Voice of Preaching the Gospel

vopg

شباط February 2010

يعرف علم الجمال Aesthetics بأنه علم الشعور والعواطف والانفعالات، ويبحث في الذات وجمال المعنى. إنه يدرس جوهر حياتنا اليومية الحسية الملموسة والمرئية، ويحاول أن يوحّد بين الذات والموضوع، وبين الفكرة والتذوّق، وبين الإبداع

والتجربة، وبين الوضوح والجاذبية.
وهنا يقوم العقل بعملية التحليل المجرد والتحليل المتسلسل عن طريق التفكير، والتفهّم، والمحاكاة، والتعبير، والتناسق، وحفيف الروح. هل العقل ذات مستقلة مفكرة أو مادة عقلية فيزيائية طبيعية؟ وما طبيعته؟ وكيف تترابط علاقاته؟ هل عمله جزء من التعبير الطبيعي أو التنبيه من خلال أعصاب الدماغ؟ هل وظيفته مجرد التحليل والتفكير أو عمليات تتعلق بالوعي والأخلاق؟ وما الفرق بين الجمال الموضوعي المثالي والجمال الموضوعي الواقعي؟
أولاً، الجمال عملية عقلية
أشار إنشتاين الى عناصر الجمال في ثلاثة: البساطة والتناسق والروعة، وقال: لا علم من غير الاعتقاد بوجود تناسق داخلي في الكون. وقال توما الإكويني: عناصر الجمال ثلاثة: الكمال والتناسق والإشراق. وقال كروتشي: الجمال هو التكوين العقلي لصورة ذهنية أو لسلسلة من الصور يتمثل فيها جوهر المدرك، فالجمال يتعلق بالصورة الباطنية أكثر من الصورة الخارجية. وقال پول ديراك: إن وجود الجمال في معادلات العلم أهم من جعل هذه المواد تنطبق على البشرية. وقال ميخائيل إنجلو: إن الإنسان لا يصوّر بيديه بل برأسه أي بخياله. وقال هيجل: الجمال مرجعه الى إتحاد الفكرة بمظهرها الحسي. وقال سقراط: الجمال مرادف للمفيد والنافع واللذة النفسية. وقال ليونارد دافنشي الإيطالي: إنه المحاكي الوحيد لكل الأعمال المرئية في الطبيعة. أما نيوتن فقال: الطبيعة تسرها البساطة وهي غير مولعة بأبهة الأسباب الزائدة على الحاجة. وقال أفلاطون: الفنان هو من يأخذ مرآة ويديرها في جميع الاتجاهات، وقال: الجمال شيء إلهي ومعنى مطلق في جوهر الأشياء لا يتغير وهو مرادف للخير؟ قص شاب تزوج بفتاة جميلة، لكن للأسف! لم يجد معها يوماً واحداً مريحاً بل عاش معها في أتعاب وحزن وهمّ، لأن "الحسن غش والجمال باطل أما المرأة المتقية الرب فهي تُمدح" (أمثال 30:31). إن الله نفسه هو الجمال الكامل الذي أشار اليه النبي زكريا في 17:9 "ما أجوده وما أجمله!"
ثانياً، الجمال صفة إلهية
إن الجمال هو ما تراه النفس ويستقرّ في القلب، يُدرك بالفطرة في حسن المرأة، ورزانة الرجل، وبسمة الطفل، ولوحة الفنان، ولحن الخلود، وتحسس المخلوقات، وتقدير القيم غير المنظورة.
والجمال الطبيعي أنواع ودرجات ومراتب، لكن المهم هو القدرة على التذوّق والتأمّل واستيعاب أبعاد الصور الجمالية. فقد يُفتن أحدهم بألوان الورود والأزهار، وينتعش بهبوب النسيم، ويحملق عند سماع خرير المياه، ويهتزّ لأرق المشاعر، ويحب من أول نظرة، ويخاف من البوح بحبه، ويتزوج من يعشق، ويصمت أمام الله، ويسر بالإستقامة، ويصفر مع صوت العصفور، ويزقزق مع الكناري، ويرقص على أنغام الموسيقى دون أن يجد تفسيراً لهذه القوة الجذابة، إلا أن الجمال إثبات على وجود الله.
