بل فقد اختارني لأكون خادمة له وأعلن حبه للعالم من حولي. بالحق لقد لملمَ أشلائي المتناثرة ورمَّم كرامتي المهدورة ووضع في فمي ترنيمة جديدة هي ترنيمة الخروف المذبوح. له كل مجد إلى الأبد.

لولو رامون - مرنمة  LuLu Ramon, Country Music Singer  

المجموعة: آب August 2005

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

98 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10554293