Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران (يونيو) 2006

"ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا... فصنعوا له هناك عشاء. وكانت مرثا تخدم وأما لعازر فكان أحد المتكئين معه. فأخذت مريم مناً من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع، ومسحت قدميه بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب" (يوحنا 1:12-3).

 

هي أسرة تتكوّن من ثلاثة أشخاص، كلٌّ منهم يعلمنا درساً نافعاً عن الحياة الروحية الصحيحة. ذهب يسوع إلى بيت عنيا القريبة من أورشليم مع أن "رؤساء الكهنة قد أصدروا أمراً أنه إن عرف أحد أين هو فليدلّ عليه لكي يمسكوه" (يوحنا 57:11). وقبل ذلك أيضاً ذهب إلى هناك ليقيم لعازر بالرغم من خطورة الذهاب إلى هناك، حتى أن تلاميذه قالوا له: "يا معلم الآن كان اليهود يطلبون أن يرجموك وتذهب أيضاً إلى هناك؟" (يوحنا 8:11). لم يكن هناك شيء يستطيع أن يمنع المسيح من الذهاب إلى بيت عنيا. والسبب واضح في عدد 5: "وكان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر“. ولذلك لما مات لعازر ”أرسلت الأختان إليه قائلتين يا سيد هوذا الذي تحبه مريض“ (عدد 3). من هذا نتعلم أنه كانت هناك محبة شديدة متبادلة بين الرب وتلك الأسرة. ولا عجب لأن لكل واحد في تلك الأسرة دور مهم في علاقتهم مع يسوع المسيح.

 

أولاً: "كانت مرثا تخدم"

كلمات قليلة لكنها تعبّر عن قلب يحب الرب محبة شديدة، قلب مستعد للتضحية لأن الخدمة تتطلب التضحية. ولكن المكافأة أعظم من التضحية بما لا يُقاس، كما قال المسيح: "إن كان أحد يخدمني يكرمه الآب" (يوحنا 26:12). وهل هناك كرامة أعظم من هذه؟ علمنا المسيح أن كأس ماء بارد لا يضيع أجره. الشعوب عادة تكرم من قاموا بخدمة عظيمة لأمتهم، ولكن ماذا يستطيعون أن يعملوا؟ كل إكرام من البشر لا فائدة منه بعد الموت. أما من يخدم المسيح يكرمه الآب كرامة لا تزول. إذ نخدم الرب نكنز لنا ”كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون" (متى 20:6). خدمة المسيح هي من أجمل ما يتصف به أيضاً مستقبلنا السعيد حيث "لا تكون لعنة ما في ما بعد. وعرش الله والخروف يكون فيها، وعبيده يخدمونه" (رؤيا 3:22). إن أعظم شرف وأعظم سعادة أن نخدم يسوع المسيح الذي أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا.

 

ثانياً: "وأما لعازر فكان أحد المتكئين معه"

انتهز لعازر الفرصة ليمتع نفسه بالإصغاء إلى حديث الرب الذي أقامه من الأموات. الخدمة لها وقتها وفوائدها، والجلوس في محضر الرب له أيضاً وقته وله بركات كثيرة. كم نحن نقصّر في هذا الأمر، نحن الذين أقامنا من الموت الروحي وأجلسنا معه في السماويات. كلنا نحتاج لأن نتّكئ معه لأن "أمامه شبع سرور، في يمينه نِعَمٌ إلى الأبد". لا شك أن المسيح الذي أكل مع المدعوين مما جهزته مرثا، رتب لهم مائدة شهية من الطعام الروحي، من كلامه الحلو، وهو الذي انسكبت النعمة على شفتيه، الذي لم يتكلم أحد قط مثله. للأسف الشديد كثيراً ما نحرم أنفسنا من الاتكاء معه ونكتفي بدقائق قليلة نقضيها في محضره. وبذلك نشعر بالهزال، ونصبح عرضة للضعف والشك. الاتكاء معه يعني التفرّغ للإصغاء إلى صوته بواسطة قراءة الكلمة، والتأمل فيها، والصلاة المبنية على ما تعلّمنا إياه كلمته. إن تاريخ الكنيسة يدل على أن الذين استخدمهم الرب بقوة فكانوا بركة للآخرين، هم الذين قضوا الساعات الطويلة في الشركة مع الرب. قال موسى في البركة التي بارك بها بني إسرائيل: "جميع قديسيه في يدك، وهم جالسون عند قدمك يتقبّلون من أقوالك" (تثنية 3:33).

