إن علّة العلل وسبب الأمراض الروحية في هذه الأيام هي الاكتفاء الذاتي عند الإنسان. أي أن يصبح الإنسان هو المركز والهدف والغاية. عندما نصاب بهذا المرض نصاب بالفتور الروحي، وهذا الفتور حالة أعيت وأرهقت كثيرًا من الذين كان إيمانهم بالله ثابتًا وراسخًا.

هو مرض خطير قد يصل إلى درجة الوباء، حيث أننا لا نستطيع السيطرة عليه أو حتى التمييز بأننا مصابون به. قد ينتاب المؤمن شعور من حين إلى آخر بالاكتفاء الذاتي، وبعدم الحاجة لمقوّمات الحياة الروحية.

تسعى الأمم والشعوب بما فيها المتقدمة منها إلى الاكتفاء الذاتي وعدم الاتكال على الغير من نواحٍ اقتصادية وعسكرية وإلى ما هنالك. لكن إيّانا كمؤمنين أن نصل إلى مرحلة نفكر فيها، ولو لبرهة من الزمن، أننا لسنا بحاجة بعد إلى المزيد من الغذاء الروحي. إن شعورنا بالاكتفاء الروحي لا يقربنا من الله، بل يبعدنا بعيدًا عنه ويجعلنا نبحث عن وسائل بها نخدّر ضمائرنا وأرواحنا بمشاهدة برنامج روحيّ مثلاً، أو قراءة كتاب ديني. وعلى العكس تمامًا، فعدم الاكتفاء يحفّزنا على المثابرة ومواصلة الطريق في الإيمان، كما أوصانا الرسول بولس في رسالته إلى أهل أفسس 13:4 قائلاً: "إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ". فالمقياس الذي يطلبه الله عالٍ، ويتطلّب منا أن نجتهد في البلوغ إليه وألا نكتفي بما سمعنا ودرسنا وحفظنا، بل نسعى دائما للامتلاء من معرفة الرب والنموّ فيه. قال رجل الله أمير الوعاظ تشارلز سبرجن: "لقد أُعدّ كوكبنا الأرضي هذا لكي يشرق عليه نور عظيم من نجم بعيد عندما حلّ الخالق في وسطنا آخذًا من طبيعتنا البشرية. فإن كنت تسمع لأوّل مرة عن الله المتجسد في عالمنا هذا فقد تنبهر بحقيقة تجعلك مذهولاً طوال حياتك."

يسوع وحـده حـوى جميع أوصاف الكمال

وهو العجيب في البها والعـزّ أيضًا والجلال

• السابق
• التالي