Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول Oct 2010

دهشت عندما قرأت عدة مقالات بعنوان: خمس وأربعون قاعدة للتخلص من الحسد، خمسة وثلاثون قانونًا للتخلص من الكبرياء، خمسة وعشرون دواء لمعالجة داء العناد، وغيرها. ولقد تعجبت أكثر لأن بعض الفهماء جدّفوا على اسم الله أمثال سوثي الشاعر الذي فقد عقله قبل وفاته بقليل حتى كان اللعاب يسيل من فمه، والعلامة ثورني كبير علماء أكسفورد الذي أخذ يساوي نفسه بأرسطو وساوى أرسطو بالمسيح، وأخيرًا فقد ذاكرته فلم يعد يذكر شيئًا مما تعلمه. يذكّرني هذا بما صوّرته مجلة أمريكية عن الثمانية ملايين ونصف تقريبًا

ضحايا الحرب العالمية الأولى وكتبت تحت الصورة: ومع ذلك يرفض الناس السلام. وما زال الناس يحاربون بعضهم بعضًا عن طريق الخصام، والبغضة، والجدال، والطمع، والشهوات، والتعدي على حقوق الغير. ولقد صدق أحد الحكماء حين قال:
 
 "إن وراء كل حرب سبب من اثنين، إما الرغيف أو المرأة". ومن تصلب عليه - أي على الله - فسلم؟
 
 هذا يأتي بنا الى أسئلة ثلاث:
 
 أولاً: هل أصبح التدين نكبة؟
 
 أساء البعض فهم ما جاء في العهد القديم عما فعله الله عن يد يشوع ضد الأمم، ولم يدركوا أن شر تلك الشعوب فاض كيله وامتلأ كأسهم من فسق، وشذوذ، وكذب، وهمجية، وتجبّر، في زمن ساد فيه الله قاضيًا بالعدل والحق، فأراد الله إبادتهم عقابًا لهم، ولغرس أمة أفضل منهم في ذلك الحين. كانت هذه السياسة ضرورة لنظام العمران، واستتباب الأمن، وإرساء القوانين، واستخدام الحدود في المعاملات البشرية، وترقي الإنسان، والدفاع عن حقوق الإنسان. ووعد الله شعوب الأرض بالمخلص "رئيس السلام" المسيح، فيقضي بين الأمم وينصف لشعوب كثيرين فيطبعون سيوفهم سككًا ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة على أمة سيفًا ولا يتعلمون الحرب فيما بعد (إشعياء 2: 4). وهل خلت الأيام من حروب بين الدول لهذه الأغراض والأهداف؟ لقد سجل التاريخ أنه من سنة 1500م الى سنة 1942م خاضت إنجلترا غمار ثمان وسبعين حربًا، وفرنسا إحدى وسبعين، وإسبانيا أربعًا وستين، وروسيا واحدًا وستين، والنمسا اثنين وخمسين، وألمانيا اثنين وعشرين، والصين إحدى عشرة، والولايات المتحدة عشر حروب، واليابان تسع. وكم تسببت هذه الحروب الى تقسي قلب الإنسان على أخيه، وتيتم الأطفال، وانتشار الأوبئة، وتدهور الأخلاق.
 
 لكن ظن البعض أن المسيح نفسه أجاز الحرب غير القانونية، وتجاهلوا قوله: "ضع سيفك في غمده لأن الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون"، و"أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا الى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويطردوكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات" (متى 5: 44-45). وقد سمح للحاكم بحمل السيف كما جاء في رومية 13: 4-7. وفي قول المسيح لتلاميذه "لكن الآن، من ليس له كيس فليأخذه ومزود كذلك. ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفًا... فقالوا: يا رب هوذا هنا سيفان. فقال لهم: يكفي" (لوقا 22: 36-37). وهنا تشديد على عدة كلمات:
 
 الأولى أن يأخذوا كيسًا ومزودًا وسيفًا أي الاعتماد على أنفسهم، لأنه ما فائدة السيف حرفيًا لاثنى عشر تلميذًا لا حول لهم ولا قوة أمام قوات اليهود والرومان بسيوف وعصي؟!
 
 والكلمة الثانية أنه عالم "ما هو من جهتي له انقضاء" أي لا بد من الصلب (لوقا 22: 37).
 
 والكلمة الثالثة: "يكفي" وفي العبرية "ديير"، وتستخدم لإسكات جهالة التلاميذ (تث 3: 26). ويقول يوحنا فم الذهب أن هذين السيفين لم يكونا سوى سكينين كبيرين لإعداد الفصح. هذا هو رب السلام، لا الحرب.
 
 ثانيًا: لماذا يفشل الحوار؟
 
 عدَّد علماء اليهود في الناموس 613 وصية منها 238 إيجابية و365 سلبية، مفضلين بعضها على البعض الآخر. أما يسوع فقد جمع كل هذه الوصايا في وصية واحدة "الرب إلهنا رب واحد... وتحب الرب الهك... وقريبك مثل نفسك... لأن من لا يحب أخاه الذي يبصره كيف يستطيع أن يحب الله الذي لم يبصره". إن المحبة دين علينا اقترضناه من الله وعلينا إيفاؤه له في أولاده. إن هذا الحب يدفعنا لإنصاف الغير، وعمل الخير، وبناء جسر الحوار مع الآخرين في الأمور المتخالفة، والاعتراف بحاجتنا للتعمق والدراسة والاختبار. لكن، لماذا تفشل أحيانا جلسات الحوار؟ إنها السياسة الحمقاء، والتعصب الأعمى، والجهل الثقافي، والمراوغة بالانتقال من الدين الى الفلسفة ومن الفلسفة الى الاجتماعيات ومنه الى العصبية والتشنج وشراء الضمائر. إن الإيمان يجعل الأمور الصعبة سهلة، والمحبة توضح ما لا يراه العقل وتقربه والحكمة تبني الجسور التي تؤدي الى المسيح.
 