 ثالثاً: "فأخذت مريم مناً من طيب ناردين خالص كثير الثمن، ودهنت قدمَي يسوع، ومسحت قدميه بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب" (يوحنا 3:12)

لقد تعلمنا الخدمة من مرثا. وتعلمنا الجلوس مع المسيح من لعازر، والآن نتعلم السجود من مريم. وهنا تتردد اليد في الكتابة، اعترافاً بالضعف والتقصير في هذا الأمر. فينحني الكاتب طالباً المعونة الإلهية. إلا أن الهدف من هذا المقال، بل من هذه المجلة، هو أن نساعد بعضنا بعضاً، ونبني أحدنا الآخر. لذلك سنتكلم باختصار عن بعض الدروس التي نتعلمها مما عملته مريم في تلك المناسبة.

              1.  سكبت مريم أثمن ما عندها على قدمي يسوع. يا له من توبيخ لنا!!! فكم من المرات نرنم ونقول: "فضتي وذهبي استلم وما لي في الحياة"، ولكننا نزرع بشح وننسى "أن من يزرع بالشح فبالشح أيضاً يحصد". والحقيقة هي أن أعظم دافع للعطاء هو المحبة، أي محبة الرب وإجلاله وإكرامه كما فعلت مريم.

              2.  "مسحت قدميه بشعرها". قال الرسول بولس في كورنثوس 15:11 أن شعر المرأة هو مجد لها. فكأنها وضعت مجدها، كما وضعت مالها عند قدمَي يسوع. كما نراها في لوقا 39:10 كلها بجملتها عند قدميه لتسمع كلامه. ومن الذي يطيل الجلوس عند قدمي الفادي ولا يسجد له! يبدو أن مريم، نتيجة لجلوسها عند قدميه، فهمت قبل تلاميذه، أنه سوف يموت ولن تكون لها الفرصة حينذاك أن تدهن جسده بالطيب، ففعلت ذلك مقدّماً. لذلك "قال يسوع اتركوها إنها ليوم تكفيني قد حفظته".

              3.  نلاحظ أنه كان لعملها تأثير جميل إذ "امتلأ البيت من رائحة الطيب". وما أجمل البيت الذي يمتلئ برائحة السجود الحقيقي والتقدير لشخص وعمل المسيح. إن تأثيره على أفراد العائلة أعظم من مواعظ كثيرة.

              4.  لقد سكت الشيطان حين كانت مرثا تخدم ولعازر يتكئ مع المسيح. أما حين حدث السجود والإكرام والإجلال للمسيح، لم يستطع الشيطان أن يحتمل هذا. ولا شك أننا لاحظنا هذا في علاقتنا مع الرب. فقد ننهمك في الخدمة أو في دراسة الكلمة، ولكن حين نريد أن نسجد لسيدنا وفادينا، يضع الشيطان أمامنا عقبات لا حدّ لها.

              5.  وأخيراً نقول: إن من يمتلئ قلبه بالسجود لا يتسرّع في الدفاع عن نفسه، بل يترك الأمر لإلهه ليدافع عنه. قال يسوع: "الحق أقول لكم: حيثما يُكرز بهذا الإنجيل في كل العالم، يُخبر بما فعلته هذه تذكاراً لها" (متى 13:26). وفي مرقس 6:14 قال: "لماذا تزعجونها. قد عملت بي عملاً حسناً".

وختاماً، نقول حقاً يا له من بيت سعيد أساسه حب المسيح. بيت يتصف بخدمة وشركة وسجود. ليت بيوتنا تكون كذلك.

المجموعة: 200606

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

185 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10475741