Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2012

Rev. Rasmi Ibrahimفي الكتاب المقدس تعبيرات مجازية كثيرة لا ينبغي أن تؤخذ بحرفيتها لكن بمدلوليتها. من هذه التعبيرات أذكر مثلاً: "وجه الله"، و"عين الله"، و"أذن الله"، و"فم الله"، و"يد الله"، و"إصبع الله"، و"قلب الله". "وجه الله" مدلوله النور والمجد والبهاء. وعين الله مدلولها كمال الرؤية وشمولها. وأذن الله مدلولها الاستماع المطلق. وفم الله مدلوله الحكمة غير المتناهية. ومدلول يد الله وإصبع الله القوة غير المحدودة. ومدلول قلب الله المحبة القوية الكاملة. وإن كان لا يجب أن نأخذ هذه التعبيرات حرفيًا فلماذا ذكرت هكذا؟ الجواب، لكي يقرِّب الحقائق السامية والعميقة عن الله لعقولنا المحدودة. وسوف أركّز حديثي حول واحدة من هذه التعبيرات المجازية وهو إصبع الله.

 

أصابع الله في الكتاب المقدس فعلت أشياء عظيمة أذكر منها ما يلي:

خلقت وأنشأت "إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا".

أدّبت وعاقبت فرعون لقساوة قلبه.

شفت وابرأت الأصم الأعقد.

اعتقت وحررت "وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ".

ثم إصبع الله كتبت وسطرت. وسأركّز رسالتي في "كتابات بإصبع الله" حول ثلاث عبارات:

أولاً: كتابة علّمت وهذّبت؛

ثانيًا: كتابة أزعجت وأرعبت؛

ثالثًا: كتابة كشفت وبيّنت.

أولاً: كتابة علّمت وهذبت

"ثُمَّ أَعْطَى مُوسَى... لَوْحَيِ الشَّهَادَةِ: لَوْحَيْ حَجَرٍ مَكْتُوبَيْنِ بِإِصْبعِ اللهِ". لقد سبق وأعلن لموسى عن ذلك عندما قال له الرب: "اصْعَدْ إِلَيَّ إِلَى الْجَبَلِ، وَكُنْ هُنَاكَ، فَأُعْطِيَكَ لَوْحَيِ الْحِجَارَةِ وَالشَّرِيعَةِ وَالْوَصِيَّةِ الَّتِي كَتَبْتُهَا لِتَعْلِيمِهِمْ". في هذين اللوحين كتب الله الوصايا العشر التي علّمت وهذّبت كل من قرأها وحفظها وعمل بها - الوصايا العشر نظّمت العلاقات بين الإنسان والله، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وبين الإنسان ونفسه.

الأربع وصايا الأولى نظمت العلاقات بين الإنسان والله. "أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ... لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي... لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً... اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ". والوصايا الست الأخرى تختصّ بمعاملة الإنسان مع أخيه الإنسان وأيضًا علاقته بنفسه. "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ... لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ. لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ... وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ". اتُّفق على تسمية هذه الوصايا بالناموس الأدبي وهي لكل الأجيال والعصور. فعندما سأل الشاب الغني الرب يسوع: "مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟"، أجاب: "أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ... فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي". لقد حفظ هذا الشاب الوصايا دون تطبيقها عمليًا في حياته. إن الوصايا العشر إذا حفظها الإنسان وتمّمها، تسمو حياته وترقى ويعيش في بركة دائمة. هذا وقد أضاف الرب وصية جديدة قائلاً: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا". هذه الوصايا يجب أن تُحفظ كاملة "لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ".

 

ثانيًا: كتابة أرعبت وأفزعت

"بَيْلْشَاصَّرُ الْمَلِكُ صَنَعَ وَلِيمَةً عَظِيمَةً لِعُظَمَائِهِ الأَلْفِ، وَشَرِبَ خَمْرًا قُدَّامَ الأَلْفِ. وَإِذْ كَانَ بَيْلْشَاصَّرُ يَذُوقُ الْخَمْرَ، أَمَرَ بِإِحْضَارِ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا نَبُوخَذْنَصَّرُ أَبُوهُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ... كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيُسَبِّحُونَ آلِهَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ... فِي تِلْكَ السَّاعَةِ ظَهَرَتْ أَصَابعُ يَدِ إِنْسَانٍ، وَكَتَبَتْ بِإِزَاءِ النِّبْرَاسِ عَلَى مُكَلَّسِ حَائِطِ قَصْرِ الْمَلِكِ، وَالْمَلِكُ يَنْظُرُ طَرَفَ الْيَدِ الْكَاتِبَةِ. حِينَئِذٍ تَغَيَّرَتْ هَيْئَةُ الْمَلِكِ وَأَفْزَعَتْهُ أَفْكَارُهُ، وَانْحَلَّتْ خَرَزُ حَقْوَيْهِ، وَاصْطَكَّتْ رُكْبَتَاهُ...".

