Voice of Preaching the Gospel

vopg

آب Agust 2010

"إنما صالح الله لإسرائيل، لأنقياء القلب. أما أنا فكادت تزلّ قدماي. لولا قليل لزلقت خطواتي. لأني غرت من المتكبرين، إذ رأيت سلامة الأشرار. لأنه ليست في موتهم شدائد، وجسمهم سمين. ليسوا في تعب الناس، ومع البشر لا يصابون. لذلك تقلدوا الكبرياء. لبسوا كثوب ظلمهم. جحظت عيونهم من الشحم. جاوزوا تصوّرات القلب. يستهزئون ويتكلمون بالشر ظلماً. من العلاء يتكلمون. جعلوا أفواههم في السماء، وألسنتهم تتمشى في الأرض. لذلك يرجع شعبه إلى هنا، وكمياه مروية يمتصون منهم. وقالوا: كيف يعلم الله؟ وهل عند العلي معرفة؟ هوذا هؤلاء هم الأشرار، ومستريحين إلى الدهر يكثرون ثروة. حقًا قد زكّيت قلبي باطلاً وغسلت بالنقاوة يدي. وكنت مصابًا اليوم كله، وتأدّبت كل صباح. لو قلت أحدّث هكذا، لغدرت بجيل بنيك. فلما قصدت معرفة هذا، إذ هو تعب في عينيّ. حتى دخلت مقادس الله، وانتبهت إلى آخرتهم. حقاً في مزالق جعلتهم. أسقطتهم إلى البوار. كيف صاروا للخراب بغتة! اضمحلوا، فنوا من الدواهي‏. كحلم عند التيّقظ يا رب، عند التيقظ تحتقر خيالهم. لأنه تمرمر قلبي، وانتخست في كليتيّ. وأنا بليد ولا أعرف. صرت كبهيم عندك. ولكني دائمًا معك. أمسكت بيدي اليمنى. برأيك تهديني، وبعد إلى مجد تأخذني. من لي في السماء؟ ومعك لا أريد شيئًا في الأرض. قد فني لحمي وقلبي. صخرة قلبي ونصيبي الله إلى الدهر. لأنه هوذا البعداء عنك يبيدون. تهلك كل من يزني عنك. أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي. جعلت بالسيد الرب ملجإي لأخبر بكل صنائعك" (مزمور 73).
 أيها القارئ العزيز، أرجو أن تقرأ هذا المزمور بتمعّن. إنه يعبّر عن اختبار شخصي لرجل الله آساف. الأمر الذي حيَّر آخرين من المؤمنين قبله وبعده هو نجاح الأشرار! كان الله يباركهم أكثر من الآخرين. قال أيوب قبل آساف بزمن طويل:
 "لماذا تحيا الأشرار ويشيخون، نعم ويتجبرون قوة. نسلهم قائم أمامهم وذريتهم في أعينهم. بيوتهم آمنة من الخوف وليس عليهم عصا الله. ثورهم يُلقح ولا يُخطئ، بقرتهم تنتج ولا تُسقط، يُسرحون مثل الغنم رضَّعهم وأطفالهم ترقص، يحملون الدفّ والعود ويطربون بصوت المزمار" (أيوب 7:21-12).
 وقال إرميا بعد ذلك بسنين كثيرة:
 "أبرّ أنت يا رب من أن أخاصمك. لكن أكلمك من جهة أحكامك. لماذا تنجح طريق الأشرار. اطمأن كل الغادرين غدراً" (إرميا 1:12-2).
 لكن من الجميل أن كل واحد من هؤلاء الثلاثة ختم كلامه بالصواب. ولقد شاء الروح القدس أن يُدَوِّن لنا اختبار آساف لنتعلّم دروساً مهمة. ولنلاحظ أن آساف أخبرنا مقدماً أن نتيجة اختباره هي أن الله صالح لشعبه أي للأتقياء وأنقياء القلب.
 سنتأمل أولاً في كلام آساف قبل أن يدخل مقادس الله.
 نظر آساف إلى العالم حوله فأدهشه أن يرى الأشرار وكأنهم في سعادة وسلام، وكأن الله لا يقاوم المتكبرين بل هم لا يعانون من التعب كباقي الناس. وقد حصلوا ليس فقط على ما يتمناه الإنسان بل "جاوزوا تصوّرات القلب"، أي أكثر مما يتمناه أو يتخيّله الإنسان. وذلك بالرغم من أنهم يستهزئون ويظلمون ويتبجّحون، بل تكلموا ضدّ الله وقالوا: "كيف يعلم الله، وهل عند العلي معرفة؟" وبالرغم من ذلك فهم يحيون حياة الراحة والطمأنينة ويكثرون ثروتهم. هذا هو ما رآه آساف وما يراه الكثيرون بحسب النظرة الطبيعية. وللأسف الشديد كثيرون من المؤمنين الآن يسعون وراء الأشياء التي تخلب العقل. ولذلك هم عرضة للسقوط كما قال آساف: "أما أنا فكادت تزلّ قدماي، لولا قليل لزلقت خطواتي"، بل نقول للأسف الشديد: كثيرون منا قد زلقت خطواتهم لأنهم نظروا إلى الأمور لا بحسب النور الإلهي بل بمنظار الطبيعة الساقطة. ولكن يجب علينا نحن المؤمنين أن نكون "غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى بل إلى التي لا تُرى. لأن التي تُرى وقتية وأما التي لا تُرى فأبدية".
