Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول Oct 2010

يتساءل الكثيرون: لماذا لا يُقبل الناس إلى الإيمان وبأعداد غفيرة؟ وما هي الأسباب التي تجعل البعض لا يتجاوب مع رسالة الخلاص المفرحة؟ لقد أجابنا الرب يسوع المسيح عن هذه التساؤلات بمثل الزراع (بشارة متى3:13-8، 18-23). وفي هذا المثل، شبّه المسيح أنواع التربة التي يزرع فيها الزراع زرعه، بأربعة أصناف من البشر، وكيفية تجاوبها مع بشارة ملكوت الله، أو بشارة الخلاص. بدأ المسيح هذا المثل بالقول: "هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ".

 الصنف الأول:
 
 تحدّث المسيح عن الصنف الأول من البشر فقال: "وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ". وشرح بعدئذ لتلاميذه فقال: "كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ". إذن هناك من يسمع بشارة الخلاص، ولا يفهم أي شيء منها، ولا يستطيع استيعابها. وقد علّل المسيح ذلك بأن الشرير يأتي ويخطف ما قد زُرع. وهذا النوع من البشر غالبًا ما نصادفه. فكثيرون من الناس عندما نحدّثهم عن بشارة الخلاص المجّاني، نراهم لا يفهمون شيئًا مما نقوله، وكأننا نحدّثهم عن عالم آخر غريب ومجهول بالكلية بالنسبة لهم. ويبدو وكأن جدارًا كبيرًا قد فصل بيننا وبينهم، ولا يريدون أن يسمعوا. وهذا الوصف ينطبق بالتمام عمّا ذكره الرسول بولس فيما بعد عندما كتب قائلاً: "وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ" (2كورنثوس3:4 و4). إن إبليس قد أعمى أذهان الناس غير المؤمنين لئلا يفهموا بشارة الخلاص، فتستنيرأذهانهم بنور الإنجيل المشع.
 
 الصنف الثاني:
 
 قال الرب يسوع عن هذا الصنف من البشر: "وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ". وشرح المسيح لتلاميذه فيما بعد عن هذا الصنف من الناس فقال:
 
 "وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ، وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ".
 
 وهذا النوع من الناس نراه بشكل خاص في الأشخاص الذين يترددون إلى الكنائس، ويسمعون بشارة الخلاص ويقبلونها بفرح، لا بل قد يعلنون إيمانهم بالمسيح. لكن مشكلة هؤلاء الناس أنهم غير مستعدين أن يدفعوا الثّمن. فإذا تعرّضوا لأي اضطهاد، أو حتى لاستهزاء الناس بهم تراهم يتراجعون.
 
 الصنف الثالث:
 
 تحدّث المسيح عن هذا الصنف قائلاً:
 
 "وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ". وأوضح المسيح عن هذا الصنف بقوله: "وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ". وهذا الصنف من الناس هم الذين يستجيبون لبشارة الخلاص في البداية، لكن مشاغلهم الكثيرة، وسعيهم لجمع المال، يجعلان كلمة الله بلا ثمر في حياتهم. وهذا النوع نجده أيضًا بين الناس الذين يترددون إلى الكنائس، فقد يتحمسون للسير في طريق الإيمان، لكنهم لا يستطيعون. والسبب لأن هناك أمورًا أخرى تحد من اندفاعهم، وتقف حائلاً دون تجاوبهم مع عمل الروح القدس.
 
 الصنف الرابع:
 
 وهنا نأتي إلى الصنف الرابع والأخير من البشر، والذي يتجاوب مع عمل الروح القدس ويؤمن ببشارة الخلاص، فيأتي بالثمر. إذ قال المسيح: "وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ". وقد شرح المسيح عن هذا الصنف الأخير من البشر، فقال: "وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ". من الواضح أن هؤلاء هم الأشخاص الذين يتجابون مع بشارة الخلاص، وعمل الروح القدس في قلوبهم، ويقبلون نعمة الله المخلّصة. ولهذا لابد أن يظهر ثمر النعمة في حياتهم.
 