إن الجمال عند عمانوئيل كانط هو "الحس المشترك الذي نفهم به المعنى الخارجي". إن الجمال الطبيعي تجربة فنية، ووسيلة للاتصال الثقافي، وموهبة طبيعية، وإتجاه رومانسي، ودلالة انفعالية تحليلية، وصفة أصيلة، وشعور حسي، وقانون حياتي، واستنارة علمية، وجاذبية معنوية. إنه صفة أزلية، وإن شئت فقل إنه صورة الله الخالق في خليقته. هل قرأت عن موسى النبي عندما نزل من جبل الوصايا العشر أنه "لم يعلم أن جلد وجهه صار يلمع" (تثنية 29:34). أو استفانوس في أعمال 54:7-56 "فرأى مجد الله." هذا هو الجمال الروحي الهادئ والرقيق والمهيب. إنه جمال التواضع والفضيلة والإيمان بالله. كتب ميخائيل إنجلو الذي قام بتوضيح مناظر الإنجيل بلوحاته البديعة قصيدة شعرية قال فيها: الآن علمت أني كنت أقدس الفن العالمي الباطل، فلا الرسم ولا النحت يستطيع أن يريح النفس المتعبة. ولكنها تتجه كلها الآن الى محبة ذلك الشخص الذي علقت ذراعاه على الصليب، والذي بهما يحتضنني.
ثالثاً، الجمال حكمة سماوية
ماذا يقول الكتاب المقدس عن الجمال؟ هناك سفر بأكمله يتكلم عن الجمال - جمال الكنيسة، ويلخص فكر الله نحو شعبه وهو نشيد الأنشاد. ويذكر هناك سبع صفات كالقدرة على التمييز الروحي "طوبى لعيونكم لأنها تبصر"، والخضوع، والتعبّد، والتكريس، والوحدة "قطيع معزى"، وأطيب المراعي كجبال جلعاد، والقدرة على فهم كلمة الله وشفاه كلام النعمة، والطبيعة الجديدة مثل "قطيع الجزائر"، وتُختصر في "ليس فيك عيبة" (نشيد 7:4). وهذا لا ينطبق على الأمور الجسدية. قيل عن المسيح "أنت أبرع جمالاً من البشر" (مزمور 1:45). راجع تاريخ العالم فستجد أن ليس هناك لغة تحد مجده وعظمته. ففن العمارة أفرغ جهده في بناء الكاتدرائيات وبدائع صوره. وأخصب الخيال والموسيقى، وأثرى روائع الخطباء، وأقلام الكتّاب وبيان اللغة. تعلم منه شعراء العالم من ملتون ودانتي وبروننج وتينسون. لم يكتب إلا كلمة واحدة فأخجل الناس، حقاً لا نظير له! إنهم بشر مثلنا أما هو فعطية السماء. في رسالة العبرانيين 2:1 دُعي ابن الله لأن له ميراث - ملك - كل شيء، وفي مزمور 7:2-8، ويوحنا 13:3 دُعي ابن الإنسان لأن له ميراث الأرض والسماء. وفي تكوين 14:13 و17؛ دُعي ابن إبراهيم لأن له ميراث أرض الموعد. وفي لوقا 39:1 له عرش داود لأنه ملك الملوك. ما أحسن تلك الصورة التي تصور سفينة غارقة بمن عليها من الغارقين وحولها حطام السفينة البائسة، وهم متعلقون بصليب كبير في البحر!
رابعاً: الجمال تجربة اختبارية
