Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول October 2011

صموئيل عبد الشهيدورد في إنجيل يوحنا 1:8-11 ما يلي: "أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. ثُمَّ حَضَرَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ.

ورد في إنجيل يوحنا 1:8-11 ما يلي: "أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. ثُمَّ حَضَرَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِنًا. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسْطِ قَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ! ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسْطِ. فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدًا سِوَى الْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا: يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟ فَقَالَتْ: لاَ أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!. فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا". هذه الحادثة الحقيقية في حياة المسيح تكشف لنا أبعادًا قد نغفل عنها إذا قرأناها بصورة عابرة. ولكن إذا أردنا أن نكتشف تلك الأبعاد التي تجسّد لنا بعض خصائص شخصية المسيح ونظرته إلى الحياة فإننا نقف أمام عظمة تلك الشخصية ذاهلين لأنها تعكس لنا الرؤية الإلهية التي تتعدّى شرائع الناموس المتحجرة، وتعلن لنا قوة النعمة المخلصة. كان للمسيح في الأصحاحات السابقة مواجهة حادة مع الكتبة والفريسيين، ضرب لهم فيها أمثالاً أثارت عليه حفيظتهم فسعوا للإيقاع به، وانتهزوا فرصة وجوده في أورشليم بمناسبة عيد الفصح وتآمروا عليه مستعينين بناموس موسى ليجرّبوه ويمتحنوه. يستهل يوحنا الأصحاح الثامن بقوله: "أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون". لعب بستان جثسيماني دورًا هامًا في حياة المسيح إذ اعتاد أن يلجأ إليه مع تلاميذه كلما أراد أن يخلو بهم في أورشليم (لوقا 39:22). وفي هذا البستان تمّ إلقاء القبض على المسيح في أسبوع الصلب. ويبدو أنه قد قضى وقته وحيدًا في تلك الليلة. لا يصرّح لنا إنجيل يوحنا ماذا فعل المسيح في تلك الليلة. هل أراد الخلوة والاستراحة من عناء متاعب النهار، أم أنه بات ساهرًا طوال الليل في الصلاة ومناجاة الآب السماوي؟ إن كل ما نعرفه أنه حضر في صباح اليوم التالي إلى الهيكل حيث اجتمع إليه جمهور غفير من الشعب فجلس يعلّمهم. فجأة اقتحم الكتبة والفريسيون عليه المجلس وقدّموا إليه امرأة زانية مشتكين عليها ليمتحنوه. هنا تبدأ الدراما في التطور بكل أبعادها التي لم يكن يتوقّعها أحد. البعد الأول: المؤامرة لم يكن الغرض من القبض على هذه المرأة الزانية محاكمتها، إنما استهدف الشاكون عليها إيقاع المسيح في حبائلهم وإحراجه؛ فهم لم يكونوا يجهلون حكم الناموس على الزانية. كان في وسعهم محاكمتها من غير الرجوع إلى المسيح، بيد أن مكيدتهم كانت تستدعي إيجاد أية علة للانتقام منه. فإن أمر برجمها وقتلها فإنه بذلك يتعدّى على السلطة الرومانية التي احتفظت وحدها بإصدار حكم الموت على أي مذنب؛ وإن أبى أن يطبّق نصوص الناموس فإنه يُضحي مارقًا على الشريعة فيستثير بذلك غضب عامة اليهود. والواقع لم تكن هذه هي المرة الأولى التي عمدوا فيها لاستدراجه لارتكاب خطأ ما يولّد