1- كتابة إصبع الله ترعب المنغمسين في الملذات الجسدية: الذين يتلذذون بشرب الخمر - ولست أدري كيف يتلذذون بالخمر التي قال الكتاب المقدس عنها: "لِمَنِ الْوَيْلُ؟ لِمَنِ الشَّقَاوَةُ؟ لِمَنِ الْمُخَاصَمَاتُ؟ لِمَنِ الْكَرْبُ؟ لِمَنِ الْجُرُوحُ بِلاَ سَبَبٍ؟ لِمَنِ ازْمِهْرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ، الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ".

سمعت أن رجلاً اتصل بزوجة رجل سكير وطلب منها أن تأتي بعربتها لتأخذ زوجها الذي سكر وسقط على أرضٍ موحلة. فجاءت بسرعة وأخذت معها كاميرا وأخذت له صورة فورية وعلّقتها في غرفتهما. ولما استيقظ في الصباح وقع بصره على الصورة وبدأ يصرخ بشدة لكي ترفع هذه الصورة فورًا لأنها صورة لشخص ساقط في أرض موحلة. فقالت له: دقّق في هذه الصورة فإنك تعرف صاحبها. فقال: أنا لا أعرف هذه الأشكال. ولما اقترب من الصورة ليحطمها وجد أنها صورته. فطلب من زوجته أن تركع بجواره وصلّيا معًا وسلّم حياته للرب.

2- كتابة إصبع الله ترعب من ينجسون الأواني القدسية: نجس الملك آنية الذهب والفضة التي كانت مخصّصة لهيكل الرب بأن استخدمها في شرب الخمر. ما أكثر الذين ينجّسون الأواني التي ينبغي أن تخصّص للرب! ينجسّون عيونهم، وآذانهم، وألسنتهم، وقلوبهم، وأيديهم وأرجلهم وأجسادهم. فهل ينسى الإنسان أن الذي يفسد جسده سيهلك حتما هلاكًا أبديًا؟

3- ثم كتابة إصبع الله ترعب المرتبطين بالعبادة الوثنية: كان الملك وعظماؤه يشربون الخمر ويسبحون آلهة الذهب، والفضة، والنحاس، والحديد، والخشب، والحجر. ألم يتّعظ بما حدث لأبيه الذي كان يعبد الأصنام فعوقب عقابًا شديدًا؟ إذ صار يأكل العشب كالثيران لمدة سبع سنوات؟! ما أكثر الذين يعبدون أصنامًا وهم يظنون أنهم يعبدون الله؟! أقول على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، الذين يفضلون مصالحهم الشخصية عن الرب... الذين فيهم داء الطمع الذي هو عبادة أصنام... والذين يحبون أنفسهم وأولادهم أكثر من حبهم لله.

ثالثًا: كتابة كشفت وبيّنت

جاء الكتبة والفريسيون بامرأة  قائلين: "يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ. وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ! ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ".

ترى ماذا كان يكتب؟ لا شك أنه كان يكتب بعض الخطايا التي ارتكبها كل واحد من المشتكين فابتدأوا يخرجون واحدًا فواحدًا.

أ- كتابة إصبع الله كشفت خطاياهم السرية. رأى كل واحد خطاياه التي فعلها سرًا في جنح الظلام وفي ستار الليل ولم يره أحد وهو يفعلها وبذلك أظهر يسوع أنه الإله الذي يعرف خبايا وخفيات البشر. أخي، اعلم أن الرب يرى ويسمع كل شيء. قال له داود: "أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ، وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا".

ب- كتابة إصبع الله كشفت عبادتهم الصورية. كان الذين أتوا بهذه المرأة من المهتمين بالدين وبناموس موسى، ولكن الرب يسوع له كل المجد أظهر تمسكهم بالقشور وتديّنهم الظاهري وكأنه يقول لهم: أنتم تقتربون إلى الرب بأفواهكم وتكرمونه بشفاهكم أما قلوبكم فمبتعدة عنه بعيدًا، لكم صورة التقوى ولكنكم في الحقيقة تنكرون قوتها، لقد فضحهم الله أمام أنفسهم.

ج- كتابة إصبع الله كشفت قلوبهم الحجرية. قالوا: مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. هذا الكلام يدلّ على قساوة قلوبهم. دعني أقول لهؤلاء وأمثالهم أن لهذه  الخطية طرفان، فأين الطرف الثاني؟ ان هؤلاء المشتكين لم تُنزع منهم قلوبهم الحجرية لتستبدل بقلوب لحمية.

عزيزي القارئ، اعلم أن إصبع الله يكتب كل الأفعال الأثيمة، والأقوال البطالة، والأفكار الشريرة، وستحاسب عليها حسابًا دقيقًا، فليتك ترجع إلى الرب بكل قلبك فهو الذي قال: من يُقْبِل إليّ لا أخرجه خارجًا.

المجموعة: أذار March 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

302 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10554898