Voice of Preaching the Gospel

vopg

آب Agust 2012

الأخت أدما حبيبيخبر غريب عجيب لفت نظري في إحدى الصحف العربية، لكنَّه بنفس الوقت واقعي لأنه يعبِّر تعبيرًا صحيحًا عن حالة الإنسان العصري الذي أضحى مأخوذًا بوسائل الاتصال المتنوعة، لا بل قل يا صديقي، قد غدا إنسان القرن الحادي والعشرين مكبّلاً بحبائله المتعددة. فتحت عنوان: كويتي يتهم طليقته (أي زوجته المطلقة) بأنها على علاقة بألفي رجل، جاء الخبر التالي: اتَّهم كويتي يسعى للحصول على حضانة أطفاله الثلاثة، طليقته بأنها على علاقة بألفي رجل مستندًا بذلك على نشاطها الكبير بـ صفحة التواصل الاجتماعي (فيسبوك والتويتر). كما قدّم صورًا لصفحاتها على الموقعين ليثبت سوء سلوكها خاصة وأن أغلب متابعيها هم من الرجال.

وقال محام مختص في قضايا الأحوال الشخصية، رفض الكشف عن اسمه لصحيفة  "الأنباء" الكويتية: إن المستندات التي قدَّمها موكله بقضية الحضانة التي رفعها ضد طليقته تحتوي أوراقًا مستخرجة من جهاز الكمبيوتر وتكشف أنَّ عدد أصدقائها على صفحة التواصل الاجتماعي الفيس بوك هو أكثر من ألف ومئتي صديق منهم ألف رجل، وأن عدد متابعيها على تويتر هو ثمانمئة وتسعون شخصًا منهم ثمانمئة من الرجال. ونقل المحامي عن موكله قوله: إن ذلك يعني أن زوجتي تتحدث مع ألفي رجل، وتنشر صورها الخاصة للجميع على الموقع، ويراها أصدقاؤها وأي شخص في العالم. وأعرب عن قناعته بأنه يمكن استخدام هذه الأوراق في المحكمة على اعتبارها دليلاً على عدم أهليتها لرعاية أولادهما الثلاثة البالغين من العمر بين الأربع سنوات والتسع سنوات. وقال الرجل للمحامي: إنه تابع رسائل زوجته على التويتر ونسخها بالكامل، كما نسخ محادثاتها وأغلبها مع رجال من الكويت وخارج الكويت تتحدث فيها بأمور سطحية وساذجة، كما تدخل في سجال مع هذا وفي نقاش مع ذاك. وأحيانًا تكون هذه الرسائل مستمرة حتى الفجر. وتساءل المدّعي: أيُّ أمٍّ هذه التي تسهر حتى ساعات الصباح الأولى تتحدث مع رجال غرباء وتناقشهم بل وتمازحهم، وفي عهدتها ثلاثة أولاد؟! واعترف المحامي بأنها المرة الأولى التي تمر عليه قضية أحوال شخصية تُرفَق في ملف دعواها أوراق مستخرجة من الفيس بوك والتويتر. وقال إنه لا يعلم مدى تأثير هذه الأوراق على سير القضية التي بدأت إجراءاتها مؤخرًا.

 

خبر العصر

إنه خبر العصر من دون شك. فهو على الرغم من أهميته إلا أنَّه يحمل شيئًا من الطرافة والدعابة أي أنه مضحكٌ ومبكٍ في آن معًا. فأن يقوم زوج باستخدام المحادثات والدردشات الجارية بين زوجته المطلقة وأصحابها الذين فاق عددهم الآلاف كمستندات ووثائق ليثبت للمحكمة إهمالها وتقاعسها عن أداء واجباتها تجاه أولاده، فهذا عملٌ لم يسبقه عليه أحد بعد. ومن المعقول أن تقبل المحكمة هذه المستندات الإلكترونية في عصرٍ أصبحَ التعاملُ فيه مع الآخر يعتمد اعتمادًا كبيرًا على شبكة التواصل الإلكترونية الإنترنيت، وصفحاتها المتعددة.  لكن الذي يهمنا من الموضوع هو الناحية الأكثر جدِّية فيه، ألا وهي قضاء الوقت في الحديث والدردشة سواء الخفيفة منها أو الهادفة، ومتى يصبح الوقت الذي يقضيه الشخص على صفحات التواصل هذه وقتًا ضائعًا أو مهدورًا، ومتى يأخذ طابع العادة التي سرعان ما تتحول إلى إدمان؟ هذا هو بيت القصيد.

