Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز/آب July/August 2014

المهندس فاضل حناما أن تكوّنت الكنيسة الأولى – بعد حلول الروح القدس يوم الخمسين – حتى وُضعت الأسس السليمة السامية، التي تسير عليها الكنيسة الأولى، وما بعدها في العصور التالية، مهما تغيّرت الأحوال أو الأشخاص القائمون بالتنفيذ. وهو ما يُعرف الآن دوليًا بدستور الدولة. وكان شخص المسيح أساسها ورأسها: "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ" (أفسس 20:2).

ومع أن الكتاب المقدس لم يتكلم كثيرًا عن بنود ذلك الدستور، إلا أنه اهتمّ بالناحية الاقتصادية بصورة تسترعي النظر: "... وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ" (أعمال 44:2-45)، وليس حسب النسبة التي ساهم بها الشخص في المبلغ المزمَع تقسيمه.

 

ومن هذا المنطلق، كان لا بد أن نعرف أولاً شخص المسيح معرفة أعمق حتى نتبيّن الأسس التي أُقيمت عليها الكنيسة الأولى. وأوّل ما يميّز المسيح – من النظرة الأولى – هي محبته الفائقة: "وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة" (أفسس 19:3)، حتى قيل أن "الله محبة" (1يوحنا 8:4). ولذلك ليس بمستغرب أن تشتهر الاشتراكية الأولى بهذه العبارة: "وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا"، و"كل شيء" تشمل المنقول والعقار أيضًا! وبذلك تكون الاشتراكية الأولى التي نحن بصددها، ليست هي الأولى بالنسبة لزمن ظهورها فقط، بل أيضًا الأولى بالنسبة لسموّها وشمولها.

وقد أثبتت الاشتراكية الأولى نجاحها، فالأغنياء استمرّوا في بيع مقتنياتهم، وهكذا وجد المحتاجون ما يسدّ حاجتهم كلما اقتضى الأمر. أما الذي هم من خارج، فاجتذبتهم الاشتراكية الأولى: "... وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ" (أعمال 47:2).

وكل من حاد عمّا تفرضه الاشتراكية الأولى نال جزاءًا صارمًا رادعًا. وإذا عدنا إلى الأصحاح الخامس من سفر أعمال الرسل، لقرأنا عن حكم الإعدام الفوري الذي صدر على حنانيَّا وزوجته سفِّيرة لانحرافهما عن روح ذلك الدستور. وإذا راجعنا صحيفة اتهام كل منهما، لوجدناها تتضمن أخطر التهم وأبشع الخطايا:

حنانيّا:  اختلاس، قلب ملأه الشيطان، الكذب على الروح القدس، الكذب على الله.

سفِّيرة:   تجربة روح الرب بالاشتراك مع حنانيّا زوجها.

وقد أثمر العقاب الصارم الثمر المرجو، إذ أشاع الخوف داخل الكنيسة حتى أن الوحي لم يدوّن حوادث مماثلة فيما بعد، "فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ" (أعمال 11:5).

ومع نموّ الكنيسة ظهرت مشاكل التنمية، إذ زاد عدد المحتاجين وبالتالي عدد من يخدمونهم ماديًا. ولكن الروح القدس قاد الكنيسة لحلّ هذه المشكلة الحساسة دون المساس بالخدمة الدينية، فتكوّنت لجنة سباعية من الأتقياء للخدمة المادية (أعمال 3:6)، وفي نفس الوقت استمرت الخدمة الدينية في تقدمها. وهكذا أصبحت الاشتراكية التي نحن بصددها، الأولى، ليست بالنسبة لزمن ظهورها فقط، لكنها أصبحت - ولا زالت – الأولى بالنسبة لسموّها وشمولها. ونحن في حاجة لأن نتعلّم من الكنيسة الأولى كيف نعالج المشاكل المادية قبل أن تستفحل فتقضي على الكنيسة كلها كما يحدث في بعض الأحيان حتى إلى وقتنا الحاضر.

وأعتقد أن الأغنياء أيضًا استفادوا من الاشتراكية الأولى بصورة غير مباشرة لأنها لم تشجعهم على تكوين الثروات، الأمر الذي يزيدهم تعلّقًا بها. وفي هذا قال أحدهم: "طالب الدنيا كشارب ماء الملح - كلما ازداد شربًا ازداد عطشًا". وهنا مكمن الخطر كما نقرأ عنه في الكتاب المقدس: "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ" (1تيموثاوس 10:6).

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: إلى أي مدى نستطيع تطبيق الاشتراكية الأولى في وقتنا الحالي؟ وإذا كان هذا ممكنًا، فما هي الخطوات التنفيذية العملية التي يمكن اتخاذها في هذا الشأن؟

هذا مجال مفتوح للجميع، ولا سيّما الاقتصاديون منا. ولنتكاتف جميعنا معهم بالصلاة طالبين التوفيق.

وفي ختام هذا التأمل أجد فكري يتّجه إلى مشاركة من نوع آخر تظهر فيها محبة الله في أروع صورة، صورة لم تكن تخطر على بال إنسان، فيها نرى الله ببرّه الناصع يشارك البشرية الساقطة في جسد وحْلِ الخطية! "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ" (عبرانيين 14:2). فلما جاء الوقت الذي فيه يأخذ كل واحد نصيبه، أخذ يسوع كل خطايانا وأعطانا بره الكاملّ! يا لها من نعمة! والفرصة ما زالت متاحة لكل من يأتي ليستبدل خطيته ببر المسيح، فهل تقبل؟

المجموعة: تموز/آب July/August 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

161 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473572