Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ أنور وديعقصتان وردتا في مكانين متباعدين في الكتاب المقدس. الأولى عن ملكة سبأ في الملوك الأول 10، والثانية عن الوزير الحبشي في أعمال 8، وهما يصوّران لنا حقائق ثمينة في وقتنا الحاضر. فملكة سبأ والخصي الحبشي هما من الحبشة، ينتميان لبلد واحد رغم التباعد الزمني، وفيهما نجد عدم شبع القلب البشري ما دام ينقصه شخص المسيح، الذي فيه الشبع والامتلاء سواء عرفناه في المجد أو في النعمة، في الحياة الحاضرة.

كانت ملكة سبأ تتمتع بكل الجلال الملكي ومسرات العالم التي هي طوع أمرها وفي خدمتها.العالم بكل ما فيه عجز عن أن يشبع نفسها لأن قلبها كان جائعًا وظمئًا، فلم تجد ريّها أو راحتها في قصرها، فتحمّلت مشقة الرحلة من أقصى الأرض إلى أورشليم حيث سمعت عن حكمة سليمان، الذي يرمز إلى الرب يسوع المسيح، ملك المجد.
عندما أتت إلى أورشليم وجدت أكثر جدًا مما سمعت وتوقّعت، فشبعت روحها وامتلأت نفسها بفرح لا يُنطق به ومجيد؛ لأن مجد الرب كان هناك لامعًا ومنيرًا في سليمان، في مدينة الملك العظيم التي كانت سماء تحت السماوات، وفي هذا كان مكسبًا يفوق أفضل كنوز الأرض. هناك أجاب سليمان الملك عن كل أسئلتها ففرحت نفس الملكة وارتاحت عيناها إلى كل مناظر المجد، مجد الله، فقدّمت ذهبها وفضتها وأطيابها وحجارتها الكريمة وغنى مملكتها كذبيحة شكر.
أما الخصي الحبشي، الذي كان عظيمًا ووزيرًا لكنداكة ملكة الحبشة، فقد اختبر هو أيضًا أن عظمة المركز والسلطان لا تشبع قلبه أو تريح ضميره. ربما ترك الأصنام لعدم نفعها، واعترف باسم الرب إله إسرائيل. وإطاعة لإيمانه قام وذهب إلى أورشليم مدينة الأعياد والمواسم حيث تقام شعائر عبادة إله إسرائيل. ذهب إلى أورشليم كساجد، وعندما ترك كان في قلبه شوق إلى شبع أفضل؛ وإذ لم يجد هناك اكتفاء كاملاً، عاد إلى أرض الجنوب نحو بيته وبلده. رجع جائعًا وظمئًا، وهو يسأل كما سألت ملكة سبأ في أيامها تمامًا عندما تركت بلادها وذهبت إلى نفس المدينة أورشليم. التباين هنا واضح، فأورشليم التي أشبعت قلب الملكة وروحها، وأراحت ضميرها، لم تُشبِع قلب الوزير الحبشي، ولم تروِ جدوبته! لماذا لم تصنع أورشليم بالوزير الحبشي كما صنعت مع ملكة سبأ؟ ذلك لأن الوزير الحبشي لم يرَ مجد الرب هناك كما رأته ملكة سبأ في أيام سليمان. فأورشليم لم تعد بعد المدينة التي فيها يُرى ملك المجد في جماله ونوره حيث تنعكس صورته ويحسّ بحضوره وجلاله. كان هناك تديّنٌ، ولكن لم يكن هناك المسيح! كانت هناك طقوس وفرائض العبادة الجسدية، ولكن لم يكن فيها محضر مسيح الله!
لكن، لا ننس أن طالب الرب لا بد أن يجد الامتلاء والفرح "وأما طالبو الرب فلا يعوزهم شيء من الخير." (مزمور 10:34) "ويفرح بك جميع طالبيك." (مزمور 16:40) وكما فاض قلب الملكة قديمًا من ذلك النبع، كان الرب يهيّئ كل شيء للخصي الحبشي وهو في البرية في طريق عودته من أورشليم إلى الحبشة، حيث اقتيد فيلبس بالروح القدس، ليلتقي به ويقدم نفسه إليه. وتحرّك قلب الخصي الحبشي وهو يقرأ ما ورد في إشعياء 53 "مِثْلَ شَاةٍ تُساق إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. فِي تَوَاضُعِهِ انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ، وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟ لأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ." (أعمال 32:8-33) لقد هزّت هذه الكلمات عواطفه وأيقظت مشاعره، ولكن الرب سرعان ما تداخل في الأمر ليملأ قلبه شبعًا، وكان لا بد أن تفيض ينابيع ماء حي في أرض الجدوب. وهنا "فتح فيلبس فاه فابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع." (أعمال 35:8) أما الخصي الحبشي بعد ما آمن أن يسوع المسيح هو ابن الله، أمر أن تقف المركبة حيث وجد ماء ليعتمد، "فنزلا كلاهما إلى الماء، فيلبّس والخصي فعمّده. ولما صعدا من الماء، خطف روح الرب فيلبس، فلم يبصره الخصي أيضًا، وذهب في طريقه فرحًا." (أعمال 36:8-39) وهكذا عمل الفرح فيه الآن ما قد سبق وعمله قديمًا في ملكة سبأ التي تاجرت في الحكمة وقدرت. وهكذا الآن يمضي الخصي الحبشي فرحًا بامتلاكه المسيح المخلص الذي تنازل بالنعمة ليذوق الموت من أجل الجميع.
يا لها من حقائق ثمينة: إن العالم بمباهجه وجلاله الملوكي، وكذلك التديّن في بلد الأعياد والمواسم، عجزا عن أن يشبعا قلبًا بشريًا، بل تركاه يسأل ويستعطي. فبدون المسيح لا يجد القلب فيهما سوى الجدوبة والجفاف.
كذلك نلاحظ أن المسيح في مجده وجلاله، من خلال الملك سليمان هو الذي استُعلن للملكة. والمسيح أيضًا في نعمته وتواضعه استُعلن أيضًا للوزير الحبشي، لأن إشعياء كرز بالخروف المذبوح (في الإشارة إلى المسيح). ففي كليهما الشبع والارتواء والفيضان.
هكذا المسيح في تدبير النعمة الحاضر، تدبير الخلاص المختوم بالدم، يعطي شبعًا وسلامًا للخاطئ. والمسيح في مظهر أمجاده الملكية العتيدة سيشبع ويبهج أمم العالم وكل خليقة الله، أي إن المسيح سواء كان كحمل الله على المذبح أو كملك المجد على العرش فيه كمال الشبع للجميع.
ففي يوم المجد سيطلب الناس الملك وتلتمس الشعوب رضاه كما جاءت الملكة صاعدة لتطلب وتنظر الملك في صهيون. أما في زمن النعمة، فالمخلص يفتش ويطلب بواسطة خدامه وشهوده، فطلب رجلاً حبشيًا ليخلّصه بواسطة فيلبس خادمه والشاهد ليسوع المسيح.
لقد سمعت ملكة سبأ عن حكمة سليمان فأتت، وكلّمته بكل ما في قلبها. وهذا ما يجب أن يجري معنا، فلا نكتفي بمجرد السمع عن الرب بل نذهب إليه طارحين كل أفكارنا عنا، ونأتي إليه بما يثقّل قلوبنا؛ حينئذ سيكون لنا الاختبار الشخصي لعظمته وقوته وغناه وحكمته ومحبته العجيبة. فهو مستعد أن يعطينا كل ما نرغب وكل ما نسأله منه "إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ." (يوحنا 7:15)
كذلك الوزير الحبشي الذي سافر في رحلة طويلة ليسجد في أورشليم المدينة التي رفضت ابن الله، أحضر معه كنزًا أعظم من خزائن مملكته ألا وهو جزء من الكتب المقدسة التي كان يقرأ فيها والتي تحتوي على سفر إشعياء. بدأ فيلبس يكرز له بيسوع الذي آمن به الوزير واعتمد، وذهب في طريقه فرحًا. لأنه كان باحثًا ومتواضعًا وشجاعًا. بدأ باحثًا عن الحق بكل تواضع، فلم يستنكف أن يعلن عن عدم فهمه لما يقرأ.
وفي الختام، أظهر الشجاعة المطلوبة واتخذ القرار الصحيح دون ضغط من أحد، إذ آمن واعتمد وذهب فرحًا لشبعه بالرب يسوع الذي له كل المجد.

المجموعة: حزيران (يونيو) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

182 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10540379