Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان April 2014

خادم الرب جوزف عبدولم يكن من الصعب على الذين وجّهوا قلوبهم بإرشاد الروح القدس لفهم النبوءات المتعلقة بالمسيح المنتظر في العهد القديم أن يتعرّفوا على حقيقة شخصه وأن يتبعوه. وقد فهموا أنه سيضم إليه البسطاء والمساكين، بينما سيكون مرفوضًا من الرؤساء والمستكبرين. وقد أعلن الرسول بولس هذا بالروح القدس بقوله: "بل نتكلم بحكمة الله في سر: الحكمة المكتومة، التي سبق الله فعيّنها قبل الدهور لمجدنا، التي لم يعلمها أحد من عظماء هذا الدهر، لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1كورنثوس 7:2-8).
لقد أصيب بعض هؤلاء بعمى روحي عجيب وقساوة قلب لا حدّ لها. لذلك نفهم أنه قد اجتمعت في الذين تألّبوا على الرب يسوع المسيح في أيام تجسّده جميع أشكال الخبث والشر والحقد وأدّت جميعها إلى ارتكابهم تلك الجريمة المروّعة. فهي كما تصوّرها كتب الوحي التي تنبّأت عنها والتي رصدتها أيضًا – تُعتبر اسوأ ما ارتُكب من جرائم القتل في التاريخ، وذلك لأنها:

1- كانت موجّهة بالدرجة الأولى ضدّ الله نفسه لإبطال خطة الفداء، كما ظنّ فاعلوها. فعن ذلك تقول النبوّة: "لماذا ارتجّت الأمم، وتفكّر الشعوب في الباطل؟ قام ملوك الأرض، وتآمر الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه، قائلين: لنقطع قيودهما، ولنطرح عنا ربطهما" (مزمور 1:2-3).

2- كانت منافية لكل مقاييس العدالة، سواء في التحقيق أو الإجراءات أو الحكم. فقد وُجّهت التهم الباطلة ضدّ شخص بريء لم يفعل سوءًا وبدلاً من ذلك فقد كان بارًا فاضلاً عمّت إحساناته الكثيرين وشمل بحبه وحنانه جميع المتألمين. حرّر المستعبدين للأرواح الشريرة، وفتح أعين العميان، وأقام الموتى، وطهّر البرص، وشفى السقماء والمرضى. فكان جميع الشعب يشهد له، لذا فقد كانت الإساءة إليه ضدّ أي منطق سليم أدركه حتى أبسط الناس. فقد قال الأعمى من بطن أمه الذي صنع له المسيح عينين جديدتين من طين لرؤساء الكهنة: "إن في هذا عجبًا! إنكم لستم تعلمون من أين هو، وقد فتح عينيّ" (يوحنا 30:9).

3- كان ذلك الحقد ضدّه بدافع الأنانية والحسد، كما يوضح ذلك موقف بيلاطس الوالي الروماني الذي حاكمه إذ قال: "أنا لست أجد فيه علة واحدة" (يوحنا 38:18). "لأنه عرف أن رؤساء الكهنة كانوا قد أسلموه حسدًا" (مرقس 10:15). وأيضًا يقول البشير: "فتشاور رؤساء الكهنة ليقتلوا لعازر أيضًا، لأن كثيرين من اليهود كانوا بسببه يذهبون ويؤمنون بيسوع" (يوحنا 10:12). وبعبارة أخرى، "فقال الفريسيون بعضهم لبعض: انظروا، إنكم لا تنفعون شيئًا. هوذا العالم قد ذهب وراءه" (يوحنا 19:12). وكان يسوع قد أقام لعازر هذا من الموت بعد أربعة أيام من وفاته ودفنه.

