Voice of Preaching the Gospel

vopg

آب Agust 2012

القس رسمي إسحقبثقة قوية وقف إيليا التشبي أمام الملك أخآب وقال: "حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي وَقَفْتُ أَمَامَهُ، إِنَّهُ لاَ يَكُونُ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ فِي هذِهِ السِّنِينَ إِلاَّ عِنْدَ قَوْلِي"، مما أثار غضب الملك والشعب ضد إيليا. ولحرص الرب عليه قال له: "انْطَلِقْ مِنْ هُنَا وَاتَّجِهْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَاخْتَبِئْ عِنْدَ نَهْرِ كَرِيثَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الأُرْدُنِّ، فَتَشْرَبَ مِنَ النَّهْرِ. وَقَدْ أَمَرْتُ الْغِرْبَانَ أَنْ تَعُولَكَ هُنَاكَ". فما كان من إيليا إلا الطاعة الكاملة لأمر الرب، ونفذه من غير تردد، وذهب إلى المكان الذي حدده له الرب وكان يشرب من مياه النهر ويأكل اللحم والخبز الذي تأتي به الغربان كل يوم مرتين صباحًا ومساءً. وكم كان سعيدًا إذ وجد هذا المكان الذي أحسّ فيه بالأمن والأمان! إلا أنه كان يلاحظ أن مياه النهر كانت تتناقص كل يوم بصورة واضحة وكان هذا أمرًا طبيعيًا لأن الأمطار توقفت تمامًا. وفي يوم من الأيام استيقظ على أمر في غاية الصعوبة إذ وجد أن نهر كريث قد جف، ولم يكن مجرد جفاف، لكنه يبس.

تُرى، كيف واجه إيليا هذه المشكلة؟

وأخذ يفكر، هل يبدأ في وضع خطة خاصة يؤمّن بها حياته كما يفعل الكثيرون؟ فإبراهيم، عندما حدث جوع في الأرض التي كان يسكنها وضع لنفسه خطة التوجه إلى مصر، وأليمالك الذي لما حدث جوع في بيت لحم أخذ زوجته نعمي وابنيه محلون وكليون وذهب إلى بلاد موآب.

ومع أن الكتاب لا يذكر لنا شيئًا عن هذا الأمر، إلا أنني أجزم وأؤكد أن إيليا لم يفعل شيئًا كهذا — منتظرًا توجيهات الرب — وفعلاً جاءه الأمر: "قُمِ اذْهَبْ إِلَى صِرْفَةَ الَّتِي لِصِيدُونَ وَأَقِمْ هُنَاكَ. هُوَذَا قَدْ أَمَرْتُ هُنَاكَ أَرْمَلَةً أَنْ تَعُولَكَ"، وللفائدة نتأمل في ثلاثة أمور هامة:

أولاً: حقيقة جوهرية؛  ثانيًا: حروب شيطانية؛  ثالثًا: دروس حيوية

 

أولاً: حقيقة جوهرية: جفاف الموارد الأرضية

قد يتصوّر الإنسان الذي توافرت لديه كل الاحتياجات الزمنية أن الحال سيظل على ما هو عليه دون تغيير. ولكن هذا التصور ضربٌ من ضروب المحال، فالموارد الأرضية مهما كانت صغيرة أو كبيرة، لا بد أن تنضب وتجف. فقد جفت "القربة" التي أعطاها إبراهيم لزوجته هاجر، كما جف النهر الذي كان يشرب منه إيليا... وسأتحدث بنعمة الرب عن بعض المصادر والأنهار التي تجف:

1- نهر الثروة المادية

يجمع الإنسان الكثير من الأموال حتى تمتلئ خزائنه ظانًا أن ما كنزه سيظل كما هو، بل وسيزداد، ولكن بعد فترة سيكتشف أنه واهم! يكنز الناس الأموال والفضة والذهب، فلو تأملنا في هذه الأشياء سنكتشف الحقائق التي تنم عنها هذه التسميات.. فالمال يميل، والفضة تفضي، والذهب يذهب، ويقول الكتاب المقدس: "أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا، وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى".

2- نهر الشهرة العالمية

هنالك أناس كانت لهم شهرة واسعة سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وجاء عليهم وقت فقدوا فيه شهرتهم تمامًا. ويا ليتهم فقدوها فقط، لكنهم دخلواالسجون، أو نُفِّذت فيهم أحكام الإعدام... وسأضرب لكم مثلاً عن نبوخذنصر الذي كان أشهر ملك على وجه الأرض في أيامه. رأى حلمًا فسره له دانيآل قائلاً: "وَيَطْرُدُونَكَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، وَتَكُونُ سُكْنَاكَ مَعَ حَيَوَانِ الْبَرِّ، وَيُطْعِمُونَكَ الْعُشْبَ كَالثِّيرَانِ، فَتَمْضِي عَلَيْكَ سَبْعَةُ أَزْمِنَةٍ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ الْعَلِيَّ مُتَسَلِّطٌ فِي مَمْلَكَةِ النَّاسِ وَأَنَّهُ يُعْطِيهَا مَنْ يَشَاءُ". وتم هذا الكلام بحذافيره.

3- نهر الصحة الجسدية

كان أيوب بصحة جيدة ولكن ضربه الشيطان بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته فأخذ لنفسه شقفة ليحتك بها وهو جالس في وسط الرماد. إن نهر الصحة الجسدية ليس بدائم.

