Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز July 2012

الدكتور القس لبيب ميخائيلعنوان هذه الرسالة هو الآية الأولى من المزمور الرابع عشر الذي تكرر مع اختلاف ظاهر في المزمور الثالث والخمسين... ونسأل: لماذا تكرر المزمور الرابع عشر في المزمور الثالث والخمسين؟ والجواب: إن المزمور الرابع عشر يعلن لنا أن الرب يسوع – الله الابن - أشرف من السماء على بني البشر فيقول: "الرب من السماء أشرف على بني البشر" (مزمور 2:14)، أما المزمور الثالث والخمسون فيعلن أن الله الآب أشرف من السماء على بني البشر فيقول: "الله من السماء أشرف على بني البشر" (مزمور 2:53).

لكن ما يلفت النظر أن المزمورين أطلقا على الإنسان الملحد، أي الذي ينكر وجود الله اسم "الجاهل"، ويؤكدان أن إنكار وجود الله عاقبته الفساد والإغراق في الشرور.
ولماذا يطلق المزموران اسم "الجاهل" على من ينكر وجود الله؟
هناك عدة أسباب:

أولاً: لأن من ينكر وجود الله هو  جاهل بالتصميم المتقن البديع الظاهر في خلق السماوات والأرض والبحر

ينادي الخالق القادر على كل شيء البشر الذين خلقهم قائلاً:
"ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا، يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟ لِكَثْرَةِ الْقُوَّةِ وَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْقُدْرَةِ لاَ يُفْقَدُ أَحَدٌ" (إشعياء 26:40).
لقد أثبت علماء الفلك عن طريق التلسكوب المتقدم ما جاء في دائرة المعارف ويكيبيديا، أن هناك حوالي 9×2110 أي 9 سكستيلون من النجوم المرئية التي تدور في الفضاء اللانهائي... وهي مع ضخامة عددها كلها محفوظة بكلمة قدرة خالقها، وتعلن عن مجد الله وعمل يديه.
"اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ" (مزمور 1:19).
الله القادر على كل شيء أعطى اسمًا لكل كوكب "يُحْصِي عَدَدَ الْكَوَاكِبِ. يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ. عَظِيمٌ هُوَ رَبُّنَا، وَعَظِيمُ الْقُوَّةِ. لِفَهْمِهِ لاَ إِحْصَاءَ" (مزمور 4:147-5).
وقد اكتشف علماء الفلك بعض هذه الكواكب وأعطوها أسماء. من هذه الكواكب مارس Mars، وفينوس Venus، وجوبتر Jupiter، وبلوتو Pluto، وقد تساءل العالم الكبير ألبرت أينشتاين وهو يتأمل الكواكب قائلاً: هل كوكب الأرض هو الكوكب الوحيد المسكون، أو أن هناك خليقة أخرى في الكواكب الأخرى؟ وهنا تستوقفنا كلمات بولس الرسول: "فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة... ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله" (رومية 38:8-39) معلنًا بكلماته وجود خليقة أخرى.
وقبل أن يكتشف "جاليليو" و"كوبرنيكس" حقيقة كروية الأرض، وقبل أن يقوم "ماجلان" برحلته المشهورة التي أثبتت كروية الأرض، أعلن النبي إشعياء أن الأرض كروية بكلماته عن الرب "الجالس على كرة الأرض" (إشعياء 22:40). كما أعلن سفر أيوب أن الأرض معلقة على لا شيء بالكلمات: "يمد الشمال على الخلاء ويعلق الأرض على لا شيء" (أيوب 7:26). وهذه حقيقة أثبتها علماء الفلك ورواد الفضاء.
يقينًا إن نظرة إلى العلاء تؤكد حقيقة وجود الله.
وننزل إلى الأرض لنرى جمالها البديع، الجبال الشامخة بعظمتها وقد أنبت الله عليها عشبًا (مزمور 8:147)، والسهول بخضرتها، والأشجار بكل أنواعها ودقة خلقتها وحفظ ثمارها، والزهور بألوانها الحمراء والصفراء والزرقاء، والورود برائحتها العطرة. وننتقل إلى الحيوانات الأليفة التي تدب على الأرض، والوحوش المفترسة التي تملأ الغابات، والطيور الجميلة التي تحلق في الجو، من خلق هذه؟! من يرعاها ويضمن طعامها؟! ونجد الجواب في الكلمات: "رَنِّمُوا لإِلهِنَا بِعُودٍ. الْمُعْطِي لِلْبَهَائِمِ طَعَامَهَا، لِفِرَاخِ الْغِرْبَانِ الَّتِي تَصْرُخُ". (مزمور 7:147 و9)
والآن لننزل إلى البحر، فالله هو خالق السماوات والأرض والبحر، وما أكثر المخلوقات التي في البحر! قال عنها كاتب المزمور: "اَلنَّازِلُونَ إِلَى الْبَحْرِ فِي السُّفُنِ، الْعَامِلُونَ عَمَلاً فِي الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، هُمْ رَأَوْا أَعْمَالَ الرَّبِّ وَعَجَائِبَهُ فِي الْعُمْقِ" (مزمور 23:107-24).
في البحر نرى الأسماك بألوانها المختلفة، والتماسيح، والحيتان، "هذَا الْبَحْرُ الْكَبِيرُ الْوَاسِعُ الأَطْرَافِ. هُنَاكَ دَبَّابَاتٌ بِلاَ عَدَدٍ. صِغَارُ حَيَوَانٍ مَعَ كِبَارٍ" (مزمور 45:104).
في البحر يسكن الشيطان لوياثان الحية الهاربة، وفي يوم العقاب سيعاقب الرب الشيطان، "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يُعَاقِبُ الرَّبُّ بِسَيْفِهِ الْقَاسِي الْعَظِيمِ الشَّدِيدِ لَوِيَاثَانَ، الْحَيَّةَ الْهَارِبَةَ. لَوِيَاثَانَ الْحَيَّةَ الْمُتَحَوِّيَةَ، وَيَقْتُلُ التِّنِّينَ الَّذِي فِي الْبَحْرِ" (إشعياء 1:27).
جاهل من ينكر أن هذه الخليقة المتقنة الصنع خالقها هو الله.

