Voice of Preaching the Gospel

vopg

آب (أغسطس) 2006

إذا كنت مؤمناً مكتفياً بحياتك الروحية المنخفضة المستوى، وشعارك ”ساعة لقلبك وساعة لربّك“، فلا تستمرّ في قراءة هذه الرسالة... فهذه الرسالة مكتوبة للذين يشتاقون إلى شركة أعمق مع الرب، وإلى مكان ممتاز في ملكوته العتيد..

 

 

هناك اختباران: الاختبار الأول هو اختبار الميلاد الثاني، وهذا يتم بعمل روح الله وكلمة الله في قلب الإنسان، ”لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضًا قَبْلاً أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَائِشِينَ فِي الْخُبْثِ وَالْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا.  وَلكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ ­ لاَ بِأَعْمَال فِي بـِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثـَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ“ (تيطس 3:3-5).

الاختبار الثاني هو الوصول إلى مستوى عالٍ يرفعنا الرب إليه، وهذا الاختبار يتطلب الألم والتضحية وتكريس أعزّ ما نملك في الحياة للرب... وبدون هذا الاختبار يستمر المؤمن جسدياً في حياته وتصرفاته ويستخسر أجرته.

وفي هذه الرسالة سأقدّم أمثلة لمن اختبروا الاختبار الثاني:

المثال الأول:

إبراهيم وتقديمه إسحق محرقة

أطاع إبراهيم الرب، فخرج من أرضه ومن عشيرته ومن بيت أبيه، وسار مع الرب وهو لا يعلم إلى أين يأتي... هذا كان الاختبار الأول. وفي هذه المرحلة كان الرب يدرّب إبراهيم.. وفي هذه المرحلة ارتكب إبراهيم عدة أخطاء... طلب من سارة أن تقول أنها أخته عندما ذهب إلى مصر، وعندما ذهب إلى جرار، وضحّى بها لإنقاذ نفسه... اتخذ هاجر زوجة له سامعاً لاقتراح زوجته سارة، دون استشارة الرب.

ثم حان وقت الاختبار الثاني: ”وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ: [يَا إِبْرَاهِيمُ!]. فَقَالَ: [هأَنَذَا] .فَقَالَ: [خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ] .فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ اثـْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ“ (تكوين 1:22-3).

كان إسحق ابن إبراهيم الوحيد، لأنه كان ابن الموعد... إسماعيل وُلد حسب الجسد بالقدرة الإنسانية، أما إسحق فوُلد حسب الروح بمعجزة إلهية، وقد قال الرب لإبراهيم: ”لأنه بإسحق يُدعى لك نسل“ (تكوين 12:21). وأحبّ إبراهيم إسحق بكل قلبه، وأدخله الرب امتحاناً قاسياً، فطلب منه أن يُصعد الابن الوحيد الذي يحبه محرقة للرب.. أي أن يحرقه من رأسه إلى أخمص قدميه... فيصير رماداً على المذبح.

في هذه المرحلة وصل حبّ إبراهيم للرب إلى مستوى أعلى من حبه لإسحق.

”فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. ثـُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ“ (تكوين 9:22-10).

هذا مشهد يهزّ الكيان... ويثير العواطف... إسحق ابن الشيخوخة، المولود من سارة بمعجزة سيحرقه إبراهيم حتى يصير رماداً!!

في هذا المشهد وضع إبراهيم أعزّ ما عنده فوق المذبح.. ملأ الرب قلبه.. لم يعد للرب شريك في قلب إبراهيم وبهذا العمل الرهيب تبرّر إبراهيم أمام الناس.. بعد أن تبرّر منذ سنين بالإيمان أمام الله. وعن هذا قال يعقوب في رسالته: ”أَلَمْ يَتَبَرَّرْ إِبْرَاهِيمُ أَبُونَا بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَدَّمَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ؟  فَتَرَى أَنَّ الإِيمَانَ عَمِلَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَبِالأَعْمَالِ أُكْمِلَ الإِيمَانُ، وَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: [فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بـِرًّا] وَدُعِيَ خَلِيلَ اللهِ“ (يعقوب 21:2-23).

رفع الله إبراهيم إلى مستوى ”خليل الله“ أي صديق الله الحميم.. نجح إبراهيم في الامتحان.. واختبر الاختبار الثاني.. اختبار وضع أعزّ من أحبّ على مذبح الرب.

فهل وضعت أعزّ من تحب على مذبح الرب؟ هل صار الرب وحده مالئ قلبك؟ إذاً مبارك أنت من الرب.

