Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2014

الأخ منير فرج اللهفاجأني صديق أعرفه لسنوات عدة، تزاملنا فيها أثناء دراستنا الجامعية، وعملنا بعد التخرج في مجالات عمل متقاربة مما أتاح لنا أن نلتقي في مناسبات مختلفة بين الحين والآخر. فاجأني قائلاً:

– من هو يسوع؟
نظرت إليه محاولاً أن أفهم ما وراء سؤاله هذا، فاستطرد يقول:
- خرج علينا مؤخرًا أحد دعاة المحطات الفضائية ساخرًا من هذا الاسم ومستنكرًا استخدامه. فأجبته: إن هذا هو الاسم الذي بشر به الملاك جبرائيل مريم العذراء أنها ستحبل وتلد ابنًا وتسميه يسوع، وأنه سيكون عظيمًا وابن العلي يُدعى. قال:
- تقصد سيدنا عيسى نبي الله المذكور عندنا في القرآن؟ قلت له:
- اسم يسوع مذكور في الإنجيل.
- هل يمكن أن أحصل على نسخة من هذا الإنجيل؟
أحسست بجديته فوفرت له نسخة في اليوم التالي مما أسعده جدًا.
مضى على ذلك أربع سنوات والتقينا مرة أخرى حين فاجأني بأنه أصبح تابعًا ليسوع المسيح بعد رحلة معاناة وبطولة. علل ذلك التحوّل بأنه قد عرف من هو يسوع جيدًا من قراءته للإنجيل.
استحضرت هذا الحدث القديم وأنا أجلس لأكتب وتساءلت: قرأنا الكتاب المقدس مرات، ودرسنا الكثير منه، وحفظنا أجزاء منه عن ظهر قلب، لكن يسوع... يسوع المسيح... هل نستطيع أن نقول: إننا نعرفه جيدًا؟
طبعًا نعرف... نعرفه معرفة مكنتنا أن نقبله ربًّا وسيدًا ومخلصًا لنا. لكننا نحتاج أن نعرفه أكثر. نحتاج أن نقترب منه وندقق في ملامحه ونحفظها. نحتاج أن نحس بحرارة وجوده بقربنا. نحتاج أن نقضي أوقاتًا أطول نجلس في محضره. نحتاج أن نعيش العمر كله في رفقته. وها أنا أحاول معكم أن أقترب منه وأسعى لأن نعرفه أكثر. سأستدعي بعض الأحداث التي مر بها وهو يسير ويجول في أرضنا إنسانًا جاء مجسِّدًا محبة الله للإنسان.
• • •
أول مشهد أختاره هو في بيت عنيا حيث كان يعيش لعازر مع أختيه مرثا ومريم. مرض لعازر وكان مرضه خطيرًا فأرسلتا الأختان إلى يسوع تقولان:
- هوذا الذي تحبه مريض.
كانتا تعرفان قدرته على شفاء المرضى وقد عاينتا ذلك، وكانتا تعرفان جدًا محبته لهما ولأخيهما. طلبتاه ليأتي ويضع يده على لعازر ليُشفى. تأنّى يسوع ولم يسرع بالمجيء إلى بيت عنيا، فهذا المرض ليس للموت. وصل القرية بعد أربعة أيام من موت لعازر، ولما سمعت مرثا بقدومه خرجت للقائه. ما أن رأته حتى تفجر ما بداخلها من حيرة وعتاب في قولها:
- لو كنت ههنا لم يمت أخي.
رجّت كلماتها تعبّر عن لوعة الانتظار ومرارة الإحباط ومست أسماع يسوع وقلبه.
نظر إليها وعيناه تعكسان مشاعر الفهم والتعاطف فأسرعت مستدركة:
- لكنني الآن أيضًا أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه.
خطا يسوع نحوها خطوة وهو يقول بصوت يحمل علامات القوة والقدرة والسلطان:
- سيقوم أخوك.
ارتبكت وغمغمت في تراجع واستسلام:
- أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير.
