Voice of Preaching the Gospel

vopg

القس منير سليمانللغفران ثلاثة اتجاهات:
1. الغفران الإلهي، ويتّجه من الله نحو الإنسان لغفران خطايانا
2. الغفران البشري، ويتّجه من الإنسان لأخيه الإنسان لغفران زلّاته
3. الغفران الذاتي، ويتّجه من الإنسان لنفسه فلا يعيش عقدة الذنب
ونتناول اليوم موضوع الغفران الإلهي لما له من صلة بموضوع تأملاتنا "وأغفر لهم خطيتهم."

هذا الموضوع أساسي وهام جدًا في الكتاب المقدس، لماذا؟
لأنه مرتبط بالتوبة والخلاص
لأنه مرتبط بالذبائح والدم والفداء
لأنه مرتبط بالحياة الأبدية للإنسان
ولأنه مرتبط بالإنسان، ماضيه، حاضره ومستقبله.
والرب يسوع المسيح أعلن أهمية هذا الموضوع مرات كثيرة: في أمثاله، وتعاليمه، ومعجزاته، وفي الصلاة التي علّمنا إياها أي الصلاة الربانية. ولنا في هذا الموضوع أربعة أفكار أساسية:
1- معنى الغفران؛ 2- أساس الغفران؛
3- نوال الغفران؛ 4- بركات الغفران

أولاً: معنى الغفران

1. "غفران" تعني غطّى، ستر، وهذا واضح في قول الرب في مزمور 1:32 "طوبى للذي غُفر إثمه وسترت خطيته." والعديد من الشواهد الكتابية تؤكد هذه الحقيقة منها على سبيل المثال إشعياء 18:1-19؛ 1يوحنا 1:2-2؛ إشعياء 7:6 إلخ، أي تصبح الصحيفة الجنائية السوداء المدوّنة فيها جميع خطايانا، مغطاة بدم المسيح، فتظهر بيضاء كالثلج.
2. وغفر تعني رفع. "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم." (يوحنا 29:1) فالمسيح على الصليب رفع دين الخطية الذي كان علينا، أي سدّد كل ديوننا، لا تُحسب علينا فيما بعد (كولوسي 13:2-14؛ مزمور 2:32)، وبالتالي يكون قد رفع عقوبة الخطية ودينونتها عنا. "إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (رومية 1:8) بالغفران، أنت أمام الله، ديونك مسددة وعقوبتك مرفوعة.
3. وغفر تعني طرح، وأبعد عنا. "يَعُودُ يَرْحَمُنَا، يَدُوسُ آثَامَنَا، وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ." (ميخا 18:7) "كَبُعْدِ الْمَشْرِقِ مِنَ الْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا."
سأل طفل أباه: ما معنى هذه الآية؟ ظنًّا منه ربما أن هذه الخطايا تطفو وتظهر مرة أخرى. فاصطحبه والده معه في قارب في رحلة بحرية، وكان يحمل معه كيس مملوء بالحجارة، وفي وسط المحيط طلب الآب من ابنه أن يلقي الحجارة في المحيط، فبالطبع غاصت الأحجار في قاع البحر. ثم قال الأب لابنه: هل تستطيع أن تعثر على الأحجار أو تخرجها من المحيط؟ فقال الابن: لقد فهمت يا أبي... لن يعود يذكرها فيما بعد!

