Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2011

الدكتور تشارلز سولومون
نقلته إلى العربية الأخت جيني هوفسبيان

عزيزي القارئ،

قد تكون ظروف حياتك الآن مضطربة... ربما تخلّى عنك قريب أو صديق عزيز، أو حتى محبة الله قد تبدو بعيدة عنك. ربما واجهتك ظروف مؤلمة في طفولتك أو شبابك جعلتك تشعر بفراغ أليم بالرغم من محبة والديك. هذا الشعور بالنقص يجعلك لا تحب نفسك كما هي وتتمنى لو كنت إنسانًا آخر.

إن شعور الإنسان بالنقص في مواجهة الحياة ينزع منه الطمأنينة ويسبب له الاكتئاب والأمراض النفسية والعصبية التي قد تقوده أحيانًا إلى اليأس الذي يدفعه إلى التفكير في الانتحار.

عزيزي، إذا كنت تعاني من اضطراب داخلي فهذا سيؤثر على علاقاتك الشخصية حتى نحو أقرب الناس إليك، فتشعر بألم ووحشة ويأس.

لا تيأس يا عزيزي، فالرسالة التي بين يديك ستشجعك للغاية. فبالرغم من ظروف حياتك وشعورك الداخلي تأكد أن الله يحبك محبة شديدة جعلته يرسل ابنه الوحيد يسوع المسيح إلى العالم ليموت فدية عنك ويسدّد أجرة جميع ذنوبك وخطاياك. وقد أقامه من الموت ليهبك حياة النعيم في الأبدية وحياة منتصرة ومتكاملة في العالم. فإن موت المسيح من أجل الخطاة قد وفى شرط الله لغفران الخطايا "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رومية 23:6). هذه الرسالة والنماذج الموضحة لها ستحوّل حياتك عندما تستبدل انحدارك من آدم إلى ملئك بحياة المسيح وتصبح إنسانًا جديدًا يستطيع أن يحيا الحياة المسيحية منتصرًا على الخطية وعلى حياة القلق واليأس.

عزيزي، عزيزتي، إقرأ هذه التأملات واسأل الله أن ينير ذهنك حتى ترى هذه الحقائق بوضوح في آيات الكتاب المقدس، كلمة الله.

 

الرسم البياني الدائري للإنسان

الرسم البيان الدائري للإنسان يرينا أنه يتكوّن من ثلاثة أجزاء: روح ونفس وجسد. وهذا ما أكدّه الرسول بولس بالكلمات: "... وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1تسالونيكي 23:5).

الجسد: بالجسد، بواسطة الحواس الخمس نتصل ببيئتنا.

النفس أو الشخصية تُعبّر عن العقل والإرادة والإحساس. بواسطة النفس يتيسّر لنا التجاوب مع الآخرين.

الروح: بواسطة الروح نتجاوب مع الله ونرتفع فوق طاقتنا وحدودنا وظروفنا الشخصية حينما نولد من جديد ويسكن فينا الروح القدس.

عندما نولد في العالم فنحن نولد في عائلة آدم، لأننا من نسله وورثة لطبيعته الآدمية. والطبيعة الآدمية طبيعة ساقطة ميتة تجاه الله بسبب خطيئة آدم. هذا يعني أننا نولد بروح ميتة تجاه الله... أواه! لقد وُلدنا في العائلة المغضوب عليها من الله. فإذا كانت بدايتنا في آدم، فسلالتنا كلها بلا انقطاع تنتمي لآدم. إذًا نحن فعلاً كنا في آدم عندما أخطأ، ولذلك أصبحنا خطاة قبل أن نولد! فعندما نخطئ فنحن نفعل ما يتفق مع طبيعتنا البشرية (أي طبيعة آدم). وطبيعتنا البشرية أمّارة بالسوء. فمثلاً، لا يحتاج الطفل إلى أحد أن يعلمّه الكذب أو الغضب، أو الغيرة، إلى آخر ما نراه في الأطفال من انحرافات... فكل هذه الأخطاء ناتجة عن طبيعتنا الآدمية. يقول الكتاب المقدس: "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ"

(رومية 23:3). كل إنسان يظلّ في طبيعة آدم ستكون نهايته جهنم حتى ولو حاول أن يعيش حياة مستقيمة، لأن هذه الحياة منفصلة عن الله بسبب الخطية التي ورثناها من آدم. يقول الكتاب المقدس: "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ... فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ" (رومية 12:5 و18).