 إن هذه الأصناف الأربعة من البشر، كما شرحها الرب يسوع المسيح، تفسر لنا لماذا لا يتجاوب الجميع مع بشارة الخلاص المفرحة. وأنه علينا أن لا نستسلم لليأس والفشل عندما لا نرى نتائج باهرة وعظيمة، في قبول وإيمان جماهير غفيرة لبشارة الخلاص المفرحة. وتجعلنا نتأكد أن ملكوت الله لا بد أن يمتد وينمو. لقد سبق لله أن وعد قائلاً: "لأَنَّهُ كَمَا يَنْزِلُ الْمَطَرُ وَالثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ وَلاَ يَرْجِعَانِ إِلَى هُنَاكَ، بَلْ يُرْوِيَانِ الأَرْضَ وَيَجْعَلاَنِهَا تَلِدُ وَتُنْبِتُ وَتُعْطِي زَرْعًا لِلزَّارِعِ وَخُبْزًا لِلآكِلِ، هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ" (إشعياء 10:55-11). إن كلمة الله أو بشارة الخلاص التي تُنشر كل يوم، عن طريق الوعظ، ووسائل الإعلام المختلفة، لن ترجع فارغة، بل تعمل عملها في قلوب الكثيرين من البشر. وهو الذي تأكد صحته في العقود الأخيرة عندما أثمرت كلمة الله، في قلوب أناس كنّا نظن أنه من المستحيل عليهم أن يقبلوا نعمة الله المخلّصة. ولهذا علينا أن نثق أن كلمة الله تعمل عملها في قلوب الكثيرين هذه الأيام، حتى وإن كنّا لا نلاحظها.
 
 قارئي العزيز، دون الدخول في متاهات الجدل اللاهوتي، بين اختيار الله المطلق ومدى حرية الإنسان، إن الأمر الواضح من كلمة الله، هو أن الله يعمل بواسطة الروح القدس في قلوب البشر، وما على الإنسان إلا أن يتجاوب مع نعمة الله. وهذا التجاوب يتجلّى بالإيمان، أي بتصديق كلمة الله. وها هو الرسول بولس يكتب قائلاً: "لكِنْ مَاذَا يَقُولُ؟ اَلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ، أَيْ كَلِمَةُ الإِيمَانِ الَّتِي نَكْرِزُ بِهَا. لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ. لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ. لأَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ: كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى... لكِنْ لَيْسَ الْجَمِيعُ قَدْ أَطَاعُوا الإِنْجِيلَ، لأَنَّ إِشَعْيَاءَ يَقُولُ: يَا رَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟ إِذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ" (رومية 8:10-11، 16-17).
 
 ومن جهة أخرى لقد صرّح الرب يسوع المسيح قائلاً: "وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ" (يوحنا 19:3-21).
 
 وماذا عنك قارئي العزيز، من أي صنف من البشر أنت؟
 
 هل أنت من الصنف الأول الذي أعمى إبليس ذهنه؟
 
 أم من الصنف الثاني الذي هو غير مستعد أن يدفع الثمن ويواجه الضيقات والآلام؟
 
 أم من الصنف الثالث الذي يترك هموم العالم وغرور الغنى يخنقان كلمة الله؟
 
 أم تراك من الصنف الرابع والأخير الذي يتجاوب مع عمل روح الله القدوس وبشارة الخلاص المفرحة ويؤمن بها؟
 
 أرجو أن تكون من هذا الصنف الرابع الذي يقبل نعمة الله في حياته وخلاصه المجيد. وهكذا تحظى بالغفران الكامل، وتنال الحياة الأبدية، وتختبر الحياة الروحية الجديدة بواسطة روح الله القدوس، فتأتي بالثمر الوفير.

المجموعة: 201010

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

201 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473765