تختلف الخطوات في حياة الناس، فالمتباطئون يلقَّبون بأصحاب الخطوة البطيئة، والمتسرعون في حياتهم وقراراتهم يدعون أصحاب الخطوة السريعة، على أن غيرهم المعتدلون يلقبون بأصحاب الخطوة العادية. وهناك من يجرون جريًا سريعًا في هذه الحياة وقد لا يكون جريهم هذا نحو الخير. وفي هذه الرسالة أود بنعمة الرب أن أحذر من أربعة أمور يجب أن لا نجري إليها:

1- لا تجري وراء العالم:

قال جيحزي حين أراد أن يذهب وراء نعمان السرياني: "حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنِّي أَجْرِي وَرَاءَهُ وَآخُذُ مِنْهُ شَيْئًا" ( 2ملوك 20:5). والجري وراء العالم ينهك صاحبه - وأتخيل جيحزي عندما وصل إلى نعمان وأنفاسه متقطعة من كثرة الجري للحاق به - والكتاب يقول: "تَكْثُرُ أَوْجَاعُهُمُ الَّذِينَ أَسْرَعُوا وَرَاءَ آخَرَ" (مزمور 4:16). ولم يكن التعب فقط هو المشكلة التي واجهت جيحزي في جريه وراء نعمان ليأخذ منه شيئًا بل كانت هناك مشكلة أعظم لم يُحسب لها حساب، إنها برص نعمان الذي لصق به.

2- لا تجري وراء النزوات والخطايا:

قال بوعز لراعوث: "لَمْ تَسْعَيْ وَرَاءَ الشُّبَّانِ، فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ" (راعوث 10:3). لقد جرت السامرية وراء شهواتها، ولكنها لم ترتو بل ظلت عطشى، وما زال الكثيرون يجرون ولا سيما الأجيال الصاعدة التي فُتح لها باب الشهوات الشبابية على مصراعيه، لكن سوف ينوحون أخيرًا ولسان حالهم يقول: كيف أبغضت الأدب ورذل قلبي التوبيخ. ولنستمع إلى نصيحة الرب للسامرية: "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا" (يوحنا 13:4)، وقد ينتهي عمر الإنسان وهو يجري وراء الشهوات دون أن يبلغ حد الارتواء أو الشبع، لأنه في الواقع هو يجري كمن يجري وراء سراب.

3- لا تجري إلى الغش أو سفك الدماء:

يقول الكتاب عن فئة من البشر: "أرجلهم تجري إلى الشر وتسرع إلى سفك الدماء" (أمثال 16:1). ويقدم لنا نصيحة أن لا نذهب معهم، وحتى إن تملقنا الخطاة فلا يجب أن نرضى بأن نشترك معهم. وقد نقول إننا بعيدون عن هذه النقطة (سفك الدماء) ولكن، هل نذكر ما قاله الكتاب أن كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس. والغش الذي انتشر في هذه الأيام في كل المجالات وتحت مسميات متنوعة، علينا أيضًا أن نتحذّر منه لأن الله يحضر كل شيء إلى الدينونة، وعيناه تراقبان كل طرق بني البشر، وما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا.

4- لا تجري في خدمة الله:

قال الرب عن بعض الأنبياء في العهد القديم: "لَمْ أُرْسِلِ الأَنْبِيَاءَ بَلْ هُمْ جَرَوْا" (إرميا 21:23). لا تذهب دون أن يرسلك الرب وطوبى لمن أرسله الرب مثلما سمع إشعياء الصوت يقول: من أُرسل؟ ومن يذهب من أجلنا؟". في حقل الخدمة يوجد أناس أرسلوا أنفسهم وآخرون أرسلهم الناس وآخرون أرسلهم الله، وهذا النوع الأخير مع أنه قليل إلا أنه النوع الذي يريده الرب والذي يأتي بثمر يدوم، كما قال الرب يسوع لتلاميذه: "أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ" (يوحنا 16:15).

• السابق
• التالي