4- نهر الصداقات البشرية

تقول كلمة الرب: "اَلْمُكْثِرُ الأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ"، كما أن الأصدقاء قد يتخلون عن بعضهم في أوقات الشدة. كم من أشخاص كانوا بالأمس أصدقاء، ولكنهم صاروا اليوم ألدّ الأعداء؟ ظن الابن الضال أن أصدقاءه لن يتخلوا عنه أبدًا، ولكن تعالوا بنا لنرى ماذا حدث عندما أنفق كل شيء وابتدأ يحتاج. لا شك أنه لجأ إلى أصدقائه، وطلب معونتهم، ولكن أحدًا منهم لم يعطه شيئًا، وتنكروا له! وماذا فعلت صديقة شمشون له، وكيف سلمته إلى أعدائه بعد أن كشف لها سر قوته، وهي تعلم تمامًا ماذا سيفعلون به؟!

 

ثانيًا: حروب شيطانية

مما لا شك فيه أن الشيطان انتهز فرصة جفاف النهر ويبوسته وأخذ يحارب إيليا محاولاً زعزعته عن الإيمان وتشكيكه في:

1- محبة الله القوية

وسوس الشيطان إلى إيليا بأن الله لم يعد يحبه بعد لأن النهر الذي كان يشرب منه قد يبس فأصبح عرضة للموت عطشًا. فالإنسان يمكن أن يعيش بدون طعام لفترة طويلة، لكنه من غير ماء سيموت عطشًا. فلو كان الله ما زال يحبك يا إيليا لكان قد أبقى النهرجاريا بالمياه.

أرجو أن نحرص جيدًا لأن الشيطان ينتهز الفرصة ويوجه لنا سهامه الملتهبة. إن الشيطان هو عدونا اللدود الذي لا يكف عن محاولاته لزعزعة إيماننا. "اصحوا واسهروا. لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو".

ولكنني أثق أن ايليا لم يعطه الفرصة ليستمر في حربه قائلاً: ينتهرك الرب!

2- القدرة الالهية

لم يحاول الشيطان أن يشككه فقط في محبة الله له، لكنه حاول أيضًا تشكيكه في قدرة الله. أليس في سلطان الله وقدرته أن يبقي النهر ممتلئًا بالماء؟ لو قدر الله لفعل! ولا شك أن إيليا قال للشيطان إن قدرة الرب مطلقة فغير المستطاع عند البشر مستطاع عند الله.

لنحذر من محاولات عدو كل خير، وعدو كل بر، فهو لا يتوانى عن انتهاز كل الفرص ليشككنا في علاقتنا مع الله وفي محبته لنا وقدرته لعمل كل شيء لخيرنا. فلا ننخدع بأساليبه لكيلا يطمع الشيطان فينا فلا نجهل أفكاره.

3- يشككنا في دوام المعية

لا بد أن يكون الشيطان قد فوَّق سهامه الملتهبة نحو إيليا بقوله: هل ما زلت مؤمنًا بأن الله معك؟ لو كان الله فعلاً معك لما يبس النهر. ولكن إيليا لم يتجاوب أبدًا معه بل قاومه بشدة مبرهنًا له عن أن الله كان معه وما زال، وسيظل معه كل أيام حياته، والدليل هو أنه يرسل له الخبز واللحم مع الغربان ويوفر له الأمان، ويملأ قلبه بالسلام...

 

ثالثًا: دروس حيوية

ماذا نتعلم من جفاف الأنهار والمصادر الأرضية؟

1- نزع واستئصال: انزع من قلبك كل ما هو بشري، ولا تنظر إلى البركة بل إلى معطيها. فمن الخطر أن نتطلع إلى البركات معتمدين عليها وننسى الرب معطيها. ما أكثر المرات التي فيها نحوّل أنظارنا عن الرب، وننظر إلى الأشياء الأرضية، ونركّز عليها واضعين كل آمالنا فيها، وعندما يرى الله منا ذلك يسحب منا ما يحوِّلنا عنه.

انزع من قلبك اعتمادك على المصادر الأرضية ووجه نظرك إلى الرب وقل مع المرنم:

وجِّه نظري أيا حبيب إلى جمالك العجيب

واحصرني في شخصك لأنظرن للصليب

2- تحويل الآمال: حوّل آمالك عن الأشياء المنظورة إلى غير المنظورة. لو وضع إيليا آماله في نهر كريث لكان جفافه ويبوسته سبب صدمة عنيفة له. لكن، ما يعجبني فيه أن آمال إيليا لم تكن قائمة على الغربان التي كانت تأتي إليه بالخبز صباحًا ومساءً، ولم تكن في نهر كريث الذي كان يشرب منه، بل في الرب الذي وفر له هذه المصادر.

3- الاعتماد والاتكال: لا تتكل على الأشياء الأرضية والزمنية بل اتكل على الرب. يقول الوحي المقدس: "توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد". فما أعظم أن يكون اتكالنا على الرب. "اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ وَافْعَلِ الْخَيْرَ. اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ".

اختم رسالتي محذرًا من التركيز على المصادر الأرضية لأنها عرضة للجفاف وليكن تركيزنا على الرب الذي عندما يسمح بجفاف مصدر أرضي يوفر لنا سواه.

المجموعة: آب August 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

81 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10587520