Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز July 2013

القس رسمي إسحق"مقدمين كل أمانة صالحة، لكي يزينوا تعليم مخلصنا الله في كل شيء" (تيطس 10:2).
ما من مرة قرأت هذه الآية إلا وتوقّفت أمامها طويلاً في تعجب واندهاش سائلاً نفسي: هل التعاليم التي صدرت من إله عظيم قدوس، صالح وكلي الحكمة، تحتاج إلى تجميل وتزيين؟! عندما تصدر تعاليم من البشر قد تحتاج إلى تزيين وتجميل أو تغيير وتبديل، وأحيانًا إلى محو وإزالة، لكن التعاليم الإلهية كما كنت أظن لا تحتاج إلى تزيين أو تجميل.
ولكن، لأن الروح القدس هو الذي قال: "لكي يزينوا تعاليم مخلصنا الله في كل شيء" فهو صادق، والأمر صحيح، ولا شك أنه كان يقصد أمورًا معينة. فماذا كان يا ترى يقصد روح الله بهذا القول؟ من المؤكد أنه كان يقصد أن تزيين وتجميل التعاليم الإلهية يتوقّف على قداسة سلوك، وتصرفات، وأقوال، وأفكار البشر، ومدى دقتهم في تطبيق هذه التعاليم على حياتهم الداخلية والخارجية، وفي حالة عدم إتمام ذلك ستتشوّه التعاليم الإلهية. وقد يجدَّف على اسم الرب... والمسؤولية في هذه الحالة تقع على الذين لم يعيشوا بحسب ما توصي به هذه التعاليم الإلهية. وأريد بنعمة الله أن أحدثكم في هذا الموضوع الهام في ثلاث كلمات:
أولاً: نقاوة الإرسال
ثانيًا: تشويه الاستقبال
ثالثًا: التزيين والجمال

أولاً: نقاوة الإرسال


تصورت كما لو أن كلمة الله قد بلغتنا عن طريق إذاعةٍ ذات إرسال شديد النقاوة وخالية من كل تشويش. والكتاب المقدس يؤيد نقاوة إرسال التعاليم الإلهية فيقول بفم الرسول بولس: "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً، متأهّبًا لكل عمل صالح". ولنلاحظ أن الذين كتبوه لم يكتبوه من أنفسهم بل كتبوه بقيادة الروح القدس. ويؤيد ذلك قول الرسول بطرس: "لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس". والروح القدس، كما يبدو من اسمه وطبيعته، لا يمكن أن يقود إنسانًا ليكتب أشياء مشوّهة بل يقوده ليكتب أشياء نقية وكاملة. يصف الكتاب المقدس التعاليم الإلهية بعشرة أوصاف عظيمة: هي كاملة، وصادقة، ومستقيمة، وطاهرة، ونقية، وحق، وعادلة، وثابتة، وشهية، وحلوة. ذكر الوحي المقدس جميعها في أربعة أعداد من المزمور 19. يقول المزمور: "ناموس الرب كامل يرد النفس. شهادات الرب صادقة تصيّر الجاهل حكيمًا. وصايا الرب مستقيمة تفرح القلب. أمر الرب طاهر ينير العينين. خوف الرب نقي ثابت إلى الأبد. أحكام الرب حق عادلة كلها. أشهى من الذهب والإبريز الكثير وأحلى من العسل وقطر الشهاد". وتعجبني آية نطق بها الوحي المقدس في المزمور 12 تقول: "كلام الرب كلام نقي كفضة مصفاة في بوطة في الأرض ممحوصة سبع مرات". من هذه الآيات وغيرها الكثير والكثير جدًا نرى نقاوة الإرسال ونتيقن أن التعاليم الإلهية بطبيعتها جميلة وعظيمة وخالية من كل شائبة.

ثانيًا: تشويه الاستقبال


أريد أن أبحث مع حضراتكم الأمور التي تشوّه التعاليم الإلهية، وبحسب رؤيتي هي كثيرة ولكن لضيق المجال أذكر منها ثلاثة أمور:

1- سوء التفسير
جاءني شخص في يوم من الأيام وقال لي: أنتم تتحدّثون دائمًا عن وجوب الحياة بقداسة كاملة بينما الكتاب بفم سليمان الحكيم يتحدث عكس ذلك تمامًا". فقلت له: أخبرني ماذا قال سليمان. فقال: في سفر الجامعة يقول: لا تكن بارًا كثيرًا ولا حكيمًا بزيادة. يعني، عاوزنا نعيش حياة وسطية وبالبلدي "كده نص نص"؟ فقلت له: كلا، يا عزيزي! لقد أخطأت التفسير، لأن سليمان يقصد أن لا يدّعي إنسان البر أو الحكمة أكثر مما له، وذكرت له مثالاً واضحًا: الفريسي الذي وقف يصلي في الهيكل قائلاً: أشكرك اللهم لأني لست مثل باقي الناس. أصوم مرتين... وأعشّر كل مقتنياتي.
قتل شاب والده ولما سأله المحقق: لماذا قتلته؟ قال: لأن الكتاب المقدس يقول: أيام سنينا هي سبعون سنة وإن كانت مع القوة فثمانون... وأبي أكمل ثمانين سنة بالأمس، وليس مسموحًا له بالحياة أكثر من ذلك!  إن سوء التفسير يشوّه التعاليم الإلهية.