 لقد سمح الله لآساف أن يدوّن اختباره ليكون درساً نافعاً لنا جميعاً. لقد سبب هذا الاختبار تعباً نفسياً شديداً لا سيما أنه أدرك أنه لو تحدّث بهذه الأفكار لسبّب ضرراً كبيراً لكثيرين من المؤمنين، "لو قلت أحدث هكذا لغدرت بجيل بنيك". نحن لا نعرف كم طالت الفترة التي فيها قاسى من هذه الأفكار. ولكن شكراً لله لأنه أخيراً عمل كا كان يجب أن يعمله من البداءة، وهو ما عبَّر عنه بالقول: "حتى دخلت مقادس الله وانتبهت..." فكأنه يقول: كنت كشخص يغفل الحقيقة ويخلط بين الواقع والخيال والأوهام، كشخص تحت تأثير المخدرات. كنت لا أعي الأمور على حقيقتها. ولكن إذ دخلت مقادس الله انتبهت إلى آخرتهم. حقّاً، ما أرهب ما رآه إذ دخل مقادس الله! رأى هؤلاء الذين جسمهم سمين، هؤلاء المتكبرين الذين يكثرون ثروة وإذا هم في مزالق، أي في طريق منحدر منزلق مسرعين نحو البوار، أي الخراب والدمار. والآن يا آساف، هل تحسدهم أم ترثي لهم؟ قلت: "ليس في موتهم شدائد". ولكنك الآن عرفت أن موت الأشرار هو بداءة عذاب لا ينقطع في الظلمة الخارجية حيث البكاء وصرير الأسنان. وأما بخصوص ثروتهم فقد اضمحلّت وفنيت معهم تماماً، وهكذا تحقّق ما جاء في أيوب 5:20 أن فرح الفاجر إلى لحظة. وما جاء في مزمور 1:37 "لا تغـر من الأشرار ولا تحسد عمّال الإثم. فإنهم مثل الحشيش سريعاً يُقطعون ومثل العشب الأخضر يذبلون". وأيضاً "إذا زها الأشرار كالعشب وأزهر كل فاعلي الإثم فلكي يُبادوا إلى الدهر" (مزمور 7:92). لقد أدرك آساف خطأه ولم يكن تأثير ذلك تأثيراً سطحياً كما يحدث لنا كثيراً، بل قال: "تمرمر قلبي وانتخست في كليتيّ"، واعترف أن أفكاره السابقة لا تليق أبداً بمن يعرف الرب، فقال: "وأنا بليد ولا أعرف، صرت كبهيم عندك".
 أيها الأحباء، ليتنا نمتحن أنفسنا. لا يكفي أن نعجب بما نتعلمه من كلمة الله. بل يجب أن يكون له تأثير عميق في قلوبنا، بل أحياناً يجب أن يسبب لنا حزناً وندماً على أخطائنا سواء بالفكر أو بالقول أو بالعمل. "لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة" (2كورنثوس 10:7). عندئذ يمكن لكل منا أن يهتف مع آساف قائلاً: "لكني دائماً معك. أمسكت بيدي اليُمنى". يا له من ضمان جميل وجليل يملأ القلب سلاماً واطمئناناً. ليس ذلك فقط بل أضاف قائلاً: "برأيك تهديني وبعد إلى مجد تأخذني".
 إن دخوله إلى مقادس الله حوّل الحزن والتعب إلى هتاف الفرح والنصرة. ونحن نعرف معنى الدخول إلى مقادس الله. هو التقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة، عوناً في حينه" (عبرانيين 16:4). هو القراءة والتأمل في كلام الله بروح الصلاة وبمعونة الروح القدس. وأما إهمال مقادس الله فلا بدّ أن يؤدي إلى الضعف الروحي والهزيمة.
 في مقادس الله يهتف المؤمن قائلاً: "من لي في السماء ومعك لا أريد شيئاً في الأرض". يختتم آساف هذا المزمور بالمقارنة السليمة التي تعلمها داخل مقادس الله إذ يقول:
 "هوذا البعداء عنك يبيدون.... أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي. جعلت بالسيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك".

المجموعة: 201008

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

90 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10475952