يوجد في متحف القسطنطينية رسم السيد المسيح حاملاً خروفاً على كتفيه وهو مبتسم، إشارة الى فرحه بوجوده بعد عناء التفتيش عليه. وقد وُجد هذا الرسم مدفوناً مع أحد المسيحيين في إحدى مقابر آسيا الصغرى، ويرجع تاريخه الى سنوات قليلة بعد صعود المسيح. لكن من الذي لا يستطيع رؤية جمال ذلك الراعي؟ الذين لا يرون إلا مصلحة أنفسهم، ولا يرون قيمة النفس، ولا يقدرون شناعة الخطية، ولا يقبلون المسيح مخلصاً. ومن هو شخص المسيح للنفس؟ إنه عمانوئيل، "الله ظهر في الجسد"، رئيس السلام، الطريق والحق والحياة، الرب، والسيد، والفادي، والمخلص، والنبي، والكاهن، والملك، وحكمتنا، وبرّنا، وقداستنا، ووسيطنا، وخبز الحياة لنا وشفيعنا. لذلك إن أردت أن تكتب فانظر الى داخلك، وإن أردت أن تُهزم فانظر الى الوراء، وإن أردت لفكرك أن يكون مشتّتاً فانظر حولك، وإن أردت أن تبتئس فانظر الى الأمام... الى هموم المستقبل، وإن أردت أن تخلص فانظر الى فوق، وإن أردت أن تفرح وتبتهج فانظر الى المسيح. دهش العالم من انتحار مرلين مونرو أجمل ممثلات السينما بأمريكا بينما كان تحت يدها الجمال والمال وإعجاب الرجال، لأن ما تملكه لا يشبع النفس البشرية، التي شبعها في الله وحده.
هناك كاتدرائية في أوربا شباكها مصنوع من الزجاج المكسور والملصق معا ليكون صورة جميلة، وهذا ما يستطيع المسيح عمله. ثلاثة أمور تتحكم في الإنسان: مزاجه وسلوكه ولسانه. إن روح الإنسان مأخوذة من الله مباشرة لذلك يسمى "إله أرواح جميع البشر"، فهي الجزء الخالد فينا، كما أن نفس الجسد هي في الدم وتتلاشى عند الموت.
ألا ترى جمالاً واختباراً حيّاً في قول الشاعر:
أدّبت نفسي ولم أبرح أؤدّبها
فالحمد لله لا حقد ولا حسد
أدبتها وهي للتأديب كارهة
حتى استقرت وكانت شعلة تقد
وما بلغت بها ما أبتغيه لها
لكنني نحوه أسعى واجتهد
فليس سهلاً علاج المرء منقصة
يوحي بها الطبع أو يوحي بها الجسد
قال الدكتور كارل هيم الأستاذ بجامعة توبنجن بألمانيا: إن تاريخ العالم من النجوم في أفلاكها الى النمال في مدائنها كائن في قبضة الله كقطعة من الطين المرن في يد الفخاري فهو يصنع بها ما شاء. فما من عصفور يسقط الى الأرض بغير إذنه تعالى. وسواء أبقى شكل العالم كما هو، أم تغير فليس هذا نتيجة مصادفات طارئة أو ضرورات مسببة، لكنه يرجع الى إرادة الله، وكل ما يصادمني أو يصادفني في يومي أو في غدي لا أبحث عن علته لأني أعلم أن مرجعه هو إرادة الله لخيري. قال ميخائيل فراداي أحد البارزين في اكتشاف خواص الكهرباء: لماذا يضل الناس الطريق وعندهم الكتاب المقدس المبارك لإرشادهم. في جهة ما بألمانيا يوجد أرغن في إحدى الكنائس وعلى غطائه نقشت ثلاثة قوانين: أولها "إياك أن تستعمل الموسيقى هنا لنفسك بل للكنيسة، وثانيهما "إن نغمة الأرغن يجب أن تنسجم مع موضوع الترنيم، وثالثهما "حتى يكون توقيعك مع الجميع وجب عليك أن تصغي حينا وأن تسمع. تذوق جمال الموسيقى أولا لأن فاقد الشيء لا يعطيه. قال أغسطينوس "إن محك الأغنية هو أنها تعبر عن الحمد والتسبيح لله، وأي قيمة لأغنية تخلو من حمد الله وشكره!

المجموعة: 201002

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

170 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476938