Voice of Preaching the Gospel

vopg

شباط February 2011

الحلقة الثانية

قصب الرومانسيّة المُترنِّح

وهنا لا يفوتنا إلاّ أن نذكر أن الرب قبل هذا الموقف المؤلم بسنين هذا عددها، كان قد أراح داود من أن يبقى تحت سقف واحد مع ميكال امرأته، فقد أعطاها شاول والدها لفلطي بن لايش. لكن، ما إن تقوّى بيت داود واقترب من العرش، حتى استردّها زوجة له (2صموئيل 14:3-15). إذ ذاك أصابه ما في المزمور القائل: "فأعطاهم سؤلهم، وأرسل هزالاً في أنفسهم" (مزمور 15:106). حقًّا قد أعطى الله داود سؤله: ميكال. ولكن معها أصاب نفسه بهزالِ عيشة النّكد والتّعيير والخصام، وبتكدير حياة زوجية ذات نير متخالف. فعُش الزّوجيّة الذي تعلّق به ذات مرّة مرتكزًا على قصب الرومانسية المترنِّح، وتشكّل من قش الانجذاب الشّكلي وإغراء المركز الدنيوي، من دون وجود قاسم الروح الإيماني المشترك، سرعان ما نسفته رياح التنافر والبغضاء، وبعثرت أعواد قشِّه بمن فيه في كل الاتجاهات! أجل، لقد تبعثر ذلك العش، وكان تبعثُره عظيمًا!

ومهما يكن، فلِحبيب الرب يُقصد به بركة خيرٍ، رغم عظم الأزمة الحادّة. فإن كانت ميكال التي خطبها داود لنفسه بمئة، بل مئتي غلفة من الأعداء، قد نافست الرب يومًا ما على مكانِه الأوّل في قلب مسيحه. فها هي اليوم تفقد، بعد ذلك الحدث، مكانتها الخاصّة هناك، لكي يعود الله فيستوي تمامًا على عرش حياة داود الدّاخليّة برمتها. وهكذا ينعم الآن قلب داود بالسّلام، ويتّقد ذهنه بالصّفاء؛ كذلك أيضًا باتت أحكامه تتميز بالدِّقة البالغة، وشخصيّته بالشّفافية... فيا لحلاوة ذلك العسل الخارج من فم الأسد! وما أشهى الوليمة من رمّة ذاك الشبل! (قضاة 8:14).

النير المتخالف

أحيانًا، يبدو لنا عندما نقف عن كثب على بعض المشكلات الزوجية النّاشئة عن اختلاف النير، أنه أيسر علينا أن نحاول إيجاد قاسم عيشٍ مشترك بين زرافة ودبٍّ، أو بين حمامة وغراب، من أن نوجده بين مؤمن حقيقي وشريك حياته غير المُخلَّص! فإذا كانت الحياة الزّوجية لا تخلو من الصعاب هكذا والنير متكافئ، فماذا يكون الحال والنير متخالف؟

إنّ كلمة الله صريحة للغاية في هذا الشأن الخطير إذ إنها تنهي المؤمن بشدّة عن الارتباط الزّوجي بشخص غير مؤمن، فتقول، "لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟" (2كورنثوس 14:6-15). فمع أن هذين العددين ينهيان المؤمن عن أنواع مختلفة من الصّلات والعلاقات مع غير المخلَّصين، فإنّ النهي الشّديد ينصب هنا بأكثر قوة على شراكة الزّواج المتخالف. ومن الجدير ذكره أن هذه الكلمات الصريحة لا تجيز الطّلاق إطلاقًا، سواء كان الطرف المؤمن قد ارتبط قبيل خلاصه بالطّرف الآخَر غير المؤمن أو لو كان قد اقترن به بخطوة خاطئة متسرعة وهو في الإيمان. فبما أننا نحيا نحن اليوم في ظلال عصر النعمة المترفِّقة لا النّاموس الحازم، يوصي الرسول الملهم ببقاء المؤمنين مع شركائهم غير المؤمنين بارتضاء. فذلك قد يؤول بتأثير شهادة المؤمن وتقواه الحياتيّة إلى ربح شريكه غير المؤمن للمخلِّص الرب.

(1كورنثوس 12:7-13). "ولكن إن فارق غير المؤمن فليفارق. ليس الأخ أو الأخت مستعبدًا في مثل هذه الأحوال. ولكن الله قد دعانا في السّلام" (1كورنثوس 15:7).

