Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيلول - تشرين الأول Sep - Oct 2012

الدكتور أنيس بهنامأصحـــاح 10

هذا الأصحاح يصل بنا إلى النتيجة المهمة للبحث السابق. وهي أننا "مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة" (عدد 10). وأنه لا حاجة بعد إلى قربان [أي التقدم إلى الله عن طريق الذبائح والتقدمات]، إذ يقول: "وإنما حيث تكون مغفرة لهذه، لا يكون بعد قربان عن الخطية" (عدد 18). أما باقي الأصحاح من عدد 19-39 فهو تحريضات وإنذارات.

1:10- 10

مرة أخرى يُذكّرنا أن النظام السابق كان ظلاً، أو رمزًا، لما نتعلمه في العهد الجديد.. ولذلك لم يكن قادرًا على إتمام الهدف الإلهي؛ فظل شجرة تفاح مثلاً لا يمنحك التفاح. وهكذا ظل الخيرات التي كانت مستقبلة لا يمنح تلك الخيرات بل كان بمثابة درس يتكرر من سنة إلى سنة. وهو يشير بصفة خاصة إلى ذبيحة يوم الكفارة السنوي [اليوم العاشر من الشهر السابع... انظر لاويين 26:23-32 وأيضًا لاويين 16]. في ذلك اليوم كان رئيس الكهنة يدخل قدس الأقداس [مرة واحدة في السنة] ويدخل بدم ذبيحة. وتكرار هذه العملية من سنة إلى سنة يدل على عدم قدرتها على إنجاز الهدف نهائيًا. وذلك "لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا" (4:10). وهذا يقوده إلى الإشارة إلى مزمور 6:40-8، وهو نبوءة عن المسيح الذي كان في المقاصد الإلهية الأزلية؛ سوف يأتي ليتمم العمل إذ قال: "أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت" (مزمور 8:40). "فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة" (عبرانيين 10:10). مجدًا للرب!

11:10- 18

مرة أخرى، يؤكد أن تلك الذبائح المتكررة "لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية". أما الدليل على كفاية ذبيحة المسيح هو أنه "جلس إلى الأبد عن يمين الله". وسوف يأتي الوقت حين "توضع أعداؤه موطئًا لقدميه". وكل ما وعد به الله لا بد أن يتم، مشيرًا بصفة خاصة إلى وعده في (إرميا 31:31-37). وهذا لا يتوقف على الناموس بل العهد الذي قطعه هو، وفيه يقول: "ولن أذكر خطاياهم وتعدياتهم فيما بعد". فما دامت هناك هذه المغفرة الكاملة "لا يكون بعد قربان عن الخطية" (عدد 18).

19:10- 39

قد انتهى الجزء التعليمي بخصوص جلال وسمو شخص المسيح وعمله. أما باقي هذا الأصحاح فيحتوي على تحريضات ونصائح مهمة، كما يحتوي على إنذارات خطيرة.

 

19:10- 25

يحرضنا على الاقتراب إلى محضر الله بثقة، على أساس موت المسيح لأجلنا، وعمله الآن كرئيس الكهنة. وكذلك ينصحنا أن لا نهمل حضور اجتماعات الكنيسة، الأمر الذي أصبح للأسف عادة عند البعض.

26:10- 31

يحتوي على الإنذار الرابع، وهو إنذار خطير للعبراني الذي أصبح مسيحيًا إسميًا فقط، ثم قرر أن يرجع إلى اليهودية، وبذلك هو يزدري بالمسيح وبموته لأجلنا. هؤلاء هم الذين قال عنهم في 6:6 أنهم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهّرونه [أي أنهم يصبحون مثل الذين قالوا "اصلبه، اصلبه"]. إنه أمر مخيف حقًا "فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق [أي مجرد معرفة ذهنية] لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا". فهو لا يتكلم عن مؤمن "أُخذ في زلة ما"، بل عن شخص بعد أن عرف الحق قرر أن يرجع إلى الطقوس القديمة، معتبرًا موت المسيح لا أهمية له، أو كما يقول هنا: "حسب دم العهد دنسًا وازدرى بروح النعمة". أما عبارة "الذي قُدِّس به" فيجب أن تُفهم في ضوء ما جاء في 1كورنثوس 14:7، أي انتمى إلى فئة أخرى لها مسؤوليات خاصة. لمثل هؤلاء يقول منذرًا "مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي" (عدد 3).