4- استعمل رؤساء الكهنة وأعضاء مجمعهم جميع الوسائل غير الأخلاقية والمخالفة ليس للأعراف والقوانين الوضعيّة فقط بل لتعاليم الناموس بشكل خاص، من تلفيق تهم، وإقامة شهود زور، والمحاكمة في أوقاتٍ وأماكن مخالفة للناموس، وليس ذلك فقط بل حينما عجز قيافا رئيس الكهنة عن تقديم ما يقنع به الآخرين في مجمع السنهدريم، قام بعمل غير مقبول: إذ سأل المسيح مستحلفًا إياه: "هل أنت المسيح ابن المبارك؟". ولما أجابه المسيح بالإيجاب وقع في مأزق التحقق من شخصية يسوع بناء على أفعاله ومقارنتها بالنبوءات، ولقطع الطريق على آراء الآخرين مزّق ثيابه قائلاً: "ما حاجتنا بعد إلى شهود. قد جدّف".
ولقد سمح الله بأن يقوم بتلك الحركة المخالفة للناموس والتي بها ينزع عن نفسه صفة الكهنوت، لكي يبرّئ الله الكهنوت اللاوي المرتّب أصلاً من قبله، من تلك الجريمة ويحمّل قيافا بشخصه مغبة الحكم الباطل – وبعد ذلك قام قيافا مع جماعته بالضغط على الوالي لتنفيذ حكم الموت على يسوع مع أن بيلاطس كان واثقًا ببراءته. وحين غسل يديه أمامهم متبرّئًا من الجريمة، صرخ رؤساء الكهنة: "دمه علينا وعلى أولادنا".
لقد ظنّ أولئك أنهم هزموا المسيح وقضوا عليه بينما وقف الله عاجزًا عن إنقاذه. لكنه في عظمة سلطانه ورغم علمه السابق بكل الأمور فهو ثابت المقاصد يجري رأيه الكامل.
ولقد حقق الله بالصليب أعظم انتصار عرفته البشرية إذ صار ذلك المعلّق بين السماء والأرض مخلّص العالم كله. فقدّم جسده المصلوب ودمه المسفوك وليمة دسمة لشبع أبدي كما يصفها إشعياء بروح النبوة قائلاً: "ويصنع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن، وليمة خمر على درديٍّ، سمائن ممخّة، درديٍّ مصفّى. ويفنى في هذا الجبل وجه النِّقاب. النقاب الذي على كل الشعوب، والغطاء المغطّى به على كل الأمم. يبلع الموت إلى الأبد، ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه، وينزع عار شعبه عن كل الأرض، لأن الرب تكلم" (إشعياء 6:25-8). وهذه الوليمة التي صنعها الله بموت المسيح الكفاري هي:

1- وليمة عامة "لجميع الشعوب" بدون أي تمييز، شروطها الإيمان والقبول فقط، وهو لا يستبعد منها أحدًا حتى أولئك الذين صلبوه. وإن كان الله بحسب مقولة الزرع والحصاد سمح أن تنصب ألوف الصلبان في أورشليم وما حولها بعد حدث الصلب بخمس وثلاثين سنة، حتى أن جنود تيطس القائد الروماني لم يعودوا يجدون في كل المنطقة أشجارًا كافية لعمل الصلبان، ولكن جميع الذين ندموا وطلبوا غفران المسيح نالوه حتى لو كانوا على صلبانهم وقبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة.

2- وليمة للشبع المستديم "سمائن ممخّة" لشبع أبدي كما قال له المجد: "أنا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يوحنا 51:6).
ويجدر بنا الانتباه أن الكلمة المترجمة "خبز" في الكتاب المقدس لا تعني الخبز المجرّد، حيث أُطلق المعنى الخاص على العام. لأن الخبز كان المادة الرئيسية في طعام الشرق الأوسط، فهي تعني "الطعام" بشكل عام. ومن يقرأ الكتاب المقدس بتمعّن وفهم تتزاحم في ذهنه الصور البلاغية والتشبيهات التي وردت في جميع أجزائه لا بشكلها المظهري بل على الأخص بمضمونها الروحي أيضًا. فقد شبّه المسيح له المجد نفسه بحبة الحنطة، وهي تزرع في الأرض رمزًا لنزوله من السماء وتقطف سنابلها رمزًا لآلامه. تدرس تحت النوارج رمزًا لتواضعه، وتُذرّى لتفصل عن القش رمزًا لتشهيره من قبل الأعداء وهو الذي "انفصل عن الخطاة". تسحق بين حجري رحى كما سحق المسيح بالآلام، وتعجن باللكم واللطم كما أهين، وتشوى في نيران الفرن كما جاز المسيح في نيران الغضب الإلهي فصار خبزنا الأبدي.
3- وليمة للفرح الأبدي "خمر على درديّ، درديّ مصفّى" فكما صار المسيح المصلوب لأجلنا الخبز الذي يسند قلب الإنسان، صار أيضًا "الخمر التي تفرّح قلب الإنسان" (مزمور 15:104). ديس كالعنب في المعصرة رمزًا للآلام، ووُضع في قبر معتم ثلاثة أيام كما يوضع العنب بعد العصر ثلاثة أيام في حوض معتم لكي ينتشر التخمّر في كل أجزاء العصير، وقام من الموت بالجسد الممجد كما يصفّى العنب ليصبح خمرًا جديدة لفرح أبدي لا يزول. لقد صُلب لأجل فدائنا، وأُقيم لأجل تبريرنا، ومنحنا البهجة والمسرّة ببره الذي لا يفنى.
لقد تحوّل صليب العار رمزًا رائعًا يتعدّى كل مفاهيم المدركات الحسيّة ويشمخ فوق جميع المعاني التصويرية حتى اتُّخذ عنوانًا لكل عمل خيّر بعد أن كان يعيّر به المجرمون.
فليتنا جميعًا نُقبل بالإيمان إلى وليمة الشبع والسرور الأبديين. كل منا جرح المسيح بطريقة أو بأخرى، ولكنه بموجب حبّه العظيم قد دعانا إلى وليمة الفداء، ويوجد لك أيضًا مكان.
<

المجموعة: نيسان April 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

168 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10477157