فقاطعها بحزم وحسم وثقة وعلا صوته وهو يقول:
- أنا هو القيامة والحياة... من آمن بي ولو مات فسيحيا.
ثم واجهها بالسؤال:
- أتؤمنين بهذا؟
خرجت الكلمات منها متلاحقة سريعة متتابعة مؤكدة:
- نعم يا سيد. أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم.
• • •
وجاءت مريم تحيط بها جمهرة من اليهود الذين كانوا معها في البيت. خرت عند رجليه ورفعت وجهها إلى أعلى وقالت بصوت متهدج منكسر:
- لو كنت ههنا لم يمت أخي.
مال يسوع نحوها ورأى دموعها تسيل منهمرة، وتغرق كل وجهها، وتجري ساقطة على صدرها، ثم إلى الأرض تحتها. أحسّ بغصة تتحرك في صدره وحلقه، فرفع رأسه يستنشق بعض الهواء، فرأى العشرات حولها وحوله تسيل من عيونهم دموعًا غزيرة بلا توقف، وسمع شهقات ملتاعة مرّة متصلة. انزعج بالروح واضطرب: ارتفع صوته فجأة كأنه يريد أن يهدّئ من روعهم وروعه ويطمئنهم ويطمئن نفسه وقال:
- أين وضعتموه؟
هز رأسه عدة مرات كأنه يريد أن يطرد صورة الحزن التي غطت الجو كله. غلبه حزنه، وانسكب ألمه دموعًا سالت على وجهه وبكى... بكى يسوع!
بكى يسوع، وظهر أمام الجموع بكامل إنسانيته.
غمرت الجموع دهشة، فلم يسبق أن رأوه يبكي. كان لهم معلمًا... علمهم كمن له سلطان. وكان لهم نبيًا مرسلاً من الله... وكان صانع معجزات، يفتح عيون العمي، ويقيم العرج، ويطهر البرص، ويشفي كل مرض في الشعب. لكنهم يرونه الآن إنسانًا يحزن ويكتئب ويبكي. فتهامسوا فيما بينهم قائلين:
- انظروا كيف كان يحبه.
جذبتهم إنسانيته نحوه، فالتفوا حوله، وتزاحموا، وأمسكوا بثيابه، والتصقوا به، وتدافعوا، وساروا كتلة واحدة معه وهم يقولون:
- يا سيد، تعال وانظر.
وذهب معهم حتى القبر. توقف وقال:
- ارفعوا الحجر.
أسرعت مريم تعترضه وتمنعه محذرة:
- يا سيد، قد أنتن لأن له أربعة أيام.
مسح دموعه بسرعة وقال لها بكل رقة وتعاطف:
- ألم أقل لك: إن آمنتِ ترين مجد الله؟!
رفعوا الحجر فخرجت رائحة الموت وغزت أنوف الواقفين. أما يسوع فرفع عينيه إلى السماء وقال:
- أيها الآب، أشكرك لأنك سمعت لي. وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت: ليؤمنوا أنك أرسلتني.
وخطا نحو باب القبر وصاح آمرًا بقوة:
- لعازر هلم خارجًا.
وسُمعت حركة داخل القبر، ثم شاهد الجمع شبحًا يخرج مربوطًا في كتان أبيض ووجهه ملفوف بمنديل. خفتت الأصوات وانحبست الأنفاس، وعم الصمت الساحة كلها. وقال يسوع:
- حلّوه ودعوه يذهب.
وقام لعازر بعد أن مات ودُفن، وبقي في القبر أربعة أيام.
لقطة قريبة (Close up) تظهر يسوع وقد امتزجت دموعه بدموع مرثا ومريم والجماهير التي جاءت معهما، نرى فيها كيف كان يحبه، وكيف هو يحبنا، يحبنا حتى الدموع... يحبنا حتى الدم...  يحبنا حتى الموت على الصليب لأجلنا.

المجموعة: أذار March 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

92 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472492