ثانيًا: لأن من ينكر وجود الله هو جاهل بحقيقة ذاته كإنسان

أعطى بولس الرسول صورة دقيقة لتركيب الإنسان فقال: "وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1تسالونيكي 23:5).
الإنسان مخلوق بنظام بديع روح ونفس وجسد، وجسده يحتوي شتى الأجهزة: الجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والجهاز التنفسي، والجهاز الدفاعي Immune system، والجهاز التناسلي... وكل هذه الأجهزة يسيطر عليها العقل.
ثم تأتي الناحية الروحية، والنفسية، والعقلية في الإنسان والأمراض التي تتصل بهذه النواحي.
لقد وقف الأطباء أمام الجسم الإنساني، والعقل الإنساني ووجدوا أنه من المستحيل أن يعالج طبيب واحد أمراض الإنسان... وعندنا الآن أطباء للأمراض الباطنية، وأطباء للأمراض الصدرية، وأطباء لأمراض القلب، وأطباء للعظام، وأطباء للأذن والأنف والحنجرة، وأطباء للأمراض التناسلية، وأطباء للأمراض النفسية، وأطباء للأمراض العقلية.
الإنسان مخلوق عجيب ورهيب، ولهذا فلكل إنسان يولد على الأرض سفر يحتوي صورته كما قصد الله أن تكون، وعن هذا قال داود النبي: "لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَبًا... لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي الْخَفَاءِ، وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ. رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا". (مزمور 13:139-17)
وهذا يعلن لنا أن لكل إنسان سفر خاص، وفي هذا السفر صورته، وصورة عظامه، وكل عضو من أعضاء جسده... وفي القيامة سيقوم كل فرد بنفس الصورة التي عاش بها على الأرض، وصوَّره الله بها في الأزل وهي الصورة المحفوظة في سفر الله.
والآن إلى عقل الإنسان، أو مخ الإنسان وهو عبارة عن تلافيف داخل الرأس... هذا العقل البديع الصنع يستطيع أن يدرس الطب، والهندسة، والقانون، والموسيقى، والمحاسبة، واللاهوت ويحتفظ بالمعلومات عن كل فرع من فروع العلم. هذا العقل اكتشف الكهرباء، واخترع السيارة، والطائرة، والتليفون، والراديو، والتلفزيون، والكمبيوتر، وأعطى للإنسان القدرة للوصول إلى القمر والمشي على سطحه، وللسعي للوصول للكواكب الأخرى.
أمام دقة خلقة الإنسان هتف أيوب قائلاً: "يَدَاكَ كَوَّنَتَانِي وَصَنَعَتَانِي كُلِّي جَمِيعًا" (أيوب 8:10). وتأخذني الدهشة حين أسمع إنسانًا يحاول إثبات أن نظرية داروين حقيقة وينسى أنه بذلك يخرج من حيّز إنسانيته الممتازة، ليعلن أنه "سليل القرود"!
يقينًا إن من ينكر وجود الله "جاهل" بحقيقة إنسانيته.

