Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول Oct 2010

لديّ اليوم رسالة جديرة بالاهتمام المضاعف، وهي رسالة طويلة ولن أقرأ منها إلا فصلاً قصيرًا يعبِّر عما يدور في ذهن السائل باختصار… فصاحب الرسالة يعاني من تساؤلات تقلقه ولا يعرف لها حلاً… يقول: لا أنكر أن الخليقة هي من صنع الله، وأعترف بقدرة الخالق وعظمته وجلاله… ولكن ما أستغربه هو السلوك البشري في تعامل الناس مع بعضهم البعض، فهل يخلق الله خليقة مشوّهة كالذي أراه من خداع ونصبٍ، واحتيالٍ واغتصابٍ، ووحشية وإرهاب؟!

 ويقول: في ظني أن الدين يُصلحُ ما في الشعوب من تردّي وعيوب، لكن الواقع المنظور أن معظم الحروب الحالية وما سبقها عبر التاريخ في بقاع الدنيا، كان الدين هو المحرك لها، والمتدينون هم المحرضون عليها… فكيف تفسرون هذا الواقع؟
 
 قبل أن أجيب تمنيت لو أن يتم اللقاء الشخصي مع صاحب الرسالة، فاللقاء والحوار الشخصي في مثل هذه الحالة يساعد على التعرف على الدوافع والمسببات للإحباطات التي يشكو منها.
 
 والحوار أو اللقاء الشخصي غير مرتبط بشخصٍ معين، فهناك بين خدام الإنجيل المنتشرين في بقاع الدنيا من لهم الخبرة الطويلة في الحوار الإنساني اللطيف للتعامل مع حالة كهذه.
 
 والإنسان عندما يصاب بالإحباط أو يقع في حيرة ضاغطة، فأحوج ما يكون له، أن يجد من يهتم به، ويشعر معه، ويبادله الرأي. وقد يكون محقًّا في ما يشكو منه، فالإحباط لا يأتي من فراغ.
 
 أذكر أني قد أصبت يومًا بكابوسٍ من الإحباط الشديد لم أعرف له سببًا. وكنت حينها تلميذًا في كلية اللاهوت في بيروت. حاولت أن أتعرف على الأسباب ولم أتمكن… فتصوّرت أني قد أكون ارتكبت ذنبًا ما أو خطية سهوًا بدون علم… ولما لم أصل إلى نتيجة، وكابوس الإحباط مستمر، ابتدأت أنفرد في غرفةٍ علوية مخصصة للصلاة، أصلّي وأعترف لله بتقصيراتي… واستمر الحال ليوم أو يومين وأنا أصارع مع نفسي... وفي خلوة الصلاة فتحت الكتاب المقدس لأقرأ، فوقع نظري على المزمور 25، فشرعت بالقراءة إلى أن وصلت إلى آخر كلمة في الآية رقم 15. عندها أحسست فجأة بأن قلبي قد انفتح، وزال الهم، وكأن قنبلة من الفرح انفجرت في داخلي. وفي الحال أحسست بنشوة الانتصار على ما كنت أعاني منه. فالآية تقول: "عيناي دائمًا إلى الرب. لأنه هو يخرج رجليَّ من الشبكة".
 
 ثم أكملت المزمور وأعدت قراءته من جديد، وفي قراءتي الثانية لاحظت أن كامل المزمور يصوّر الحالة التي كنت أعاني منها. فأدركت أن الله كان يوجهني لتثبيت نظري في شخصه والتعلّق به وحده.
 فالمزمور يقول:
 
 "إليك يا رب أرفع نفسي. يا إلهي عليك توكلت، فلا تدعني أخزى. لا تشمت بي أعدائي... طُرُقَكْ يا رب عرفني، سُبُلَكْ علّمني... التفت إليّ وارحمني لأني وحدٌ ومسكين أنا. افرُجْ ضيقات قلبي. من شدائدي أخرجني. أنظر إلى ذلّي وتعبي واغفر جميع خطاياي".
 
 كثيرون من الناس اليوم في العالم يعيشون هكذا في تشاؤم وعذابٍ فكري، وإحساسٍ بالضياع، وفقدانٍ للرؤيا الصحيحة لمعنى الحياة، وقلّما يهتم بهم أحد… وإن شكى أحدهم يومًا لبعض رجال الدين، فإما أن يُعْطى جوابًا تقليديًا خاليًا من المضمون، وأحيانًا بعضهم يَلْقى الصَّدَّ وكأنهم زنادقةٌ مارقون على الدين، وتساؤلاتهم تحسب كفرًا! وقلما يُسْمَعُ للمسكينِ شكوى!
 