ثانيًا: أساس الغفران

ثلاثة أمور هامة وأساسية للغفران من ناحية الله: 1- الدم؛ 2- النعمة؛ 3- المجانية.
1. الأساس الأول: الدم
في العهد القديم لا تُغفر الخطية إلا بتقديم ذبيحة، وفي العهد الجديد لا غفران لخطايانا إلا بذبيحة المسيح على الصليب. "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة." (عبرانيين 22:9) "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته." (أفسس 7:1؛ كولوسي 14:1)
لماذا الدم بالذات؟
لأن الدم هو الحياة "لأن نفس الجسد هي في الدم، فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم، لأن الدم يكفّر عن النفس." (لاويين 11:17) ولأن كل ما له علاقة بالحياة له علاقة وثيقة بالله. وهنا برزت ثلاث نتائج بخصوص الدم:
أ. تحريم القتل؛ ب. الامتناع عن أكل الدم
ج. استخدام الدم في العبادة
فأساس الغفران هو صليب المسيح، ودمه المسفوك لستر خطايانا ومحوها بالتمام.
2. الأساس الثاني: النعمة
"مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ." (رومية 24:3) والنعمة هي عطية الله المجانية للشخص الذي لا يستحقها، والغفران هو عطية الله المجانية لكل مؤمن ينال باسمه غفران الخطايا.
3. الأساس الثالث: المجانية
"متبررين مجانًا." الغفران لا يدفع فيه الإنسان ثمنًا. لا صلاة، ولا عبادة، ولا فرائض، ولا مال... إلخ، لأن ذبيحة المسيح لا تُثمّن بثمن مهما كانت قيمته. "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ." (1بطرس 18:1-20)

ثالثًا: نوال الغفران، شروطه ومسؤولية الإنسان

1. الاعتراف الصريح بالخطية
"إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ." (1يوحنا 9:1) عندما صرخ إشعياء النبي معترفًا بأنه نجس الشفتين، يقول: "فَطَارَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّرَافِيمِ وَبِيَدِهِ جَمْرَةٌ قَدْ أَخَذَهَا بِمِلْقَطٍ مِنْ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَمَسَّ بِهَا فَمِي وَقَالَ: «إِنَّ هذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ، فَانْتُزِعَ إِثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ»." (إشعياء 6:6-7) وجميع الذين اعترفوا بخطاياهم مثل داود، والعشار، واللص على الصليب والمرأة الخاطئة في لوقا 7 نالوا غفران خطاياهم.
2. التوبة العملية
فالاعتراف بدون توبة يكون كقبض الريح، أي لا قيمة له. قال بطرس للذين سمعوه في يوم الخمسين وقد نُخسوا في قلوبهم: "تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا، فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (أعمال 38:2) فتابوا ونالوا الغفران واعتمدوا. "فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ." (أعمال 30:17)
3. الإيمان والثقة في ذبيحة المسيح الكفارية لغفران الخطايا
"لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا." (أعمال 43:10)
"لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ." (رومية 9:10) ويجب أن ندرك جيدًا أن الاعتراف والتوبة والإيمان في ارتباط وثيق كحزمة واحدة لنوال الغفران والخلاص.
4. الغفران للآخرين
وضع الرب يسوع هذا الأمر كشرطٍ أساسيٍّ لغفران خطايانا عندما قال: "فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ." (متى 14:6-15)
فهذه هي الطلبة الوحيدة في الصلاة الربانية التي علّق عليها الرب يسوع. كما أكد هذه الحقيقة في مثل المديونين فقال: "فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَّلاَتِهِ." (متى 23:18-35)

رابعًا: بركات الغفران

هناك الكثير من البركات التي نتمتّع بها عندما تُغفر خطايانا، أذكر بعضها:
1- البراءة من حكم الموت: "لأن أجرة الخطية هي موت وأما هبة الله فهي حياة أبدية." "لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع..." (رومية 1:8)
2- السلام الداخلي والراحة النفسية: "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." (رومية 1:5)
3- الفرح: "طوبى للذي غُفر إثمه وسُترت خطيته. طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية ولا في فمه غش." (مزمور 1:32-2) وزكا نزل إلى بيته فرحًا؛ ومضى الخصي الحبشي في طريقه فرحًا.
4- الحياة الأبدية: "لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية." (يوحنا 15:3)
إن غفران الخطايا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بدم المسيح وبنعمته وأيضًا بالاعتراف والتوبة.
فهل سلّمت حياتك للمسيح وآمنت به واتّخذته ربًا ومخلّصًا لتغفر خطاياك وتنال الحياة الأبدية؟ الباب مفتوح أمامك الآن.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

183 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473647