Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول October 2013

الدكتور أنيس بهنام"وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ" (1تسالونيكي  14:5).
سنتأمل باختصار فيما جاء في هذه الآية الجليلة:

أولاً: "ونطلب إليكم أيها الإخوة"

لنلاحظ أولاً أن هذا الكلام ليس موجهًا إلى الرعاة والنظار فقط، وإنما لجميع الإخوة المؤمنين كأعضاء في جسد المسيح، يعتنون بعضهم ببعض ويحبون بعضهم البعض. حقًا، ما أجمل الأسلوب الذي يستخدمه رسل المسيح، وكتَّاب العهد الجديد في مخاطبة المؤمنين الآخرين، بغض النظر عن ضعفاتهم أو نقائصهم. فلا نجد في هذه الوصية روح السيادة، أو محاولة تقليل من أهمية من يكتبون لهم. بل نجد روح المحبة والرغبة الصادقة في بركة نفوس القراء. وفي هذا درس مهم لكل من يريد أن يساعد المؤمنين الآخرين. راجع مثلاً أسلوب الرسول بولس في مخاطبة المؤمنين في كورنثوس، إذ يقول بعد أن انتقدوه بعدم تتميم وعده بزيارتهم، الأمر الذي استغله أعداؤه من المعلمين الكذبة: "ولكنني أستشهد الله على نفسي أنني إشفاقًا عليكم لم آتِ إلى كورنثوس (ولئلا يظن أحد أنه يدّعي قدرة على إيذائهم، أضاف قائلاً) ليس أننا نسود على إيمانكم، بل نحن موازرون لسروركم، لأنكم بالإيمان تثبتون" (2كورنثوس 23:1-24). وأيضًا "وَأَمَّا أَنَا فَبِكُلِّ سُرُورٍ أُنْفِقُ وَأُنْفَقُ لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ، وَإِنْ كُنْتُ كُلَّمَا أُحِبُّكُمْ أَكْثَرَ أُحَبُّ أَقَلَّ!" (2كورنثوس 15:12). وغير هذا الكثير. كذلك قول الرسول بطرس: "أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ، وَالشَّاهِدَ لآلاَمِ الْمَسِيحِ، وَشَرِيكَ الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ" (1بطرس 1:5)، فهو لم يضع نفسه في مركز أعلى منهم، ولم يزعم أن له سلطة عليا. كذلك الرسول يوحنا إذ يقول: "يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا" (1يوحنا 1:2-2). فهو يضع نفسه في موضعهم تمامًا. ما أكثر المرات التي فيها استخدم كتَّاب العهد الجديد عبارات مثل هذه: "أيها الإخوة"، و"أيها الأحباء"؟ ليتنا جميعًا، ولا سيما الذين يريدون أن يخدموا الرب والمؤمنين، نستخدم هذا الأسلوب في حديثنا مع المؤمنين الآخرين. ولنلاحظ أن الرسول بولس لم يقل لهم "نأمركم أيها الإخوة"، بل قال: "نطلب إليكم"، أو كما جاء في الترجمة التفسيرية "ونناشدكم أيها الإخوة".

ثانيًا: "أنذروا الذين بلا ترتيب"

كان بعض المؤمنين في تسالونيكي يفضلون أن لا يشتغلوا، فيعتمدون على المؤمنين الآخرين في احتياجاتهم المالية، وهذا واضح مما جاء في هذه الرسالة إذ يقول لهم: "وَأَنْ تَحْرِصُوا عَلَى أَنْ تَكُونُوا هَادِئِينَ، وَتُمَارِسُوا أُمُورَكُمُ الْخَاصَّةَ، وَتَشْتَغِلُوا بِأَيْدِيكُمْ أَنْتُمْ كَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ، لِكَيْ تَسْلُكُوا بِلِيَاقَةٍ عِنْدَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، وَلاَ تَكُونَ لَكُمْ حَاجَةٌ إِلَى أَحَدٍ" (1تسالونيكي 11:4-12). انظر أيضًا 2تسالونيكي 10:3-13، ولاحظ قوله: "أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلاَ يَأْكُلْ أَيْضًا، لأَنَّنَا نَسْمَعُ أَنَّ قَوْمًا يَسْلُكُونَ بَيْنَكُمْ بِلاَ تَرْتِيبٍ، لاَ يَشْتَغِلُونَ شَيْئًا بَلْ هُمْ فُضُولِيُّونَ". لذلك يقول ويطلب من الإخوة أن ينذروا الذين بلا ترتيب. وقوله "أنذروا" لا يعني أن تهدّدوهم، بل أن تشرحوا لهم خطورة هذا التصرف وتنصحوهم، لكن لا تعتبروهم أعداء. أو كما جاء في الترجمة التفسيرية "عظوهم"، أي عظوهم كإخوة في الرب. والحياة بلا ترتيب لها مظاهر أخرى. فهناك من يحيا حياة الإسراف والتبذير فيصبح محتاجًا، أو من لا يلتزم بدفع ما عليه بانتظام في الوقت المعين فيقع في ديون باهظة، مثل الـ credit card. وبالاختصار هي حياة "هرجلة" على حد التعبير في مصر. والحياة بلا ترتيب تشمل عدم مراعاة القوانين التي هي لفائدة الآخرين مثل عدم مراعاة حدود السرعة في قيادة السيارة، وغيرها كثير. فسلوك المؤمن يجب أن يتصف بأنه سلوك بالتدقيق، وليس بلا ترتيب، وإلا فستتعطل شهادته بين الآخرين، وتجلب إهانة لاسم الرب الذي نحن سفراؤه هنا على هذه الأرض.

