Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الثاني November 2010

هل تنتبه صديقي لكلامك؟
 
 وهل تفكر بما تريد أن تتحدث به ووقعه على الآخرين؟
 
 كتب سليمان الحكيم في الأصحاح العاشر من سفر الأمثال أربعة أمثال تتعلق بموضوع الكلام، وختم الأصحاح بمثلين يتحدثان عن كلام الأبرار وكلام الأشرار:

  ”مَنْ يُخْفِي الْبُغْضَةَ فَشَفَتَاهُ كَاذِبَتَانِ، وَمُشِيعُ الْمَذَمَّةِ هُوَ جَاهِلٌ. كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِيَةٍ، أَمَّا الضَّابِطُ شَفَتَيْهِ فَعَاقِلٌ. لِسَانُ الصِّدِّيق فِضَّةٌ مُخْتَارَةٌ. قَلْبُ الأَشْرَارِ كَشَيْءٍ زَهِيدٍ. شَفَتَا الصِّدِّيقِ تَهْدِيَانِ كَثِيرِينَ، أَمَّا الأَغْبِيَاءُ فَيَمُوتُونَ مِنْ نَقْصِ الْفَهْمِ“ (أمثال18:10-21).
 

 هل ترائي في كلامك يا صديقي؟ فعندما ترى شخصًا لا يعجبك أو لا يروق لك، تبادره بالكلام الحلو المعسول، أي تظهر له عكس ما تبطن. وهل تعلم أنك بذلك تكون شفتاك كاذبتين كما قال المثل؟ من يُخفي البغضة فشفتاه كاذبتان.
 
 إن المثل لا يقصد بالطبع أن تكشف له عن حقيقة عواطفك تجاهه، بل أن لا تكون مرائيًا... تقول عكس ما تفكر به، لئلا تكون كاذبًا. أما الشخص الذي يحاول إشاعة المذمة، أي ذم الآخرين باستمرار، فإن المثل يقول عنه أنه إنسان جاهل. لأن هذا هو تصرّف لا يليق بالإنسان العاقل.
  
 يقول المثل العربي: "خير الكلام هو ما قلّ ودل". ويقول سليمان في أمثاله: ”كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِيَةٍ“. فعندما يتحدث المرء كثيرًا وبدون أية ضوابط فهناك احتمال كبير أن يخطئ في كلامه.
 
 ويتابع المثل قائلاً: ”أَمَّا الضَّابِطُ شَفَتَيْهِ فَعَاقِلٌ“. أي أن الإنسان الذي يستطيع أن يضبط كلامه، ويتكلم فقط بالأمر البناء المفيد فهو إنسان عاقل. ولهذا شبّه المثل لسان الصدّيق أي الإنسان البار بالفضّة المختارة. وكما نقول بالعامية أنه يتكلم جواهر، أي يتكلم بالكلام الجيد الحكيم.
  
 ويعتبر المثل أن ”شَفَتَا الصِّدِّيق تَهْدِيَانِ كَثِيرِينَ“. فالإنسان الحكيم يرشد الآخرين ويهديهم إلى طريق الصواب، ويحاول أن يساعدهم ويجمع بينهم بكلماته البناءة المفيدة. على عكس الجاهل الذي يحاول تدمير الآخرين بكلماته وإشاعة الفرقة بينهم.
 
 ”أَمَّا الأَغْبِيَاءُ [أي الناس الجهلاء] فَيَمُوتُونَ مِنْ نَقْصِ الْفَهْمِ“. والسبب لأنهم لا يريدون أن يتعلّموا، أو يتدربوا لكي يصبحوا أناسًا عقلاء، ينطقون بالكلام البناء الصائب. وأنت صديقي هل تضبط شفتيك؟ وهل كلامك يُهدي الكثيرين ويرشدهم إلى جادة الصواب والحق؟
  
 وعاد سليمان الحكيم في نهاية الأصحاح العاشر وتحدث عن الفرق بين كلام الأبرار والأشرار، فكتب قائلاً:
 ”فَمُ الصِّدِّيق يُنْبِتُ الْحِكْمَةَ، أَمَّا لِسَانُ الأَكَاذيبِ فَيُقْطَعُ. شَفَتَا الصِّدِّيق تَعْرِفَانِ الْمَرْضِيَّ، وَفَمُ الأَشْرَارِ أَكَاذِيبُ“ (أمثال31:10-32).
 