المثال الثاني:

يعقوب وصراعه مع الله

اجتاز يعقوب اختباران: الاختبار الأول حدث له حين هرب من عيسو ”فَخَرَجَ يَعْقُوبُ مِنْ بِئـْرِ سَبْعٍ وَذَهَبَ نَحْوَ حَارَانَ. وَصَادَفَ مَكَانًا وَبَاتَ هُنَاكَ لأَنَّ الشَّمْسَ كَانَتْ قَدْ غَابَتْ، وَأَخَذَ مِنْ حِجَارَةِ الْمَكَانِ وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَاضْطَجَعَ فِي ذلِكَ الْمَكَانِ. وَرَأَى حُلْمًا، وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا. وَهُوَذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَيْهَا، فَقَالَ: [أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبـِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ. وَيَكُونُ نَسْلُكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ، وَتَمْتَدُّ غَرْبًا وَشَرْقًا وَشَمَالاً وَجَنُوبًا، وَيَتَبَارَكُ فِيكَ وَفِي نَسْلِكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثـُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ" (تكوين 10:28-15). في هذا المشهد التقى يعقوب بالرب، وسمع وعده بأنه سيحفظه حيثما يذهب. اختبر يعقوب الاختبار الأول.

لكنه تصرف بعد ذلك في عدّة مواقف بحسب فكره الجسدي. كان بحاجة إلى الاختبار الثاني.. واجتاز الاختبار الثاني بعد أن ترك لابان متجهاً إلى أرض كنعان.

”فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ.  وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ.  وَقَالَ: [أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ]. فَقَالَ: [لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي]. فَقَالَ لَهُ: [مَا اسْمُكَ؟] فَقَالَ: [يَعْقُوبُ]. فَقَالَ: [لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ]“
(تكوين 24:32-28).

كان لا بدّ أن يصارع الرب يعقوب.. وكان لا بدّ أن يضرب حقّ فخذه ليخلّصه من الاعتماد على قوته الجسدية.. ويدخله الاختبار الثاني، اختبار الاتكال الكلي على الرب.. وبهذا الاختبار غيّر اسمه من يعقوب إلى إسرائيل. وفي هذا المكان اختبر يعقوب وجود الرب ونجاة نفسه.

”فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلاً: لأني نظرت الله وجهاً لوجه ونُجِّيِت نفسي“ (تكوين 30:32). وكلمة ”فنيئيل“  معناها الحرفي ”وجه الله“.

فهل التقيت بالرب وجهاً لوجه؟ وهل تَصَارَع معك ليكسر كبرياءك؟ وهل غيّر الرب اسمك من ”يعقوب الماكر“ إلى إسرائيل الذي معناه ”أمير مع الله“؟ إذاً فطوبى لك.

المثال الثالث:

بولس الرسول واختبار الامتلاء بالروح

التقى بولس الرسول الذي اسمه ”شاول“ بالمسيح المُقام الموجود في السماء، وهو في طريقه إلى دمشق بغرض أن يسوق المؤمنين بالمسيح إلى أورشليم ليضعهم في السجون.

”وَفِي ذَهَابِهِ حَدَثَ أَنَّهُ اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلاً لَهُ: [شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟]فَقَالَ: [مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟] فَقَالَ الرَّبُّ:[أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ]. فَقَالَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: [يَارَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟] فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: [قُمْ وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ] (أعمال 3:9-6).

في هذا المشهد نال ”شاول“ الاختبار الأول.. اعترف بالمسيح ربّاً ”وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: [يَسُوعُ رَبٌّ] إِلاَّ بـِالرُّوحِ الْقُدُسِ“ (1كورنثوس 3:12). لكن ”شاول“ احتاج إلى الاختبار الثاني، اختبار الامتلاء بالروح القدس.. وقد حصل على هذا الاختبار عندما التقى بحنانيا ”فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: [أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، قَدْ أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق.. لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس. فللوقت وقع من عينيه شيء كأنه قشور فأبصر في الحال وقام واعتمد“ (أعمال 17:9-18).

حصل شاول على الاختبار الثاني الذي أعدّه لأن يقول: ”لكن ما كان لي ربحاً فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة. بل إني أحسب كل شيء أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح“ (فيلبي 7:3-8).

لكي تتعمّق شركتك مع الرب تحتاج إلى الاختبار الثاني، الاختبار الذي فيه تضع أعزّ من لديك وما لديك على المذبح، الاختبار الذي تتنحّى فيه عن قدراتك الجسدية.. الاختبار الذي فيه تتنازل عن كبريائك.. كبرياء العلم.. وكبرياء الغنى، وكبرياء الفكر المتعالي على الله. الاختبار الذي فيه تمتلئ من الروح القدس، فيسود الروح القدس على حياتك، وقلبك، وعواطفك، وتصرفاتك. وبدون هذا الاختبار الثاني تظل مؤمناً جسدياً.. تعيش على اللبن كالأطفال، فتتصرّف تصرفات الأطفال، ولا يكون لك امتياز القرب من المسيح في الزمان وفي الأبدية.

المجموعة: آب August 2006

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

504 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10475621