2- اختيار السهل وترك العسير
ما أكثر الذين يقرأون الكتاب المقدس ويختارون من التعاليم بعضها – لأنها حسب نظرتهم سهلة التنفيذ – ويتركون البعض الآخر لأنها صعبة التنفيذ! يأخذ من التعاليم ما له فيها من حقوق ويتخلى عن ما يرى أن عليه فيها من واجبات. فمثلاً، الزوج يقول: إن الكتاب يوصي الزوجة بالخضوع لزوجها "أيتها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب"، ويترك وصية الكتاب "أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها". الأب والأم يقولان: إن الكتاب يوصي الأبناء بإطاعة الوالدين في الرب ويتناسون وصية الكتاب لهما "أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم". والأبناء كذلك يعلنون أن الكتاب أوصى الوالدين بأن لا يغيظوا أولادهم وهم في نفس الوقت لا يذكرون وصية الكتاب لهم بإطاعة والديهم في الرب. إن هذا الأمر يشوّه تعاليم مخلصنا الله.
3- موت الضمير
الناس يتعاملون مع التعاليم الإلهية بقراءتها وحفظها عن ظهر قلب دون تطبيقها على حياتهم. هذا يذكرني بالشاب الذي جاء إلى الرب يسوع المسيح قائلاً: "أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟". فقال له: احفظ الوصايا. فقال له: هذه كلها حفظتها منذ حداثتي. فقال له الرب يسوع: "يعوزك شيء واحد. بع كل ما لك ووزع على الفقراء وتعال اتبعني". وكلام الرب هذا يعني أنك حفظت جميع الوصايا، وهذا حسن، وما عليك الآن سوى أن تطبق ما حفظته على حياتك.
تعجبني عبارة قرأتها وتأثرت بها كثيرًا وهي: أرني عظتك قبل أن تُسمعني إياها.

ثالثًا: التزيين والجمال


كيف يتم تزيين وتجميل التعاليم الإلهية؟

1- اسمع واقبل
اسمع كلمة الرب واقبلها، ولكن ليس بالعقل فقط بل بكل قلبك. ليس كقبول الفئة الثانية من مثل الزارع الذي ذكره الرب يسوع، والذي في تفسيره قال: إن المزروع على الأماكن المحجرة هو الذي يسمع الكلمة وحالاً يقبلها بفرح، ولكن ليس له أصل في ذاته بل هو إلى حين. فإذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة فحالاً يعثر.
يوجد أشخاص يقبلون الكلمة الإلهية بعقولهم، ويكرمون الله بالشفتين فقط. يقول الله عن هؤلاء: "هذا الشعب يقترب إليّ بفمه ويكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا".
إن القبول القلبي للتعاليم الإلهية يزينها ويجملها.

2- اقبل واسأل
كان الخصي يقرأ في كلمة الله وكان في قرارة نفسه يقبلها، وعندما أُتيحت له الفرصة سأل وعرف الحقيقة. لما اقترب إليه فيلبس، وسمعه يقرأ ما ورد في إشعياء: "مثل شاة سيق إلى الذبح ومثل خروف صامت أمام الذي يجزّه لم يفتح فاه..."، قال له: "ألعلك تفهم ما أنت تقرأ؟"
يعجبني الرد المتواضع للخصي: "كيف يمكنني إن لم يرشدني أحد". وسأل فيلبس: "عن من يقول النبي؟ عن نفسه أم عن واحد آخر؟" ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع.

3- إسأل واعمل
يقول الرسول يعقوب: "كونوا عاملين بالكلمة، لا سامعين فقط خادعين نفوسكم". نطبق ما نسمعه على حياتنا مثل النوع الأخير في مثل الزارع البذار التي أُلقيت على أرض جيدة فأتت بثمر عظيم ثلاثون وستون ومائة. الذي يسمع ويعمل يشبّهه الرب يسوع برجل عاقل بنى بيته على الصخر. وعندما سقط المطر، وجاءت الأنهار، وهبّت الرياح، ووقعت على ذلك البيت، لم يسقط لأنه كان مؤسّسًا على الصخر.
تتزين التعاليم الإلهية بالعيش كما يحق لإنجيل المسيح، وبالسلوك ليس حسب الجسد بل حسب الروح، وبحسب الدعوة، وعندما نسلك بتدقيق ونحفظ نفوسنا في بر وطهارة وقداسة كل أيام الحياة.
أختم رسالتي بقصة قرأتها في كتاب "المنبر والمقعد" للراحل القس لبيب مشرقي:
تعين أحد خدام الرب راعيًا على كنيسة، وقدّم في الأحد الأول رسالة قوية جدًا شكرها كل الأعضاء، وهنأوا بعضهم بعضًا بهذا الراعي القدير والواعظ المفوّه. وفي الأحد الثاني سمعوا نفس الرسالة. قال الأعضاء لا بأس من تكرارها لأن نفوسًا لم تسمعها الأحد الماضي. وفي الأحد الثالث سمعوا نفس الرسالة، وتكررت الرسالة ستة مرات. وهنا تضايق الأعضاء جدًا، وذهبوا إلى الراعي، وسألوه: هل عندك مكتبة؟ فقال: نعم، عندي مكتبة أقضي فيها يوميًا أكثر من أربع ساعات أقطف من ثمارها ما لذّ وطاب. فسألوه: هل تستطيع تجهيز خدمة كل أسبوع؟ فقال: بنعمة الرب أقدر أن أجهز كل أسبوع خدمة، واثنين، وثلاثة. فقالوا له: ما دام الأمر كذلك، لماذا كررت العظة ست مرات؟ فأجابهم: عندما أرى أنكم قد طبقتموها على حياتكم أقدم لكم عظة أخرى.
سؤالي الهام لكل واحد: هل حياتنا تزين تعاليم مخلصنا الله أو تشوّهها؟
ليت الرب يبارك حياتنا لتكون مقدسة وبلا لوم حتى تتزين تعاليم مخلصنا الله في كل شيء.

المجموعة: تموز July 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

109 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472561