 إذا كان الإنسان الصدّيق أو البار يُهدي الكثيرين، فإن هذا يعني أنه يُنبت أي يزرع أو يُزهر الحكمة. ولهذا قال عنه المثل أن شفتيه تعرفان المرضي أي الأمر البنّاء المقبول. بينما نجد أن فم الأشرار مليء بالأكاذيب والكلام الفاسد، ولهذا قال عنه المثل أنه سيُقطع.
 
 هل تعلم يا صديقي أن كلامنا قد يكون أحيانًا كثيرة هو السبب في المشاجرات، لا بل في إذكاء نار الحقد والفتنة التي قد تؤدي إلى أعمال القتل؟ وكم من عائلة أو مجتمع عانى من مشكلة اللسان وما يتفوّه به. وكم من نزاع حصل كان سببه الكلام غير المسؤول.
 
 ولهذا حذّرنا الرسول يعقوب - وهو من رسل المسيحية الأوائل في العهد الجديد في الكتاب المقدس - من اللسان وخطره على حياتنا. فكتب قائلاً:
 
 ”هكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّمًا. هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟ فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ. هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ“.
 ثم تابع الرسول يعقوب قائلاً:
 
 "وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا. بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ. مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ! لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا! أَلَعَلَّ يَنْبُوعًا يُنْبِعُ مِنْ نَفْسِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ الْعَذْبَ وَالْمُرَّ" (يعقوب5:3-6، 8-11).
 
 قارئي العزيز، صحيح أن اللسان هو عضو صغير في أجسادنا ويبدو أن لا أهمية له، لكن نتائج عمله كبيرةً وخطيرة جدًا على حياتنا. فهو كما قال الرسول يعقوب يحمل النار، أي نار الفتنة، ويدنّس الجسم كله، ومن الصعب تذليله أي السيطرة عليه. والأسوأ من ذلك أننا بواسطة اللسان نمارس النقيضين، فنبارك الله، وفي نفس الوقت نلعن الناس الذين قد تكوّنوا على شبه الله. أي تخرج بركة ولعنة من نفس الفم الواحد. فكيف نستطيع أن نحلّ هذا الإشكال؟ وهل من الممكن أن نجعل لساننا عضوًا مفيدًا في أجسامنا؟
 
 هل تعلم يا صديقي أن كلامنا يعبّر عن حقيقة نفوسنا الخاطئة الشريرة؟ فمهما حاولنا فإننا لن نستطيع السيطرة على لساننا، ولا بد أن نخطئ في كلامنا. أما الحل فيحدث عندما تتغيّر طبيعتنا من الداخل، وتصبح طبيعة جديدة، وعندها فقط يضحي كلامنا حكيمًا وبنّاء ومرشدًا للآخرين.
 
 أما الحصول على الطبيعة الجديدة فيكون عن طريق التوبة عن آثامنا، والإيمان بالمخلص المسيح الذي مات على الصليب ليكفّر عن خطايانا، وليجعلنا من أولاده، وليهبنا هذه الطبيعة الروحية الجديدة. وعندما تحصل على هذا الاختبار، سترى كيف يتغير أسلوب كلامك، فتبتعد عن الألفاظ السلبية والسيئة، ويصبح كلامك مفيدًا ومثمرًا للآخرين.
 
 فهل تراك تأتي بالإيمان فتنال هذه الطبيعة الجديدة التي يهبها الله لك؟
 
 أما بالنسبة للمؤمنين الذي اختبروا نعمة الله، فإن كلمة الله تحثّنا قائلة:
 
 ”لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ“ (أفسس 29:4).
 إن الكلام الرديء يشوّه حياتنا كمؤمنين، بينما المطلوب منّا أن نتكلم بكل ما هو صالح ومفيد، حتى نبني الآخرين ولا نهدمهم.
 
 وفي مكان آخر كتب الرسول بولس قائلاً:
 
 ”لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِد“ (كولوسي6:4).
 
 فالمطلوب ليس أن نبتعد عن الكلام الرديء فحسب، بل أن يكون كلامنا مفعمًا بالنعمة، ذا نفع وقيمة، وبإخلاص ودون رياء، وبعيدًا عن التفاهة والثرثرة والمرارة.
 
 ليساعدنا الرب كمؤمنين أن يكون كلامنا بناء ومفيدًا، وبعيدًا عن كل ما هو سلبي وهدّام لنفوسنا وللآخرين.

المجموعة: 201011

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

323 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10541382