عليه نقمة السلطات المدنية أو الدينية. فقد سبق لهم أن أقبلوا إليه متسلحين بالخداع الخفيّ والكلام المعسول، والتظاهر بالتقدير والتبجيل (متى 15:22؛ مرقس 14:12-17؛ لوقا 20:20-26)، وطرحوا عليه سؤالهم عن جواز دفع الجزية لقيصر أم لا ؛ إلا أن حيلتهم لم تنطلِ عليه. البعد الثاني: رمز الدينونة عندما اقتحم الكتبة والفريسيون ساحة الهيكل كان يسوع آنئذ جالسًا يعلم الجموع، فأقاموا المرأة الزانية في الوسط. يا لهذا المشهد من رمز رائع ليوم الدينونة! إن الكتاب المقدس يعلمنا أن المسيح وحده هو الذي سيدين الأحياء والأموات في ذلك اليوم المخيف. يتعذّر علينا أن نعرف آنئذ ماذا كان شعور هذه المرأة البائسة؛ ولكن المسيح بعد أن أصغى إلى شكوى الكتبة والفريسيين عليها لم يلتفت إليهم بل انحنى وأخذ يكتب على الأرض. هذه هي المرة الوحيدة في العهد الجديد التي نقرأ فيها أن المسيح قد كتب شيئًا. وليس في طوقنا أن نقرر ماذا كتب يسوع على الأرض. هناك تكهنات كثيرة أوردها اللاهوتيون من غير أي شاهد يؤيدها. فالبعض يعتقدون أن المسيح كتب خطايا المشتكين عليها والبعض الآخر يظنون أنه قد كتب الوصايا العشر التي كشفت عن ريائهم. ولكن الحقيقة الأكيدة ما برحت حية في علم المسيح. غير أن شيئًا واحدًا يمكن تأكيده أن ما كتبه المسيح كان له تأثيرٌ عظيمٌ عليهم. البعد الثالث: الرياء الرياء! نعم الرياء. فقد جاءوا إلى المسيح بالمرأة الزانية، ولكن أين هو شريكها في الزنى؟ كيف أفلت من أيديهم؟ لقد قبضوا عليها في ذات الفعل، كما يقول الكتاب المقدس، فكيف أخفقوا في القبض عليه؟ أعتقد أن المسيح قد أدرك هذا الرياء، بل أدرك أن غرضهم لم يكن معاقبة المرأة بقدر ما كان إيجاد علّة عليه. لهذا لم يُجب عن سؤالهم وتفادى السقوط في فخّهم؛ فهو مطّلع على النيّات التي حاولوا أن يلفّقوها بقناع الشريعة والتذرّع بناموس موسى. كان يسوع هو القاضي حينئذ، والمرأة هي المتّهمة، والكتبة والفريسيون هم شهود الادّعاء. غير أنهم جميعًا لم يعرفوا أن هذا الذي جاءوا إليه طلبًا لرأيه كان هو واضع الناموس. البعد الرابع: حكم الشريعة عندما استمروا في سؤاله، ورفضوا "فرصة النعمة" التي وفرها لهم لكي ينسحبوا بهدوء قبل أن يكشف لهم واقعهم المزري، انتصب يسوع كما ينتصب الظافر الممجّد، وقال لهم: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر"، ثم استمر بالكتابة... لقد استخدم المسيح آنئذٍ لغة الناموس التي يفهمونها. فالقصاص هو حقًا الرجم بالحجارة حتى الموت، ولكن خطيئة الزنى لم تكن الخطيئة الوحيدة التي عقابها الرجم، لهذا، وفي رأيي المتواضع، قد يكون ما كتبه المسيح على الأرض هو شريعة الوصايا العشر، فكانت المرآة التي انعكست عليها خطاياهم، لأن الإنجيل يقول: "وكانت ضمائرهم تبكّتهم خرجوا واحدًا فواحدًا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين". يا له من رمز رهيب ليوم الدين! لم يستطيعوا أن يتفوّهوا بكلمة واحدة. لقد دارت عليهم الدوائر، وأخفقوا في مهمتهم لأنهم إذ كانوا تحت الناموس فهم أيضًا يستحقون حكم الموت. لقد ظنوا أنهم أبرار في نظر الله، ولكن عندما وقفوا وجهًا لوجه أمام القدوس البار اكتشفوا قذارة نفوسهم. البعد الخامس: إخفاق القضية كان انسحاب المدّعين والشهود إيذانًا بانتهاء المحاكمة. والواقع أن قضيّة بلا مدّعين