32:10- 39

تشجيعات أخرى للمؤمنين العبرانيين الذي احتملوا الاضطهاد في سبيل إيمانهم بالمسيح. وبه ينتقل إلى موضوع الإيمان الذي سيتحدث عنه في أصحاح 11. ولنلاحظ أن عبارة "أما البار فبالإيمان يحيا" هي اقتباس من حبقوق 4:2، تُقتبس في العهد الجديد في رومية 17:1 وغلاطية 11:3، كما في عبرانيين 38:10.
رأينا في الدراسات السابقة أهمية الإيمان، ففي نهاية الأصحاح الثالث قال عن بني إسرائيل الذين ماتوا في البرية، فلم يدخلوا أرض كنعان "فَنَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا لِعَدَمِ الإِيمَانِ" (19:3). وأنه "لَمْ تَنْفَعْ كَلِمَةُ الْخَبَرِ أُولئِكَ. إِذْ لَمْ تَكُنْ مُمْتَزِجَةً بِالإِيمَانِ فِي الَّذِينَ سَمِعُوا" (2:4). وفي 38:10-39 "أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرَُّ بِهِ نَفْسِي. وَأَمَّا نَحْنُ (أي المؤمنون الحقيقيون) فَلَسْنَا مِنَ الارْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاقْتِنَاءِ النَّفْسِ". والآن إذ نتابع دراستنا نجد أنه يفتتح الأصحاح الحادي عشر بالقول: "وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى. فَإِنَّهُ فِي هذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ (ي لمؤمني العهد القديم)" (1:11-2). ففي كل العصور، الإيمان هو الشرط الأساسي للقبول لدى الله، والحقيقة هي انه ليست هناك خطيئة مهما كانت شنيعة تمنع الإنسان عن نوال الخلاص إلا خطيئة عدم الإيمان. "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).

 

أصحاح 11

هو أصحاح جميل حقًا يحلو للمؤمن أن يقرأه ويحفظه في ذاكرته. وقد وُصف بأنه سحابة من الشهود، شهود الإيمان. يخبرنا أولاً أن المؤمن هو الذي يعرف مصدر هذا الكون، فقد يضل العلماء والفلاسفة، ولكن المؤمن يعلم أن الله هو الخالق، "خالق الجميع بيسوع" (أفسس 9:3). ثم نرى علاقة الإيمان بالفداء في حياة هابيل (4:11). ما أجمل قوله عن هابيل "وإن مات يتكلم بعد"! فمن ذبيحة هابيل نتعلم أنه "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة". ثم يخبرنا عن أخنوخ الذي قيل عنه: "وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه" (تكوين 24:5). فيقول في عبرانيين 5:11-6 "قبل نقله شُهد له بأنه أرضى الله. ولكن بدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه". ثم يتكلم عن نوح ونجاته من الطوفان، وذلك لأنه بالإيمان بنى فلكًا لخلاص بيته. فنرى إذًا علاقة الإيمان بفهم مصدر الكون، وبالفداء، وبالسير مع الله، وبالنجاة من الدينونة؛ كل هذا في هذه الآيات القليلة (1-7).

8:11- 31

بعد ذلك يتكلم عن إبراهيم وسارة وإسحاق ويعقوب، ثم عن يوسف. ومن العجيب أنه لا يذكر صفات يوسف، صفات المحبة والمسامحة، وإنما يتكلم عن إيمانه بأن الله سيتمم وعده بخصوص أرض كنعان، مع أنهم بحسب الظاهر كانوا قد استقروا في أرض مصر ونجحوا فيها.
أرجو أن تلاحظ أيها القارئ العزيز أن أكثر من نصف هذا الأصحاح (22 آية من 40) هو دروس من سفر التكوين، مما يشجعنا على قراءة هذا السفر ودراسته بتمعّن. بعد ذلك يتكلم عن موسى الذي "أَبَى أَنْ يُدْعَى ابْنَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، مُفَضِّلاً بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ، حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ، لأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْمُجَازَاةِ" (24:11-26). قد يندهش القارئ إذ يرى راحاب الزانية من ضمن سحابة الشهود هذه. ولكن من يقرأ يشوع 2 يجد أن إيمانها كان إيمانًا قلبيًا حقيقيًا، "وَقَالَتْ لِلرَّجُلَيْنِ (أي الجاسوسين): «عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَعْطَاكُمُ الأَرْضَ... لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ اللهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَعَلَى الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ" (يشوع 9:2-11). قارن هذا مع عدم إيمان الإسرائيليين في البرية (سفر العدد 13 و14). حقًا ينطبق عليها القول: "قد غُفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبّت كثيرًا" (لوقا 47:7). وقد كافأها الرب بنجاتها هي وأهل بيتها، وباركها أيضًا إذ صارت زوجة لسلمون وأمًّا لبوعز الذي تزوج راعوث ومن نسله جاء المسيح "الكائن على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد" (رومية 4:9). حقًا ما أعظم نعمة الله! ليست هناك خطيئة تحرم الإنسان من الغفران والحياة الأبدية إلا عدم الإيمان.

32:11- 40

هذه الآيات الثمينة تعلمنا دروسًا مهمة جدًا، سأذكر منها اثنين:
أولاً، في بعض الحالات يظهر الإيمان في الانتصار على الأعداء، مثل الذين قهروا ممالك، سدوا أفواه أسود، أو أطفأوا قوة النار.
ثانيًا، أحيانًا تكون مشيئته أن يظهر الإيمان في احتمال الهزء والجلد أو القيود والحبس. عن هؤلاء فقط يقول الكتاب المقدس:
"وهم لم يكن العالم مستحقًا لهم" (عدد 38). ولعل قوله "فَهؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئًا أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا" (عدد 39 و40) يعلمنا أن مؤمني العهد القديم سيقامون مع مؤمني العهد الجديد، و"سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ" (1تسالونيكي 17:4-18).

المجموعة: أيلول-تشرين الأول Sep-Oct 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

295 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10586285