Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيار May 2014

AdmaHabibi"هل تستمتع بالحياة؟"

قالت لي مرة الطبيبة المختصة يوم أخذت أمي إليها للمعاينة: "إن فلسفة الطب أو استراتيجيته هنا في أمريكا هي أن نهتم بالمحافظة على المريض بمعنى أن نحاول إطالة عمره وبغضِّ النظر عن نوعية الحياة التي يحياها هذا الشخص. لهذا ترَينَنا نمنح المرضى الفيتامينات المقوّية والأدوية الفعَّالة في محاولة منا للمدِّ من عمر المريض إلى أقصى ما يمكن".

استغربت من حديثها هذا وبقي كلامها عالقًا في ذاكرتي حتى وبعد انتقال والدتي إلى العالم الباقي في محضر الرب. وتساءلت: هل تُرانا نستمتع بالحياة التي نحياها على هذه الأرض؟ وهل يؤثر الاستمتاع بها على نوعية الحياة التي نعيشها على الرغم من المرض وفناء القوة؟

 

"الاستمتاع بالحياة يحافظ على القدرات البدنية مع تقدّم السن." هذا عنوان تقرير ورد مؤخرًا في إحدى الصحف العربية. تقول دراسةٌ حديثة بأنَّ الأشخاص الذين يستمتعون بالحياة يحتفظون بأداءٍ بدنيٍّ أفضل في أنشطتهم ‏اليومية، ويكون لديهم القدرة على المشي بشكل سريع مقارنة بآخرين ممّن يقل استمتاعهم بالحياة. وذكر موقع ساينس ديلي Science Daily المعني بشؤون العلم أنَّ الدراسة التي شملت أكثر من ثلاثة آلاف من الرجال والنساء ممن ناهزت أعمارهم الستين أو ما فوق في إنكلترا، حاولت البحث في العلاقة بين السعادة والقدرة البدنية وذلك بعد متابعة حالة المشاركين على مدى ثماني سنوات. وقام الباحثون بكلية لندن الجامعية بتقييم درجة استمتاع المشاركين بالحياة باستخدام مقياس من أربع نقاط في الإجابة عن الأسئلة التالية: هل أستمتع بالأشياء التي أقوم بها؟ وهل أستمتع بوجودي في صُحبة آخرين؟ وفي المجمل هل أنظر إلى حياتي الماضية بقدرٍ من السعادة؟ وأخيرًا، هل أشعر بطاقةٍ كاملة في الأنشطة اليومية. وأوضح الدكتور أندريو ستيبتو Andreo Stepto بكلية لندن بأنَّ الأشخاص الأكبر سنًا والأكثرَ سعادةً ويستمتعون بدرجة أكبر بالحياة، تكون درجةُ التدهور لديهم في الأداء البدني أبطأ عندما يتقدَّمون في العمر، كما يقلُّ احتمالُ إصابتهم بالضعف في أنشطة الحياة اليومية مثل قدرتِهم على ‏ارتداء الملابس أو النهوض من السرير. كما أنّ تراجُعَ سرعتهم في المشي يكون بمعدلٍ أبطأ مقارنةً بأولئك الذين تكون درجة استمتاعهم بالحياة أقلّ. ويقول سيبتو: أظهرت أبحاثنا السابقة أنَّ كبار السن الذين لديهم قدرٌ أكبر في الاستمتاع بالحياة تزدادُ احتماليةُ بقائهم على قيد الحياة على مدى السنوات الثماني القادمة. وما تظهره هذه الدراسة الآن هو أنهم يحتفظون بقدر أفضل من جهة أدائهم البدني."

إذا كان الاستمتاعُ بالحياة يَنتج عنه صحة بدنية وعافية جيدة، وينقل الإنسان من حالٍ إلى حالٍ أفضل، فكيف بنا إذا حظينا بالاستمتاع الحقيقي في الحياة الذي يتخطَّى عالمنا الملموس، لأنه يلمسُ النفس والروح لمسةً شافية؟! قرأت مؤخرًا وبالإنكليزية هذه القصة الحقيقية التي حدثت في العام 1867. إذ وَجَد في أحد المزارع في جنوبي أفريقيا، الشابُّ الصغير في عمر المراهقة إيرازموس جاكوب، حجرًا يتألَّق تحت أشعة الشمس. وعندما سمع عنه أحد الجيران عرض عليه شراءه للحال. أما والدةُ الشاب الصغير جاكوب والتي كانت تجهل تمامًا قيمة هذا الحجر الحقيقية، قالت له: يمكنُكَ يا جار أن تحصل على هذا الحجر من دون أيِّ مقابل، خذه.  فأخذه ومضى فرحًًا.

لكن عندما سأل بدوره أحدَ المختصين بالمناجم وثروات باطن الأرض، عرف بالضبط قيمةَ الحجر إذ كان من عيار (25,21) قيراطًا من الألماس. وَقدَّر له  ثمنَه بمبلغ كبير من المال. وعُرف هذا الحجرُ فيما بعد بـ "ماسة يوريكا". ويوريكا هي كلمة يونانية الأصل تعني (قد وجدتُها). وسرعانَ ما تحوَّل حقلُ جاكوب الشاب إلى حقل ثمين جدًا وارتفعت قيمته ارتفاعا باهظًا.  ليس هذا ‏فحسب، بل تحوَّلت الأرضُ كلَّها في تلك المنطقة إلى أحد أهم مناجم الألماس المكتشفة وأكبرها في العالم.

