Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيلول September 2014

الأخ منير فرج اللهاحتاروا واختلفوا وتباينوا في فهم ومعرفة من هو هذا الذي يتحدث معهم بكلمات الحكمة والعلم بثقة وسلطان وليس كالكتبة. وأذهلهم قدرته على شفاء المرضى، وتطهير البرص، وإخراج الشياطين، وإقامة الموتى، حتى أهل وطنه بهتوا مما رأوا وقالوا: "من أين لهذا هذه الحكمة حتى تجرى على يديه قوات مثل هذه؟" بعض الناس قالوا: [إنه إيليا]، والبعض الآخر قالوا: [إنه نبي]، أما هيرودس الملك فقال: [هو يوحنا الذي قطعت أنا رأسه قام من الأموات]. وكلما زادت حيرتهم زاد تزاحمهم حوله واتّباعهم إياه في كل مكان يذهب إليه.

جلس بين تلاميذه يستمع لهم بعد أن عادوا من أول مهمة كرازية أرسلهم إليها دون أن يحملوا شيئًا للطريق، لا عصا ولا مزودًا ولا خبزًا ولا فضة. أخبروه كيف كرزوا وكيف شفوا مرضى، وكيف أخرجوا شياطين، فقال لهم:

- تعالوا أنتم منفردين إلى موضع خلاء واستريحوا قليلاً.

فمضوا في السفينة إلى بيت صيدا وصعدوا إلى الجبل. ومن بعيد رأته الجموع فتبعوه وصعدوا وراءه إلى هناك. ورأى يسوع حوله جمعًا كبيرًا فتحنن عليهم إذ كانوا كخراف لا راعي لها. أخذ يتحدث إليهم ويعلمهم ساعات طويلة والمحتاجون للشفاء شفاهم حتى ابتدأ النهار يميل وهو منشغل بهم وبهمومهم... وفي أثناء ذلك كان يجول بعينيه في وجوههم، ويتأمل ملامحهم، وتخترق نظراته أجسادهم، وتصل إلى داخلهم، وتدرس أحاسيسهم ومشاعرهم. استطاع أن يعرف ويحسّ بما يعانون منه. تحوّل إلى تلاميذه وفاجأهم بالسؤال:

- من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟

تحير التلاميذ ونظر بعضهم إلى بعض في حيرة وسكتوا. تقدم فيلبس وقال:

- لا يكفيهم خبز بمئتي دينار ليأخذ كل واحد شيئًا يسيرًا.

كان يعرف ذلك جيدًا، إنما سأل ليعرف كيف يفكرون! بادر تلميذ آخر وقال مدفوعًا برغبة في توفير جهده وجهود زملائه والتهرب من مواجهة المشكلة. أراد أن يكون واقعيًا في نظرته وفي الحل الذي يراه مناسبًا، قال:

- اصرفهم لكي يمضوا إلى الضياع والقرى حوالينا ويبتاعوا لهم خبزًا لأن ليس عندهم ما يأكلون ونحن هنا في موضع خلاء.

قال يسوع وعيناه تتابعان الجموع المتناثرة على الجبل في إعياء وتعب:

- أعطوهم أنتم... ليأكلوا...

صمت جميعهم وهم يحاولون استيعاب ما سمعوه.

ببطء وبصوت منخفض مرتبك قال أندراوس:

- هنا غلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان...

وما أن رأى رد فعل كلامه على وجوه زملائه حتى أضاف في شبه اعتذار:

- ولكن، ما هذا لمثل هؤلاء؟!

صدمت كلمات أندراوس اليائسة أسماعهم وهزت قلوبهم وغمغم بعضهم لبعض:

- إلا أن نذهب ونبتاع طعامًا لهذا الشعب كله...

علا صوت يسوع وسط الصمت وهو يقول:

- ائتوني بها إلى هنا... ثم أضاف:

- اجعلوا الناس يتكئون.

كان في المكان عشب كثير. واتكأ الجميع صفوفًا مئة مئة وخمسين خمسين. وأخذ يسوع الأرغفة والسمكتين بيده ورفعها إلى فوق ونظر إلى السماء وبارك وكسر. وامتلأت يده بالطعام فأعطاه لتلميذ يقف بجواره أسرع يضعه أمام جماعة تجلس على الأرض، تسابقوا في تناول الخبز والسمك. وعاد يسوع ورفع يده إلى السماء فامتلأت مرة أخرى بالطعام، فناوله إلى تلميذ آخر أسرع يقدمه إلى المتكئين، وأخذوا يأكلونه في عجل. ومرة وراء الأخرى يرفع يسوع يديه عالية إلى السماء فتمتلئ بالخبز والسمك ليسلمه إلى التلميذ الذي ينتظره ليضعه وسط دائرة من الجياع ينقضون عليه وهم فرحون سعداء بما في أيديهم من طعام شهي. توالت رحلات التلاميذ بين يسوع والمتكئين ولم تفرغ يدا يسوع ولا أيدي التلاميذ من الخبز والسمك وكأن هناك ينبوعًا لا يتوقف من أعلى إلى يسوع... إلى التلاميذ... إلى الجموع الجائعة...

استمرّ انسياب الطعام ويسوع في الوسط مدة كافية ليأكل الجميع ويشبعوا، ويقول يسوع لتلاميذه:

- اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء.

جمعوا الكسر وملأوا بها اثنتي عشرة قفة. وانفض الجمع بعد أن أكلوا وشبعوا وحملوا الكسر الفاضلة وهم يقولون:

- إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم.

ولما علم أنهم مزمعون أن يختطفوه ليجعلوه ملكًا، انصرف إلى الجبل وحده.

* * * * *

كان يسوع والتلاميذ معًا في نفس المشهد والجموع الغفيرة تلتف حولهم لساعات طويلة حتى مال النهار، فأخذ التلاميذ يفكرون في طريقة لصرف الجمع ليجدوا لأنفسهم طعامًا، أما يسوع فواجه المشكلة بشكل مختلف وقال: "أعطوهم أنتم ليأكلوا".

ابن الإنسان، الله المتجسد إنسانًا، أحسّ بجوعهم وأدرك عجزهم وعدم إمكانيتهم الذهاب للبحث عن طعام. قال لهم: أعطوهم أنتم، وماذا لديهم وليس عندهم إلا القليل. طلب منهم أن يعطوه ما لديهم. قدّموا الخبزات القليلة فأخذها وباركها وأعطاهم الكثير ليعطوا الخمسة آلاف فأكلوا وشبعوا وأفاضوا. أكد بذلك ما أوصاهم به منذ أيام قليلة: "أعطوا تُعطَوْا، كيلاً ملبّدًا مهزوزًا فائضًا يعطون في أحضانكم، لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يُكال لكم".

التجسد هو أن تلبس جسدًا. يسوع الذي كان في صورة الله، أخلى نفسه وأخذ صورة إنسان. هكذا كان يسوع ابن الإنسان. الله إنسانًا: أحسّ بما يحسون، عانى بما يعانون، توجّع بأوجاعهم وتألّم بآلامهم، وأسرع بتسديد احتياجهم وأشبع جوعهم.


المجموعة: أيلول (سبتمبر) September 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

215 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10474566