ثالثًا: لأن من ينكر وجود الله جاهل بحقيقة العالم غير المنظور

مع عالمنا المنظور، خلق الله تبارك وتعالى العالم غير المنظور... وهو عالم يذخر بملايين الملائكة الذين يقفون أمام الرب وينفذون بسرعة فائقة مشيئته، وعن هذا يقول داود النبي: "بَارِكُوا الرَّبَّ يَا مَلاَئِكَتَهُ الْمُقْتَدِرِينَ قُوَّةً، الْفَاعِلِينَ أَمْرَهُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ كَلاَمِهِ. بَارِكُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ جُنُودِهِ، خُدَّامَهُ الْعَامِلِينَ مَرْضَاتَهُ". (مزمور 20:103-21)
والذي يقرأ سفر رؤيا يوحنا، يرى السماء تموج بالملائكة القديسين...
وننتقل إلى عالم الملائكة الساقطين ونرى مدى سيطرتهم على عالمنا المنظور، فمملكة إبليس منظمة تنظيمًا مذهلاً... وقد أقام من رؤسائه من يتحكمون في مصائر الدول... وقد قال الملاك جبرائيل لدانيآل: "يَا دَانِيآلُ، أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمَحْبُوبُ... مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ... سُمِعَ كَلاَمُكَ، وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ. وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا" (دانيآل 12:10-13). وهناك رئيس اليونان يأتي (دانيآل 20:10)، وكلاهما، رئيس مملكة فارس ورئيس اليونان عينهما إبليس للسيطرة على سياسات الأمم. ونأتي الآن إلى قوى الظلام التي تحارب المؤمنين وعنها قال بولس الرسول للمؤمنين: "أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ... فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ" (أفسس 10:6 و12).
هذه هي القوى الروحية المحيطة بنا، ومن ينكر وجود الله هو جاهل بوجود هذا العالم غير المنظور. ولا يمكننا أن نختم هذه الرسالة إلا بالقول أن أحدًا لا يستطيع أن يرضي الله ويضمن حياته الأبدية إلا بالاعتراف بوجود الله. "وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ" (عبرانيين 6:11).
أعود مكررًا:
إن من ينكر وجود الله هو جاهل بالتصميم المتقن البديع الظاهر في الخليقة.
إن من ينكر وجود الله هو جاهل بحقيقة إنسانيته.
إن من ينكر وجود الله هو جاهل بحقيقة وجود العالم غير المنظور.
لذلك فاسمه "الجاهل" وهو اسم على مسمّى.

المجموعة: تموز July 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

201 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10557782