نعم، لقد وجدتها، ماسة براقة نفيسة... لقد تكلَّم الربُّ يسوعُ المسيح في هذا المنحى أيضًا عن قيمة الانتماء إلى ملكوت السماوات النَّفيسة. فقال: "أيضًا يشبه ملكوت السماوات كنزًا مخفى في حقل وجده إنسان فأخفاه، ومن فرحه مضى وباع كلَّ ما كان له واشترى ذلك الحقل" (متى 44:13).

يشبه ملكوت السماوات، كنزًا مخفى لكل منا. لكن يصبح معلنًا لنا حالما يضع الإنسان الخاطئ ثقته وإيمانه بشخص الفادي المسيح، وسرعان ما يصبحُ تحت تأثير "لحظة يوريكا روحية" في حياته. هذه اليوريكا الروحية تشعُّ في قلبه كومضىةِ برقٍ تغمر حياته كلَّها. لماذا؟ لأنه عندئذ فقط يكون قد حصل على خلاص الله العجيب وغفرانه الكامل لخطاياه الماضية والحاضرة والمستقبلة. هذه الومضةُ الروحية هي بالحق أعظم كنز يمكن أن يجده أيُّ إنسان. لماذا هي أعظم كنز؟ لأنَّ الإنسان هذا قد أصبح بالتالي ينتمي إلى عائلة الله السعيدة، وأضحى عضوًا في ملكوت السماوات الأبدي، لأن يسوع المسيح وحده ملك الملوك ورب الأرباب قد استلم حياته وصار ملكًا عليها  بالكلية. ألم يقل المسيح له المجد: "الحق أقول لكم إنَّ من يسمع كلامي  ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة؟" (يوحنا 24:4) وأيضًا: "اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (متى 33:6).

عندها فقط يمكن أن يستمتع الإنسان بالحياة ويبتهج فعلًا إذ يحظى بالاكتفاء التام والقناعة الكاملة، وتصير حياته متناغمة ومنسجمة مع مشيئة الله الآب الذي يريد أنَّ جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. هذه "اليوريكا الروحية" (كما دعاها الكاتب في كتاب خبزنا اليومي)،  هذه الومضة، أو هذا الكنز يصبح له، كنز معرفة نعمة الخلاص والحصول على الحياة الأبدية، والانتماء إلى ملكوت السماوات. هذه الومضة تمنح المرء بُعدًا جديدًا للحياة يتخطَّى كلَّ بُعدٍ ملموس نحسُّ به ونراه، لأنه بُعْد روحي سامٍ راقٍ يرتقي به فوق الألم والمرض والصعوبات.

لكن كيف؟ ولماذا؟ لأنَّ الإنسانَ لم يعدْ وحيدًا هنا على هذه الأرض بل صار يعيش في حضرة الله أبيه، ويتمتّع  بعشرة الربِّ يسوع ملكه، وفاديه، ومخلصه، وبسُكنى الروح القدس الذي يقوّيه ويرفعه ويُجيزه فوقَ ‏الصعوبات والآلام. نعم، لم يعد وحيدًا، وهكذا يستمتع بالحياة استمتاعًا حقيقيًا لأنَّ الله معه لن يتركه أو يهمله. فهل اختبرتَ هذه الومضة الروحية المغيِّرة؟ وهل صار ‏لديك في حياتك إحساسٌ بالبُعد الآخر الروحي؟ وهل تمتّعت بالحضور الإلهي الحقيقي في حياتك اليومية؟  عندها يتلاشى الخوفُ والقلقُ من مصيرك الأبدي، وتعيش باطمئنان وسلام وسكون، لأنَّ الراعي الصالح معك وبك ولك، فتعرفُ وتميِّز بين الصواب والخطأ وتسلك ضمن كلمة الله المقدسة. أليس هذا هو الاستمتاع الحقيقي في ‏الحياة؟ فتثمر روحًا ونفسًا وجسدًا؟ حبَّذا لو تفعل يا صديقي!

ثم إنَّ هذه الومضةَ التي أشرقت فينا، هذا الكنزُ النفيس، هذا الانتماءُ إلى ملكوت السماوات ونحن على الأرض، يستحقُّ أن نشارك به الآخرين من كبير وصغير من رجل وامرأة، بغضِّ النظر عن الخلفيَّة أو المعتقد. حريٌّ بنا أن نفعل لأننَّا عن طريق ذلك نكون قد خضعنا لصوت الرب ملكِنا الذي قال: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مرقس 15:16).  هذا هو سرُّ التمتع والاستمتاع بالحياة يا قارئي. وكلُّ ما عداه، فهو باطل وقبض الريح، كما قال حكيم الجامعة،  لأنه إلى وقتٍ محدّد ولا بدَّ أن يذوي ويضمحل. فهل وجدْتَ الكنز ‏المخفى؟ وهل أضحى معروفًا لديك؟ وهل تقدر أن تقول: يوريكا!  قد وجدتها! عندئذ أهنئك وأقول: مرحىً لك إذا فعلت.

المجموعة: أيار May 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

410 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473368