Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران June 2010

وجّه الرب يسوع من السماء سؤالاً إلى شاول الطرسوسي الذي كان يضطهد المسيحيين قائلاً: «شاول، شاول! لماذا تضطهدني؟»
(أعمال 4:9).
كما وجّه يسوع إلى يهوذا الإسخريوطي سؤالاً: «يا صاحب، لماذا جئت؟» (متى 50:26)، «أبقبلة تسلّم ابن الإنسان؟».

السؤال الأول: يوجّهه الرب يسوع للذين لا يعرفونه... ولكنهم يضطهدونه.
والسؤال الثاني: يوجّهه الرب يسوع للذين عرفوه... ولكنهم يخونونه.


في السؤال الأول قال الرب يسوع لشاول: لماذا تضطهدني أنا؟
لم يقل لماذا تضطهد الكنيسة. ونعلم أن شاول لم يضطهد المسيح ذاته، ولكنه اضطهد أتباعه. ولأن السيد المسيح هو رأس الكنيسة، والكنيسة هي جسده، لذلك فمن يضطهد الكنيسة يضطهد الرأس... يضطهد المسيح نفسه.
وهذا السؤال يحتوي على أمرين: تحذير للمُضطهِدين وتشجيع للمضطَهَدين.
الأمر الأول: تحذير لمضطهِدِيه، أي إن الذين يضطهدون  كنيسته إنما يضطهدونه هو، وهو قادر أن يدافع عن كنيسته حتى ولو بدت ضعيفة؛ فالسيد المسيح لم يعطها سيفاً أو صاروخاً، لكنه أعطاها قوة روحية، كما أنه كفيل بالدفاع عنها.
وعندما يرى العالم الكنيسة بلا سلاح مادي يتصوّر أنها ضعيفة، لكنه يعلم أنها هي التي أسقطت الإمبراطورية الرومانية، وانتصرت على الإمبراطور نيرون الذي أحرق روما واتهم المسيحيين بحرقها، وكان يقتل الآلاف من المسيحيين ويلقي بهم إلى الأسود الجائعة.
الأمر الثاني: تشجيع للمضطَهَدين من أجله. وهو يقول لأبنائه: «لا تخافوا، ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر». ونرى ذلك بوضوح في سفر أخبار الأيام الثاني 20 عندما جاء بنو موآب وبنو عمون بجيوش كثيرة ليحاربوا يهوشافاط. ولم تكن لديه قوة تستطيع أن تقف أمام هذه الجيوش، فصام مع الشعب ورفع صراخاً للرب قائلاً: «يا إلهنا أما تقضي عليهم، لأنه ليس فينا قوة أمام هذا الجمهور الكثير الآتي علينا، ونحن لا نعلم ماذا نعمل ولكن نحوك أعيننا» (2أخبار 12:20).
وفي سفر دانيآل نرى الملك نبوخذنصر عندما حاول أن يضطهد شدرخ وميشخ وعبد نغو لأنهم لم يسجدوا لتمثال الذهب، فألقاهم في النار، لكن الله أنقذهم. فالنار أحرقت قيودهم وأطلقتهم أحراراً وسط النيران وكان ابن الله يتمشّى معهم.
قال الرب لشاول الطرسوسي: «لماذا تضطهدني؟» وهو هنا يعلمنا أن كل من يضطهدكم يضطهدني، وأنا كفيل بالدفاع عنكم.
لكن السؤال هنا: لماذا يضطهد الناس المسيح؟ لماذا يضطهدون شخصاً لم يعمل شراً على الإطلاق؟... لم يؤذِ أحداً، بل كان يجول يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلّط عليهم إبليس. لقد عاش بينهم، وشفى مرضاهم، وأقام بعض موتاهم. أطعم الجائعين منهم... فلماذا يُضطَهد؟
هناك عدة أسباب جعلت شاول يضطهد المسيح، وهذه الأسباب ما زالت تتحكم في نفوس البشر حتى في هذا القرن:
فراغ في القلب... كان شاول فريسياً يحفظ الناموس، ويتمم كل الطقوس، يواظب على الصلاة، وعلى حضور العبادة، لكن كل ذلك لم يملأ قلبه بالشبع واليقين؛ لأن الناموس لا يُشبع لكنه يكشف لنا خطايانا وعجزنا، فهو كجهاز الأشعة دقيق جداً يكشف الأخطاء لكنه لا يشفي. كان شاول لا يشعر بشبع في قلبه، فازداد تعصباً ضدّ المؤمنين... وهذا ما نفعله نحن عندما نعتمد على أعمالنا.
صراع في الداخل... لم يكن شاول مع كل التدقيق الذي كان يتبعه، واثقاً ولا مطمئناً لأن الناموس لم يعطه السلام. فازداد الصراع الداخلي عندما قارن حاله مع حال المسيحيين، وبالأخص عندما رأى استفانوس وهو يُرجم بالحجارة، إذ كان وجهه واثقاً مطمئناً يلمع كوجه ملاك.
هذا الصراع يتولّد بداخل كل إنسان يتمسك بعقيدة نشأ عليها ولكنها لا تشبع جوعه الداخلي.
الخوف من النور... لأن النور يكشف عجزنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين. والمخطئ عادة يبتعد عن النور، لأن كل من يعمل السيّئات يُبغض النور، وأما من يعمل الحق فيقبل إلى النور لكي تظهر أعماله. والعين المريضة لا تقوى على النظر للنور... لذلك هم يكرهون الرب يسوع.
الجهل... لو أن شاول عرف من هو يسوع؟... هذا الذي أخلى نفسه من العلاء، وجاء إلى الأرض لكي يموت على الصليب من أجله حباً فيه، لما اضطهده أبداً ولا اضطهد أتباعه.
وإلى يومنا هذا، ما زال الناس يضطهدون المسيح الذي أحبهم. ولو عرفوه لخرّوا أمامه قائلين: «ربي وإلهي».
الكبرياء... لم يعمل الرب يسوع شيئاً ضدّنا، فهو صديق للعشارين والخطاة. نحن الذين أخطأنا، وكبرياؤنا تمنعنا من أن نعترف بخطايانا، فنضطهده بدلاً من أن نعبده.