علينا الأخذ بكل جدية بما تقوله تلك التّعاليم الكتابيّة النّقيّة، وذلك على الرغم من التعامل العصري المتحرِّر مع مقاطع الوحي هذه عند تفسيرها، بل قُل بالأكثر تشويهها من قبل بعض شرّاح أواخر أيّامنا هذه الغريبة العجيبة، الذين ينضوون تحت مظلة ما يُسمّى "اللاّهوت المتحرِّر"! حيث يشجّع تهاون شروحاتهم لمثل هذه الأعداد، على التّسيّب العقائدي، وبالتّالي الخلقي، وترك الحبل على الغارب لبعض المؤمنين المرتبكين في أمور التّزوج والانفصال والطّلاق، ممّا يؤدي إلى فتح ثغرات خطيرة في السياجات التي تفصل شعب الرب السّماوي عن أهل العالم الدنيويين. أمّا الرّب فيعلم "أن ينقذ الأتقياء من التجربة..." (2بطرس 9:2).

هوذا للسّلامة

آه، كم مرة تصرّفنا كداود بحماقات عنادنا وشهوة نفوسنا مصرِّين على نوال سؤل مُبتغى مشوبٍ بالرّيب، هو بحسب شهوة العينين! ولطالما حاول الرب أن يبعدنا عنه أو يمسكه عنّا. ولمّا ثابرنا بكل طاقاتنا الماكرة وصلواتنا اليعقوبيّة في طَلبِِه، وهبنا إيّاه؛ وقد صار لنا ومعه دفقُ سيلٍ من التّعب والذبول والمرائر. وبالتّالي ندمْنا بشدّة حيث لا ينفع النّدم ولا يهادئنا الألم. لقد غدا العسل مرًّا، وباتت ورود البستان ملغومة!
والآن، فمهما كانت ظروف حياتنا أو زواجنا مرّة، فإنّ الله أبقى لنا في الجوار ما يحلّيها ويجعلها عذبة مستساغة، تمامًا كالشّجرة التي كانت بجانب مياه مارَّة، فإذ أراها الرّب لموسى بعد أن صرخ إليه كليمه، بسب تذمُّر الشعب العَطِش، قطعها ثمّ ألقاها عن أمر الرّب في ذلك النّبع المر، فصار الماء عذبًا. وهكذا شرب الجميع وأطفأوا ظمأهم الشّديد، وسكنت تذمّراتهم. فعندما ندعو المسيح، الذي عُلِّقَ مصلوبًا على خشبة الصليب حاملاً خطايانا وأحزاننا، ليَحضرَ في وسط مرارة نفوسنا ومعاناتنا، سنهتف عندئذ مع إشعياء قائلين: "هوذا للسّلامة قد تحوّلت لي المرارة، وأنت تعلّقتَ بنفسي من وهدة الهلاك، فإنك طرحتَ وراء ظهرك كلَّ خطاياي" (إشعياء 17:38). وقد سبق لإشعياء نفسه أن قال: "كسنونة مزقزقة هكذا أصيحُ. أهدرُ كحمامة. قد ضعفتْ عيناي ناظرة إلى العلاء. يا ربُّ قد تضايقتُ. كنْ لي ضامنًا. بماذا أتكلم، فإنه قال لي وهو قد فعلَ. أتمشّى متمهلاً كل سنيَّ من أجل مرارة نفسي. أيها السيد، بهذه يحيون، وبها كل حياة روحي فتشفيني وتحييني" (إشعياء 14:38-16).

صنيع ميكال النّبيل

على أنه لا ينبغي أن ننسى، بالمقابل، جميلاً هذا قدره، كانت قد صنعته ميكال مع داود في بداية مشوار حياتهما إذ أعانته بحذاقةٍ على الهرب لينجو بنفسه من مكيدة شاول أبيها الذي طلبه للموت حين أرسل رجاله المسلّحين لينصبوا لداود البريء كمينًا عند البيت، في ليلة ما كان ليطلع لها صباح على داود وهو على قيد الحياة، لولا تصرّفها النّبيل العاجل، والشّجاع البارع، مُعرِّضة بذلك حياتها لخطر غضب الملك الحاقد (1صموئيل 11:19-17). فهذه الحادثة إنّما تُذكر ثناءً في حقِّها وتُحسب لها معروفًا وفضلاً. فالتّاريخ المقدّس لم يُغفل بوحيه المكتوب إبراز صنيعها الرّائع هذا، على الرغم ممّا بدر منها في ما سبق وأتينا على ذكره. ذلك أن "الرّب صالح للكلِّ، ومراحمه على كل أعماله" (مزمور 9:145). وهو لا يتنكّر لجميل ما صُنع من قبل أحدهم مع عبيده، مهما كان ذاك زهيدًا - ولو مجرّد كأس ماء بارد، لا أكثر - فإنه يردّه أضعافًا كثيرة، لأنه يحسبه قد عُمل له شخصيًّا (متى 40:25).

المجموعة: 201102

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

214 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10555006