Voice of Preaching the Gospel

vopg

شباط February 2011

في حوار تليفزيوني مع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، سأله المحاور عن الشخصية الهامة التي أثّرت في حياته، ودون تردّد نزل كارتر عن المنصة، وأخذ من الصف الأول للجالسين سيدة مسنّة عجوز، وصعد بها مرة أخرى، ورفع يدها بيده، وقال أمام الكاميرات: "هذه هي السيدة العظيمة التي علمتني الطريق الصحيح من الكتاب المقدس... إنها أمي!" يا للروعة!

إن واحدة من أهم الفضائل المسيحية هي إكرام الوالدين ولا سيما في الأيام الأخيرة التي فيها الأولاد "بلا حنوّ... غير طائعين لوالديهم" (2تيموثاوس 2:3). والغريب أن بعض الشباب في كنائسنا يسيئون إلى والديهم ويظلون يقومون بخدماتهم الدينية، ظانين أن الله لا يبالي، طالما هم يقدّمون خدمة لله! ولهذا السبب وبّخ يسوع الفريسيين: "لأَنَّ مُوسَى قَالَ: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمُ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي (أي سأقرب ما أنفقه عليكما قربانًا للرب) فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ (أي إنه بلا التزام تجاههما)" (مرقس 10:7-12).
لذلك عزيزي القارئ، إنني أرفع راية التحذير عالية لضرورة وخطورة هذه الفضيلة!

أولاً: إكرام الوالدين وصية كتابية

تتخلل وصية إكرام الوالدين في عدد من أسفار الكتاب المقدس:

1- كواحدة من الوصايا العشر في أول الكتاب المقدس "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ" (خروج 12:20).

2- يقول سليمان الحكيم: "يَا ابْنِي، احْفَظْ وَصَايَا أَبِيكَ وَلاَ تَتْرُكْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ" (أم 20:6).

3- في آخر العهد القديم يقول الله مؤيدًا هذه الحقيقة أن "الابن يكرم أباه" (ملاخي 2:1).

4- ويأتي الوحي في العهد الجديد مؤكّدًا ذلك: "أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي الرَّبِّ لأَنَّ هذَا حَقٌّ" (أفسس 1:6).

ثانيًا: إكرام الوالدين وأمثلة رائعة واقعية

يقدم لنا الكتاب المقدس والتاريخ المسيحي التّقوي أمثلة رائعة لشخصيات علت مراكزها وسما مقامها، لكنها عرفت بحق كلمة الله؛ فأكرموا الرب ووالديهم أيضًا.

1- الصبي يسوع: وهو صبي صغير حسب الجسد، ومع كونه ابن الله الذي ينبغي أن يُطاع، لكنه كإنسان قدّم صورة رائعة لاحترام الوالدين في أسلوبه المهذّب مع أمه: "أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟... وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا" (لوقا 49:2 و51).

2- داود الممسوح من الله للمُلك: في وقت شدته ومطاردة شاول له، لم ينسَ أبويه... ويذكر الكتاب أنه أخذهم ليحميهم عند ملك موآب: "وَقَالَ لِمَلِكِ مُوآبَ: لِيَخْرُجْ أَبِي وَأُمِّي إِلَيْكُمْ حَتَّى أَعْلَمَ مَاذَا يَصْنَعُ لِيَ اللهُ. فَوَدَعَهُمَا عِنْدَ مَلِكِ مُوآبَ" (1صموئيل 3:22-4).

3- ومن الحياة العملية: شاب مُرسل، تربّى يتيمًا لأن أمه ماتت وهي تلده وسط الثلوج حيث كانت وحدها في الطريق للمستشفى بكوريا. وإذ أرادت الحفاظ على حياته خلعت ملابسها لتغطيه فماتت أما هو فعاش. ولما اطّلع على القصة عاد مرة أخرى إلى كوريا ليقف أمام قبرها وفاء لها، وخلع "جاكيت" بدلته وغطى قبرها بها، وكتب عليها: "إلى من ماتت لتدفئني"! فيا لروعة الشعور بالجميل والعرفان!