 قام المسيح يومًا بزيارةٍ لمدينة أريحا، وذلك قبل صلبه بأسبوع واحد، فلما سمع أهل أريحا بِقُدُومه تجمعوا في مدخل المدينة لاستقباله…
 
 ووصل المسيح ومن معه من تلاميذه إلى أبواب المدينة، وعلا الضجيج وهرج الناس…
 
 وكان هناك على مدخل أريحا رجل أعمى يستعطي المارة... وقد لاحظ الأعمى من ضجيج الناس أن شيئًا غير عادي يجري، فسأل من حوله... فقيل له أن يسوع المسيح الناصري يزور المدينة، فصرخ بأعلى الصوت متوسلاً: "يا يسوع ابن داود ارحمني".
 
 ويسجل إنجيل لوقا الحادثة في الأصحاح الثامن عشر ويقول: فانتهره المتقدمون ليسكت. هنا يبدو واضحًا تجاهل الناس لمعاناة غيرهم. أما هو فصرخ أكثر كثيرًا. إنها فرصتُهُ، فالمال والطعام لا يغنيان عن فقدان بصره وتمتعه بالحياة، فقد سمع عن المسيح أنه مريح التعابى وصانع المعجزات، لكن من حوله أرادوا إسكاته… فهذا مسكين يتوسل، والجموع تنتهره ليسكت. ولكن رب المجد الذي يدير هذا الكون باقتدار يعرف كل ما يدور في كل جزءٍ من أجزاء خليقته. ومن بين ضجيج الجماهير الهادرة كان يسمع أنّات قلب هذا المسكين حتى ولو قالها في سرِّه.
 
 ويقول الانجيل: فوقف يسوع... وأمر أن يُقَدَّمَ إليه، ولما اقترب سأله: ماذا تريد أن أفعل بك (بمعنى: عبِّر عن رغبتك). فقال: يا سيد أن أُبصر. فقال له يسوع: أبصر. إيمانك قد شفاك، وفي الحال أبصر وتبعه وهو يقفز فرحًا ويمجد الله.
 
 فمن يسمع للمسكين والحائر بمثل هذه الرقةِ والحنان غيره؟!
 
 في ختام هذه الحلقة أود أن أشهد بالآتي:
 
 فأنا عرفت المسيح مخلّصًا لي وربًا على حياتي قبل بضعة عشرات من السنين. كنت قبلاً أعرف عن المسيح، لكن فيما بعد عرفته شخصيًا، وآمنت به، واختبرت حلاوة الرفقة معه… فوجدت الحياة برفقته حياة سعيدة وهنيئة ومريحة. فهو من قال: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم".
 
 إنَّ أفضل ما أقدّمه لكل صديق يعاني من شكوى، أو حيرة، أو كآبة هو أن يأتي إلى المسيح المريح.
 
 وأقول أخيرًا توضيحًا لتساؤلٍ طرحه صاحب السؤال:
 
 صحيح أن الله خلق الإنسان خليقة كاملة غير مشوّهة، وأعطى الإنسان الحرية ليختار الخير ويرفض الشر. فاختار آدم الضرر لنفسه وسقط وسقطنا معه، وطُرد آدم من الجنة وطُردنا معه. فسقطة آدم شوّهت السلوك البشري الذي نشكو منه. ونتساءل… لماذا؟
 
 لهذا جاء المسيح... جاء ليكفّر بدم نفسه عن خطايانا ويخلّصنا من حالة الضياع. فهو ما زال يقبل كل البائسين، والمحتارين، والمتألمين، والخطاة... ليطرحوا عليه حالاتهم كما فعل أعمى أريحا، والحل عنده مضمون.
 
 عزيزي القارئ، تعال إليه واطلبه. وإن قبلته تتبدد الغيوم، ويتلاشى الإبهام وتحلو الحياة. واقبلها مني نصيحة مخلصة أنه بدون المسيح فالحياة كالحة، غامضة، مبهمة... والمصير الأبدي حائر مجهول...
 
 قد تطمئن على وضعك بدونه، لكنك ستفاجأ في يوم الدين أن الفرصة قد فاتت، وأن كل ما سمعته عنه منا كان عين الحق. ولكن الندامة آنئذ لن تنفع!
 

المجموعة: 201010

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

172 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10573153