 

إذًا، كيف نتبرّر وننال الحياة الأبدية؟

الميلاد الثاني: في حديث يسوع مع نيقوديموس معلم إسرائيل، أجاب وقال له: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ... اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ" (يوحنا 3:3-6).

لكي نولد من الروح يجب أن نعرف ونعترف أننا خطاة بطبيعتنا ويتحتم علينا أن نقبل بالإيمان حياة يسوع المسيح الطاهرة في حياتنا لكي نخلص. فالمسيح مات فدية عن خطايانا وقام أيضًا من الموت ليبررنا ويهبنا الخلاص.

إنها حياة جديدة في الروح بواسطة الولادة الروحية، أي الولادة الثانية بالإيمان، فنصبح روحًا واحدًا مع الله. يقول الكتاب المقدس: "وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ" (1كورنثوس 17:6).

اليقين: يجب أن نتأكد من حقيقة الخلاص لأنه مبني على أساس كلمة الله الكاملة الخالية من الخطأ. كثيرون يدركون بعقولهم أنهم مخلّصون بدم المسيح، لكنهم لا يتمتّعون ببهجة يقين الخلاص بسبب عوامل نفسية وذكريات سلبية مترسّبة في أنفسهم منذ الطفولة. هذه الذكريات السلبية تجعلهم يشعرون بنبذ الآخرين ورفضهم لهم. لكن الشعور بالرفض لا يتفق مع الواقع، بل هو نتيجة الاضطرابات النفسية التي تسرق من المؤمن بهجة الخلاص، إلى أن يأتي الوقت حين يصبح المسيح محور كل حياته ويشفي نفسه. فالمسيح وحده هو الذي يعطي اليقين. "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ" (يوحنا 24:5).

الأمان: رغم أن معظم المؤمنين يعرفون أنهم قد قبلوا المسيح مخلصًا لهم - لكن قليلين منهم يفهمون أن الله قد قبلهم في المسيح يسوع ويختبرونه - لذلك فهم يسعون أن ينالوا قبول الله لهم بنفس الطريقة التي ينالون بها قبول الآخرين لهم، أي بواسطة الأعمال الصالحة.

القبول: إن الله قد قَبِل المؤمن وبرّره بسبب حياة المسيح التي منحه إياها عندما آمن بالمسيح. يقول الكتاب المقدس: "لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً (أي المسيح)، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" (2كورنثوس 21:5). فكل مؤمن مقبول عند الله بالمسيح، لكن مؤمنين كثيرين لا يستطيعون أن يؤمنوا بهذا القبول ولا بتبرير الله لهم لأنهم يشعرون بعدم الاستحقاق.

التسليم الكلي: لكي يتمتّع المؤمن بهبات الحياة المسيحية يجب أن يعطي الله مطلق السيادة (بلا رجعة) ليعمل فيه وبه، ومعه وبواسطته أي شيء حسب إرادته، أي أن يسلّم كل حقوقه لله ويترك له الزمام ليتربّع على عرش حياته؛ والله يكرم التسليم الكلي للمؤمن. فعندما يأخذ الله زمام حياتنا، لا بد لنا من أن نتخلى عن هذا الزمام الذي قد يسبّب لنا آلامًا يستخدمها الله ليجعل حياتنا مشابهة لصورة المسيح؛ فمن خلال التجارب التي نمرّ بها نتعلّم الطاعة لله وعذوبة التسليم الكلي له. يقول بولس الرسول للمؤمنين في رومية: "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ" (رومية 1:12). ويقول أيضًا: "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ" (فيلبي 10:3).