السؤال الثاني سأله الرب يسوع ليهوذا الإسخريوطي: «أبقبلة تسلّم ابن الإنسان؟»

عرف يهوذا الرب يسوع، وعاش معه أكثر من ثلاثة أعوام. سمع تعاليمه ورأى معجزاته، وغسل الرب قدميه... أكل من ذات الإناء الذي أكل منه الرب في الليلة الأخيرة، ومع ذلك جاء ليقبّله ويخونه!!! فلماذا سلم يهوذا الرب يسوع؟
هناك عدة احتمالات:
الاحتمال الأول: محبة المال والطمع...
فخيانة يهوذا بدأت مباشرة بعد أن غسلت مريم قدمَي الرب يسوع بطيب ناردين كثير الثمن، حينئذ قال يهوذا: لماذا هذا الإتلاف؟ لماذا لا يُباع هذا الطيب ويُعطى للفقراء؟ ثم يضيف يوحنا في إنجيله أن يهوذا كان سارقاً، وكان الصندوق عنده، وكان يحمل ما يُلقى فيه.
فهل باعه طمعاً في الثلاثين من الفضة؟
لقد رأى يهوذا في الرب يسوع الشخص الوحيد الذي يمكن أن يطرد الرومان ويقيم مملكة على الأرض. ولكن عندما سمع المسيح يقول:
«أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم»، ورأى إصراره على طريق المحبة والصليب، تحوَّل إعجابه بالمسيح إلى كراهية.
وربما كان يهوذا يريد مسيحاً يحقق آماله وأحلامه الشخصية، وهذه هي مأساة الإنسان، إذ أحياناً كثيرة نتصوّر أننا نفهم أكثر من الله، ونريده أن يخضع لإرادتنا.
الاحتمال الثاني: هو التقرّب من السلطة...
هذه السياسة تجعل البعض ينكر الرب يسوع ليقترب من السلطة. كما أن الخوف من العالم يجعل البعض ينكر المسيح... لكن لنتذكّر أنه هو الذي يدافع عنا «قفوا وانظروا خلاص الرب». فلا نجعل الخوف يثنينا عن الثبات في المسيح، ولا نجعل مغريات هذا العالم ومباهجه تشدنا بعيداً عنه فننكره ونخونه في تصرفاتنا وأقوالنا وأعمالنا.
قال الرب يسوع: «أبقبلة تسلّم ابن الإنسان؟» القبلة علامة المحبة والخضوع، لكن هذه القبلة كانت ستاراً للخيانة.
دعونا نراجع أنفسنا: إن أكثر خطية هاجمها المسيح هي الرياء. ألا توجد أمور نعملها تبدو في مظهرها الخارجي بدافع المحبة، وهي في الواقع لمجد أنفسنا؟
وأقول لكل مضطهدي المسيح الذين لا يعرفونه، ولكل الذين عرفوه: إنه لا زال يحبكم، إنه يفتح ذراعيه للجميع... لنكفّ عن خيانته، ولنسجد له ونعبده من كل القلب.

المجموعة: 201006

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

136 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10553561