ثالثًا: إهانة الوالدين والعواقب الوخيمة الحتمية

1- كتبت جريدة الأهرام عن فتاة أهانت أمها حتى أصيبت بالشلل. وفي غرفة العناية المركزة جاءت الفتاة لتسترضي أمها، لكن وجدتها قد فارقت الحياة. وتقول الجريدة إن الفتاة المعذّبة تسأل عن الوسيلة لراحة ضميرها الهائج! لكن الجريدة أجابتها قائلة: "يا بنتي، لقد زرعت بالأمس شقاوة واليوم تحصدين مرارة... لن يهنأ لك منام ولن يحلو لك طعام!". فذهبت الفتاة وانتحرت!

2- وتقول الشريعة في القديم عن الابن المتمرّد: "ابْنُنَا هذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا... فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ" (تثنية 18:21).

3- ويقول سليمان الحكيم: "مَنْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يَنْطَفِئُ سِرَاجُهُ فِي حَدَقَةِ الظَّلاَمِ" (أمثال 20:20). وأيضًا: "اَلْعَيْنُ الْمُسْتَهْزِئَةُ بِأَبِيهَا، وَالْمُحْتَقِرَةُ إِطَاعَةَ أُمِّهَا، تُقَوِّرُهَا غُرْبَانُ الْوَادِي، وَتَأْكُلُهَا فِرَاخُ النَّسْرِ" (أمثال 17:30).

فحذار يا أحبائي الشباب من إهانة والديكم ومحاولة خداع ضمائركم بالخدمة والأنشطة الروحية التي تصبح مرفوضة تمامًا أمام الله، فتوقِعوا أنفسكم تحت طائلة القضاء الإلهي الزمني والأبدي. فهل نتوب اليوم عن هذه الخطية؟

رابعًا: إكرام الوالدين والمكافآت الإلهية السخية

1- يوسف الذي أكرم أباه وأطاعه وهو فتى صغير (تكوين 37)، وأيضًا وهو أمير على أرض مصر؛ فدخل بأبيه أمام فرعون ولم يخجل منه، واعتنى به حتى آخر حياته (تكوين 12:47)، واهتم به وهو مريض (تكوين 1:48)، وأكرمه في مماته (تكوين 1:50). لذلك نقرأ عن سيل البركات التي أخذها يوسف أكثر من إخوته: "بَرَكَاتُ السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَبَرَكَاتُ الْغَمْرِ الرَّابِضِ تَحْتُ... تَكُونُ عَلَى رَأْسِ يُوسُفَ، وَعَلَى قِمَّةِ نَذِيرِ إِخْوَتِهِ" (تكوين 25:49-26).

2- وعن الإكرام الإلهي بحياة هنية، يقول الكتاب: "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ، وَتَكُونُوا طِوَالَ الأَعْمَارِ عَلَى الأَرْضِ" (أفسس 2:6-3).

3- والصورة الأعظم هي للابن الوحيد، الرب يسوع المسيح، الذي أكرم الآب فقال مرة: "لكني أكرم أبي..." (يوحنا 49:8)، فأكرمه الآب: "اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ" (يوحنا 35:3)، بل أعطاه اسمًا فوق كل اسم.

أحبائي، فضيلة مسيحية رائعة نحن بحاجة أن نتعلمها فنكون بحق أولاد الطاعة، بل نتمم واحدة من وصايا إلهنا الهامة: "أكرم أباك وأمك"، وأيضًا نترفّق بوالدينا الذين تعبوا من أجلنا. فلنحذر من إهانتهم لأن الأمر جاد وخطير، والحياة زرع وحصاد؛ فالابن اليوم هو أبٌ غدًا... ولا ننسَ القول الإلهي: "أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق".

المجموعة: 201102

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

199 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10576198