 

صراعك الداخلي

الذات التي في وسط الرسم البياني الدائري تمثّل الإنسان الذاتي، أي الإنسان الجسدي. ربما آمن الإنسان الجسدي بيسوع المسيح (كما ترى في البيان التوضيحي للروح)، لكنه لم يسلّمه كل زمام حياته، بل الذات ما زالت متربّعة على عرش حياته (كما ترى في وسط الرسم البياني الدائري). فهو لا يسلّم التسليم الكلي للرب. والمؤمن الجسدي مثل غير المؤمن، يشبع شهواته الذاتية بطرق متنوّعة. فالبعض يلجأ إلى شيء ما أو شخص ما يجعله محور سعادته وتركيزه. فمثلاً البعض يجد سعادته في جمع المال والممتلكات، والبعض في الشهرة والعلم والمكانة الاجتماعية، كما أن آخرين ينغمسون في الشهوات الجنسية؛ هذه الإغراءات تسيطر على الإنسان إذا كان الجسد هو المتحكّم فيه. لكن هذه كلها هي أشياء لا تُشبع... فيظل الإنسان شاعرًا بالنقص والقلق. حياة "الجسد" إذًا تسبب مشاكل كثيرة للإنسان لأن الشخص أو الشيء الذي يسيطر على حياتنا يكون لنا بمثابة صنم نعبده، لأنه يبعدنا عن عبادة الله بكل حواسنا. والله لا يريد أن يكون عباده مستسلمين لشهوات الجسد. لذلك فهو يتعامل بصرامة مع حياة الذات ويظهر لنا أن هذه الحياة فاشلة ولا تستطيع أن تواجه الحياة بمشاكلها من ضغوط العمل، والعائلة، والمجتمع المحيط بنا؛ وتكبر هذه الضغوط بزيادة المسؤوليات وتقدم السن فيزداد شعور الإنسان بالنقص وعدم الاطمئنان وعدم الكفاءة كما ترى في الرسم البياني.

هذه الاختلالات النفسية مع الشعور بالذنب (حقيقي كان أو وهمي) تسبب توتّرًا في حياة الإنسان الذاتي وتعبّر عن نفسها بطرق مختلفة كالقلق، والشكوك، والمخاوف، وتسبب الانحراف نحو العدوانية.

البعض يعتدي على الآخرين بألفاظ جارحة أو حتى باعتداء جسماني مثل الضرب. والبعض يخشون إظهار عدوانهم فيكبتونه داخل أنفسهم بقدر الإمكان، فيزداد اضطرابهم الداخلي. وآخرون يكبتون غضبهم وتوترهم لأنهم يلومون أنفسهم من أجل كل المشاكل والمضايقات التي تواجههم. عندما يُكبت الشعور بالعدوان والإحباط لأي سبب ما سيؤثر هذا الكبت على العقل والشعور أو على كليهما معًا. إن كبت العدوانية والغضب كثيرًا ما يؤدي إلى الاكتئاب أو القلق فيصبح الإنسان مكتئبًا أو قلقًا، وأحيانًا كليهما معًا. يلجأ بعض الناس إلى شتى طرق الإنكار أو الانشغال والترفيه المفرط لكي يتمكنوا من مواجهة المشكلة الحقيقية، وهي حياة الذات (الحياة الجسدية). عندما تطول هذه الاضطرابات النفسية دون علاج، تتطوّر إلى أمراض نفسية كما ترى في الرسم البياني الدائري (قسم النفس)، أما الأمراض المذكورة في قسم الجسد، مع أنها ملموسة وحقيقية إلا أنها غالبًا ما تكون أعراضًا لمشاكل أعمق، وهي الحياة التي تسيطر عليها الذات.

أحيانًا يستطيع الشخص الناضج نفسيًا أن يواجه هذه المشاكل بمجهوده الذاتي، لكنه لا يستطيع أن يتمتّع بالسعادة الحقيقية.

عزيزي وعزيزتي، إذا كانت حياتك مشابهة لهذا النموذج وتريد أن تحصل على السعادة والاطمئنان، إلجأ إلى الرب واطلب منه أن يستبدل حياتك الخاطئة بحياة يسوع المسيح الطاهرة.

 

طريق الخلاص

هذه الأعراض النفسية والجسمانية تتلاشى تدريجيًا عندما يختبر الإنسان قدرة الله على استئصالها من الجذور بواسطة إزالة حياة الذات التي يعاني منها. والوسيلة الوحيدة هي أن تتخلّى أنت عن حياة الذات وتستبدلها بحياة الروح. أي تترك أنت المجال للرب يسوع المسيح أن يتربّع على عرش حياتك. لكنك قد تتساءل: كيف يتم هذا؟!

البقية في العدد القادم

المجموعة: 201103

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

81 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10578424