 في الكتاب المقدس قصتان عن امرأتين زانيتين أُمسكتا في ذات الفعل، الأولى في العهد القديم وقد طُعنت بالحربة وماتت في الحال إعمالاً بالعدل وتنفيذًا لما جاء في لاويين 20: 10. والثانية سامحها المسيح وأمرها أن لا تعود للخطية مرة أخرى والتخلي عن ماضيها الأسود. لقد حررها وسامحها وجددها. إنها المعاملة بغنى الرحمة. انظر الى لغة الحوار: يا امرأة أما دانك أحد، قالت: لا يا سيد، فأجابها: ولا أنا أدينك. اذهبي بسلام ولا تخطئي أيضًا.
 
 توجد في جزر الهند الغربية شجرة تسمى بالمنشنيل ذو شكل جذاب ورائحة عطرية، لكن عصيرها سام جدًا، وإذا سقط على الجلد يتورّم ويسبب ألمًا مميتًا. ولكن يوجد بجوارها أشجار أخرى يستخدم عصيرها لإزالة تأثير شجرة المنشنيل. يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه!
 
 ثالثًا: ما هي مبادئ التفاهم؟
 
 يُقال أن الفيل لما يذهب الى الماء الصافي يرى قدميه القبيحتين فيحزن وعندئذ يعكّر الماء بخرطومه حتى لا يرى صورة قدميه في الماء. وهكذا يفعل البعض ليغطّوا سلوكهم البغيض بإثارة أمور معكرة للجوّ حولهم. الحق يُقال أن كل ما استطاعت المنظمات الحديثة التي تعمل للسلام أن تصل إليه استقته من روح المسيح وتعاليمه. لقد أنشد أمير الشعراء أحمد شوقي في ذلك قائلاً:
 
 عيسى سبيلك رحمة ومحبة
 في العالمين وعصمة وسلام
 ما كنت سفّاك الدماء ولا امرئا
 هان الضعاف عليه والأيتام

 
 إنه مسكن الحروب الى أقصى الأرض.
 
 إن المشاكل بين الأديان تتلخص في أربعة نقاط:
 الأولى بسبب العقيدة والخوف من الضلال المبين، وأصحاب العقيدة المتطرفة هنا يصبحون كالأخطبوط الذي يفرز مادة سوداء كالحبر ليعمي فرائسه فلا يرون الخطر ثم يفترسهم بسهولة. والثانية بسبب الكبرياء والغباء مما يجعل الشيطان بواسطة الافتخار والتشدق بالعقيدة الصحيحة أن يبدد كل المساعي الحميدة. والثالثة بسبب الإيقاع في خطية أخلاقية فيفقد الدعاة شهادتهم ويشمت فيهم عدو الخير "لا تشمتي بي يا عدوتي إن سقطت أقوم"، والرابعة بسبب محاربة الإخوة لبعضهم. يقول هيرودت المؤرخ، إن كورش في حربه مع السكيثيين جاء الى نهر متسع صعب العبور لكنه قسمه الى فروع كثيرة فصار أمره سهلاً، وهكذا الشيطان يقسم شعب الله وأيضًا الدولة الواحدة الى طوائف وأحزاب ليتسنى سحقهم.
 
 اعتقد جيوفيتان الهرطوقي، الذي قاومه القديس جيروم بأن الإنسان بعد المعمودية لا يجرّب فيغلب، بل إنه لا يجرّب مطلقًا، وكأنه نسي ما علمنا إياه المسيح في صلاتنا الربانية اليومية: "لا تدخلنا في تجربة بل نجنا من الشرير". وقد قال سافونارولا تعليقًا على نفس الموضوع: "إذا لم يكن هناك عدو فلا حرب، وإذا لم تكن هناك حرب فلا نصرة، وإذا لم تكن هناك نصرة فلا إكليل".
 
 هل تفهم معاملات الله؟ يظن الكثيرون أن البراكين نقمة على البشر، ولكن جاء العلم الحديث ليؤكد أنه لولا تلك البراكين لانفجرت الأرض وتلاشت بسبب الضغط الجوي على الكرة الأرضية. لذلك لا تشك يا صديقي في حكمة الله. وإليك هذا المثل، إذ أن الجنين عندما يتكون في بطن أمه، يتغذى بالحبل السري الذي يربطه بها، فيتكون فيه جهاز الهضم، والعينان، وجهاز التنفس، وإرادة حرة، وغيرها لأن الله يزوده بما يحتاج إليه في المستقبل عند نزوله من بطن أمه.
 
 لكن الله لم يزوّدنا بأدوات حرب، ودمار، وبغضة، وحقد، لأن الحاجة هي إلى الحب، والتفاهم، والحوار البناء، والوعي الفكري، والحكمة الإلهية. والحيوان الهارب بسلسلة يسهل مسكه أكثر من هروبه بدونها، وكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصًا هذا مقداره؟ فمن أين الحروب والخصومات بينكم؟ أليست من هنا من لذاتكم المحاربة في أعضائكم؟

المجموعة: 201010

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

164 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10576919