Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الثاني November 2010

طغت موجة من الشكوك على شبابنا بسبب الأفكار الفلسفية المتطرفة. وبات شبابنا في حيرة من أمره. ماذا تقول المسيحية عن الشك؟
 
 ليس الشك في حد ذاته جريمة، فقد يكون الشك البريء خطوة تمهيدية للإيمان السليم. ومن لا يدركه شك على الإطلاق، قد لا يكون لديه إيمان مطلقًًا.. فالشك بالقياس إلى الإيمان كالعملة المزيفة بالقياس إلى العملة الصحيحة. ومن المسلم به أن قطع النقود النحاسية لا تُزَيَّف، لأن النفع من تزييفها ضئيل منعدم، وإنما تُزيَّف النقود الفضية والذهبية، والأوراق المالية التي يجتني المزيفون من ورائها ربحًا وفيرًا ومغنمًا.

  على هذا المقياس، قد تركنا الشكوك في أعزِّ عقائدنا وأقربها إلى قلوبنا. والمرء منا ليس مسئولاً عن الشكوك التي تحاربه، وإنما هو مسئول عن تغذية هذه الشكوك وإنمائها حتى تترعرع، وتزدهر.
 
 فإذا سقطت حشرة على شعر رأس أحدنا، من باب المصادفة، فلا لوم على المرء في هذا، لكنه يلام إذا سمح لهذه الحشرة أن تستقر في شعره وتتخذ لها عشًا، فتقيم فيه، وتفرِّخ.
 
  
 شكوك بريئة
 قد تقسم الشكوك إلى قسمين: شكوك بريئة وشكوك خبيثة. فالشكوك البريئة قد تهاجم الإنسان نتيجة البحث، والفحص والاستقصاء.
 
 هذه شكوك سليمة قد تصل بالإنسان في غالب الأحيان إلى الإيمان القويم السليم. إذا هو حرص على معالجتها "بالعقاقير" الإيجابية التي تستمد منها خير العوامل على تقوية الإيمان وتقويمه.
 
 فالإيمان الوراثي، الذي ينتقل من الأب إلى ابنه ومن ابنه إلى حفيده، قد لا يقوى أمام أعاصير الحياة وتجاربها إلا بعد أن يضعه الإنسان تحت محك الاختبار الشخصي. وإلا أضحى الإيمان الوراثي شبيهًا بزيّ النساء أو الرجال يتخذ لنفسه في كل مناسبة مظهرًا، وقد يتبخّر أمام حرارة الاضطهاد أو يجمد تحت عوامل الفتور.
 
 لكن الإيمان الذي يصل إليه الإنسان نتيجة البحث والاستقصاء والصلاة، يصبح عنصرًا حيًا من عناصر حياة الإنسان، بل يمتزج بقطرات الدم الدافق في شرايينه ويمسي على مر الزمان شبيهًا بكنز ثمين يكتشفه الإنسان لنفسه فيحرص عليه كل الحرص لأنه مصدر غناه، وبهجته، وعزائه.
  
 شكوك غير بريئة
 
أما الشكوك غير البريئة، فهي شبيهة بداء السرطان الخبيث العضال يصبح مستعصيًا على كل علاج، لأنه مجرد من عامل الإخلاص البريء.
 
 وقد يكون منشأ بعض هذه الشكوك الكبرياء، محاكاة لما يسمعه بعض الشباب من أن كثيرين من العلماء متشككون أو ملحدون وقد فاتهم أن الغالبية العظمى من علماء الهيئة (الفلك) والكيمياء، والطبيعة، والرياضة، والطب في مقدمة الناس إيمانًا بالله.
 
 وقد ينشأ بعض هذه الشكوك عن خطية دفينة يحتبيها الإنسان بين طيات قلبه ومشاعره، فتعمي قلب الإنسان وبصيرته عن رؤية الله على حقيقته.
  
 شكوك قلبية
 هذه إذًا شكوك قلبية، لا عقلية، وأساسها أدبي خلقي، لا عقلي منطقي. فلا يرجى لهذه الشكوك علاج إلا إذا أقلع الإنسان عن هذه الخطية بالتخلّي وطلب المغفرة. عندئذ يصفو الجو الروحي ويستطيع الإنسان أن يرى الله كما قال المسيح في موعظته الخالدة: "طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله".
 
 مثل الخطية بالنسبة إلى الإنسان في هذا الشأن، مثل "عدسة" العين التي تصاب بالتحجّر فتحجب النظر عن العين، أو مثل "شبكية" العين التي يدركها الانفصال، فتفقد العين نظرها كاملاً أو جزئيًا... فلا سبيل إلى إعادة البصر إلى العين إلا بانتزاع تلك "العدسة" المتحجّرة، أو بإرجاع "الشبكية" إلى مكانها الطبيعي.
 وكذلك لا مندوحة للإنسان العائش في خطية معينة إلا أن يهجرها وينتزعها من قلبه، فيزول معها الشك،إذ تتبخر الشكوك كما تنقشع سحب الصيف فتنجلي لوحة الفضاء.
  
 شكوك عاطفية
 أما الشكوك العقلية، أو الشكوك العاطفية فقد يكون بعضها جزئيًا وقد يكون البعض الآخر كاملاً، فمنها ما يتناول وجود الله، أو حقيقة شخصية المسيح، أو محبة الله أمام تجارب محرقة في الحياة لا يقوى المرء على احتمالها.
 
 من خير الوسائل لمعالجة الشك البريء أن يحتفظ به الإنسان بين طيات نفسه فلا يبشر به أحدًا من حديثي الإيمان لأن الشك كالشوك ينمو ويترعرع إذا ما عمل الإنسان على انتشاره.
  
 علاج الشك
 من أجل ذلك قال آساف: "لَوْ قُلْتُ أُحَدِّثُ هكَذَا، لَغَدَرْتُ بِجِيلِ بَنِيكَ". ومن أفعل الطرق لطرد الشك، ألا نحاربه سلبيًا، بل أن نطرده إيجابيًا، فالجمد الذي يجتمع على نوافذ بعض المنازل في بلاد الغرب لا تطرده المكانس بل يطرده شروق الشمس وتذيبه قوة إشعاعها.
 
 وخير ترياق لعلاج الشكوك هو أن تتقدم بها إلى المسيح، وفي حضرته تُمحى الشكوك وتتطاير في الفضاء البعيد.
 
 شكوك توما
 إن شك توما قد غمر قلبه لأنه لم يكن موجودًا مع التلاميذ حين ظهر لهم المسيح في اليوم الأول من الأسبوع، لكن في حضرة المسيح قد زال شك توما وأضحى يقينًًا عظيمًا إذ ارتمى عند موطئ قدمَي فاديه قائلاً: "ربي وإلهي".
 
 وهنالك سبيل آخر لمعالجة الشكوك هو أن نملأ أيدينا بعمل نافع للمسيح في خدمة الآخرين.
 
 يقال أن توما عاوَده الشك بعد قيامة المسيح بسنوات غير قليلة فنصحه بطرس بأن يرجع إلى إيمانه و يعمل عملاً إيجابيًا خدمة للفادي، لأن "رأس الكسلان معمل للشيطان"، فقام توما وصلّى إلى الله ليملأه بروحه الأقدس من جديد. ومضى إلى بلاد الهند وجال كارزًا بالإنجيل حتى أسس تلك الكنيسة الأثرية الخالدة المعروفة بكنيسة "مار توما".

المجموعة: 201011

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

456 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10471680