ثالثًا: "شجعوا صغار النفوس"

إذًا، هناك من يحتاجون إلى إنذار، وهم الذين بلا ترتيب، وهناك من يحتاجون إلى تشجيع. من أراد أن يخدم الرب بين المؤمنين عليه أن يطلب من الرب ليعطيه التمييز والحكمة ليعرف الاحتياجات المتنوعة بين أولاد الله.
من هم صغار النفوس؟ هم الذين يجوزون في ظروف صعبة قد تؤدي إلى الفشل أو الهبوط النفسي. خذ مثلاً شخصًا اتّهم بجريمة لم يرتكبها، جريمة عقابها السجن أو الإعدام، لذلك يشعر بصغر النفس. أو أب وأم فقدا ابنهما العزيز أو ابنتهما الغالية، هما من صغار النفوس، ليس بسبب ذنب ارتكباه، هذان يحتاجان إلى تشجيع. غير المؤمن قد يلجأ إلى طبيب نفسي، أو إلى أدوية للأعصاب، أو إلى الخمور والمخدرات، وما شاكل ذلك مما قد يؤدي من سيّئ إلى أسوأ. لكن المؤمنين عليهم مسؤولية نحو إخوتهم الذين هم صغار النفوس، وهي أن يشجعوهم بالمواعيد الإلهية الثمينة المدونة في كلمة الله، وبالصلاة معهم ومن أجلهم.

رابعًا: "أسندوا الضعفاء"

للأسف الشديد، كثيرون من المؤمنين في أيامنا هذه في حالة ضعف روحي. ولا يسعنا المجال أن نتكلم عن الأسباب الكثيرة الشائعة بيننا التي تسبب هذا الضعف، ولكن نذكر بعضها:
إهمال الصلاة: قال الرب يسوع المسيح: "اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (متى 41:26). ما أكثر التحريضات على الصلاة في الكتاب المقدس؟  "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر" (كولوسي 2:4). وغيرها كثير.
إهمال التأمل في كلام الله يوميًا: "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى، وأنتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب" (كولوسي 16:3). كلام الله يمنحنا قوة روحية وفرح روحي. "وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي" (إرميا 16:15).
إهمال حضور اجتماعات المؤمنين: جاء في عبرانيين 24:10-25 هذا الكلام النافع لنا: "غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة، بل واعظين بعضنا بعضًا، وبالأكثر على قدر ما ترون اليوم يقرب". ولا ننسى أن نشير إلى الضرر الشديد الناتج عن محبة العالم، محبة المال، ووسائل التسلية غير النافعة لنا. أحيانًا يحاول البعض مساعدة الضعفاء بأن يشغلوهم بعمل الرب، ومع أن هذا قد يكون نافعًا إلا أن الأفضل هو علاج أسباب الضعف، كالأسباب التي ذكرناها الآن.

خامسًا: "تأنّوا على الجميع"

هنا نرى الحكمة الإلهية، فالخدمة بين الذين بلا ترتيب، وصغار النفوس والضعفاء قد تدفع الخادم إلى عدم الصبر، حين لا يرى سريعًا نتيجة لمجهوداته، فيشعر بالفشل، ولذلك يعطينا هذه النصيحة: "تأنّوا على الجميع". أي، لا تتوقعوا أو تروا التغيير في الحال. فقد يستلزم الأمر عدة جلسات، كما يستلزم الجهاد في الصلاة، مثل أبفراس الذي قيل عنه لأهل كولوسي أنه "مجاهد كل حين لأجلكم بالصلوات لكي تثبتوا كاملين وممتلئين في كل مشيئة الله" (كولوسي 12:4).
إن خدمة الرعاية والعناية بالاحتياجات الروحية للمؤمنين، ولا سيما الذين عندهم المشاكل التي تكلمنا عنها، تحتاج إلى صبر كثير، ليس ذلك فقط بل يحتاج من يقوم بها أن يكون قلبه مملوءًا بالمحبة التي "تحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء" (1كورنثوس 7:13). هذه هي المحبة التي لا تسقط أبدًا.
ليت الرب يعيننا جميعًا لكي نهتم بعضنا ببعض إلى أن يأتي رئيس الرعاة، فنسمع صوته الحلو يقول لكل منا: "نعمّا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أمينًا في القليل، فأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح سيدك" (متى 21:25).

المجموعة: تشرين الأول October 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

86 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10557047