ولا شهود هي قضيّة خاسرة. لهذا، بعد انسحابهم المخزي انتصب يسوع وتطلّع حوله وإذا بالساحة خالية منهم جميعًا. طبعًا، إن الذين جاءوا للاستماع إلى تعليمه، ظلّوا مسمّرين في أماكنهم، ولست أشكّ لحظة أن العجب قد أخذ منهم كل مأخذ عندما شاهدوا رؤساءهم الدينيين ينسحبون مخذولين. لقد هيمن الهدوء على الساحة وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط. وسألها يسوع: "يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟" يا قارئي العزيز، هل لاحظت اللقب الذي دعا به يسوع تلك المرأة الزانية؟ قال لها: "يا امرأة". وهذا اللقب في التقاليد اليهودية هو لقبُ تبجيلٍ وتقدير. فلقد خاطب المسيح أمّه في يوم عرس قانا الجليل عندما أخبرته عن نفاذ الخمر قائلاً: "ما لي ولكِ يا امرأة". لقد انتشل المرأة الزانية من الحضيض، وتطلّع إلى أغوار نفسها المنكسرة، شاهد آلامها، ورعبها، وخوفها، فرفّ صوته الحنون في مسامعها داعيًا إياها "يا امرأة". البعد السادس: مواجهة النعمة وبقي يسوع وحده والمرأة في الوسط. ما أروع هذه اللحظة في حياة هذه المرأة الخاطئة! إنها الآن تقف أمام فادي العالمين لا لكي يصدر عليها حكم الدينونة بل لكي يسربلها بخلاصه. عندما سألها إن كان قد دانها أحد من المشتكين عليها، كان جوابها: لا أحد يا سيد. هذه الوقفة في وسط الساحة أمام المسيح هي وقفة الإنسان المتشوّق إلى الخلاص، بل هي الوقفة التي يجب على كل خاطئ أن يقفها بمذلّة وتوبة أمام فاديه. في تلك اللحظة لم يكن المسيح هو الديان، بل كان المخلّص المحبّ. لقد شاهدت المرأة الخاطئة الموت بأم عينيها، وتخيّلت الحجارة الصمّاء تنهال عليها تطبيقًا للناموس. كانت تتوقّع الإدانة لا الرحمة، ولكن فجأة، في هذا اللقاء، تبدّل المشهد. لم تعد هناك قضيّة ولا شهود، بل وقفة رائعة أمام المخلص الوحيد. كان في وسع المسيح وحده أن يرميها أولاً بحجر لأنه كان البار وبلا خطيئة. ولكن رب الشريعة طوى دستور الشريعة وفتح كتاب النعمة. فلو أنها رُجمت وماتت، لذهبت إلى الجحيم مثقلة بخطيئتها. ولكن المسيح المحبّ أراد أن يربحها إلى حظيرته لأن الله لا يشاء موت الخاطئ بل أن يرجع عن شره فيحيا. من المحتمل أن المسيح الذي قال لها: "ولا أنا أدينك" كان يفكّر آنئذٍ بموته الوشيك على الصليب من أجل فداء كل خاطئ، وكأنما كان يعلن لها: "ولا أنا أدينك لأنني أتحمّل دينونة خطيئتكِ". البعد السابع: الفداء يعتقد البعض أن المسيح قد تركها تفلت من حكم الشريعة بسهولة بينما كان عليه أن يعاقبها بطريقة أو بأخرى. ولكن الحقيقة أن المسيح لم يبرّئها من خطيئتها لأنه قال لها: "اذهبي ولا تخطئي أيضًا". لقد أقرّ المسيح أنها امرأة خاطئة، ولكي تتمتّع بتلك الرحمة التي أسبغها عليها يجب عليها أن تتوب توبة خالصة، وإلاّ فإنها في يومٍ ما ستقف أمام عرش الدينونة لكي تَلْقى جزاءها من نفس هذا القاضي الذي أنقذها من عقاب الناموس. إن عهد النعمة لا بدّ وأن ينقضي ليحلّ معه يوم القضاء. لا مهرب للإنسان من المثول أمام الحضرة الإلهية مهما طال الزمان. يا قارئي الحبيب، انتهز فرصة النعمة لأنه الآن هو وقت مقبول، واليوم هو يوم الخلاص. قف مع يسوع وحدك في وسط الساحة وأعطه قلبك.

المجموعة: تشرين الأول October 2011

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10559081