الوقت

نعم، الوقت — كما يقول المثل الأمريكي — هو المال، فالوقت ثمين لا بل ثمين جدًا. لماذا؟ لأنَّ الوقت المنقضي لن يعود مرة أخرى. والساعة التي تمرُّ علينا لن ترجع إلينا، بل سرعان ما تنطوي في صفحة الماضي. والساعة المُساء استخدامها هي ساعة ضائعة من حياتنا. لا شك بأن لوسائل التواصل المتعددة هذه إيجابيات كبيرة لا حدَّ لها، وعن طريقها نستطيع أن ننجز أعمالاً كثيرة لن نقدر أن ننجزها ما لم نستخدم الانترنيت في البحث والحصول على المعرفة، وفي التواصل مع الآخرين في أعمالنا وأشغالنا محليًا وعالميًا. لكن الذي نريد التحذير منه هنا ولفت النظر إليه هو الناحية السلبية لهذه الوسائل المتاحة لنا. فحين نكون نحن المتحكمين فيها كوسائل نصل بها إلى من نريد، ونتكلم من خلالها مع من نريد، ونستفيد منها بالطريقة التي نريد، يبقى الوضع سليمًا لا خلل فيه. أما إذا تحكَّمت هي فينا وأصبحنا فيها دائمي الانشغال، لا بل صرنا مستعبدين، وتسود هي علينا، هنا يكمن الخطر الكبير وتجرُّ علينا أحيانًا العواقب الوخيمة. فكيف إذن نحافظ على التوازن في استخدام أيٍّ من هذه الوسائل المتاحة لنا بحيث لا نضيِّع وقتنا ونهدره على حساب مسؤولياتنا، وأعمالنا، وواجباتنا وعائلاتنا وبيوتنا وأول كل شيء أهدافنا ورؤانا؟!

نعم،  الوقت الذي يذهب لن يعود.

يخبرنا الكتاب المقدس الثمين الذي ينقل إلينا تعليم الله من خلال أنبيائه القديسين ويقول على لسان سليمان الملك والحكيم ما يلي: "لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السماوات وقت... للغرس وقت ولقلع المغروس وقت.. للبكاء وقت وللضحك وقت... للكسب وقت وللخسارة وقت" (جامعة 3). فالله غير المحدود بزمان أو مكان، هو الذي حدَّد حياةَ الإنسان وربطها بفترة من الزمن. وهو الذي وضع لهذا الكون الواسع والفسيح الأرجاء، وضع له مبدأ زمنيًا تتبعه الأجرام وتسير عليه الكواكب والمجموعة الشمسية. فهو إلهُ ترتيب ونظام. إذن للزمن، أو للوقت، أو الأيام والسنين التي نعيشها على هذه الأرض أهمية قصوى، وحياتنا فرصة لا تعوّض. لهذا نسمع النبي موسى يصلي ويقول في مزموره التسعين هذه الصلاة: "إحصاء أيامنا هكذا علّمنا فنؤتى قلب حكمة" (مزمور 12:90). ويقول الرسول بولس أيضًا في هذا الصدد، في رسالته إلى الكنيسة في أفسس ما يلي: "فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة" (أفسس 15:5-16). أجل، فالأيام ومهما طالت تبقى قصيرة ومحدودة، فهل نستخدمها بحكمة ولا نضيِّعها هدرًا؟ وهل نقدّر قيمتها فعلاً؟

ليس فقط ونحن نجلس قبالة الكمبيوتر نتواصل من خلال الانترنيت مع الآخرين، أو ندردش مع أصحابنا وأحبابنا، أو نناقش فلانًا من الناس في موضوع معين، بل في أي شيء نقوم به في حياتنا إذا صار هو الآخر متحكِّمًا فينا، وصرنا له مأسورين أو مستعبدين فإننا لا بد أن نؤدي عليه حسابًا أمام الله خالقنا ومانحنا لنسمة الحياة هذه. فهل نعي بالحق أهمية هذه الناحية التي نثيرها في هذا الموضوع؟ وأرجو ألا يساء فهمي فأنا لا أنتقد وسائل التواصل العصرية التي فيها فائدة جمَّة، لكنني فقط أنوِّه إلى التوازن وعدم الإفراط في استخدامها بحيث نصبح عبيدًا لها. فلكل شيء وقت، وعلَّمنا الله نفسه هذا المبدأ حين قال حكيم الجامعة: "صنع الكل حسنا في وقته" (جامعة 11:3). و "كلُّ ما زاد عن حدِّه نَقُص" كما يقول المثل العامي.

ليس هذا فحسب بل إنَّ تواصل الله الخالق مع الإنسان هو أيضًا تواصلٌ محكوم بوقت معين. لهذا يقول الروح القدس على لسان بولس: "ولكن، لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة مولودًا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني" (غلاطية 4:4). وبنفس هذا المبدأ طالب الرب يسوع تلاميذه بأن يستفيدوا من زمان حياتهم هنا على الأرض فيعرفوا هدف وجودهم وهو أن يربحوا نفوسهم فقال: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" (لوقا 25:9). فهل ترانا نستخدم زمان وجودنا على هذه الأرض لنتعرف إلى الرب يسوع كمخلص شخصي لنا؟ وهكذا نربح الحياة الأخرى أيضًا؟ وإذا فعلنا لا يسعنا إلا أن نقول عندئذٍ: وَنَِعْمََ الاستخدام لوقتنا وأيامنا وسنينا وحياتنا.

المجموعة: آب August 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

464 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10474713